الباقورة والغمر: ما هي أوراق الابتزاز الإسرائيلية؟

حجم الخط
14

في شهر تشرين الأول/ أكتوبر من العام الماضي (2018)، وضمن المهلة القانونية الدقيقة التي نصت عليها اتفاقية وادي عربة لعام 1994 بين المملكة الأردنية الهاشمية ودولة الاحتلال الإسرائيلي، قرر العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني عدم تجديد ملحقي الاتفاقية الخاصين بمنح المزارعين الإسرائيليين 25 سنة من الانتفاع بأراضي منطقتي الباقورة في وادي الأردن، والغمر جنوب البحر الميت. ومؤخراً، في خطاب افتتاح أعمال الدورة العادية لمجلس الأمة، أعلن العاهل الأردني استرداد السيادة الكاملة على هذه الأراضي، وتم بالفعل رفع علم الأردن في المنطقتين.
ولم يكن هذا القرار مفاجئاً بل كان نتيجة منطقية بالنظر إلى أن اتفاقية وادي عربة أقرت بالسيادة الأردنية على أراض كان الجيش الإسرائيلي قد احتلها بعد حربي 1948 و1967، ولم يكن منتظراً أن تجدد السلطات الأردنية حق الانتفاع بها في الظروف الراهنة للعلاقات الأردنية ــ الإسرائيلية، التي ظلت تنتقل من تدهور إلى تدهور أشد. وقد شهد ربع قرن من عمر الاتفاقية الكثير من الوقائع الأمنية التي لم تكن تشير إلى السلام، مثل محاولة الاستخبارات الإسرائيلية تسميم زعيم حماس خالد مشعل في قلب العاصمة الأردنية عمّان بعد ثلاث سنوات فقط على إبرام المعاهدة، أو اغتيال القاضي الأردني رائد زعيتر عند معبر الملك حسين سنة 2014. سياسياً لم تتوقف سلطات الاحتلال عن السعي إلى تحجيم الوصاية الأردنية على المقدسات الإسلامية في القدس، أو التخطيط لإحياء فكرة «الوطن البديل» بالتفاهم مع الإدارة الأمريكية ضمن ما يسمى «صفقة القرن» ومن دون الرجوع إلى الأردن، أو إعلان رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو العزم على ضمّ غور الأردن إلى الكيان.
هذا بالإضافة إلى أن الاتفاقية لم تحظ أصلاً بمقدار الحد الأدنى من الإجماع في الشارع الشعبي الأردني، الأمر الذي جرى التعبير عنه مراراً وفي مناسبات مختلفة، وتجلى بوضوح على مستوى الأحزاب والمنظمات والنقابات، كما انعكس مباشرة في عزوف العاهل الأردني نفسه عن استقبال اتصالات نتنياهو ورفض رغبات الأخير في زيارة عمّان. وفي آذار/ مارس 1997 كان الجندي الأردني أحمد الدقامسة قد عبر بطريقته عن خلاصة هذا الموقف الشعبي، حين أطلق النار على مجموعة من التلامذة الإسرائيليين في وادي الأردن تعمدوا استفزازه وهو يؤدي الصلاة.
وليس مدهشاً أن يبدي ساسة إسرائيليون كثر ضيقهم من القرار الأردني باسترداد السيادة على الباقورة والغمر، وذلك رغم أن عمان التزمت تماماً ببنود الملحقين لجهة احترام حقوق الملكية الخاصة والسماح للمزارعين الإسرائيليين بجني المحاصيل التي كانت قد زرعت قبل تاريخ رفع العلم الأردني والدخول مجدداً إلى المنطقتين بموجب تأشيرات رسمية من السفارة الأردنية في تل أبيب. وقد عقد الكنيست الإسرائيلي جلسة خاصة لمناقشة العلاقات الأردنية ـ الإسرائيلية حرص نتنياهو على حضورها والإشارة إلى أن دولة الاحتلال تساعد الأردن «بطرق عديدة مكتومة، لا أريد الإفصاح عنها»، كما صدرت عن آخرين تلميحات إلى ابتزاز الأردن حول كميات المياه والغاز التي يتلقاها من دولة الاحتلال.
ومن جانب آخر ليس مستبعداً أن تتعرض عمّان لضغوط إضافية بسبب قرار استرداد السيادة، ليس من دولة الاحتلال وحدها بل كذلك من دول خليجية مثل السعودية والإمارات تذهب أبعد فأبعد في التطبيع مع الكيان وخدمة مصالحه.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول بلحرمة محمد المغرب:

