البرلمان المصري غير قادر على المساءلة والمحاسبة والنظام الصحافي والإعلامي يفتقر إلى التنوع والتعدد

حسنين كروم
حجم الخط
0

القاهرة ـ «القدس العربي» : أبرزت الصحف المصرية الصادرة أمس الأربعاء 25 سبتمبر/أيلول الكلمة التي ألقاها الرئيس عبد الفتاح السيسي أمام قادة الدول في الجمعية العامة للأمم المتحدة باسم مصر وافريقيا، حيث تتولى مصر رئاسة الاتحاد الافريقي، وتناول عددا من المشاكل والقضايا الدولية، أبرزها ثلاث، القضية الفلسطينية، ولابد من حلها على أساس المرجعيات الدولية والمبادرة العربية المعلنة عام 2002. والثانية التحذير من خطورة عدم التوصل مع إثيوبيا لحل توافقي بشأن سد النهضة، وما يمكن أن تعانيه مصر من حجز مياه نهر النيل. والثالثة تعمده مهاجمة الإسلام السياسي وضرورة التصدي له، وهو يقصد هنا جماعة الإخوان المسلمين.

اتساع دائرة أنصار السيسي الذين يطالبون بالإصلاحات السياسية وعزوف الشباب عن المشاركة في الحياة الحزبية

كما أبرزت الصحف زيارة رئيس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي لمحافظة بني سويف، وافتتاح عدد من مشاريع الخدمات، وتوزيع مساكن. ولكن المساحات الأكبر من صحف أمس، لا تزال تحتلها حالة الهيستريا المفتعلة حول تعرض مصر إلى مؤامرة تستهدف إسقاط الدولة لا النظام فقط، بواسطة عدة فيديوهات ومظاهرات هنا وهناك، ضمت العشرات، وباستخدام حروب الجيل الرابع. وعكست الحملات المتزايدة المطالبة بالديمقراطية وحرية القوى السياسية حالة ضيق متزايدة من جانب أنصار النظام من البطء في الإصلاح السياسي، والاعتماد على المطبلين. وعلى العموم فان خريطة اهتمامات الأغلبية لم تتغير، رغم كل هذا الصخب، فلا تزال متركزة على العام الدراسي الجديد والغلاء المستمر للسلع وعدم كفاية الأجور والمرتبات. وإلى ما عندنا…

كاريكاتير

نبدأ مع الرسام أنور الذي أخبرنا في المصري اليوم أنه شاهد موظفا يختبئ في حفرة ويوصي زميلا له قائلا: متقولش لحد بس مستخبي من العيال لغاية ما تجيلي فلوس أول الشهر تاني.

حزب التجمع اليساري

وننتقل إلى المعارك والردود، التي بدأها حزب التجمع اليساري المؤيد للنظام بشكل عام وبيانه الذي أصدره وأظهر فيه عدم رضاه عن الكثير من سياسات النظام، وجاء فيه نقلا عن جريدة «الأهالي»: «إن خطر هذه الدعوات يتمثل في استغلالها للصعوبات التي تواجهها الفئات والطبقات الشعبية والوسطى، ومعاناتها في تدبير أوضاعها المعيشية، وغضبها من الآثار التي أنتجتها السياسات الاقتصادية والاجتماعية للحكومة، وغياب الأمل في تغيير هذه السياسات وآثارها وأعبائها في الأفق القريب، فضلاً عن إضعاف الحياة السياسية وتعميق صعوبات العمل الحزبي، في ظل إدارة سياسية وإعلامية ضيقة الأفق، تكاد تعلن موت السياسة وتغييب التعددية الإعلامية والحزبية وهو ما دفع البعض للخروج للتظاهر في عدة مواقع استجابة لهذه الدعوات المشبوهة وتهليل قنوات ومواقع الإخوان لها باعتبارها بداية لـ «ثورة الإخوان» ضد حكم الرئيس السيسي. ويؤكد «التجمع» مواقفه الثابتة لوحدة وسلامة الدولة الوطنية وجيش مصر الوطني، في مواجهة قوى الثورة المضادة المتمثلة في جماعة الإخوان الإرهابية وحلفائها بالداخل والخارج وينطلق «التجمع» من برنامجه وموقفه السياسي المنحاز وبوضوح لمصالح الفئات والطبقات الشعبية، التي تطمح لعملية تنمية اقتصادية مستقلة، وحرص على تحقيق العدالة الاجتماعية في توزيع عوائد التنمية، في ظل احترام كامل لحقوق المواطنة والتعددية الفكرية والسياسية وتكافؤ الفرص والشفافية والمحاسبة ومن هنا يعيد «التجمع» التأكيد على مقترحاته السابقة المتمثلة في:1- عقد مؤتمر اقتصادي اجتماعي يستهدف مواجهة الآثار الاجتماعية والأعباء المعيشية الناجمة عن الإصلاح الاقتصادي 2- عقد مؤتمر للإصلاح السياسي يعالج ضعف الإدارة السياسية والإعلامية والثقافية للمجتمع ويطرح البدائل الضرورية لتطوير هذه الأوضاع».

الأطر الفارغة

وأكملت رئيسة مجلس إدارة جريدة «الأهالي» أمينة النقاش الهجوم مطالبة بالإصلاح السياسي قائلة: «أطلق المستشار طارق البشري وصف «تأطير الفراغ» على المنظمات السياسية التي أقامتها ثورة 23 يوليو/تموز من هيئة التحرير إلى الاتحاد القومي، ومنهما إلى الاتحاد الاشتراكي، بمعنى أنها أشكال ندور في داخلها لكنها في الواقع مجرد أطر فارغة يظن من يدورون في فلكها أنهم شركاء في الحياة السياسية، التي تدير البلاد وهم في الواقع ليسوا كذلك تذكرت. هذا الوصف البليغ وأنا أتابع باندهاش المحاولات المحمومة التي كانت تسعى لتحويل ائتلاف دعم مصر إلى حزب، والمعارك المعلنة وغير المعلنة بينه وبين «مستقبل وطن» لضم نواب وأحزاب تنفيذاً للتوجه الرسمي الذي تحول إلى قناعة بأن توحد الأحزاب الصغيرة مع بعضها بعضا هو الحل للنهوض بالحياة الحزبية، فضلاً عن الحديث الذي بات يروج له بطرق شتى عن ضرورة وجود حزب للرئيس، كما هو الحال في الديمقراطيات الغربية. القضية إذن إننا أمام حكومة لا تؤمن بفكرة التعددية الحزبية، وإن خبرتها باتت مركزة في النمط الذي صار يعرف بنظام الحزب الواحد في قالب تعددي، وهي خبرة تأطير الفراغ في شكل تعددي يجري التحكم في مصيره ومساره والترويج لنظريات من قبيل أن الطلب على الديمقراطية لدى الجماهير العريضة غير موجود، وأن تحقيق الأمن والاستقرار يتعارض مع الحريات الديمقراطية، هو ما قاد إلى ما نحن فيه الآن: برلمان غير قادر على المساءلة والمحاسبة ونظام صحافي وإعلامي يفتقر إلى التنوع والتعدد ولا نبض للحياة فيه وعزوف نهائى من الشباب الذي يمثل نحو 70٪ من عدد السكان عن المشاركة في الحياة الحزبية أو أي قضايا تمس الشأن العام».

تساقط أوراق الصمت

وإلى «صوت الازهر» ومحمد مصطفى أبو شامة، الذي هاجم الشعب المصري والنظام من خلال ما كشفت عنه ملفات يوتيوب محمد علي وقال عنها: «استقبلنا خريف هذا العام بتساقط اوراق الصمت التي سترت عورات كثيرة في السنوات الأخيرة، فانكشف المستور وعشنا نتجادل في المحظور، يهيمن على فضائنا الإعلامي الصخب والعبث، وتحكمه الأكاذيب والسفالة والتدني الأخلاقي، وتتصدر المشهد حفنة من الأفاكين، يستوي في هذا الإعلام التقليدي فضائيات ومواقع وصحف، مع الغريم والمنافس المستجد السوشيال ميديا، لا أحاديث إلا هلاوس سياسية وضلالات فكرية وتخاريف إعلامية حتى ظن أي عاقل، يتابع المشهد عن بعد، أن مصر تحولت في عشية وضحاها إلى مستشفي للمجانين. ومن الحكمة تدارك الأزمة بصراحة وذكاء وهدوء، كي لا تنفرط الأمور وندخل في متاهة جديدة لا يحتملها الحاضر، الذي نحياه في مصر، ولا يقدر على تسديد فواتيرها الشعب المصري، الذي أسند ظهره إلى الحائط الأخير. ثقتي كبيرة في مصر شعبها وجيشها وثقتي أكبر بان الله خير حافظا».

