عمان – رويترز: قال محافظ البنك المركزي الأردني إن تكلفة استضافة مئات الآلاف من اللاجئين السوريين تحد من قدرة الاقتصاد على تجاوز معدل النمو السنوي المستهدف الذي حدده صندوق النقد الدولي بين ثلاثة بالمئة و3.5 بالمئة في العامين المقبلين.
وقال المحافظ زياد فريز يوم الثلاثاء إن الضغط على الموارد الاقتصادية المحدودة، وارتفاع الإنفاق العام بسبب وجود أكثر من 600 ألف لاجئ في الأردن، بعد فرارهم من العنف في سوريا يعوق الاقتصاد المثقل بالديون والذي يتعرض أصلا لضغوط شديدة على الميزانية.
وقال فريز إنه من المنتظر أن يؤثر اللاجئون السوريون على النمو بمقدار نقطتين مئويتين على الأقل، إذ أنه كان يتوقع تحقيق نمو بنسبة خمسة بالمئة لولا توافد هؤلاء اللاجئين. وأوضح أن الاقتصاد سيواصل النمو بما بين ثلاثة بالمئة و3.5 بالمئة.
وتوافق هذه التوقعات المعدل الذي يتوقعه صندوق النقد الدولي بدعم من التمويل الخليجي لمشروعات جديدة للبنية التحتية وتزايد الثقة في الاقتصاد المحلي.
وقال فريز في مقابلة في إطار ‘قمة رويترز للاستثمار في الشرق الأوسط’ إن اللاجئين السوريين لهم تأثير هائل على الاقتصاد بشكل مباشر وغير مباشر، إذ يؤثرون على الموارد في المدى القريب والبعيد وعلى الإنفاق والبيئة.’
والأردن واحد من أربعة بلدان لها حدود مشتركة مع سوريا تدفق عليها اللاجئون. ويوجد في الأردن نحو ثلث العدد الإجمالي للاجئين الذي يزيد على مليونين.
ويشكل هؤلاء اللاجئون الآن نحو عشرة بالمئة من مجموع سكان الأردن.
وفضلا عن انخفاض المساعدات الأجنبية، وارتفاع الإعانات الاجتماعية وتكلفة واردات الطاقة، شهدت المملكة أزمة مالية حادة العام الماضي أجبرتها على أخذ قرض بقيمة ملياري دولار من صندوق النقد الدولي.
وتفاقمت مشكلات الأردن الاقتصادية بعد عام 2011، حين أجبرها انخفاض حاد في إمدادات الغاز المصري الرخيصة التي كانت تستخدمها لتوليد معظم إنتاجها من الكهرباء على دفع 2.5 مليار دولار إضافية سنويا لشراء الديزل والوقود من الأسواق العالمية.
وقال فريز، الذي التقى في وقت سابق هذا الشهر بمسؤولين كبار في صندوق النقد الدولي على هامش اجتماعات البنك الدولي والصندوق في واشنطن، إن الأردن يحتاج مساعدات أجنبية إضافية حتى يستطيع تنفيذ إصلاحات اقتصادية صعبة، وتخفيف الأثر السلبي لتدفق اللاجئين السوريين الذي تتسارع وتيرته.
وخفف صندوق النقد هذا الشهر بعض المستويات المستهدفة في خططه التقشفية للأردن وخطة رفع أسعار الكهرباء، في إطار برنامج القرض الذي تبلغ مدته ثلاث سنوات نظرا لتأثير الأزمة السورية وضرورة الحفاظ على الاستقرار الاجتماعي.
وقال فريز إن عجز الميزانية يبلغ نحو تسعة بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي، لكن المشكلة الكبرى هي فجوة التمويل الناجمة عن خسائر ثقيلة في شركة الكهرباء الوطنية الأردنية.
وذكر محافظ البنك المركزي أن سندات دولية مدعومة من الولايات المتحدة وقيمتها 1.25 مليار دولار لأجل سبع سنوات – كان قد تم الاتفاق في آب/أغسطس الماضي على طرحها في الأسواق العالمية الشهر المقبل – ستساعد في سد الفجوة التمويلية التي أجبرت الحكومة على زيادة الاقتراض من البنوك المحلية.
وقال فريز إن الأمر يتوقف على التصنيف الائتماني الأمريكي، وليس الأردني، وإن تصنيف السندات سيكون أعلى من تصنيف السندات الحكومية الأمريكية.
وذكر فريز أن الأردن تبنى سياسات صحيحة للحد من الإنفاق وإفساح المجال للقطاع الخاص، وهو ما جعل متانة الاقتصاد واضحة جدا مع ظهور علامات على التعافي من انخفاض حاد للتدفقات الرأسمالية من الاستثمار والسياحة وتحويلات العاملين في الخارج في 2011.
وتضاعفت الاحتياطيات الأجنبية للأردن إلى المثلين في العام الحالي فقط، بدعم من المساعدات الخليجية وتزايد الثقة في العملة المحلية وتبلغ حاليا 11 مليار دولار.
وقال فريز إن مستوى الاحتياطيات مقبول، وإن الطلب على الدينار الأردني يتزايد. وأضاف أن الناس كانوا يحولون الدينارات إلى دولارات في العام الماضي، لكنهم يفعلون عكس ذلك في العام الحالي وهو ما قد يجذب مزيدا من الاستثمارات للبلاد.
وانخفضت الدولرة أيضا إلى 20 بالمئة من 27 بالمئة.
وبفضل تزايد الاحتياطيات الأجنبية بدأ البنك المركزي في آب تيسير السياسة النقدية لأول مرة في أكثر من عامين إذ خفض أسعار الفائدة الرئيسية 50 نقطة أساس (نصف نقطة مئوية، في خطوة تعكس مزيدا من الاستقرار بعد أن كان قد رفع الفائدة لحماية الاقتصاد من هروب رؤوس الأموال.
وعبر فريز عن أمله في أن تتجاوب السوق مع خفض أسعار الفائدة. وقال إن البنك المركزي ضخ مزيدا من السيولة في النظام المصرفي من خلال سلسلة من الأدوات النقدية، من بينها شراء السندات، وهو ما ساعد على تحفيز النمو البطيء للقطاع الخاص والمحافظة على النمو في العامين الماضيين بالرغم من الصدمات الخارجية.
وذكر محافظ البنك المركزي أن الضغوط التضخمية تتراجع على ما يبدو، إذ من المتوقع أن ينخفض معدل التضخم السنوي إلى نحو خمسة بالمئة بنهاية العام من ستة بالمئة في الوقت الراهن إذا استمر الاتجاه النزولي الشهري.
وعبر فريز عن تقييم مشابه لنظرة صندوق النقد، التي ترى أنه بالرغم من استمرار حالة عدم اليقين بشأن تأثير الدمار في سوريا على الاقتصاد الأردني والضغط على الموازين المالية والخارجية، فإن العوامل الأساسية الجيدة للاقتصاد الكلي تسمح للأردن بتحمل الاضطرابات الإقليمية.
وقال فريز إن الاقتصاد الأردني سيظل قادرا على مواجهة التحديات وإظهار متانته بالرغم من الصدمات الخارجية.