الفرصة باتت مواتية لرؤية ترتيب هندسي جديد خلال الدورة العادية المقبلة والتي ستكون في رأي المراقبين دورة ساخنة الأجواء.
عمان-»القدس العربي»: تبدو المناخات السياسية تحت قبة البرلمان الأردنية مفتوحة على السيناريوهات والاحتمالات مجددا بعد أيام قليلة من إنهاء أعمال الدورة العادية للبرلمان وبعد التوصية بإرجاء انعقاد الدورة العادية المقبلة إلى منتصف شهر تشرين الثاني/نوفمبر.
هذا التأخير في جدول أعمال الدورة العادية الجديدة لبرلمان جديد ومتوثب سياسيا قد يكون له علاقة بترتيبات تتطلبها المرحلة مرتبطة إلى حد ما بسيناريوهات ما بعد الوثيقة النهائية والمرجعية التي ستصدر عن اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية.
يبدو أن الأجواء تحت قبة البرلمان وحتى في أروقة الحكومة والسلطتين التنفيذية والتشريعية مطلوب منها التهيؤ لمرحلة الاشتباك مع التعديلات والتوصيات التي اقترحتها ست لجان فرعية في إطار الجهد الاستشاري الاستثنائي للجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية.
وهي في كل ألأحوال ترتيبات من النوع الموسمي المعتاد لكنها قد تؤدي إلى ضجيج وتثير بعض التجاذبات والاستقطابات الحادة في ظل وضع اقتصادي ومعيشي صعب ومعقد وفي ظل أيضا احتمالات عوده فيروس كورونا وما تعنيه في الاتجاهات والمسارات.
البند الأول الذي يشغل أعضاء مجلس النواب واجتماعاتهم وكواليسهم وسهراتهم حتى الآن هو هوية الرئيس الجديد للمجلس في ظل الدورة المقبلة وهو انشغال يؤشر ضمنيا وإلى حد بعيد على ان عدة مراكز قوى أو عدة تجمعات من النواب أنفسهم بدأت تبحث عن خيارات متباينة مع الطاقم الحالي الذي يدير الأمور في المكتب الدائم لمجلس النواب.
معنى ذلك سياسيا ان الإجماع وسط النواب يبدو انه غير حاصل حتى الآن على التجديد لرئيس المجلس عبد المنعم العودات. ويعني أيضا وهذا الأهم بروز طموحات عند بعض أقطاب البرلمان في المسرح السياسي على أساس الظرف الموضوعي السياسي العام وهي مسألة بالعادة لا تنشغل بها مؤسسات القرار بنفس درجة إنشغال أعضاء مجلس النواب على الأرجح.
ضمنيا وعمليا قد تحصل استقطابات وقد تبرز خيارات جديدة في وقت حساس ومعقد للغاية. وضمنيا أيضا قد تولد طموحات ومحاولات إزاحة للطاقم الحالي الذي يدير الأمور وقد يجد الرئيس الحالي عبد المنعم العودات نفسه أمام زحام محتمل أو منافس في إطار سيناريو جديد للتبديل.
لكن هذه المسألة بالعادة لا تحسم في سياق تكتلات البرلمانيين انفسهم واتجاهاتهم فمؤسسات القرار تنشغل بمثل هذا التفصيل بسبب أهميته وإنعكاساته على بقية المسارات خصوصا وان التجربة التشريعية مع اللجان التي تم انتخابها وتركيبها لا تبدو مشجعة.
وتشكلت بصفة عامة في الدورة العادية الماضية والوحيدة في عمر البرلمان الحالي قبل الدورة الاستثنائية كانت وقد اعترتها الكثير من العيوب والمشكلات خصوصا مع الإقرار ببعض الأخطاء وبضعف في الأداء المهني وأحيانا في خبرة التشريع تجليا على أكثر من صعيد عند الاشتباك مع أكثر من تشريع خصوصا مع اللجنة القانونية أو حتى مع اللجنة الصحية وبما في ذلك مع اللجان المتعددة المتزاحمة في المربع الاقتصادي.
في كل حال الفرصة باتت مواتية لرؤية ترتيب هندسي جديد خلال الدورة العادية المقبلة والتي ستكون في رأي المراقبين دورة ساخنة الأجواء، خصوصا وان مجلس النواب يتهم الحكومة مع عدة جهات بالمساس بهيبته وإضعافه وهو ما تحدث عنه أحد النواب علنا مؤخرا في رسالة مباشرة وجهها للقصر الملكي وتحدث عن تهميش مجلس النواب قصدا من قبل سلطات الدولة وأهمها السلطة التنفيذية أي الحكومة.
لكن التحالفات الجديدة بين النواب قد تؤدي إلى تطور نماذج من الاعتراض والاحتجاج من الصعب السيطرة عليها خصوصا إذا ما اتجهت البوصلة نحو استقرار الوضع الحالي في مجلس النواب بالدورة العادية المقبلة مما يعني المزيد من التوتر ومما قد يعني بروز اشكالات بين السلطتين تحت القبة.
يحصل ذلك بطبيعة الحال في الوقت الذي يفترض ان تستعد فيه السلطة التنفيذية أيضا لما بعد مرحلة الوثيقة المرجعية لتحديث المنظومة السياسية خصوصا وان العاهل الأردني التزم علنا بان تتبنى حكومته مخرجات وتوصيات اللجنة وتنقلها إلى البرلمان فيما يفترض بان الحكومة تعد خطتها للاشتباك مع مجلس النواب على أمل تمرير التوصيات التي ستصدر عن اللجنة الملكية لتحديث المنظومة وبعضها توصيات مثيرة وحمالة أوجه ومنتجة للنقاش والتجاذب كما كان واقع الحال طوال أكثر من عقدين.
لكن الحكومة لديها خطط في هذا الاتجاه. ومن المرجح انها بصدد الاستثمار في اللحظة للدخول في سيناريو التعديل الوزاري المحتمل والذي بدأت تتحدث عنه حتى أوساط النواب بكثافة وهو تعديل يتردد ان رئيس الوزراء الدكتور بشر الخصاونة قد يلجأ إليه إذا ما منح الضوء الأخضر لإنجازه. وقد يشمل ما لا يقل عن ثماني حقائب وقد يزيد عن عشرة أسماء أو حقائب وهو تعديل وزاري لأغراض تمرير المرحلة اللاحقة ولأغراض المراجعة بعد تقييم أداء الوزراء قرب عام على الأقل من تشكيل الحكومة.