بدايات الحل

ظهرت بوادر من النظام لحل بعض المشاكل وعلاج عدد من الأخطاء خاصة في مجال الإعلام قال عنها في «الأخبار» الدكتور محمد حسن البنا: «الغالبية الكاسحة من الشعب تقف ضد هذا المخطط الذي تتعرض له مصر، ولدينا فئة ضالة لم يستطع إعلامنا توعيتها بالقدر الكافي لفهم ما يجري حولنا، كما لم تستطع الحكومة وأجهزتها دحض هذه الشائعات المنتشرة بالشكل السريع والمباشر، وهنا نحتاج إلى عدة وقفات مهمة يجب على الحكومة والأجهزة السيادية والإعلام الانتباه لها، وقد يحتاج ذلك منها إلى الانفتاح على أفكار الخبراء من كل الاتجاهات لكي تستعين بهم في مواجهة الهجمات الشرسة من أعدائنا».

الأغلبية والأقلية

وفي «الجمهورية» حذر السيد البابلي من عدوان الأغلبية على الأقلية وخطورة اندلاع مواجهات بينهم وقال: «البعض يتحدث الآن عن أغلبية مؤيدة، من مؤيدي ثورة 30 يونيو/حزيران، هم الذين يتصدرون لمحاولات إثارة الفتنة وتهديد استقرار الدولة المصرية، وأقلية من بقايا حكم الإخوان، ومن الذين ظللوا من تحريضات من هنا وهناك ويقولون في ذلك أن مساحة التعافي ما زالت بعيدة، وان الخلافات بينهما أصبحت عميقة، ونقول في ذلك بكل الوضوح إنه ليس لدينا في مصر ما نخفيه أو نخشاه، فلا يوجد إجماع في التاريخ على شخص ما أو قيادة ما، والرسول عليه الصلاة والسلام لم يكن عليه إجماع، ولكن ما يقلقنا هو أن تكون هناك تجاوزات وتدخلات ومقامرة بالوطن، لتحقيق مصالح جماعة أو فئة على حساب مستقبل وطن وأمنه وأمانه واستقراره، ولهذا قلنا إننا ندعو إلى عدم الانجرار والاستسلام لاستفزازات القلة بتحريك الأغلبية التي تكتفي الآن بالمتابعة وتتحلى بالصبر، حتى لا يكون هناك توتر وانقسام بين بناء الوطن الواحد».

إشكاليات الإعلام

«الإعلام دائما في قفص الاتهام فعلها أو لم يفعلها. يواجه تحدي العجز عن توصيل الرسائل الصحيحة، وتفنيد الرسائل الخاطئة. قد يكون في ذلك بعض الصواب، كما يقول سامح فوزي في «الشروق»، ولكن حتى يفعل الإعلام المرجو منه ــ وطنيا ومهنيا ــ ينبغي إصلاح أحواله، وتجديد لياقته حتى يصبح وسيلة نقل فعالة وآمنة للرسائل، والأفكار والمعلومات. أولى الإشكاليات تضخم الإعلام بدون داعٍ، مثل الصحافة المكتوبة لدينا عشرات المطبوعات، على كل المستويات مرتفعة التكلفة، محدودة التوزيع، والمسألة لا تقتصر فقط على الصحف القومية، ولكن تمتد أيضا إلى الصحف الخاصة، أما الحزبية فقد تراجعت بدرجة كبيرة. وبالتالى فإن الصحافة، رغم أهميتها، أصبحت محدودة التأثير والفعالية. المدخل الموضوعي هو «إعادة هيكلة» المؤسسات الصحافية، على نحو يجعلها أكثر رشاقة وفعالية، وابتكار أساليب جديدة في المطبوعات، والفنون الصحافية، على غرار ما يحدث في سوق الصحافة العالمية. قد يؤدي ذلك إلى اتخاذ قرارات مؤلمة، لكن لا غنى عنها. الإشكالية الثانية، أهمية مراعاة التحولات العالمية التي جعلت فضاء الإنترنت له الغلبة على كل من الصحف والفضائيات، بل إن ما ينشر في الصحف، وما يبث على شاشات التلفزيون يبحث عن الانتشار والذيوع من خلال وسائل التواصل الاجتماعي، ويعني ذلك إيجاد منابر إلكترونية تجتذب الجمهور، خاصة الشباب، وتخرج من سياق الانفعال وردود الأفعال، إلى إبراز الحقيقة على أرض الواقع بالصورة والخبر والرأي، والرأي الآخر. الإشكالية الثالثة، الاهتمام بالاستقصاء الميداني، يعنى ذلك تقديم الصورة من الواقع، ليس بناء على نشرات حكومية، ولكن من خلال رصد ما يحدث في الحقيقة، وأرى أن هناك إنجازات كثيرة على أرض الواقع لا تجد من يقدمها بصورة صحيحة، ولا يدرك المواطن حقيقتها، أو نتائجها، أو التكاليف التي انفقت عليها. وبينما تحيط به رسائل اقتصادية ومعيشية غاضبة، لا يجد رسائل ايجابية موازية تسهم في تخفيف وطأتها. هو يرى ارتفاع الأسعار، وغلاء المعيشة، وفي المقابل لا يجد من يطلعه على جوانب أخرى إيجابية في المجتمع. ويكفي أن أقول إنني شخصيا، رغم متابعتي للإعلام، أعرف الكثير من المشروعات الجديدة بالصدفة، أو بالسؤال والمتابعة، فما بالك بالمواطن العادي؟ الإشكالية الرابعة، هي التأكيد على أن الرأي والرأي الآخر في وسائل الإعلام يساعد على نشر الحقيقة، وتصويب الأخطاء، وإبراز أوجه القصور، والإسراع بمعالجتها، وليس صاحب الرأي المعارض معاديا، أو له أجندة وسيقود ذلك لمواجهة الإشاعات والأكاذيب».

