بغداد ـ «القدس العربي»: أعلن مكتب رئيس البرلمان العراقي أمس الاثنين إن البرلمان سيصوت الأسبوع المقبل على المرشحين الثمانية الباقيين لشغل مناصب وزارية في حكومة رئيس الوزراء عادل عبد المهدي.
وكان من المقرر عقد الجلسة اليوم الثلاثاء لكنها تأجلت في وقت متأخر من أمس الاثنين لمدة أسبوع.
وكان البرلمان، قد منح الثقة في 25 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، لـ14 وزيرًا في حكومة عادل عبد المهدي من أصل 22.
وتم إرجاء التصويت على الوزارات الثماني المتبقية، وهي: الداخلية، والدفاع، والثقافة، والتربية، والعدل، والتخطيط، والتعليم العالي، والهجرة، وذلك بسبب الخلافات القائمة بين الكتل السياسية على المرشحين، وعلى رأسهم المرشحون لوزارتي الدفاع والداخلية.
مصدر سياسي مقرب من أروقة المباحثات بين الكتل السياسية بشأن المرشحين للوزارات المتبقية، قال إن الكتل السياسية لم تتوصل بعد إلى توافق بشأن المرشحين؛ وخاصة المرشحين لحقيبتي الداخلية والدفاع.
الخيار لأعضاء البرلمان
وأضاف المصدر، الذي فضل عدم ذكر اسمه، أن عبد المهدي سيترك الخيار لأعضاء البرلمان لمنح الثقة للمرشحين من عدمه خلال جلسة الأسبوع المقبل. لم يتوصل تحالف «البناء» إلى توافق سياسي مع غريمه تحالف «الإصلاح والإعمار» على تمرير مرشح العامري لوزارة الداخلية فالح الفياض.
وعلمت «القدس العربي» من مصدر سياسي مطلع على سير مفاوضات استكمال الكابينة الوزارية، أن «رئيس الوزراء أمام خيارين لا ثالث لهما، فإما أن يأتي إلى البرلمان بأسماء 6 وزراء متفق عليهم (باستثناء مرشحي الدفاع والداخلية). وهذا مرجّح، أو انتظار الاتفاق على مرشحي وزارتي الدفاع والداخلية، ليأتي بكامل الأسماء الـ8 المتبقية. وهذا صعب تحقيقه».
وأكد أن عدم توصل «سائرون» و«الفتح» إلى اتفاق يقضي بتمرير فالح الفياض في الجلسة المقبلة، سيدفع باتجاه الاعتماد على تصويت النواب داخل البرلمان. في هذه الحالة سيرفض نواب سائرون التصويت وربما ينسحبون من القاعة ويحاولون كسر النصاب القانوني للجلسة».
وتابع: «الخلاف على فالح الفياض يأتي من قبل زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، الداعم الأبرز لتحالف سائرون والإصلاح والإعمار»، مبيناً أن «العديد من الشخصيات السياسية، من بينها قائد فيلق القدس قاسم سليماني، توسطوا لرفع الفيتو عن الفياض غير أن ذلك لم يجد نفعاً».
وبين أن «الصدر أبلغ العامري، استعداده لدعم تولي الفياض لأي وزارة غير الداخلية، من دون أن يفصح عن الأسباب»، مرجّحاً أن يكون موقف الصدر من الفياض يأتي «لانشقاق الأخير عن تحالف النصر، بزعامة حيدر العبادي، المنضوي في تحالف الإصلاح والإعمار، وانضمامه إلى تحالف البناء».
وحسب المصدر «هناك أسماء مرشحة إعلامياً كبدلاء عن الفياض هم النائب أحمد الأسدي، ووزير الداخلية السابق، النائب الحالي قاسم الأعرجي، في حال لم يتم التصويت للفياض»، مستبعداً في الوقت عينه «طرح هذه الأسماء أمام تصويت البرلمان، كون الأصوات ستذهب إلى النائب أحمد الأسدي، وهذا ما لا يريده العامري».
وأضاف: «لو أراد العامري ترشيح الأسدي لمنصب وزير الداخلية فإنه سيمضي بكل سهولة، غير أن العامري وقادة فصائل المقاومة الإسلامية، المنضوين في تحالف الفتح، يرفضون أن يتولى المنصب شخص لديه فصيل مسلح مثلهم، والأسدي كان يقود فصيلاً مسلحاً (كتائب جند الإمام الجناح العسكري للحركة الإسلامية في العراق) قبل أن يقرر فك ارتباطه بالحركة السياسية، أسوة ببقية قادة الفصائل الذين انفصلوا عن أجنحة عسكرية التأمت في هيئة الحشد الشعبي، ليخوضوا الانتخابات التشريعية كأحزاب سياسية».
علاقات تاريخية
المصدر، لفت إلى أن «الفياض أقرب إلى العامري بكونهما يرتبطان بتاريخ نضالي ضد النظام السابق، وعلاقات تاريخية»، لكنه أشار إلى أن «في حال مر الفياض بتصويت البرلمان فإن ذلك سيولد مشكلات كبيرة بين الصدر والعامري، تهدد العلاقات بينهما».
وإضافة للخلاف على مرشح الداخلية، هناك خلاف مواز على منصب وزير الدفاع، المخصص للمكون السنّي، وفقاً للاستحقاق الانتخابي، وانقسام السنّة بين تحالفي الصدر والعامري، زاد المشهد تعقيداً.
في هذا الشأن، أكد المصدر أن «تحالف البناء سيصوت لصالح المرشح الذي يختاره السنّة لمنصب وزير الدفاع»، موضّحاً أن «الكفة تميل صوب رئيس البرلمان السابق سليم الجبوري».
