استفاق اليوم عشاق كرة القدم على نهاية بطولتين كبيرتين في قارتي آسيا وأفريقيا، وعلى بداية عصر جديد في قوانين اللعبة عبر استحداث بطاقة جديدة في معاقبة اللاعبين الى جانب «الصفراء» و«الحمراء»، وهي البطاقة «الزرقاء».
قد يبدو الامر كوميدياً عند البعض، وربما مثيراً للغضب عند آخرين، لكن صناع قوانين اللعبة في المجلس العالمي لكرة القدم (ايفاب) قرر يوم الجمعة الماضي استحداث البطاقة الجديدة في قوانين اللعبة، وادخالها حيز التنفيذ ضمن نطاق ضيق لتجربة تأثيرها، عبر توسيع استخدامها من مباريات الفئات السنية والاشبال الى فئات أعلى وفي مسابقات أكثر، وبينها مسابقات السيدات، قبل اعتمادها بشكل رسمي من الفيفا في كل مباريات كرة القدم الرسمية.
الهدف المعلن من ادخال البطاقة «الزرقاء» الى ملاعبنا، هو الحد من الاخطاء التكتيكية، والتي يلجأ اليها لاعبو الفرق المهاجمة، الذين يسعون الى الحد من الهجمات المرتدة للخصوم، فيرتكبون أخطاء متعمدة، يراها البعض تستحق اكثر من انذار، أو بطاقة صفراء، وأقل من طرد، أو بطاقة حمراء، فيكون العقاب بالبطاقة «الزرقاء» والتي تعني طرد اللاعب لمدة عشر دقائق من المباراة، قبل ان يعود بعدها، وهو كنوع من العقاب، وأيضا ستكون البطاقة من نصيب اللاعبين الذين يبدر منهم غضب وشتائم تجاه الحكم، والهدف للحد من الانفلات ولفرض الاحترام والالتزام والانضباط على اللاعبين.
حتى الآن لم تعلن أي مسابقة كبرى عن موافقتها على تطبيق القانون الجديد، في حين أكد الفيفا أن التقارير التي تتحدث عن ادخال «البطاقة الزرقاء» حيز التنفيذ في مباريات الكبار هو سابق لأوانه، بل أكد على أن تطبيق الفكرة يجب أن يبقى محصوراً في التجارب في الفئات الدنيا من عالم كرة القدم وضمن نطاق مسؤول، وهو ما سيؤكد عليه المسؤولون في اجتماع كونغرس الفيفا المقبل في مطلع الشهر الجديد، وايضاً خلاله سيجتمع أعضاء «ايفاب» الذين سيناقشون توسيع استخدام هذه البطاقة.
وبحسب «ايفاب» فان استخدام البطاقة «الزرقاء» للمرة الاولى كان في موسم 2018-2019 على سبيل التجربة في 31 مسابقة دوري مختلفة، حيث لوحظ انحفاض 38% من مجموع حالات المخالفات والاعتراض على قرارات الحكام، وفي انكلترا أدخل المشرعون هذه البطاقة حيز التنفيذ في موسم 2019-2020 في مباريات درجات الهواة الخمس، بالاضافة الى درجات دوري السيدات الثلاث، ووجد المشرعون تجاوباً ايجابياً ساهم في التفكير في نشرها على نطاق أوسع.
في حال اعتماد البطاقة «الزرقاء» في المنافسات الكبرى، فانها ستكون المرة الأولى التي يتم فيها ادخال قوانين جديدة، على سلوكيات اللاعبين، منذ عام 1970، عندما تم استخدام البطاقتين الصفراء والحمراء في كأس العالم في ذلك العام. لكن المشكلة تكمن، ليس في استحداث قانون جديد، بقدر ما هو السخط على ما يمثله هذا القانون. ففي حين ان عالم كرة القدم ما زال يعاني من سوء استخدام تقنية فيديو الحكم المساعد (فار)، واللغط الكبير في كيفية أخذ القرارات الصحيحة عبر اللجوء الى هذه التقنية، فان كثيرين يرون ان الأولوية ربما الآن يجب ان ترتكز على تصفية هذه التقنية من أي شوائب، واجادة استخدامها بشكل صحيح ومثالي يخدم مصلحة كرة القدم، قبل التفكير في تقديم فكرة جديدة وقانون آخر يجر الحكام والمشجعين والمتابعين الى متاهات وصراعات وتأويلات لا أول لها ولا آخر، فاستخذام البطاقة «الزرقاء» سيجر السؤال عن نجاعة الاستخدام، وعن عدد مرات الاستخدام، لنفس اللاعب او للاعبين آخرين في المباراة ذاتها، قبل أن يبرز السؤال المهم: ما مشكلة البطاقتين الصفراء والحمراء؟ وماذا لو ارتكب لاعب خطأ يستحق عليه بطاقة «زرقاء» قبل 7 دقائق من نهاية المباراة؟
قبل نحو عقدين انتشرت فكرة البطاقة «البرتقالية» التي كانت تمثل حالة الوسط ما بين معاقبة اللاعب بانذار شديد اللهجة، أو اكثر من بطاقة صفراء، وبدرجة أقل من حالة الطرد أو البطاقة الحمراء، أي في حالة أن يكون اللاعب معه بطاقة صفراء، وبعدها يرتكب خطأ سخيفاً مثل تشتيت الكرة بعيداً بعد صافرة الحكم، او نزع فانلته بعد تسجل هدف، ما يستحق عليه بطاقة صفراء، لكن هذا يعني طرده لأنها ستكون البطاقة الصفراء الثانية، فحينها البطاقة الحمراء او حالة الطرد ستكون مجحفة، فاقترح استخدام البطاقة «البرتقالية» كانذار نهائي، وربما هو اقتراح أكثر منطقية وخدمة للعبة من حالات طرد مؤقتة لعشر دقائق.
البطاقة «الزرقاء» لن تجلب الا المزيد من الجدل والارباك في وقت اللعبة بحاجة فيه الى ما هو عكس ذلك، في ظل تخبطات استخدام «الفار»، والرعب الذي يعيشه الحكام في كل مباراة، فكيف سيكون الوضع باضافة عبء آخر على كاهلهم؟