العشوائيات

وإلى «الدستور» ومقال منى رجب عن إنجازات الحكومة في القضاء على العشوائيات بقولها: «من بين أفضل خطط البناء التي ستغير وجه الحياة للسكان في رأيي، هي خطة القضاء على العشوائيات، التي يبلغ عدد سكانها ما يقرب من 20٪ من تعداد السكان الكلي. إن ما يحدث الآن من المضى قدمًا في حل مشكلة العشوائيات يعد ضربًا من الخيال، وأعود بالذاكرة إلى بدء التنفيذ منذ 3 سنوات، وتراه العين وتحقق على أرض الواقع في عهد الرئيس عبدالفتاح السيسي وأقصد بذلك اقتحام مشكلة العشوائيات، والمضي فيها قدمًا، رغم أنها كانت مشكلة يعاني منها بلدنا منذ زمن طويل، منذ بدايات القرن الماضي، ثم بدأت تتفاقم منذ الثمانينيات من القرن الماضي، ولم تمتد إليها يد لنقل سكانها. إن الدولة بالفعل تمضي بخطوات سريعة لحل هذه المشكلة، وما ينجم عنها من مشاكل اجتماعية خطيرة وعديدة. وفي أغسطس/آب 2019 تم إعلان، أنه سيتم قبل نهاية العام الانتهاء من تطوير كل المناطق العشوائية غير الآمنة في مختلف محافظات الجمهورية، وإعلان مصر خالية من المناطق العشوائية الخطرة، وأعتقد أنه لا بد أن يواكب ذلك إعلام مصري يتناسب مع تحقيق هذا الإنجاز الكبير».

