«اللهم قوي إيمانك!!»… يقولها ساخرا الممثل المصري الراحل سعيد صالح في المسرحية الشهيرة «مدرسة المشاغبين»… تستحضر هذا المشهد وأنت تطالع ما كتبته بعض الصحف السودانية مؤخرا عن الرئيس البشير ساعة إبلاغه بقرار الإطاحة به.
تقول جريدة «الانتباهة» إن المفتش العام للجيش السوداني الفريق أول عبد الفتاح برهان والفريق أول عمر زين العابدين ولواء آخر من الجيش، ذهبوا إلى البشير فجر الخميس الماضي إلى مقر إقامته فوجدوه يستعد لأداء الصلاة. وتضيف «المصادر الموثوقة» للصحيفة أنه بعد صلاة الفجر جلس مبعوثو اللجنة الأمنية العليا إلى البشير وأبلغوه أنّ اللجنة تشعر بخطورة الأوضاع في البلاد ويخشون من خروجها عن نطاق السيطرة وأنّ اللجنة قررت تولي السلطة لفترة محدودة، وأنّه سيكون تحت الإقامة الجبرية. وأشارت الصحيفة إلى أن البشير قابل الأمر بهدوء، وقــال لهــم «خير.. فقط أوصيكم على البلاد والشريعة» قبل أن ينصرفوا.
لا داعي للتوقف عند مدى صدقية هذه الحبكة الدرامية المؤثرة التي تحيلنا لسير الصحابة أو المسلسلات الدينية، ولا داعي كذلك للتوقف عند تلقفها من قبل بعض المغردين المعجبين بالبشير ليقيموا لنا الدليل على مدى ورعه وزهده في السلطة التي لم يبق فيها المسكين سوى ثلاثين عاما لا غير، ولم يتركها إلا بعد أن «اقتلعوه» وفق التعبير الذي استعمله رفاقه لا أعداؤه.
دعنا من كل ذلك، ولنصدق، عن طيب خاطر ساذجة، أن ذلك فعلا ما جرى، وأن البشير قاله حقا صادقا، لا رياء ولا نفاقا.
يوصي البشير أصحابه بالبلاد والشريعة فجمع بذلك بين رضا الناس ورضا رب العالمين وتلك خصلة لا تتاح الحقيقة إلا للخيرين من عباد الله الصالحين أو التابعين من أصحاب الرسول الكريم. ولكن لنرى سريعا ما الذي فعله هو نفسه بالبلاد والشريعة حتى يجد من الوجاهة أن يوصي رفاقه بالسير على نفس هذا الدرب الصالح المستقيم.
بعد ثلاثين عاما من حكم البشير وجماعته ما زال السودانيون يئنون تحت ضائقة معيشية شديدة وارتفاع في الأسعار وتدهور في القدرة الشرائية وارتفاع معدلات البطالة ناهيك عن غياب أية مشاريع تنموية
ما فعله بالبلاد لن تجد أفضل من السودانيين أنفسهم يُسألون عنه، فبعد ثلاثين عاما من حكم البشير وجماعته ما زال السودانيون يئنون تحت ضائقة معيشية شديدة وارتفاع في الأسعار وتدهور في القدرة الشرائية وارتفاع معدلات البطالة ناهيك عن غياب أية مشاريع تنموية. يكفي هنا إيراد رقم واحد يغني عمن سواه من أرقام وإحصاءات فقد كان سعر صرف الدولار الأمريكي عند وصول البشير 12 جنيها للدولار الواحد فصار 72 ألفا عند مغادرته لدرجة أن الحكومة قررت في خطوة محيرة وغير مبررة اعتبار كل ألف جنيه جنيها واحدا، كي تقول إن سعر الدولار الواحد هو 72 جنيها وليس 72 ألفا!! كما ارتفعت أسعار أغلب السلع خلال العام الأخير على الأقل حتى صارت تقفز مرتين أحيانا في اليوم الواحد، ناهيك عن رفع الحكومة يدها تماما عن التعليم والعلاج مقابل توجيه معظم الميزانية للصرف على أجهزة الأمنية والعسكرية التي بلغت نحو 13 جهازا بين رسمي وشعبي. أما عن ارتفاع الفساد فحدث ولاحرج، إنه فساد محمي تقوده أسرة البشير وكبار قادة المؤتمر الوطني والحركة الإسلامية.
لو كان البشير توصّى خيرا بالبلاد، قبل أن يوصي الآخرين بذلك لما خرج مئات الآلاف يطلبون أن «يسقط بس». لو كان رؤوفا بالبلاد لخرج هؤلاء منادين ببقائه لا برحيله!!