وزاد: «هناك أكثر من 25 اسماً مرشحاً لمنصب وزير الدفاع، تم تقديمها إلى رئيس الوزراء عادل عبد المهدي»، موضّحاً إن «سليم الجبوري يعدّ أبرز مرشحي إياد علاوي».
الصدر مستعد لمنح الفياض أي وزارة غير الداخلية… ووساطات العامري لإقناعه تفشل
وأضاف: «ترشيح أسماء القادة في جهاز مكافحة الإرهاب (الفريق أول ركن طالب شغاتي، والفريق الركن عبد الوهاب الساعدي، والفريق الركن عبد الغني الأسدي) لتولي المنصب، هو إعلامي فقط. المنصب من حصّة السنّة ولن يحظى به مرشح شيعي».
وفي موقف جديد للقوى السياسية السنّية، أعلنت كتلة «المحور الوطني» النيابية الممثل السياسي للمكوّن السني، أنها لن تصوت على وزيري الدفاع والداخلية، عازية السبب إلى عدم معرفتها بالأسماء «حتى اللحظة».
وقال رئيس الكتلة أحمد الجبوري، في بيان، إن «كتلة المحور النيابية لن تصوت على وزيري الدفاع والداخلية، بسبب عدم معرفة الاسماء لحد هذه اللحظة». وأضاف «إننا نرفض سياسة الأمر الواقع والاملاءات التي تمارسها بعض الجهات».
وأشار إلى أن «حقيبتي الدفاع والداخلية هما استحقاق وطني»، مشدداً على ضرورة «تقديم شخصيات مهنية لوزارتي الدفاع والداخلية بعيدة عن الأحزاب السياسية».
القيادي في تحالف «المحور الوطني» محمد الكربولي، تحدث عن سبب تأخير حسم حقيبة وزارة الدفاع في حكومة رئيس الوزراء عادل عبد المهدي. وقال في تغريدة على حسابه في موقع التواصل الاجتماعي «تويتر»، «ليكن معلوماً للشعب أن سبب تأخير حسم وزارة الدفاع هو ضلوع بعض كبار قادة العمليات والجيش بتعاملات فاسدة لعرقلة وصول الكفاءات العسكرية العراقية التي رشحناها للمنصب، خوفاً من توقف الاتاوات التي يجبونها من قواطع العمليات.
وأضاف: «حذرنا في وقت مبكر من عدم جدوى وجود قيادات عمليات عسكرية في المدن».
كابينة منقوصة
وتصاعدت المطالبات البرلمانية لعبد المهدي بالإتيان إلى مجلس النواب بأسماء الوزراء «المتفق عليهم»، وتأجيل مرشحي حقيبتي الدفاع والداخلية إلى وقت لاحق.
النائب عن تيار الحكمة الوطني، حسن خلاطي، قال لـ«القدس العربي»، إن «بقاء الكابينة الحكومية منقوصة أمر غير صحيح. لا يمكن للحكومة أن تنطلق بوجه عمل تنفيذية ما لم تكتمل كابينتها»، مضيقاً: «رغم النقاشات والحوارات، غير أن الكتل لم تتوصل إلى اتفاقات كاملة».
وطالب، عبد المهدي أن «يأتي إلى مجلس النواب في حال اكتمل لديه جزء مما تبقى من الكابينة الوزارية. يمكنه عرض أسماء الوزراء الذين تم التوافق عليهم بشكل أولي»، معتبراً في الوقت عيّنه أن «تأخر عبد المهدي في طرح أسماء مرشحي ما تبقى من كابينته، يأتي لتجاوز ما حصل في الجزء الأول من الحكومة الجديدة، وتجاوز السلبيات والثغرات، لكننا نرى أنه ورغم ذلك، فإن الوقت قد تأخر كثيراً».
كذلك، أقرّ تحالف «البناء» بزعامة هادي العامري، باستمرار الخلافات حول الأسماء المرشحة لشغل الحقائب الوزارية الثماني المتبقية في حكومة عبد المهدي.
وقال النائب عن «الفتح»، فالح الخزعلي، لـ«القدس العربي»، إن «الخلافات ما تزال مستمرة بشأن مرشحي الوزارات الثماني المتبقية، وأيضاً حول بعض الوزراء الـ14 الذين نالوا ثقة البرلمان»، مبيناً أن «هناك شخصيتين عليهما قيود ثبتت في هيئة المساءلة والعدالة، وبعضهم عليه ملفات لم تحسم في هيئة النزاهة».
وأبدى حرص تحالفه على «إنجاح الحكومة من خلال اختيار وزراء يسهمون في تحقيق هذه المهمة»، مشيراً إلى أن كتلته «حريصة أيضاً على متابعة إنجاز البرنامج الحكومي الذي أتى به رئيس الوزراء عادل عبد المهدي، وصوت عليه البرلمان، وفقاً للتوقيتات المحددة.
وفي وقت تواردت أنباء، عن شمول وزير الاتصالات نعيم ثجيل الربيعي، ووزير الشباب والرياضة، أحمد العبيدي، بإجراءات هيئة «المساءلة والعدالة»، أكد مصدر سياسي مطلّع أكد لـ«القدس العربي» أن «حتى الآن لم يفصح عبد المهدي عن مصير الوزيرين»، مبيناً أن «الهيئة أرسلت إجابتها بكتاب رسمي إلى رئيس الوزراء، والكتاب موجود في مكتبه، لكن لا أحد يعلم هل إن الوزيرين مشمولان بإجراءات الهيئة أم لا، وما الإجراء الذي سيتخذه عبد المهدي في حال شمولهم؟».