آلية السوق

علاء عريبي في «الوفد» يقول: «لم أفهم المغزى من ترك الأسواق بدون رقابة، قيل: آلية سوق، وقيل: السوق الحر، قيلت مصطلحات غريبة وغير مقنعة، ما نعرفه أن الحكومة يجب أن لا تترك المواطن يتلاعب به التجار، كل منهم يضع السعر الذي يناسبه على السلع، وتفاجأ بأن سلعة واحدة تباع بأكثر من سعر في الشارع الذي تسكن فيه. والطريف أن التفاوت في سعر السلعة لا يرجع إلى نوعية أو درجة إنتاج، بل إن المنتج والمواصفات واحدة، والسعر للتاجر. عندما يشكو المواطن من هذا التفاوت والتضارب والسرقة العلانية لا يجد من يصغي إليه، ويستمع إلى بعض المبرراتية في وسائل الإعلام إلى مصطلحات «تفطس» من الضحك: آلية السوق، الأسواق الحرة، ويحكى عن مخطط استراتيجي طويل التيلة لتوفير السلع بأسعار مناسبة، سوف يجبر المتلاعبين في الأسعار بالعودة إلى السعر السوقي، يعني «موت يا حمار» إلى أن تتوفر السلع بأسعار مناسبة. زمان كان للحكومات دور في ضبط السوق، وكان لوزارة التموين من يسمون، بمفتشي التموين، وكانوا يمرون على الأسواق والمحلات ويقومون بانتحال صفة المواطن، ويشترون بعض السلع، عندما يكتشفون تجاوز التاجر في الأسعار، يقومون ببيع السلع التي سبق وقام بتخزينها للناس بأسعار السوق، ثم يقومون بتشميع المحل وإحالة التاجر للنيابة، ومن بعدها إلى المحكمة، وفي النهاية يلقى في السجن لمدة. اليوم المواطن يشعر بأنه مباع للتاجر وإلى رجل الأعمال، وعليه فهو مجبر على أن يتقبل ما يباع ويقدم له، شاكرًا الله والحكومة والنظام على توفير السلعة، ظروف البلاد: الفوضى، والإرهاب، وضعف الموازنة، وهروب المستثمرين، والمؤامرات التي تحاك في الخفاء على البلاد من أهل الشر، لا تسمح بتقديم خدمات مثل هذه، ما يقدم لك: جيء به من حنك الأسد، والأخير(الأسد) شرس، واختطاف بعض السلع من حنكه يعد إنجازا كبيرا يستحق الحمد والشكر. الظروف الصعبة التي تمر بها البلاد، والتي تفهمها المواطن، وتحمل من قوته وقوت أولاده، لن يجد معها ما يسمى بآلية السوق، السوق الــــحر، الأنفلونزا الآسيوية، وغيرها من المصطلحات والمبررات عديمة النفع، ما الذي يجبرني على قبول هذه الترهات، لماذا يتم إجباري على شراء سلع بأزيد من سعرها، ومن أين أوفر لها أموالا، ومن المستفيد من هذا الهراء. الحكومة مطالبة بتفعيل الرقابة وتشديدها، ومطالبة بالعودة إلى ما كان متبعًا قديمًا، وهو: قضايا التموين، تباع سلع التاجر المخالف بأقل من سعرها، ويحال إلى النيابة والمحاكمة، وفى حالة تكرار المخالفة يلغى النشاط ويغلق المحل. استدراك: قضايا التموين كانت تشمل: الأسعار، والغش التجاري والصناعي».
الفاتحة على روح الطبقة الوسطى

«الطبقة الوسطى هي عصب المجتمع، بل منها غالبا يجيء المثقفون والمفكرون. هذه الطبقة، التي يقول عنها عباس الطرابيلي في «الوفد»، كانت دائما هي التي تقود الثورات ومحاولات التغيير لتحسين الأوضاع المعيشية، وإن أصبح أبناء الطبقة الدنيا هم الوقود الحقيقي لهذه الثورات.. ولم يكن يشذ عن هذه القاعدة أي شعب في العالم كله.. فلم نسمع مثلاً عن ثورة قادها أبناء الطبقة الغنية. حتى ما حدث في يناير/كانون الثاني 1977 التي وصفها الرئيس السادات باسم «انتفاضة الحرامية».. فإن من فجرها وتولى قيادتها كانوا من أبناء الطبقة الوسطى الذين مستهم الأسعار الجديدة التي حاولت الحكومة فرضها. والطبقة الوسطى في مصر كانت هي عقل الأمة المصرية، فهي التي تحافظ على ذهاب أولادها إلى المدارس.. فأبناء الطبقة المتوسطة – وأغلبهم من الموظفين والتجار وأرباب الحرف والصنايع – هم أيضا من يدفعون الضرائب، فالموظف يدفعها من المنبع، قبل أن يحصل على راتبه – والتاجر يدفعها حتى وإن حاول التخلص منها، في ما يعرف بالتهرب الضريبي وكذلك أصحاب الفدادين القليلة. ولقد لعبت ثورة 23 يوليو/تموز على وتر تعبير «مجتمع الخمسة في المئة» لأنهم كانوا الأكثر قدرة على الحركة السياسية.. وحاولت تلك الثورة تغيير هذه التركيبة السكانية بقانون الإصلاح الزراعي وتوزيع الخمسة فدادين إياها، بدون أن تدرب عواقب تفتيت هذه الأرض الزراعية. ولكن مع موجات الأسعار والغلاء الذي يأكل ذلك.. كانت الطبقة الوسطى هى الضحية. فالدولة تكاد ترفع يدها عما كانت تقدمه من دعم لأسعار المياه والكهرباء والصحة والتعليم، وآه من تكاليف التعليم الآن، ورحم الله زمنا كان الطلبة وأنا منهم يحصلون على كل مستلزمات التعليم.. مجاناً من الدولة. وهكذا زادت أعباء الحياة على الطبقة المتوسطة حتى لم تعد قادرة على حفظ الحد الأدنى من الحياة الكريمة، وهذا بلا شك من أهم أسباب تحسين الخدمات وإعادة دور الدولة في المجال الصحي، وأخذت تهتم بالمستشفى الأميري العام.. تماما كما تحاول المحافظة على بعض المساعدات تحت مسمى الدعم التمويني. ولكن أفلست – أو كادت – هذه الطبقة المتوسطة ولم تعد قادرة على تحمل موجات هذا الغلاء، لأن الدولة تخشى أن تتدخل في تحديد الأسعار، فيتم اتهامها بأنها ضد مبدأ حرية التجارة، وهذا مفهوم خاطئ تماما عند الحكومة. وقد عانت الطبقة المتوسطة من موجات البطالة.. حتى وجدنا مئات الألوف من أبنائها الذين أتموا تعليمهم، عاجزين عن الحصول على وظيفة.. في الوقت نفسه، الذي قتلنا فيه القطاع العام الذي كان يتحمل العبء الأكبر من تدبير فرص العمل. كل ذلك معضلة تسببت في نهاية هذه الطبقة المتوسطة التي كانت هي «عصب الأمة» وعقلها المتحرك».