أما ما فعله بالشريعة فلم يكن أكثر من تشويه لها وتعريضا لسمعة الدين الحنيف كله للذم والقدح. لم ير شعبه من هذه الشريعة المزعومة سوى بعض المسائل السلوكية الشكلية، كأغلب من يدعي أنه يحكم بالشريعة في بلاده، على غرار جلد بنات في ساحات عامة لمجرد ارتدائهن البنطلون، أو محاسبة هذا أو ذاك وفقا لقانون النظام العام الصادر عام 1991 الذي يحدد مواصفات السلوك العام في الشارع. لم ير البشير أن الشريعة يفترض ألا تتضمن قتل الناس وسجنهم وتعذيبهم إلى درجة أنه بات مطلوبا لمحكمة الجنايات الدولية في جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، وأن هذه الشريعة كذلك لا تنطوي على إفقار الناس وغياب العدالة الاجتماعية وسيطرة المحسوبية بتمكين المقربين أسريا وتنظيميا من مقدرات البلاد في فساد واضح للجميع. هذه الشريعة لا تتضمن أيضا التفريط في نصف البلد لمجرد الطمع في نجاته الشخصية المحتملة من العدالة الدولية، ولا الاستمرار في حرب اليمن بعد أن اتضحت عبثيتها وتزايد سقوط الأبرياء فيها فضلا عن جنوده هناك في ما لا ناقة لهم فيه و لا جمل، وهي طبعا لا تتضمن تعريض شعبه لعقوبات اقتصادية مجحفة لأكثر من عشرين عاما رفع خلالها شعار «المشروع الحضاري» لجماعته قبل أن ينفضح بأنه مجرد دعاية للتمسك بالحكم والضحك على ذقون أبناء وطنه الطيبين.
من لم يرأف بالبلاد والعباد طوال ثلاثين عاما كيف له أن يوصي غيره بذلك وهو أعلم أنه لم يكن لهم أبدا قدوة؟! أما أولئك الذين هللوا لما نشرته الصحيفة السودانية، في تزلف ونفاق مخجلين، فلا يجوز لهم القول ســــوى: «يا جماعة عيب…صلوا على النبي!!».
كاتب وإعلامي تونسي
*على الشعبين(السوداني والجزائري )
النظر (للمستقبل ) وترك الماضي.
(البشير وبوتفليقة) أوراق من الماضي
إنتهت واحترقت ولا فائدة من الحديث عنها..
كل التوفيق للشعوب العربية بغد
مشرق جميل مزدهر .
تحليل لا بأس به. ولكن الخطورة هي محاولات الأعراب وكفلاؤهم في لندن والبيت الأبيض وتل أبيب تدوير الانقلاب العسكري في السودان لتحقيق هدفين: الأول استئصال الإسلام بدعوى أن البشير كان إخوانيا إسلاميا ويحكم باسم الإخوان والإسلام وهو كلام غير صحيح كما أوضح التحليل،وأيضا بدليل أنه انقلب على شيخه حسن الترابي واعتقله. والآخر استغلال بعض القوى العلمانيةلتأييد الانقلاب العسكري وإطالة أمد الفترة الانتقالية المقترحة، لتثبيت الحكم العسكري مرة أخرى بعد تدويره لحرمان الشعب من الحريةوالديمقراطية، واستمرار اللعب بمقدرات السودان،وتفتيت ما تبقى منه طمعا في الثروات الطبيعية والمعدنية المأمولة،ثم الاطمئنان إلى وجود نظام في الجنوب لا يزعج عسكري الشمال الانقلابي الذي يصنع دستورا لتوريث الحكم لأبنائه في أم الدنيا.
أنه بلا شك أحد المستبدين و الجلادين العرب .. و له فضل فقط في تجويع السودان و تقسيمه إلى دولتين ..ومجرد اقتلاعه من السلطة لا يكفي بل يجب محاسبته على جرائمه بحق المواطن السوداني و بحق السودان كدولة أصابها ما أصابها بسبب حكمه الأرعن ..
يجوز أن البشير رئيس فاسد، ويجوز العكس. البشير وفساده (أو عدمه) ومصيره أمر متروك للشعب السوداني. لكن الثابت أنه فاشل وأفشل السودان معه ولا بديل لنهضة البلد غير رحيله هو و نظامه إلى غير رجعة.
ياراااجل ..
لو كان البشير يعلم شئ حقيقي عن الشريعة، لعلم حديث الولاية و الإمارة و انها حسرة و ندامة يوم القيامة الا من أخذها بحقها و أدى الذي عليه فيها.
.
فحين جاء ابو ذر الغفاري إلى النبي ﷺ وقال له ألا تستعملني ؟ قال : إنك ضعيف ، وإنها أمانة ، وإنها يوم القيامة خزي وندامة إلا من أخذها بحقها وأدى الذي عليه فيها
.
هؤلاء مجرد عبيد للولاية و للحكم و كرسيه و إن الولايات وإن طابت لمن ذاقها، فالسم في ذاك العسل.
.
يعوجون كل النصوص و يقولون ما لا يفعلون، و كبر مقتاً عند الله ان تقولوا ما لا تفعلون.
.
عندما أرى و اسمع دكتاتور يتلبس بمسوح الرهبان، اتذكر العنوان الشهير لأحد الأفلام العربية….
الشيطان.. يعظ.
ما أروعك يا أستاذ/محمد،كما عهدناك دائماً أنت ومعظم أقرانك فى قناة المصداقيه والمهنيه (الجزيره)لقد تفوقت على نفسك فى هذا المقال الجامع المختصر المفيد،فاجئتنى بهذه السلاسه والإنسيابيه كأكبر كتاب المقال والتحليل السياسى،تسلم
صدقت ربنا يكرمك يا ريت كل الطغات يقتدادون بمصير هؤولاء ولكن هيهات رب العالمين سوف يخزيهم في الدنيا والآخرة
أوصيكم بالبلاد والشريعة وملايين الدولارات التي أخفيتها في بيتي