بغداد ـ «القدس العربي»: يواصل المسؤولون في العراق سلّك الطرق الدبلوماسية لتدارك هجوم إسرائيلي وشيك، ردّاً على هجمات الفصائل المنضوية في ائتلاف «المقاومة الإسلامية» ضد مصالح إسرائيلية، ففيما يعتزم البرلمان عقد جلسة نيابية اليوم الإثنين، لمناقشة التلويح العسكري من تل أبيب وتداعياته، تؤكد الحكومة الاتحادية بزعامة محمد شياع السوداني، إن لا دليل على انطلاق عمليات الفصائل من الداخل العراقي، وترى في «الرسائل الصهيونية» ذريعة لاستهداف البلاد.
ويؤكد رئيس مجلس النواب محمود المشهداني، دعم توجّهات الحكومة في ما يتعلّق بـ«الحرب والسلام» والتهديدات التي تتعرَّض لها البلاد.
تهديدات الكيان الصهيوني
وذكر للصحيفة الرسمية، إنه «لا صوت يعلو فوق صوت الوطن، وقد حانت هذه اللحظة، فوسط تهديدات الكيان الصهيوني الغاصب، تعالت الأصوات، حكومياً، وبرلمانياً، وسياسياً، وشعبياً، رافضة بشدَّةٍ أيَّ تلويحاتٍ باستهداف أيِّ شبرٍ من أرض الوطن، وبعد التحرّكات الحكوميَّة داخلياً وخارجياً، جاء الدور على ممثل الشعب، البرلمان الذي قرَّر بحث هذه التهديدات».
وأضاف أن «مجلس النواب حدَّد يوم غدٍ الاثنين (اليوم) موعداً لعقد جلسة لمناقشة التهديدات الصهيونيَّة» مُرجِّحاً أنْ «يكون جزءٌ من الجلسة علنياً والآخر سرياً» من دون تحديد الأسباب.
ووفق المشهداني الذي سيترأس جلسة البرلمان الأولى منذ توليه المنصب أواخر تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، فإن «مجلس النوّاب الممثل للشعب لا يقبل بالاعتداء على سيادة العراق بأيِّ شكلٍ من الأشكال، وسنتخذ كلَّ الإجراءات والخطوات ضمن المسارات القانونيَّة والدبلوماسيَّة وندعم الحكومة خصوصاً بهذا الاتجاه».
وأشار إلى أنَّ «البرلمان سيستخدم كلَّ الإمكانيات في فتح حوارات وقنوات تواصل مع الدول المؤثرة لتجنيب العراق أيَّ اعتداءٍ أو المساس بأمنه».
ويتفق السياسيون في العراق على أهمية أخذ الإمكانات العراقية بنظر الاعتبار في التعاطي مع الأزمات في المنطقة، وعدم اللجوء إلى الخيار العسكري.
رئيس تحالف «قوى الدولة الوطنية» المنضوي في «الإطار التنسيقي» يشير في «ديوان بغداد للنخب والكفاءات المهنية والنقابية» الذي عقده في مقرّه وسط بغداد، إلى «ظروف المنطقة والمجازر التي يرتكبها الاحتلال الإسرائيلي في غزة ولبنان، وما خلفه من خراب ودمار على الساحتين اللبنانية والفلسطينية على مرأى ومسمع من العالم».
وأكد أن «قرار المحكمة الجنائية العليا كان محط ترحيب العالم إلا بعضا من الدول التي أعربت عن إدانتها للمحكمة» مبيناً أن «القتل والتدمير لا يعد انتصارا لأي بلد، كما أن استخدام السلاح والقوة المفرطة ليس تعبيرا عن الانتصار، إنما الانتصار يأتي بتحقيق الأهداف، بينما الحركات الثورية تنتصر بقطع الطريق أمام الآخر ومنعه من تحقيق أهدافه».
مستشار السوداني: لا دليل على انطلاق عمليات الفصائل من أراضينا
وأضاف أن «آلة القتل التي استخدمها الاحتلال الإسرائيلي وفرت حالة ثأرية وانتقامية ومقاومة لهم داخل فلسطين، وإن جذوة المقاومة مستمرة» منوهاً أن «صمود «حزب الله» دفع الكيان إلى زجّ خمس فرق عسكرية مع قوات النخبة، ولم يحقق أي شيء من أهدافه التي أعلنها والتي كان أبرزها إعادة النازحين إلى شمال فلسطين المحتلة، ما دفع إعلامه إلى الاعتراف بقوة وتدريب مقاتلي «حزب الله»، واصفا صمود الفصائل في فلسطين ولبنان بالصمود الأسطوري».
في مقابل ذلك، يرى الحكيم أن «واجب العراق تجاه أزمة المنطقة لابد أن يكون منسجما مع الواقع العراقي وإمكاناته» مشدداً على «الدعم السياسي والإعلامي والإغاثي» فيما دعا إلى «الموضوعية في نوع الدعم المقدم للبلدين العزيزين».
وكان الحكيم الذي يتزعم تيار «الحكمة» أيضاً، قد أشار في تجمّع تنظيمي لتياره، إلى أن «المنطقة تمر بظروف استثنائية عقب أحداث السابع من أكتوبر/تشرين الأول وما ترتب عليها من دمار واسع في غزة وحملة إبادة وتجويع» لافتاً إلى «انتقال الهمجية الإسرائيلية إلى لبنان».
وبيّن أن «معطيات الحرب في غزة وجنوب لبنان تشير إلى فشل إسرائيل في تحقيق كثير من أهدافها، وأن قوى المقاومة تنتصر بثباتها وبقطع الطريق على إسرائيل من تحقيق الأهداف».
كما وصف قرار المحكمة الجنائية الدولية أنه «قرار تاريخي حيث أُدينت إسرائيل بممارسة القتل والإبادة الجماعية والتجويع» معتبراً أن الحرب على غزة ولبنان «أسقطت نظرية المظلومية التي عمل عليها الكيان الإسرائيلي».
لا دليل
ومع تصاعد التحرّك العراقي الرامي لإبعاد خطر الهجوم الإسرائيلي المتوقّع، نفى سبهان الملا جياد، مستشار الشؤون السياسية لرئيس الحكومة العراقية محمد شياع السوداني، وجود أي دليل على انطلاق عمليات الفصائل المسلحة من الأراضي العراقية تجاه إسرائيل.
وقال في تصريحات صحافية، إن «الكيان منذ فترة يعلن بأن العمليات ضده تنطلق من جهة الشرق، وهذا الجهة تشكل كلا من سوريا والأردن وليس العراق فقط».
وأضاف أنه «لا توجد أي مؤشرات أو تأكيدات أن عمليات الفصائل المسلحة تنطلق من الأراضي العراقية تجاه إسرائيل».
ووفق المستشار الحكومي فإن «إسرائيل تريد أي حجة من أجل شن ضربات عدوانية على العراق بهدف اتساع دائرة الحرب في منطقة الشرق الأوسط، وهذا ما تسعى إليه منذ البداية».
ويتفق مستشار الأمن القومي العراقي، قاسم الأعرجي، مع الإجماع الحكومي والسياسي على أهمية إبعاد العراق عن الصراع الدائر في المنطقة، مجدداً رفض بلاده استغلال أراضيها لشنّ هجوم على أي دولة.
الدولة صاحبة القرار
الأعرجي أفاد خلال مشاركته في فعاليات «منتدى الأمن والسلام بالشرق الأوسط» الذي اختتم أعماله مساء السبت في دهوك، إن «العراق يجب ألا يكون ساحة للصراع والاستهداف» مردفاً: «أكدنا ذلك خلال زيارتنا إلى الجمهورية الإسلامية الإيرانية، وعلينا أن لا ننجر إلى حرب إقليمية واسعة، وليس من مصلحة العراق أن يكون جزءا من الصراع في المنطقة».
وأوضح أن «لا أحد يقبل أن يكون مصير العراق بغير يد الدولة. يجب أن تكون الدولة هي صاحبة القرار» مشدداً على أن «الحرب في غزة ولبنان يجب أن تتوقف فوراً».
ورأى أن «الظرف السياسي في العراق يحتاج لمراجعة لكل ما مر بالعراق، من أجل تعديل مسار العملية السياسية والاستفادة من أخطاء الماضي».
فيما يتعلق بالهجمات التي تشنّها الفصائل العراقية، ذكر أن «موقف الحكومة العراقية واضح، لكن عواطف الناس لا أحد يستطيع إيقافها، والحكومة العراقية لا توافق على استهداف الآخرين من الأراضي العراقية».
أما رئيس الوزراء الأسبق، زعيم ائتلاف «النصر» حيدر العبادي، فحذّر من أي موقف متسرّع، فيما حثّ على التعامل بعقلانية مع أي سيناريو مقبل.
وخلال مشاركته في المنتدى ذاته، قال العبادي إن «العراق بعد العام 2003 نجح في إقامة نظام ديمقراطي صمد أمام التحديات، وعلينا تجاوز الإخفاقات من أجل النجاح في المستقبل».
وأضاف أن «العراق جزء من تحولات الشرق الأوسط، والمنطقة تعيش بلحظة قلقة وانفعالية وصراعية، وأي تعامل متسرع سيكون خطأ في التأسيس والإدارة للبلدان» مشيراً إلى أنه «يجب التعامل بعقلانية مع التغيرات والسيناريوهات القادمة».
وشدد على ضرورة أن «يكون التعامل استراتيجياً على المستوى الوطني مع تلك التحديات، وعلينا بوحدة القرار الوطني وحياديته».
ويشارك المسؤولون الأكراد في كردستان العراق نظراءهم في بغداد، القلق من مؤشرات انزلاق العراق في الصراع الدائر في المنطقة.