    اعتدر لجريدة القدس العربي لاختلاف معها حول مفردة السيادة فحسب معرفتي المتواضعة للاوضاع العربية المتردية جدا فاقول ان هده الكلمة لا وجود لها في القاموس العربي فاين هي السيادة التي تقصدون؟ اليست كل البلدان العربية محتلة ومستباحة بطرق شتى؟ الا تعج الجغرافيا العربية بالقواعد العسكرية الغربية وخاصة الامريكية؟ هل تمتلك الانظمة العربية السيادة على قراراتها واوطانها وخيراتها؟ كلام كثير يقال حول موضوع السيادة العربية المفقودة فمن يدلني عن هده السيادة في بلاد العرب اوطاني؟

  2. يقول ابو عرب:

    يقال ان اليهود يملكون في الباقوره ما مجموعه ٨٠٠ دونم
    سؤالي من الذي باع لليهود هذه الاراضي علما ان القانون الاردني يمنع بيع الاراضي لليهود ويجرم فعل ذلك

  3. يقول محمد حتاحت /مانشستر:

    الغمر والباقورة
    هل يعقل انه عملها؟
    هل يعقل ان الملك عبدالله تحول فجاءة وبقدرة قادر، من سائح محترف الى بطل قومي؟
    يا جماعة، مجنون يحكي وعاقل يسمع” واحد غريب، اجنبي، فاسد، لا يهمه الوطن ولا المواطن، الا اللهم البزنس له ولزوجته واقاربهما.
    يعني هسه صار ابو حسن بطل العبور؟
    ان سجله، في تخريب البلد اقتصاديا، واجتماعيا، وسيسايا، وبيئويا.. وو ..لا يسمح لذي منطق ان يصدق.
    ايعقل ان ينقلب “عادل امام” وبدون مقدمات الى “امام عادل”
    يا جماعة، الرجل صلى في الباقورة! ولك ليش الصلاة بالذات؟ حتى الدين عندك اصبح مونولج؟
    بعد هذه المقدمة المتواضعة، نأتي الى الزبدة:
    الملك حسين، لم يكن من القوة والاصرار على حقوق الاردن، عندما تنازل عن امرين اثنين في خيانة وادي عربة: اولهما، انه اعترف وثبت ملكية يهود وهميين، لاراض اردنية اجرتها سلطة الاحتلال البريطاني الى مستوطنيين صهاينة، والذين بدورهم، حسب الرواية الاسرائيلية، باعوا “ارضهم” الى اسرائيلين مجهولين. وفي جميع ملل العالم، عندما يزول الاحتلال، ترجع السيادة الى الاهالي المحتلين، الا عند ابو عبدالله.

    ….تابع البقية

  4. يقول محمد حتاحت /مانشستر:

    …تتمة

    الامر الثاني انه تنازل عن اراض اردنية لعدو، لا يزال قائما على سرقة الاراضي والمقدسات الاردنية والعربية.
    ومع كل علات الاب، الا انه كان اردنيا،، مكبلا بملفات الفساد( عمولة، خيانة، ممثلات هوليود، تآمر على القضية الفلسطينية..) ومع ذلك كان افضل بكثير من ابنه، الذي فاقه بالفساد، بالاضافة لكرهه الشديد للاردن والاردنيين والعرب اجمعين، ولذلك لا تراه في الاردن ولا حتى في الازمات.
    نرجع الى الغمر والباقورة:
    اسئلة ملحة، لن يجيبك عليها الاعلام الرسمي في الاردن:
    لماذا اختفت الغمر من الذكر بعد تحريرها؟
    لماذا صلى الملك ركعتي شكر في القورة؟ اليس من الافضل لو انه صلى ركعة في الباقورة واخرى في العمر؟
    لماذا الاعلام الاسرائيلي صامت ايضا؟
    يبدو ان هنالك طبخة ما، لابقاء مساحات واسعة من الرض “المحررة” تحت ادارة الاسرائيليون، وبمشاركة رمزية اردنية، واستخدام عمالة اردنية رخيصة للعمل في المستعمرات الجديدة، وتحت حماية النشامى ومنع الاردنيين من الاقتراب منها كونها املك خاصة.
    او ان هنالك صفقة اخرى او تسوية أخرى. المهم ان تبقى اسرائيل مسيطرة على الوضع، فهدا حالهم من يوم استلامهم ارض عربية من العائلة الهاشمية الموقرة. وسلام على الباقورة.

1 2

إشترك في قائمتنا البريدية