يختصر القيادي في جماعة الأخوان المسلمين المصرية محمد البلتاجي مسافة كبيرة نحو وجع الأمة الحقيقي وهو يخاطب أبنته الشهيدة أسماء التي قتلت في أحداث ميدان رابعة واعدا أن يقضي معها المزيد من الوقت في الجنة يوم القيامة.
رسالة الرجل لإبنته الشهيدة مؤثرة وإنسانية وتظهر حجم اللوعة عند اب أجبرته الظروف على فقدان إبنته الطفلة عمليا.
الموت لا يستحق إلا الإزدراء ورسالة البلتاجي لإبنته مع الإحترام الشديد لدلالاتها الأبوية وإشاراتها العاطفية تظهر حالة من تمجيد الموت على حساب الحياة.
القتل لا دين ولا طائفة ولا عشيرة له فالجريمة تبقى جريمة سواء إرتكبها جنرال مصري أو أخ مسلم أو إرهابي أو متطرف أو إسرائيلي أو أمريكي.
هنا مكمن الوجع فنحن أمة أظهرت صولاتها وجولاتها الأخيرة اننا نتفنن في تمجيد الموت دون أن نتقن فن الحياة.
لدى الشعوب العربية فائض عجيب من العنف والقسوة والغلاظة والرغبة في الإقصاء يمكنه أن يتكفل بكل أعداء الأمة ويصلح كل أحوالها لو قيض له الإتجاه في المسارات الصحية والصحيحة حيث الإيجابية والبناء والشراكة والمصير الواحد.
إسلاميون ويساريون وتقدميون وسلطيون كلنا نعلي بشكل غريب من قيمة العنف والسلبية نحو الحياة فنمجد الموت على حساب الحياة ونكرس الإقصاء على حساب الشراكة ونجعل الفرقة والثأر والإنتقام ورد الفعل قيمة تستحق الإستشهاد من أجلها.
الطفلة أسماء كغيرها من الأموات المجانين في مصر غدروا فجأة وقتلوا بدون ذنب وقصتها تكمن في أنها صبية مثل الوردة قتلتها خيارات والدها وقتلت بعدما وجدت نفسها في مربع محاصر بآلة فتاكة قررت فجأة إخضاع الأخوان المسلمين وإخراجهم من المعادلة وهي آلة دعمتها قوى معادية للإسلام والمسلمين وللأمة العربية ولمصر ولشعبها ومدعومة بالمال الخليجي.
أسماء البلتاجي لم يكن ينبغي أن تموت من حيث المبدأ عبر التقدم خطوات نحو الموت بهذه الطريقة والجلوس في وسطه وكان ينبغي لها أن تقضي المزيد من الوقت بصحبة والدها في الدنيا وبهدوء.
وجه الشهيدة رحمها الله- يعج بالحياة وعيونها تضربنا يوميا بسياط السؤال البشري الأزلي القرآني الكريم: بأي ذنب قتلت؟
رسالة البلتاجي لإبنته القتيلة موجعة جدا لكن من قتل الصبية الطيبة المبتسمة التي عرف بها العالم فقط بعد مقتلها ليس فقط تلك الرصاصة الحكومية التي إستقرت في رأسها أو قلبها.
حالتنا الثقافية قتلت أسماء ودمها الزكي في أرقابنا جميعا ولا نستثني خيارات والدها الشخصية فالفتيات اللواتي في عمر أسماء البلتاجي مكانهن الطبيعي المدارس وصفوف العلم وخدمة المجتمع في بلد مستقر وآمن يتطلع للمستقبل.
بصراحة أنا ضد الإنقلاب في مصر وضد محاولات إقصاء الأخوان المسلمين لكن لم تعجبني رائحة تمجيد الموت في رسالة البلتاجي لإبنته الشهيدة .
وكنت أفضل أن يجد البلتاجي والسيسي وأقرانهما طريقا للتفاهم يضمن لأسماء وبنات جيلها ولجميع شباب مصر دربا للحياة والمستقبل يخلو من الضغينة والفرقة والإنقسامات ويؤمن بالوحدة الوطنية .
لا تعجبني إطلاقا موسيقى تمجيد الموت وإقصاء الحياة في خطاب التيارات الإسلامية .
وبنفس القدر تبدو إشارات الإستعداد لقتل الأخوان المسلمين وتصفيتهم وإستئصالهم من جذورهم عند السلطات الإنقلابية أو عند خصومهم في التيارات الأخرى مساوية تماما بالمقدار وإن كانت معاكسة في الإتجاه لفكرة التلذذ بالموت والقتل والإستهداف.
رائحة الموت تجد من يمجدها الان بيننا في كل مكان في مصر وسوريا والعراق وفلسطين وغزة والعنف له عدة عشائر وتنتمي له عدة قبائل وتسانده العديد من الطوائف وينظر له مثقفون ينبغي أن تكون مهمتهم المقدسة هي تسويق الحياة فينا لا الموت وثقافاته المتعددة.
