القاهرة ـ «القدس العربي»: اقترح نائب الرئيس المصري السابق، محمد البرادعي، إعداد «كتاب أبيض» من قبل خبراء مستقلين لتقييم الضرر المترتب على ملء إثيوبيا لسد النهضة، وذلك في أعقاب انتهاء آخر مفاوضات بين أطراف الأزمة دون توافق.
وقال في تغريدة على حسابه بـ«تويتر»، «يكون من المفيد في تلك المرحلة الخلافية الدقيقة حول كيفية ملء سد النهضة، تكليف لجنة مستقلة من الخبراء الدوليين بإعداد كتاب أبيض، يوضح الضرر على مصر الذي يمكن أن ينتج عن الملء دون اتفاق».
وأضاف: «وجود مثل تلك الدراسة المستقلة، سيساعد في أي جهود سياسية للتوصل إلى حل مقبول».
في السياق، حذر خبراء مصريون من دعوات توقيع أي اتفاق جزئي مع أثيويبا بشأن سد النهضة، واعتبروا أن التوقيع على مثل هذا الاتفاق سيمثل إهدارا للحقوق المائية لمصر.
أستاذ العلوم السياسية في جامعة القاهرة، حمدي عبد الرحمن حسن، كتب على صفحته على «فيسبوك»، تحت عنوان (مناورة الفرصة الأخيرة): «لعلنا نذكر أن في 10 أبريل/ نيسان الماضي عرض رئيس وزراء إثيوبيا أبي أحمد مشروع اتفاق جزئي خاص بقواعد الملء الأول، وكان المنطق هو كسب مزيد من الوقت لبناء الثقة حتى يتم التوصل لاتفاق نهائي في غضون عامين».
مصر والسودان
وأضاف: «على أن مصر والسودان رفضا ذلك بشكل قاطع واشترطا لاستئناف المفاوضات التوصل لاتفاق شامل، اليوم تعيد بعض الأطراف ومنها مجموعة الأزمات الدولية فكرة التوقيع على اتفاق جزئي لتمكين إثيوبيا من المضي قدما في خطة الملء الأول خلال الشهر المقبل مع تعهدها بالنظر في مخاوف كل من مصر والسودان وأخذها بعين الاعتبار».
وزاد: «لا يزال الموقف المصري واضحا حيث أن الجولة الأخيرة من المفاوضات لم تحقق أي اختراق يذكر، ما يعني العودة للمربع الأول، وعليه، فإن خيار لا اتفاق يظل أفضل من اتفاق جزئي منقوص».
وتابع: «إذا استمرت إثيوبيا في خططها بالملء الأول، فيمثل ذلك انتهاكا صريحا لإعلان المبادئ ولموقف الأطراف الدولية الفاعلة، ومنها الولايات المتحدة والصين. كما يمكن لمصر إلغاء اتفاق المبادئ ما يسحب الاعتراف بمشروعية السد نفسه. لن تستطيع إثيوبيا ولا داعموها في الداخل والخارج تحمل تداعيات ذلك كله. وأخيرا فإن نهاية المسار التفاوضي تعني وجود أوراق أخرى مهمة تمتلكها مصر قد تدفع بالطرف الآخر إلى العودة مرة أخرى للتفاوض والتوصل لصفقة عادلة، إنها قضية مصيرية وترتبط بالأمن القومي لكافة الأطراف».
أما هاني رسلان، مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، فقد كتب على صفحته الرسمية على «فيسبوك»: «نحذر من أن أي جهة (خارجية أو غير خارجية ) تدعو لأي اتفاق جزئي بشأن السد الإثيوبي، إنما تقدم نصيحة ظاهرها الحكمة وباطنها الخراب، فذلك يصب تماما وبشكل نهائي في نفاذ الاستراتيجية الإثيوبية كاملة في الهيمنة المائية والاستراتيجية».
وتابع: «أي اتفاق جزئي بشأن السد الإثيوبي سوف يمثل تفريطا وإضرارا هائلا بحقوق ومصالح مصر المائية، وما سوف يترتب على ذلك من تداعيات خطرة سياسيا واستراتيجيا لأنه سيضفي شرعية على عملية الملء التي سوف تكتمل دون التوصل بعدها إلى أي اتفاق، وخبرة السنوات العشر السابقة وكذلك المواقف الإثيوبية المعلنة شاهدة وشاخصة».
إلى ذلك حذرت مجموعة الأزمات الدولية من أنه في حال عدم التوصل لاتفاق خلال الأسابيع المقبلة، وبدء إثيوبيا بملء خزان سد النهضة، فإن ذلك سيؤدي إلى تصاعد التوترات، ما يزيد صعوبة التوصل لتسوية للأزمة.
مجموعة الأزمات الدولية تنبه إلى تصاعد التوترات ما يزيد من صعوبة التوصل لتسوية
المجموعة أصدرت تقريرا تناول المحادثات بشأن ملء وتشغيل سد النهضة الإثيوبي الذي استؤنفت في التاسع من الشهر الجاري المفاوضات حوله بين مصر والسودان و إثيوبيا، وتعثرت وسط اقتراح سوداني بنقل الملف لرؤساء حكومات الدول الثلاث.
ووفق التقرير «إذا مضت أديس أبابا قدما في خطتها لملء الخزان حتى لو لم يكن هناك اتفاق، فإن التوترات بين الدول الثلاث سترتفع، ما يجعل من الصعب عليها إيجاد تسوية» .
وبينت أن «بدء موسم الأمطار الموسمية الطويل في إثيوبيا يجعل ضرورة التوصل لاتفاق أكثر إلحاحا» .
تقديم تنازلات
وتابعت: «ستحتاج الأطراف الثلاثة إلى تقديم تنازلات إذا كانوا يرغبون في التوصل إلى اتفاق في الأسابيع القليلة المقبلة، ويجب أن يشجعهم شركاؤهم الدوليون على القيام بذلك وبسرعة».
ورأت أنه «للوصول إلى اتفاق، يجب على الطرفين (إثيوبيا من جهة ومصر والسودان دولتي المصب من جهة أخرى) التوقف عن النظر في المفاوضات من خلال منظور المصالح الوطنية الضيقة والشك المتبادل وتبني عقلية تسعى إلى توافق الآراء من شأنها أن تخلق البيئة لإيجاد حلول تقنية.
واعتبرت أن «مثل هذا النهج موجود في روح اتفاق إعلان مبادئ وثيقة سد النهضة لعام 2015 بين مصر والسودان وإثيوبيا، الذي ينص على استخدام مواردهم المائية المشتركة بطريقة عادلة ومعقولة».
وأشارت المجموعة أيضاً إلى أن «أي تنازل الآن سيكون مكلفًا سياسيًا لرئيس الوزراء الإثيوبي أبي أحمد، الذي يواجه فترة صعبة قبل الانتخابات التي تم تأجيلها بسبب فيروس كورونا، ليتم إجراؤها في عام 2021 إذا سمحت الظروف بذلك».
واعتبرت أنه «لإحراز تقدم، ينبغي أن تقدم أديس أبابا مقترحات تفصيلية حول تدابير تخفيف آثار الجفاف في مختلف الظروف الهيدرولوجية لمعالجة مخاوف دولتي المصب بما في ذلك كيفية إدارة فترة سنوات الجفاف المتتالية».
وقبل أسابيع من بدء الملء المُعلن لخزان «سد النهضة» الإثيوبي، فشلت المحادثات الثلاثية بين مصر وإثيوبيا والسودان، للتوافق على قواعد ملء وتشغيل السد، وقدم السودان اقتراحاً بإحالة الأمر إلى رؤساء وزراء الدول الثلاث للبحث عن حلول لنقاط الخلاف، فيما قالت مصر إن إثيوبيا رفضت الاقتراح وإن المفاوضات «لم تحقق تقدماً يذكر».
وحذر وزير الخارجية سامح شكري، من أي «تحرك أحادي» إثيوبي قبل التوصل لاتفاق.
وحمل «التعنت الإثيوبي» المسؤولية عن تأزم الأمر، رغم ما أبدته القاهرة من جدية للتوصل لاتفاق عادل يراعي مصالح الدول الثلاث، على حد قوله، محذرا من خطوات أحادية من شأنها أن تدفع الأوضاع إلى مزيد من التوتر بما يهدد استقرار المنطقة.
وجرت المفاوضات الأخيرة بحضور رقابة دولية ثلاثية ضمت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وجنوب أفريقيا، بعد جولة سابقة في واشنطن انتهت دون اتفاق أيضا في فبراير /شباط الماضي.
ويقع السد، الذي تم الانتهاء من نحو 75 في المئة من إنشاءاته، على النيل الأزرق في إثيوبيا قرب الحدود مع السودان. وترى مصر في السد تهديدا وجوديا محتملا. وتسعى للتوصل إلى اتفاق ملزم قانونا يضمن الحد الأدنى من تدفق مياه النيل وآلية لحل النزاعات قبل أن يبدأ تشغيل السد.
ورفضت إثيوبيا خلال مناقشة الجوانب القانونية أن تقوم الدول الثلاث بإبرام اتفاقية ملزمة، وتمسكت بالتوصل إلى مجرد قواعد إرشادية يمكن لإثيوبيا تعديلها بشكل منفرد ووفقا لبيان لوزير الري المصري محمد عبد العاطي.
واتهمت وزارة الري المصرية إثيوبيا بالسعي إلى الحصول على حق مطلق في إقامة مشروعات في أعالي النيل الأزرق، فضلاً عن رفضها الموافقة على أن يتضمن اتفاق سد النهضة آلية قانونية ملزمة لفض النزاعات، كما اعترضت إثيوبيا على تضمين الاتفاق إجراءات ذات فعالية لمجابهة الجفاف.
إثيوبيا فى موقع القوى حتى هذه اللحظة..ليس مهما ما تقوله إثيوبيا الان..المهم مالذى ستفعله دول المصب…وكيف سيتداركون الكارثة المقبلة ؟
أثيوبيا تتصرف بكل سياديــــــــــة…السيادة هي الاستقلال والانعتاق ………..