رئيس حكومة إقليم كردستان مسرور بارزاني، ذكر خلال استضافته في جلسة نقاشية على هامش المنتدى، «إننا لا نريد للعراق أن ينخرط بتلك الحرب القائمة في المنطقة» مستدركاً بالقول: «يتعين أن يكون للعراق دور بناء في دعم السلام وتقريب وجهات النظر بين الفرقاء لا أن يذكي نيران الحرب، وأن يعقّد المسائل والأزمات مما لا يصب في مصلحة الشعب العراقي». وشدد على أنه «ينبغي للحكومة العراقية أن تضع مصلحة شعبها نصب عينيها، وأن تكون لها الأولوية».
وكانت وزارة الخارجية العراقية قد بعثت رسالة رسمية إلى مجلس الأمن، والأمين العام للأمم المتحدة، والجامعة العربية، ومنظمة التعاون الإسلامي، رداً على تهديدات إسرائيل بالاعتداء على العراق.
وأكدت الوزارة في رسائلها، أول أمس، أن «العراق يُعدّ ركيزة للاستقرار في محيطه الإقليمي والدولي، ومن بين الدول الأكثر التزاماً بمبادئ ميثاق الأمم المتحدة».
وأشارت إلى أن «رسالة الكيان الصهيوني إلى مجلس الأمن تمثل جزءاً من سياسة ممنهجة لخلق مزاعم وذرائع بهدف توسيع رقعة الصراع في المنطقة».
وشددت على أن «لجوء العراق إلى مجلس الأمن يأتي انطلاقاً من حرصه على أداء المجلس لدوره في حفظ السلم والأمن الدوليين، وضرورة اتخاذ التدابير اللازمة لوقف العدوان الصهيوني في قطاع غزة ولبنان، وإلزام الكيان الصهيوني بوقف العنف المستمر في المنطقة والكف عن إطلاق التهديدات».
وأوضحت أن «العراق كان حريصاً على ضبط النفس في ما يتعلق باستخدام أجوائه لاستهداف إحدى دول الجوار» مؤكدةً أهمية «تدخل المجتمع الدولي لوقف هذه السلوكيات العدوانية، التي تشكل انتهاكاً صارخاً لمبادئ القانون الدولي».
وأفادت أن «العراق يدعو إلى تضافر الجهود الدولية لإيقاف التصعيد الإسرائيلي في المنطقة وضمان احترام القوانين والمواثيق الدولية، بما يسهم في تعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة» مبينة إن «العراق قد طلب تعميم الرسالة على الدول الأعضاء وايداعها كوثيقة رسمية لدى المنظمات المعنية».
اجتماع عربي لبحث التعامل مع تهديدات تل أبيب لبغداد
عقد، أمس الأحد، اجتماع طارئ على مستوى المندوبين الدائمين في الجامعة العربية في القاهرة، لبحث كيفية التعامل مع التهديدات الإسرائيلية ضد العراق.
وعقد الاجتماع بناء على طلب العراق الذي أيدته دول عربية، بهدف «مناقشة ادعاءات الاحتلال الإسرائيلي بزيادة وتيرة وشدة الهجمات عليه عبر الأراضي العراقية منذ سبتمبر/ أيلول الماضي، والهادفة لجر المنطقة إلى حرب إقليمية أوسع» وفق ما نقلته وكالة الأنباء المصرية.
وقبيل انعقاد الاجتماع، قال الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية، السفير حسام زكي، إن «الاجتماع سيناقش التهديدات الإسرائيلية الموجهة ضد دولة عضو بالجامعة العربية وهي العراق».
وأكدت سفارة جمهورية العراق في القاهرة، أن الاجتماع أكد استمرار دعم العراق للحفاظ على سيادة أراضيه.
وقال القائم بالأعمال في السفارة العراقية في القاهرة مهند محسن علوان في تصريح للوكالة الرسمية إن «دعم جامعة الدول العربية والدول الشقيقة جميعاً يسجل لصالح العراق وبين مدى ثقتها ودعمها الدائم والمستمر للحفاظ على وحدة أراضيه وعلى سيادته وعلى دعم حكومة العراق».
وأضاف أن «الدعوة للاجتماع كانت بتوجيه مباشر من رئيس مجلس الوزراء ومتابعة نائب رئيس مجلس وزراء وزير الخارجية وجاء التوصل إلى القرار بدعم الدول الشقيقة الذي يدعم مطالب العراق بالكف عن الممارسات العدوانية الصهيونية القوة القائمة باحتلال الأراضي الفلسطينية التي تحاول اختلاق الحجج لتوسيع ممارساتها العدوانية في المنطقة من دون أي رادع» مؤكدا أن «الكيان الصهيوني يخالف القوانين والمواثيق والأعراف».
وأشار الى أن «قرار السلم والحرب بيد الحكومة العراقية» مشيراً إلى أن «الكيان الصهيوني يحاول صنع الذرائع لممارساته العدوانية، والعراق حريص على تعزيز السلم الإقليمي والدولي، وأثبت مدى جديته بالقوانين والمعاهدات لتعزيز السلم».
وأوضح، أن «الإدارة السياسية الجادة للعراق تبين مدى التزامه بالمواثيق والمحافل الدولية».