القاهرة ـ «القدس العربي»: عقد البرلمان المصري، أمس الأربعاء، جلسة عامة لمناقشة تعديلات دستورية، من الممكن أن تسمح للرئيس عبد الفتاح السيسي بالبقاء في الحكم حتى عام 2033، وسط اعتراضات محدودة من عدد من النواب.
وكان من المفترض أن تعقد الجلسة العامة يوم الأحد المقبل، إلا أن رغبة المجلس في الانتهاء من ملف التعديلات الدستورية، وإجراء الاستفتاء الشعبي عليها قبل شهر يوليو/ تموز المقبل، دفعت البرلمان، إلى تقديم موعد الجلسة إلى أمس. وسبق لائتلاف «دعم مصر»، الذي يمثل الغالبية في البرلمان، أن تقدم بطلب لإجراء تعديلات دستورية، توسع صلاحية الرئيس المصري، وتزيد مدة الرئاسة من 4 إلى 6 سنوات، وتتضمن مادة انتقالية تسمح للسيسي بالترشح لولايتين جديدتين، عقب انتهاء ولايته الثانية والأخيرة عام 2022، طبقا للدستور الحالي.
إلى اللجنة التشريعية
وحال موافقة البرلمان بشكل مبدئي، سيحال الطلب إلى اللجنة التشريعية في البرلمان، لإعداد تقرير في مدة أقصاها 60 يوما، قبل عرضه بشكل نهائي على البرلمان.
علي عبد العال، رئيس مجلس النواب، نفى في كلمة ألقاها خلال الجلسة، أن تكون للسيسي علاقة بالتعديلات، مؤكدا أنها نابعة من البرلمان.
وقال: «تعديل الدستور، هو أهم موضوع يمكن أن يطرح على أي برلمان، فالدستور هو الوثيقة الكبرى والأهم، ولقد حدد الدستور وسائل تعديله، ورسمت اللائحة الداخلية للمجلس الإجراءات الواجب اتباعها في هذا الشأن». وتابع: «الدستور وثيقة قابلة للتعديل، ويجب أن تواكب التغير الذي يحدث في المجتمع، وأن تستجيب لمتطلبات التطور كلما كان ذلك ضرورياً ومطلوباً، والكلمة الأخيرة والنهائية للشعب».
وزاد: «لا شك أنكم تعلمون جميعاً الظروف الدقيقة التي وضع فيها دستور 2014، ولقد شرفت أنني كنت أحد أعضاء لجنة العشرة التي وضعت مسودته الأولى، وكانت أساساً للمناقشة أمام لجنة الخمسين، وأتذكر جيداً حالة الشد والجذب التي صاحبت أعمال وضع الدستور، حيث كانت البلاد في مـأزق خطير، ولولا حفظ الله وإخلاص الرجال لكانت الآن في وضع آخر، وفرضت الضرورة أحكامها على صياغة نصوص الدستور، والحمد لله فقد عبرت مصر هذه المرحلة الحرجة والدقيقة بإخلاص الرجال، وإيمان المصريين ووعيهم وحبهم لبلدهم، ولعل من ينظر حوله الآن يدرك هذه الحقيقة بجلاء ووضوح».
ووفق رئيس البرلمان «بتاريخ 3 من شهر فبراير/ شباط الجاري، أحيل إلى اللجنة العامة للمجلس الطلب المقدم من (155) عضواً، بتعديل بعض مواد الدستور لإعداد تقرير عنه، متضمناً رأيها في مدى توافر الأحكام والشروط المنصوص عليها في المادة (226) من الدستور، والفقرة الثانية من المادة (133) من اللائحة الداخلية للمجلس». وأوضح أن «التعديل كما يعرف أهل الدستور والقانون يتضمن الاستبدال، والإضافة، والحذف، ما جرى عليه العمل في جميع التعديلات الدستورية التي شهدتها الدولة المصرية فيما سبق، وشهدتها أيضاً الكثير من الدول».
نائب عن تكتل «25 ـ 30» أعتبر أنها تفقد القضاء استقلاليته وتسمح للجيش بالتدخل في السياسة
وتابع: «قمت بإحالة هذا الطلب فور وروده إلى اللجنة العامة للمجلس، وقامت اللجنة العامة بعقد اجتماعين مطولين انتهت فيهما إلى إعداد واعتماد تقريرها في شأن مبدأ التعديلات بالأغلبية المطلوبة والمنصوص عليها في لائحة المجلس الداخلية، ومجلس النواب إذ يسير في إجراءات تعديل الدستور، فإنه يتحرك بوازع وطني، ولا يضع نصب عينيه إلا المصلحة العليا في مفهومها الأعم والأشمل». وتعهد بـ«فتح حوار مجتمعي راقٍ وواسع حول التعديلات المطروحة، يشمل جميع فئات الشعب ومكوناته، كما ستشمل المناقشات وجميع الآراء والاتجاهات، وسنسمح للجميع بالتعبير عن وجهات نظرهم بصدر مفتوح، وعقل واعٍ، وآذان صاغية راغبة في الفهم والإدراك».
وشرح الخطوات التي يتبعها البرلمان لإقرار التعديلات، قائلاً «حال موافقة الجلسة العامة على تقرير اللجنة العامة، يحال الأمر إلى لجنة الشؤون الدستورية والتشريعية، التي تعد تقريرا عن دراستها وبحثها للتعديل متضمناً صياغة مشروع المواد المعدلة خلال 60 يوماً من تاريخ إحالة الأمر إليها، وبعد موافقة مجلس النواب على التعديلات المطروحة، تعرض هذه التعديلات على الشعب للاستفتاء عليها».
