الناصرة- “القدس العربي”:
بعدما سارع رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو للإعلان أنه ذاهب لطرح ضم الأغوار والمستوطنات في جلسة الحكومة الأحد، تم بعد ساعات محو تغريدة بهذا الخصوص نشرها مستشاره الإعلامي الذي عاد وأوضح أن اعتبارات تقنية اقتضت التأجيل، لكن جهات أمريكية كشفت الخميس الحقيقة بأن البيت الأبيض يعارض ضمّاً فوريا، ويدعو دولة الاحتلال للانتظار لما بعد الانتخابات العامة في 2 مارس/ آذار القادم.
وقالت إذاعة الجيش على لسان مراسلها المرافق لنتنياهو في طريق عودته من واشنطن الخميس، إن هناك أجواء إحباط في محيط نتنياهو من “تغير الموقف الأمريكي”.
ونوهت إلى أن نتنياهو يحاول تصحيح الأمور واستعادة أجواء الابتهاج والمعنويات لدى أوساط الإسرائيليين من خلال تعريجه على موسكو من أجل إطلاع الرئيس بوتين على تفاصيل “صفقة القرن”، موضحة أن هدفه الحقيقي من زيارة روسيا الخاطفة هو اصطحاب فتاة إسرائيلية تم إطلاق سراحها الخميس من السجن الروسي بفضل تدخله، بعدما أدينت بتهريب حشيش وحكم عليها قبل عشرة شهور بالسجن سبع سنوات.
وعبر عن الموقف الأمريكي المستشار الخاص للرئيس الأمريكي وصهره جارد كوشنير الذي قال في حديث إعلامي مع موقع “موقع غـزيرو” الإخباري الأمريكي، مع أنه ينبغي أن تكون حكومة في إسرائيل أولا قبل التقدم بـ”صفقة القرن” محذرا من أن أي محاولة ضم الآن لن تحظى بدعم الولايات المتحدة.
يشار إلى أن السفير الأمريكي في القدس المحتلة ديفيد فريدمان سبق وقال يوم الثلاثاء الماضي، إنه بمقدور إسرائيل إحالة سيادتها على المستوطنات متى شاءت.
وأوضح كوشنر أن نتنياهو بحال قرر الإقدام على الضم قبل انتخابات الكنيست الـ23 فلن تدعمه الولايات المتحدة، وهذه المرة الأولى التي يقول فيها مسؤول أمريكي بوضوح إن البيت الأبيض يفضل ألا تضم إسرائيل المستوطنات في المدى الفوري.
وتابع كوشنر: “سنقيم طاقم عمل تقنيا لبحث الخرائط ونبدأ العمل الآن ونتوصل لموافقات بعد انتخابات الكنيست وسنرى ماذا سيحدث فنحن بحاجة لحكومة منتخبة في إسرائيل كي نتقدم”.
ونقلت صحيفة “معاريف” عن مسؤولين أمريكيين محجوبي الهوية قولهم إنهم يعارضون عمليات ضم إسرائيلية قبل الانتخابات، وقالت إنه تم إطلاع رئيس حزب “أزرق- أبيض” بيني غانتس على ذلك خلال زيارته لواشنطن في مطلع الأسبوع الجاري.
وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق إيهود أولمرت إن الاعتبارات الانتخابية والشخصية هي الأقوى في اعتبارات كل من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ورئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو.
وتابع: “لا أدير معارك ضد رئيس الولايات المتحدة ولكن لا أعرف علامَ هذه العجلة لطرح اتفاق سلام الآن قبل أسابيع من انتخابات الكنيست. لست واثقا أن مصلحة إسرائيل أن تقوم أمريكا بإعداد مبادرات سلام للأطراف فلماذا لا نعدها نحن كما فعلت أنا. علينا أن نبادر نحن لمبادرة التسوية ونشرك الجانب الفلسطيني وهو جانب مساو لنا في إدارة المفاوضات ثم نتوصل لاتفاق. يزعجني هنا أمر واحد هو أن الاتفاق ينبغي أن يكون بيننا وبين الفلسطيني ولا أفهم لماذا لم يسع أحد لاستحضار الفلسطينيين لهذا العرض الذي شاهدناه مع نتنياهو وغانتس”.
إيهود أولمرت: لا أفهم لماذا لم يسع أحد لاستحضار الفلسطينيين
وأضاف أنه لا يمكن توقع رد من الفلسطينيين وأمريكا تعمل لصالح طرف واحد. فاتفاق سلام ينبغي أن يكون مقبولا عند الطرفين أو يكونا مترددين حياله ولا بمكن أن تبدو أنها تلبي أهواء طرف واحد فهو قريب لإسرائيل كما يتجلى في القدس. لم أفهم قول ترامب حول القدس إنها ينبغي أن تبقى موحدة من جهة، ومن جهة ثانية يقول إن القدس الشرقية عاصمة للدولة الفلسطينية.. ربما بالمناسبة يعتقد ترامب مثلي أن القدس هي ليست الشيخ جراح وشعفاط وأبو ديس والعيزرية، إنما هي القدس الغربية وهي لا تبقى مقسومة والبقية تكون عاصمة فلسطينية لأنه قال القدس الشرقية هي عاصمة الدولة الفلسطينية. إذا كان الأمر كذلك فهذا أمر مختلف وعندها فالأمور غير واضحة. لم أسمع غانتس يعتبر صفقة القرن فرصة تاريخية بل قال إنها تشكل أساسا لمفاوضات ولا اعتقد أن هذه عملي وأن هذا ممكن”.
