“البشت”.. إرث قطري لا ينقطع وهوية للشخصية العربية- (صور)

حجم الخط
0

الدوحة- أحمد يوسف: بألوانه المتعددة وزخارفه المميزة يظل “البشت” القطري التقليدي متربعاً على رأس الزي الرسمي في البلاد ويتم ارتداؤه في مناسبات معينة.

والبشت عبارة عن عباءة يرتديها الرجال العرب منذ القِدم، ما زال يستخدم في دول الخليج ويتميز بألوانه المختلفة مثل الرمادي والأسود والبني والبيج والأبيض.

ويبدأ طول البشت من الكتف إلى القدم، وهو لباسٌ ليس له أكمام ولكن له فتحتان من أجل إخراج اليدين.

وفي ممرات سوق “واقف” التراثي في العاصمة القطرية الدوحة، تتربع محلات تفصيل البشت الذي يعُد مهمة شاقة وتستمر حياكته لأيام.

محافظة على التراث

رغم التطور الكبير الذي تشهده قطر في كافة المجالات، إلا أن الأزياء العصرية الحديثة لم ترغم المُواطن على التخلي عن ارتداء البشت المُطرز بالخيوط الذهبية على الأطراف مع الثوب الأبيض و”الغترة” (غطاء الرأس للرجال) والعقال.

ويأتي ذلك تمسكاً بالعادات والتقاليد، ومحافظة عليها حية في الذاكرة، فيما يُعد البشت رمزا للشخصية، وقد ارتبط بالإنسان العربي وأصبح سمة من سماته والقطري، والخليجي عموماً.

عرف البشت منذ القدم، تمامًا كما عرف العقال مُكملًا للزي أو اللباس وجزءًا أساسيًا منه، وبالتالي هما رمزان للأصالة والهوية الوطنية نظرًا لقيمتهما التراثية، خاصة أن الرجل يعتبر العِقال تاجًا على الرأس و”البشت” رمزًا للشخصية.

ولا يلبس البشت في الحياة اليومية عند القطريين بل له مناسبات محددة، فأصبح يقتصر استخدامه في المُناسبات الوطنية والاجتماعية والأعياد والأعراس.

كما تقيد الجامعات القطرية على الخريجين بارتداء “البشت” في حفل التخرج.

خياطة البشت

يقول أسعد حاج، مسؤول مبيعات في محلات “بشت السالم” للأناضول، إن “عملية خياطة البشت وتطريزه شاقة يعمل عليها 6 أشخاص، كل تطريزة في البشت لها صانع مُعين مُتخصص فيها، خاصة أن الذري (الخيط الذهبي اللامع) به 5 تطريزات”.

ويوضح: “التطريزة الأولى تسمى البرواز، والثانية تسمى التركيب، والثالثة هي السلسلة، والرابعة تسمى الهيلة وتكون في المُنتصف والتطريزة الخامسة والأخيرة تسمى المكسر، وكل واحدة من هذه التطريزات الخمس لها شخص مختص بها”.

وحول المدة التي تستغرقها خياطة البشت يقول: “إذا تواجد خمسة أشخاص لخياطة البشت فخياطته تستغرق من خمسة أيام إلى أسبوع، أما إذا قام صانع واحد بمهام الخمسة، وهذا نادر، فيستغرق البشت منه 20 يومًا “.

وحول نوع القماش الذي يدخل في خياطة البشت: “القماش 3 أنواع صيفي وهي اللندني (نسبة إلى بريطانيا)، والياباني (نسبة إلى اليابان) والنجفي (نسبة إلى النجف العراقية)”.

وأوضح أن القماش “الياباني واللندني صوف خفيف، فيما النجفي كله غزل يد، لذلك البشت المصنوع من القماش النجفي شغل كاملا كله باليد من الألف إلى الياء”.

أما قماش “البشت” الشتوي، بحسب حاج، فيصنع من “وبر الجمل والصوف ومنه أنواع منها وبر مخلوط بالصوف وآخر مخلوط بالقطن”.

ويضيف “أما البشت الربيعي وهو عبارة عن صوف إنجليزي خفيف يُطلق عليه صوف مارينا ويأتينا من اليابان وبريطانيا”.

وبخصوص أسعار البشت القطري يقول حاج إن أسعار البشت الجاهز تبدأ من 300 (82 دولار) إلى 800 ريال (220 دولار).

أما البشت المصنوع يدويا بخياطته وتطريزه بناء على طلب الزبون فتبدأ أسعاره من 1500 ريال (410 دولارات) حتى 7000 ريال (1920 دولار) حسب نوع وجودة القماش والتطريز المستخدم فيه.

إقبال في المناسبات

ويضيف حاج: “في كل عام نجد أن الإقبال متزايد على محلات بيع وتفصيل البشوت في سوق واقف قبل الأعياد والمناسبات مثل الأعراس”.

ويوضح أن الشعب القطري “اعتاد منذ عهد الآباء والأجداد ارتداء البشوت في الأعياد وخلال المناسبات”.

ويلفت إلى أن “المحلات في سوق واقف تتوفر فيها أنواع من البشوت وهو ما يميزها عن باقي المحلات الأخرى ويجعلها مقصداً للمواطنين لشراء وتفصيل البشوت”.

ويشير إلى أن “ارتداء البشت في الأعياد من العادات القطرية المستمرة حتى الآن ويرتديها الآباء من مختلف الأعمار وكذلك كبار السن أيضاً”.

ثقافة البشت

يقول الكاتب القطري عبد العزيز الخاطر، في مقال بعنوان “ثقافة البشت وبشت الثقافة” نشره إعلام محلي: “عندما كنت صغيراً، كنت أصحب والدي- رحمه الله- أحياناً إلى السوق، وأكثر ما كان يشد انتباهي هو رؤية الجميع يلبس البشت في كل مكان من السوق في الدكاكين في الممرات الضيقة”.

ويضيف “حتى في سوق المواشي كنت أرى أهل قطر مطرزين بالبشت أينما ذهبوا أو نزلوا، كان البشت الحد الأدنى من العلاقة في المجتمع، أحسست أنه يمثل النسيج الاجتماعي في حالة تماسكه وقوته”.

ويردف الخاطر في مقاله: “هذه الرمزية للبشت استمرت مع ذلك الجيل حتى بدأ ينقرض، وبالتالي طرأ تحول واضح في رمزية البشت بعد ذلك، فأصبح يمثل مناسبة خاصة”.

(الأناضول)

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية