الخرطوم: أوقف البنك الدولي، اليوم الأربعاء، صرف أي مبالغ لجميع العمليات في السودان بعد سيطرة الجيش على السلطة من حكومة انتقالية بينما انضم عمال شركة نفطية حكومية وأطباء وطيارون للجماعات المدنية التي تعارض الانقلاب.
وكان الآلاف خرجوا إلى الشوارع منذ الانقلاب الذي قاده يوم الإثنين قائد القوات المسلحة الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان وسقط عدد منهم قتلى في اشتباكات مع قوات الأمن.
وعزل البرهان المجلس المشترك بين المدنيين والعسكريين الذي تأسس لتوجيه البلاد نحو انتخابات ديمقراطية في أعقاب الإطاحة بالرئيس السابق عمر البشير في انتفاضة شعبية في أبريل نيسان 2019.
ودافع البرهان، أمس الثلاثاء، عن سيطرة الجيش على السلطة وقال إنه عزل الحكومة لتجنب حرب أهلية. لكن قرار البنك الدولي وقف المدفوعات والتوقف عن التعامل مع أي عمليات جديدة يعد انتكاسة لخطط البرهان في واحدة من أفقر دول القارة الأفريقية.
قرار البنك الدولي وقف المدفوعات والتوقف عن التعامل مع أي عمليات جديدة يعد انتكاسة لخطط البرهان في واحدة من أفقر دول القارة الأفريقية
وكان السودان، بعد عزلة عن النظام المالي العالمي لثلاثة عقود من حكم البشير، قد تمكن من استعادة التعامل الكامل مع البنك في مارس/ آذار، وحصل منه على تمويل بقيمة ملياري دولار.
وقال ديفيد ملباس رئيس البنك الدولي في بيان من واشنطن “أشعر بقلق بالغ من الأحداث الأخيرة في السودان وأخشى من الأثر الحاد الذي يمكن لذلك أن يلحقه بتعافي وتنمية البلاد اجتماعيا واقتصاديا”.
وتابع قائلا “نأمل في استعادة السلام ومصداقية العملية الانتقالية، حتى يتسنى للسودان أن يستأنف طريق التنمية الاقتصادية ويحتل مكانه المستحق في المجتمع المالي العالمي”.
وكان عبد الله حمدوك، رئيس الوزراء في الحكومة الانتقالية التي حلها الجيش، قد وصف العودة للتعامل مع البنك الدولي بأنه إنجاز كبير وكان يعتمد على التمويل منه لتنفيذ العديد من المشروعات التنموية الكبرى.
ونفذت الحكومة إصلاحات اقتصادية قاسية نجحت في تقليص سريع للمدفوعات المستحقة على السودان وتخفيف عبء الديون وجددت التمويل من البنك الدولي وصندوق النقد.
خرجت احتجاجات متفرقة في الخرطوم، اليوم الأربعاء، ولم ترد أنباء عن سقوط مصابين أو قتلى فيها.
وفي أحد أحياء الخرطوم شوهد جنود وأفراد مسلحين يرتدون ملابس مدنية وهم يزيلون متاريس أقامها المحتجون.
وعلى بعد بضع مئات من الأمتار خرج شبان لإقامة متاريس من جديد بعد دقائق. وقال أحدهم “نريد الحكم المدني. لن نمل”.
وفي مدينة عطبرة شمال شرق البلاد، نظم محتجون مسيرة وهتفوا بسقوط النظام العسكري.
وكانت جماعة من لجان الأحياء في الخرطوم أعلنت خطة لإقامة مزيد من المتاريس وتنظيم الاحتجاجات تصل إلى ذروتها يوم السبت في “مسيرة مليونية”.
وأعلن عمال شركة سودابت النفطية الحكومية والأطباء في السودان، اليوم الأربعاء، أنهم سينضمون إلى حركة الاحتجاجات على الانقلاب العسكري الذي عطل مسيرة انتقال البلاد إلى الحكم الديمقراطي.
كما أضرب طيارون من الخطوط الجوية السودانية، الناقل الوطني، عن العمل وفقا لما أعلنه الاتحاد الممثل لهم كما أضرب طيارون من ناقلتين محليتين أيضا.
وتوقف موظفو البنك المركزي عن العمل في انتكاسة جديدة للأنشطة الاقتصادية في البلاد.
كما أعلن الأطباء أنهم سيشاركون في الإضراب. وقال المكتب الموحد للأطباء المؤلف من نقابات مختلفة إن الأطباء سيبدأون إضرابا عاما في مختلف أنحاء السودان عملا بوعد سابق بالإضراب في حالة وقوع انقلاب.
وتعرض تقاسم السلطة بين الجيش والمدنيين لضغوط متنامية بسبب ملفات منها تسليم البشير وآخرين للمحكمة الجنائية الدولية لمواجهة اتهامات بارتكاب فظائع في دارفور. وخدم القادة العسكريون الذين يحكمون السودان حاليا في دارفور أيضا.
وقال البرهان، أمس الثلاثاء، في أول مؤتمر صحافي يعقده منذ الانقلاب إن الجيش لم يكن أمامه خيار سوى التحرك لتحييد الساسة الذين قال إنهم يؤلبون الشعب على القوات المسلحة. وأضاف أن تحرك الجيش ليس انقلابا.
ويوم الثلاثاء أيضا أعيد رئيس الوزراء عبد الله حمدوك إلى بيته تحت حراسة مشددة بعد أن ظل محتجزا في منزل البرهان منذ يوم الإثنين.
تعكس الأحداث التي يشهدها السودان، ثالث أكبر الدول الأفريقية، ما شهدته دول عربية أخرى شددت فيها المؤسسات العسكرية قبضتها على الأوضاع في أعقاب انتفاضات.
وقالت ويلو بيريدج الخبيرة في الشأن السوداني بجامعة نيوكاسل إنه سيكون من الصعب على البرهان والجيش قمع الحشود الشعبية المنتشرة في الشوارع لمناهضة الانقلاب بسبب وجود لجان مقاومة في أحياء كثيرة.
وأضافت “أكبر مخاوفي هو أنه سيستند أكثر إلى الشرعية الوحيدة التي يمكن أن يعول عليها وهي العنف. وهذا خطر شديد”.
وتربط البرهان علاقات وثيقة بالدول التي عملت على الحد من نفوذ الإسلاميين واحتواء تداعيات انتفاضات الربيع العربي عام 2011 ومنها الإمارات والسعودية ومصر.
تربط البرهان علاقات وثيقة بالدول التي عملت على الحد من نفوذ الإسلاميين واحتواء تداعيات انتفاضات الربيع العربي عام 2011 ومنها الإمارات والسعودية ومصر
ورغم أن دولا غربية نددت بالانقلاب العسكري فقد دعت تلك الدول العربية جميع الأطراف إلى إبداء ضبط النفس.
كما كان البرهان في الصدارة في الخطوات التي أخذتها الخرطوم لتطبيع العلاقات مع إسرائيل.
وقال شارون بار لي نائب المدير العام لشؤون أفريقيا في وزارة الخارجية الإسرائيلية للإذاعة الإسرائيلية يوم الثلاثاء إن من السابق لأوانه معرفة ما إذا كانت التطورات في السودان سيكون لها عواقب على التطبيع.
وقال الاتحاد الأفريقي في بيان بتاريخ الثلاثاء إنه علّق مشاركة السودان في جميع الأنشطة حتى عودة السلطة التي يقودها المدنيون.
وقال المواطن السوداني محمد علي “في الوقت الحالي لأن الجيش يمسك بالسلطة الآن فقد أوقف المسار وعاد بنا إلى المربع الأول لكن هذا غير مقبول لنا”.
(رويترز)
المجرم الذي تلوثت يداه بدماء شعبه واخرج الجنود ليضربون البنات والرجال ضربا مبرحا واجب بل فرض عين علي الشعب محاكمته شعبيا وفي الميادين