استمعت عدة مرات لأشرطة كاسيت {فلسطينية} فقدت المساحة الفاصلة في رسالتها الضمنية ما بين تعزيز فكرة المقاومة وتمجيدها وبين الترويج لثقافة الموت فأفلتت الأولى وتكرست الثانية وبالنتيجة خسرت فلسطين.
هذه الأشرطة تروجها أوساط تعليمية في الكثير من المدارس في غزة وعمان.
وإستمعت لخطابات زعماء ورموز بينهم الشيخ حسن نصر ألله ونوري المالكي وغيرهما وكانت دوما رائحة تمجيد الموت والإشادة به في ثنايا الخطاب وبين مفرداته جالسة بوقار على حساب برنامج الدعوة للحياة.
الشهداء هم أنبل ظاهرة عندما يتعلق الأمر بعدو الوطن ومعارك الإستعمار وإحتلال الأوطان لكن هذا النبل يتم خدشه يوميا في إستعارات يومية متكررة تتغطى بفكرة الشهادة بينما تروج في الواقع لجعل الموت قيمة ينبغي أن يسعى لها الإنسان العربي أو المسلم.
لدينا فائض عجيب من الذين يروجون لثقافة الموت او يظهرون الإستعداد للموت في معارك وهمية ضد الأخ والشريك والنظير والجار.
وهي معارك يفرضها الأخرون مقابل ندرة في العلماء والفنانين والمثقفين الكبار والفلاسفة والجنرالات الحقيقيين ورجال الدولة ونجوم الرياضة.
ولدينا فائض من أصحاب لقب {أمير} الذين يدفعون المليارات لترويج الموت بإسم إستقرار النظام العربي الرسمي البائس مقابل ندرة في الأمراء والزعماء الذين يمكنهم إشعال ولو عود ثقاب على طريق التحضر والمدنية والإيمان بان حياة الإنسان هي القيمة الأغلى.
شعوب العرب تتطاحن وتشعل النار في بعضها البعض بينما تنشغل شعوب أخرى في التقدم والإستقرار والإبداع في مجالات صناعة الحياة التي نفتقدها في عالمنا العربي.
لدينا أوطان محتلة وشعوب في الدرك الأسفل من الفقر والحاجة والجهل والظلم والتعسف والإستبداد..هذه معارك تستحق تمجيد الحياة من أجلها لا الموت.
لا يوجد سبب عقلاني أو بشري يدفعنا للقبول بالموت المجاني في أي مكان.
ولا يوجد سبب لموت نخبة من شباب الشرطة المصرية بالطريقة المقيتة التي حصلت فهذه أيضا جريمة نكراء لا يمكن تبريرها بأي حال فهؤلاء أيضا مثل أسماء البلتاجي لديهم احلام وطموحات وكان ينبغي أن لا يتم الزج بهم في معركة الموت والإنفلات التي تجتاح مصر العزيزة التي علمتنا على مدار عقود كيف تكون الحياة أبهى وأجمل.
مرتكب جريمة القتل الجماعية ضد شباب الشرطة المصرية بصرف النظر عن هويته ومبرراته وخلفياته يوجه لنا رسالة واضحة وبسيطة يقول فيها : أنا عدو الحياة وهي رسالة إجرامية بإمتياز لا يمكنها ان تكون بمثابة الكلمة الأخيرة في بلد عملاق كمصر.
ويمكن القول بضمير مرتاح بان نفس الرسالة وجهت لنا عندما قتل أكثر من 50 مواطنا مصريا على أسوار أحد السجون فالموت هو الموت سواء تسبب به بسطار العسكر أو ذهنية من يعتقدون أنهم يسلبون الحياة بإسم الله والسماء .
لم نصل بعد لنهاية المطاف وعلى جميع دعاة الحياة في التيار الإسلامي وخارجه التوحد معا في المعركة الحقيقية التي تواجه اليوم الأمة العربية والإسلامية وهي هزيمة ثقافة الموت.
استاذ بسام
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ارجوك فليتسع صدرك لما ساكتبه عن معارضة لما كتبته فوق
نحن اي المسلمون من نفس الوجع نتنفس فاي حياة نرنوها إن كانت مسيجة بسياج الاستعمار وبساطير الغرب ومداهنة المنافقين وغدر اللئام
اعتقد انك اب وان الدنيا لن تسعك إن شاكت ابنتك شوكة فكيف ان سوغت لنفسك حجة قتلها بدعوى تمجيد الموت كما كتبت.
اعتقد ان الاسلام يحرك في الانسان مشاعر العزة والإباء وانها ليست مقصورة على رجل او امراة شاب ام فتاة فكلنا في الهم اسلام
عندما ترى انظمة تتشدق بالديمقراطية وتقول اننا مع التعبير السلمي ثم تسلب منك الحرية والديمقراطية التي يمجدونها في لحظة اشبه بالكابوس فكيف تامن على نفسك وعائلتك في مثل هذه الاحتفاليات بموت الحرية وبعث العبودية مرة اخرى .
من قال لك ان اي انسان مسلم يفرح بموت ابنته وابنه ,ولانه مسلم فهويعرف اي معنى يضيفه الاسلام للحياة وطيف يحافظ على حياته.
واسالك سؤالا واحداً او لا استطيع سؤالك لانك لن تستطيع الاجابة عليه لاننا مسلوبوا الحرية في بلداننا العربية وانا وانت من نفس الخارطة والهم ولكني سأكتبه على اي حال.
لو قدر لك ان تعيش نفس الظرف الذي عاشه محمد البلتاجي فماذا ستعلم ابناءك وما ستكون خياراتك , هل ستمنعهم الاباء والكرامة بدعوى الحفاظ على نفس في زمن الاستسلام ام انك ستصنع صنيعه؟
لطالما علمت من كتاباتك انك انسان طاهر
فلك مني كل الاحترام والتقدير
اسماء لم تنتحر
اسماء احبت الحياه
اسماء قتلها اعداء الحياه والانسان
اسماء قتلها من يعتبر الحياه جناح بعوضه
اسماء قتلت لتمنح الحياه للاخرين
مقالة جميلة جدااا و اكثر من رئعة ومنصفة
لا اتفق مع ماذكرت .. لم يكن احد في مصر او في العالم اجمع ان يتم قتل أسماء وغيرها من الشهداء يتم غدرهم غيلة وبهذه القسوة .. وحرق جثثهم .. نسال الله ان يتقبلهم شهداء عنده وان يدخلهم الفردوس الاعلي وان يجعل دمهم لعنة علي من غدر بهم
. كلامك رائع.لكن هل كان فعلا منع الموت عن اسماء وغيرها؛ وكما يقال القوي عايب.لا لنا الا ان نقول حسبنا الله ونعم الوكيل…نحن متفرجون نتابع ولا نعلم حقيقة ما يحصل.
بسم الله الرحمان الرحيم
قال عز وجل “وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ”سورة البقرة الآية ١٧٩
سامحك الله لقد ظلمت البلتاجي كثيرا
ولا تحسبن الذىن قتلوا فى سبىل اللة امواتا بل احىاء عند ربةم ىرزقون
1.نبرة علمانية جافة! الحديث عن الموت والآخرة ليس عيبا وليس تحريضا عن القتل، فالموت حق والحياة الآخروية حق، وهو جزء من ديننا كما هو الحال بالنسبة للأديان الأخرى، والتمسك بالامور المادية وتفادى الحديث عن الاخرة لن يحقن الدماء، والدليل على هذا هو المجازر والحروب التي تحدث في البلاد الملحدة والكافرة في العالم.
2. الرجل تحدث عن حياة ابنته في الجنة كونها كما يحسبها ونحسبها شهيدة، وهذا اقتداء بما قاله الله في القرآن الكريم من أن الشهداء أحياء عند ربهم يرزقون.
3. البلتاجي والأخوان لم يقصوا أحد بل تم أقصائهم، فلقد فازوا في 5 استحقاقات انتخابية نزيهة، وحاولوا التعاون مع الكل ولكن العميقة والعلمانيين والعسكر هم الذين رفضوا التعاون مع الأخوان وشنوها شعواء عليهم.
4. عن أي حوار ومشاركة تتحدث ؟ هل هناك حوار ممكن مع عصابة السيسي التي قتلت وسجنت وعذبت الآلاف بدم بارد؟!! فليطلقوا السجناء أولا وليسمحوا بحرية التعبير عن الرأي حتى يكون عناك حوار.
5. حتى وأن فرضنا أن العسكر والعلمانيون يريدون حوارا فإن الحوار معهم غير جائز أبدا بعد ما فعلوه، بل يجب القصاص أولا، لأنهم عصابة ارهابية اختطفت الحكم وخطفت الرئيس، والحوار مع الارهابيين سيشجعهم على المزيد من الارهاب.
5. البلتاجي والاخوان لم يدعوا للمظاهرات والاعتصامات من أجل السلطة، والناس لم تخرج من أجل الأخوان، بل الجميع – الناس والأخوان- خرجوا لحماية الحرية والانسانية والاسلام. ولذلك فالأمر أكبر من البلتاجي وأكبر من المكاسب المادية، إنها مسالة حرية وكرامة وكان على أسماء وغيرها الاستشهاد لأن الحرية والحقوق التي سلبت بالقوة لا تحصل إلا بالدماء وليس برقصة الكان كان.