حق مصر في مياه النيل

سليمان جودة في «المصري اليوم» يقول: «تلقيت رسائل كثيرة تقف على الضد تماماً من الدكتور نادر نور الدين، الذي يستبعد الحل العسكري مع إثيوبيا، ويرى في رسالة نشرتها له، أننا مدعوون إلى سحب اعترافنا بسد النهضة الإثيوبي، وأن ذلك يجب أن يكون من خلال البرلمان، ليمثل سحب الاعتراف ورقة ضغط شعبية قوية في أيدينا، وأننا مدعوون أيضاً إلى تنظيم حملة إعلامية وسياسية دولية ضخمة، لعل العالم ينتبه. ومن بين الرسائل رسالة من المحاسب صلاح ترجم، الذي يستعرض ما كان بين الرؤساء السابقين، والحكومات المتعاقبة في أديس أبابا، وكيف أنها حكومات لم تنفع معها سوى سياسة العين الحمراء، ففي عام 1953 فكر الإمبراطور هيلاسيلاسي في بناء سد على النيل الأزرق، الذي يمدنا بثمانين في المئة من حصتنا في ماء النهر الخالد، فوصله خطاب شديد اللهجة من عبد الناصر، دعاه إلى الرجوع عن الموضوع على الفور، وكان الخطاب يحمل توقيع مصر، وجيشها العظيم ورئيسها، ولم يجد الإمبراطور طريقاً سوى الاستغاثة بالرئيس الأمريكي، الذي نصحه بعدم الاستهانة بعبدالناصر، وكانت النتيجة أن هيلاسيلاسي أقلع عن الفكرة، وبنى سداً من 11 متراً، بعد أن كان ينوي أن يرتفع به إلى 112 متراً. وفي عام 1980 قرر السادات مد مياه النيل إلى سيناء لاستصلاح 35 ألف فدان، فغضب الإثيوبيون وقدموا شكوى لمنظمة الوحدة الإفريقية، وكان رد السادات حاسماً، فقال إنه لا سبيل أمامه سوى القوة، إذا لم تصل مصر حصتها كاملة، وأنه إذا خاض حرباً جديدة بعد حرب أكتوبر/تشرين الأول العظيمة، فسوف تكون حرباً من أجل حفظ حقنا في ماء النيل.. وفهمت إثيوبيا الرسالة على نحو ما كان يجب أن تفهمها. وفي أيام مبارك عادوا يفكرون في الأمر من جديد، فأفهمهم بشكل مباشر أن الموضوع عند اللواء عمر سليمان، رئيس جهاز المخابرات العتيد، الذي لم يكن يؤمن في القضية بأنصاف الحلول، ولا كانت القضية عنده محل فصال، لأنها باختصار لا تحتمل، ورجعوا عن الفكرة لأنهم عرفوا العواقب.. ولم تكن القاهرة وهي تتصرف بهذه الطريقة أيام الرؤساء الثلاثة، تمارس سلوكاً عدوانياً ضد دولة صديقة من دول القارة السمراء، ولا كانت ترغب في إيذاء دولة يجمعنا بها حوض النيل، ولا كانت تقصد إلحاق الضرر بإثيوبيا، ولا بأي مواطن إثيوبي، ولكنها فقط كانت تدافع كما يجب عن حقها الطبيعي الذي تكفله قواعد القانون الدولي، لقد التزمنا سياسة النفس الطويل مع إثيوبيا ما يقرب من ست سنوات، ولكنها بكل أسف لم تأخذ هذا في عين الاعتبار، ولا تزال تركب رأسها، ولذلك، فهي في حاجة إلى شىء يجعلها تنتبه إلى أنها تتعامل مع مصر، التي إذا نفد صبرها كانت كالحليم إذا غضب».