ويبدو تمرير التعديلات الدستورية أمرا لا مفر منه، خاصة في ظل ضعف المعارضة داخل البرلمان التي تقتصر على تكتل «25- 30»، وهو التكتل الذي يضم 11 نائبا، والذي سبق وأعلن رفضه للتعديلات الدستورية، إضافة إلى رفض ممثل حزب التجمع في البرلمان التعديلات الدستورية، في وقت أعلنت كافة الأحزاب الممثلة في البرلمان وبينها حزب النور السلفي موافقتها على التعديلات. النائب هيثم الحريري، عضو تكتل «25- 30»، أعلن خلال الجلسة رفضه للتعديلات، مؤكداً أنها تنسف المسار الديمقراطي، وتناهض الإرادة الشعبية.
وحذر من «مغبة التعديلات»، وذكر، بـ«نتائج تعديلات الدستور التي أجراها الرئيسان المصريان السابقان أنور السادات، ومحمد حسني مبارك»، في إشارة الى عدم استفادتهما من التعديلات.
وقال إن التعديلات جاءت مخالفة للدستور، وتفقد القضاء استقلاليته، وتسمح للجيش بالتدخل في السياسة. النائب أحمد الطنطاوي، عضو تكتل «25-30»، انتقد الوقت المخصص لمناقشة التعديلات الدستورية، مبيناً أنه «نفس الوقت الذي يخصص لمناقشة مادة واحدة من اتفاقية دولية».
وأضاف خلال كلمته في الجلسة العامة في البرلمان المخصصة لمناقشة التعديلات الدستورية، الأربعاء، أن «قناعاتي الشخصية الراسخة المستقرة تجعلني أقول إن ما يحدث باطل دستوريًا طبقا لموضعين في المادة 226 من الدستور، وليس من حق البرلمان أن يعدل مدد الرئاسة إلا بمزيد من الضمانات، ولا يستحدث مادة جديدة لأنها تفقد ثقة العموم والتجرد».
وتابع: «جميع المواد ردة وانتكاسة وعودة لأسوأ مما كان الوضع عليه قبل 25 يناير خاصة أن السلطة المطلقة مفسدة مطلقة، وما يحدث يشبه منطق العصور الوسطى»، مشيراً إلى أن «كل المواد بالإجماع جاءت في الاتجاه الخطأ في حين أن الشعب ينتظر حقه في العيش والحرية والكرامة».
فلسفة غامضة
النائب سيد عبد العال، رئيس حزب التجمع، قال خلال الجلسة، إن «الهيئة البرلمانية لحزب التجمع ترفض التعديلات الدستورية المقترحة من حيث المبدأ، لعدم وضوح الفلسفة من هذه التعديلات التي انفرد بتقديمها عدد من نواب دعم مصر دون حوار مسبق حول المواد المطلوبة وأسباب ذلك، وهو الأمر الذي أدى لغياب فلسفة التعديل، وغياب مواد نرى أهمية تعديلها رغم أن التعديلات تتضمن مواد نتفق على أهميتها ونؤيدها مثل مدّ المدة الزمنية من 4 سنوات إلى 6 سنوات دون المساس بالفترتين، وكذلك المادة الخاصة بتمثيل المرأة».
وأضاف:» باسم حزب التجمع أرفض مشروع التعديلات وسوف نتقدم بصياغات وتعديلات على المواد المقترحة أثناء النقاش باللجنة التشريعية والدستورية».
وكانت الأمانة المركزية لحزب التجمع أصدرت بيانا أمس قالت فيه، إنها «ناقشت التعديلات الدستورية التي جرى الإعلان عنها بطلب من أعضاء ائتلاف دعم مصر».
وأضافت: «غياب الفلسفة المتسقة للتعديلات الدستورية إضافة لاضطراب التوجه العام، ما يمكن رصده بالنظر للتعديلات المتعلقة بإنشاء مجلس أعلى للهيئات القضائية، إضافة للآلية الجديدة لاختيار شاغلي مناصب النائب العام ورئيس المحكمة الدستورية العليا والنائب الأول لرئيس المحكمة والتي تمنح للرئيس المزيد من الصلاحيات أمام السلطة القضائية في مقابل تقليص صلاحيات الرئيس بمنح القوات المسلحة دورا أكبر في مجال (حماية البلاد والحفاظ على أمنها وسلامة أراضيها وصون الدستور والديمقراطية والحفاظ على المقومات الأساسية للدولة ومدنيتها)، إضافة لضرورة موافقة المجلس الأعلى للقوات المسلحة على تعيين وزير الدفاع بعد أن كان النص السابق مؤقتا بمدتين رئاسيتين من تاريخ إقرار الدستور».
قصور
وزادت : «قصور التعديلات الدستورية على مواد كان من الواجب إعادة النظر فيها، سواء ما تعلق منها بالتزامات ترتبط بمواعيد تنظيمية مثل ضرورة إصدار قانون العدالة الانتقالية خلال دور الانعقاد الأول لمجلس النواب (241) أو الانتقال لنظام الإدارة المحلية المنصوص عليه في الدستور خلال خمس سنوات من تاريخ التصديق عليه (242) أو ضرورة وضع خطة لإعادة توطين سكان النوبة في أماكنهم الأصلية خلال عشر سنوات
(236) انتهاء بضرورة ضبط صياغة النص الدستوري الذي يوجب إسقاط العضوية عن النائب إذا فقد الثقة والاعتبار أو فقد أحد شروط العضوية التي انتخب على أساسها أو أخل بواجباتها حيث رهن إسقاط العضوية بأغلبية ثلثي أعضاء مجلس النواب».