وتابع: “علينا البحث في كل ذلك بعد الانتخابات وعلينا أولا طرد نتنياهو، فمن يتوهم بإمكانية وجود سلام مع بقاء المستوطنات فهو يتبنى رؤية غير واقعية”.
ذكريات مع الرئيس عباس
وقال أولمرت إنه اقترح ما اقترحه على الرئيس عباس من منطلق مصلحة إسرائيل والمبنية على فصل تام بين الإسرائيليين والفلسطينيين، معتبرا أن هناك هوة كبيرة بين “صفقة القرن” وبين ما عرضه هو بنفسه قبل 2009، مدعيا أنه عرض 95% من الضفة الغربية على السلطة الفلسطينية علاوة على الحرم القدسي الشريف وديعة بيد خمس دول متفق عليها عالميا منها السعودية والأردن ويتشاطرون السيادة على المكان مع إجراءات أمنية متفق عليها.
وردا على سؤال عن نقاط خلاف، قال إنه لم يكن هناك خلافات كبيرة لا يمكن التجسير عليها، وتابع: “ارتكب أبو مازن وقتها خطأ تاريخيا وهو أنه لم يعلن فورا قبوله لعرضي ولكن من جهة أخرى لابد من قول الحقيقة إنه لم يقل لي لا. معنى عدم معارضته أن ما اقترحته أنا هو أن العرض أساس لمفاوضات. خسارة أنه لم يكن أكثر سرعة ونشاطا، وقد قلت له إنه عليه قبول اقتراحي لأنه في المستقبل من الصعب أن يعرض أحد غيري في إسرائيل هذا العرض”.
ولفت أولمرت إلى عدم وجود احتمال قبول الفلسطينيين بصفقة القرن ولا أي من الدول السنية المعتدلة خاصة أنهم تلقوا في الماضي عرضا أكثر ملائمة لهم، وتابع: “الآن وبعدما كل العالم قال طيلة 50 سنة إن كل المستوطنات غير قانونية من غير المتوقع أن يقبل بها الفلسطينيون تحت السيادة الإسرائيلية في إطار اتفاق. لا أرى في هذا الاتفاق أساسا لمفاوضات بيننا وبين الفلسطينيين. لدي شكوك أيضا حيال صفقة ترامب لكن لننتظر ونرى أحزاب اليمين كيف ستوافق على دولة فلسطينية”.
عرس بلا عروس
واصل عدد غير قليل من المحللين والمراقبين والمسؤولين السابقين الإسرائيليين التشكيك باحتمالات تطبيق وجدوى “صفقة القرن” واعتبروها عرسا بمشاركة عريس بلا عروس أو العكس، مثلما شككوا بمدى منفعتها لنتنياهو انتخابيا بنهاية المطاف وفي يوم انتخابات الكنيست الـ23.
وحذرت أوساط أخرى من خطورتها على إسرائيل كونها تعقد وتكرّس واقع الصراع وتبعد فكرة السلام نافين كونها مبادرة سلام.
ودعا رئيس حزب “العمل” عمير بيرتس زعيم كتلة “أزرق- أبيض” بيني غانتس لوقف التلعثم والمبادرة للتأكيد أنه يعارض خطوات أحادية الجانب.
من جانبه حذر قائد الجناح الأمني- السياسي في وزارة الأمن ومدير وحدة التخطيط في الاستخبارات العسكرية الجنرال في الاحتياط عاموس غلعاد لإذاعة جيش الاحتلال أمس من خطورة “صفقة القرن” على إسرائيل.
موضحا أن “صفقة القرن” تدعى خطة سلام، لكنه لم يجد فيها خطوة سلام واحدة يبنى عليها لبناء سلام، وتابع: “السؤال أين الطرف الآخر الذي تريد أن تصنع معه السلام أم أن الحديث يدور عن ضم ينتج واقعا جديدا لن تكون فيها مساعي سلام لأنه عندئذ لن تجد فلسطينيا يؤيدها”.
كذلك الحال في الموقف العربي فردود الدول العربية التي يفترض أنها مؤيدة للصفقة تتراوح بين دعم خفيف جدا ولفظي وهذا ليس دعما. يمكن أن تطرح واشنطن خطتها دون أن يحدث شيء على أرض الواقع ودون تطبيع حقيقي وتنسيق أمني أيضا، وأخشى أن نفقد تحالفنا مع الأردن وهو العمق الاستراتيجي الحقيقي لنا من الجهة الشرقية.
لو ضم القمر ونجوم السماء فلن ينجو من المحكمة
وقال محلل الشؤون الحزبية يوسي فرطر إنه حتى لو مكّن ترامب نتنياهو من ضم القمر ونجوم السماء فلن ينجو من المحكمة ومن تهم الفساد الخطيرة، لافتا إلى أن “صفقة القرن” وإحالة السيادة المنتظرة على المستوطنات إدارة يستخدمها نتنياهو لهذا الغرض. وتابع: “من جهته يحاول غانتس أيضا كسب ثقة أوساط في اليمين المعتدل بقوله إنه هو أيضا سيطبق الخطة الأمريكية”.
كما أكد محرر صحيفة “هآرتس” ألوف بن، أن “صفقة القرن” تحقق حلم نتنياهو السياسي بيد أنه يشكك بقدرتها على إنقاذه سياسيا مرجحا أنها تشكل أساسا لحكومة وحدة وطنية في إسرائيل بحال تمت إزاحة نتنياهو أو وقف حكمه خلال محاكمته.
انظروا كيف تتعامل الولايات المتحدة ” بصرامة ” مع النتنياهو…..اليس هذا بدليل على حرصها على العدل بين الطرفين….؟ههههه مسرحية رديءة الاخراج