«غرزة حشيش»

أما الدكتور عمرو عبد السميع في «الأهرام» فقال: «ترددت كثيرا في كتابة هذه الكلمات فقد قرأت بالمصادفة كلاما منسوبا للدكتور عبد الله النفيسي أستاذ العلوم السياسية في جامعة الكويت، الذي سبق أن عرفته زميلا فاضلا في الجمعية العربية للعلوم السياسية، التي نشأت ونشطت في ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي، وكان من أوائل منشئيها ورؤساءها استاذنا الجليل الدكتور علي الدين هلال، جاء ذلك الكلام في سياق إشارة من الكاتب الدكتور خالد منتصر إلى مقطع فيديو للقاء تلفزيوني مع الدكتور النفيسي استغرب في سياقه عما قرأه على غوغل من أن جنازة أم كلثوم كانت مليونية قائلا، إنها حولت المنطقة العربية لغرزة حشيش، ولان هذه العبارة أدهشتني فقد رجعت كعادتي لمصدرها الرئيسي، فوجدت بالفعل لقاء تلفزيونيا مع الدكتور النفيسي عن الأوضاع في العالم العربي، تحدث فيه عما قرأه على موقع البحث غوغل عن جنازة أم كلثوم، وقال مخاطبا المذيع ما تصدق مليونية كانت شعوب عاطفية مساكين العرب مساكين مغنية هذه مغنية، مغنية حولت المنطقة العربية إلى غرزة حشيش، وسأله المذيع باستغراب أم كلثوم، فرد نعم الناس في مصر تعد القعدة يحطون البلاوي حتي يسمعوا الست وهي تغني، إللي يحط مشروب واللي يحط الشيشة الليلة التي تصير فيها حفلة لأم كلثوم مصر كلها تتحول إلى غرزة، هذه تصير لها هذه الجنازة! وهكذا عاد المثقف الكبير إلى بدوي لا يرى في أم كلثوم إلا مجرد مغنية انبهرت بها شعوب عاطفية مسكينة، ألم يسمع خريج كامبريدج مثلا عن جنازة المطرب الفرنسي جوني هاليداي التي ملأت الشانزليزية من أقصاه إلى أقصاه في ديسمبر/كانون الأول عام 2017».

طلاق الواتساب

«على الرغم من أن مواقع التواصل الاجتماعي مهمتها في الأساس خلق نوع من الترابط والود والتواصل بين الأشخاص، إلا أن البعض يضرب بكل ذلك عرض الحائط ويستخدمها في التفرقة وإفساد الحياة الطبيعية، خاصة الأزواج الذين يستخدمون هذه المنصات الإجتماعية في إلقاء يمين الطلاق على زوجاتهم ويعصفون بالحياة الزوجية عبر «الشات». ومؤخراً، كما يخبرنا بذلك محمود عبد الراضي في اليوم السابع» ظهرت دعاوى من بعض السيدات تطالب فيها بـ«إثبات الطلاق»، مؤكدات أنهن تعرضن للطلاق على يد أزواجهن بواسطة «الواتساب» أو «الشات» عبر الفيسبوك، وأن الأزواج رفضوا إثبات هذا الطلاق، ومنهم من يتهرب من ذلك، بزعم أن هاتفه المحمول أو حسابه على الفيسبوك تعرضا للسرقة. قصص عديدة لسيدات وقفن بين أروقة محاكم الأسرة لإثبات طلاقهن، بعد بقائهن لسنوات «معلقات»، حيث تقول سيدة تقطن في مصر الجديدة، إنها تطلقت من زوجها بموجب عقد لدى المأذون، ثم أجبرتها أسرتها على العودة له، وتم تطليقها مرة ثانية بموجب قضية خلع، وعادت إليه مرة أخرى، ثم طلقها زوجها عبر «الواتساب» وتركها لمدة عامين معلقة ورفض إثبات طلاقها. القانون لم يترك هذا الأمر، وإنما حاول إيجاد حل، حيث تقيم الزوجة في هذه الحالات دعوى إثبات طلاق حسب المادة 60 من قانون إثبات الأحوال الشخصية، وتدعي تطليق زوجها لها وخشيتها أن لا تقيم حدود الله، وتوجه للزوج اليمين الحاسمة بأن تقول له «هل صدر هذا الطلاق؟»، وتكون جلسة واحدة فقط، وعليه أن يحسم أمره ويقسم، وهنا يتحمل الزوج عقوبة كذبه، وتوجه اليمين الحاسمة لأن مواقع التواصل الاجتماعى ليست قاصرة على الشخص بمفرده ومن الممكن اختراقها، لذا على الزوج القسم، وهو الوحيد الذي يتعين عليه إثبات الواقعة، أو الشهود، في حالة إذ تواجد شخص آخر رفقته أثناء إرسالة رسالة لزوجته، أو اتصاله بها هاتفيا. مواقع التواصل الاجتماعي، وفي أي حال من الأحوال، ينبغي أن لا نتبادل عليها كلمات الانفصال، وإنما نتبادل عليها كلمات الحب والود التي ترسخ لـ«إمساك بمعروف».

أرض المتحف المصري

«ومصر على أبواب افتتاح المتحف المصري الكبير في منطقة الهرم ستتعلق الأنظار بهذا الحدث العالمي الفريد وستتوجه وفود السائحين إلى هناك، حيث تنتقل إليه آثار فرعونية فريدة قبعت في ردهات ومخازن متحف التحرير، أو متحف منطقة ماسبيرو لأكثر من قرن وربع القرن. وتذكرنا درية شرف الدين في «المصري اليوم»، أنه في شهر إبريل/نيسان 2015 صدر قرار حكومي بهدم مبنى الحزب الوطني الذي كان، قد تم بناؤه بالقوة الجبرية على أرضٍ هي مِلك المتحف المصري في عهد الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، خصصه ليكون مقرا للاتحاد الاشتراكي، ثم نالته حرائق أثناء أحداث سنة 2011، وأثبتت لجان فنية أنه غير صالح للاستخدام ومعرض للانهيار. وقتها برزت محافظة القاهرة لتعلن حقها في امتلاك تلك المساحة الخالية في واجهة وسط البلد والمطلة على النيل، وأكدت انتظارها لقرار مجلس الوزراء بضمها لأملاك المحافظة، وأن لديها العديد من المقترحات التي تُدِرّ دخلاً ومورداً اقتصاديا مهما، ثم توالت الاقتراحات ودخل رجال الأعمال على الخط: مركز تجاري عالمي، سلسلة فنادق عالمية، مشاريع سياحية تُدر المليارات، مبان إدارية ومراكز تجارية، إلخ. تركز التفكير والتدبير على اقتناص أرض المتحف المصري القديم لبناء ما يُدِرّ دخلاً ماديا بصرف النظر عن أحقية ملكيته للمتحف، وتأكيد الأثريين لذلك بوثائق وسجلات قديمة وحديثة. تقدمت وزارة الآثار بطلب لضم المكـــان إلى حرم المتحف كحديقة ذات طراز فرعوني ومركز للأبحاث الأثرية، ومكان لفعالــــيات ثقافية مفتوحة للجمهور العام وللسائحين، مثله في ذلك مثل متاحف العالم المختلفة. رئة للنور والثقافة والأصالة وسط ازدحام القاهرة. قال بذلك الدكتور عبدالحليم نورالدين، العالم الأثرى الراحل، وقاله الأثرى المرموق عالميا الدكتور زاهي حواس، وكان أول من قَدّم اقتراحا بهدم مبنى الحزب الوطني، وعودة أرضه إلى المتحف المصري القديم كحرم لا يتم بناء أي مبان عليها. وقد شاهدت بنفسي مخططا ممتازاً لاستغلال أرض المتحف عرضه وزير الآثار الأسبق الدكتور محمد إبراهيم. الآن اقترب موعد افتتاح المتحف المصري الكبير الجديد، ومع اقتراب تلك المناسبة من المؤكد أنه – ومن جديد- سيبدأ الصراع على اقتناص أرض المتحف، إما أن تتحول إلى رئة ثقافية أثرية جمالية وسط القاهرة، تقدم خدمة رفيعة المستوى للمصريين والأجانب، أو أن ترتفع عليها أبراج قبيحة تحجب الشمس ومعها الثقافة والأصالة».

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية