التايمز: الأثرياء العرب من دول الخليج يعززون علاقاتهم مع تركيا وتم تصحيح الصدع الماضي

إبراهيم درويش
حجم الخط
0

لندن – “القدس العربي”:

نشرت صحيفة “التايمز” تقريرا أعدته مراسلتها في إسطنبول حنا لوسيندا سميث قالت فيه إن الفلل الراقية والأماكن السياحية الشهيرة هي علامة على رأب الصدع بين الأثرياء العرب وتركيا.

 ففي العقد الماضي ظل مبنى غير متسق يحوم فوق قرية صغيرة في شمال- غرب تركيا. واسمه فندق زمزم، وكان الهدف من إنشائه هو تقديم الخدمات للسياح العرب من الخليج الذين يتدفقون على يالوفا، المنطقة الشهيرة بينابيعها الساخنة والجو الجبلي المعتدل. وتظهر اليافطات التي لوحتها الشمس على باب الفندق دعايات عن أجنحة راقية ورجال بالأثواب العربية يتجولون في ردهة الفندق اللامعة. إلا أن الفندق لم يفتتح أبدا، فقد نفد المال من المتعهد وأعاد البنك الاستحواذ عليه قبل أن يكتمل.

 وكان المشروع مثيرا للجدل وحتى قبل أن ينهار. فقد عادت سيدة كبيرة من العمر تسكن قرب الموقع من رحلة إلى اسطنبول لتجد بيتها مهدوما، وزعم البناءون أن الهدم كان بطريق الخطأ. وفي السنوات الأخيرة أصبح الفندق بطرازه الكلاسيكي الجديد والجص المتهالك على واجهته علامة عن العلاقات المتدهورة بين تركيا ودول الخليج. والأثر التي تركته الاستثمارات الخليجية على هذه المنطقة الريفية.

وكان دعم الرئيس رجب طيب أردوغان للإسلاميين وحتى قبل مقتل الصحافي جمال خاشقجي في اسطنبول عام 2018 سببا، حيث تعرضت البضائع التركية للحظر في بعض دول الخليج، لكن أردوغان أصلح علاقاته مع ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان ويقود حملة لإعادة بناء العلاقات مع الخليج. وخفف من دعمه للإخوان المسلمين وزار السعودية والإمارات وقطر موقعا صفقات تجارية ثنائية واتفاقيات استثمار والتي تعد بجلب عشرات المليارات من الدولارات إلى الاقتصاد التركي. ويبدو أن وفاة خاشقجي أصبحت في طي النسيان.

وربما تغيرت حظوظ فندق زمزم، فقد بيع الموقع لمستثمر جديد. وقال دينز أوز الذي يدير شركة عقارات “ريس” المقابلة للفندق “سيبدأ العمل من جديد وسيتم افتتاحه” و”كانت مشكلة مالية، هذا كل ما في الأمر”.

وفي الحقيقة فإن الجبال الخضراء والشلالات في يالوفا، كانت الصخرة التي قامت عليها العلاقات الاقتصادية التركية مع دول الخليج. ففي الثمانينات من القرن الماضي فتح ثلاثة رجال من قرية غوكتشدري الجذابة حيث بني زمزم أمام موجة من الاستثمارات العربية بالمنطقة. وفي ذلك الوقت لم يكن مسموحا للأجانب شراء العقارات في تركيا، إلا أن مختار القرية وإمامها ومدرسها بنوا علاقات مع المستثمرين العرب الذين تولوا الأمور الرسمية نيابة عنهم.

وانجذب العرب للمنطقة بسبب قربها من اسطنبول، حيث لا تبعد سوى ساعات بالطريق وبدأوا ببناء الفلل وقضاء العطل فيها، وظهرت نتيجة لذلك صناعة خدمات بالمنطقة. واليوم كتبت أسماء المحلات تقريبا بالعربية والتركية، رغم الملاحقة لهذا في أجزاء أخرى من تركيا والتي استقر فيها اللاجئون السوريون. كما أن معظم الفنادق لا تقدم المشروبات الكحولية والطرق حافلة بالسيارات السوداء التي تحمل العائلات في جولات بالمناطق المحلية الجذابة.

وفي مجموعة على فيسبوك تحفل الصفحة بالإعلانات التجارية التي تخدم مجتمع الوافدين الصغير ونساء بالملابس المحتشمة والطعام العربي ومنازل للبيع. ونصف التجارة في الشارع الرئيسي بغوكتشدري هي للعقارات. وحصل بعض من استثمر في العقارات على الجنسية التركية، فقد عرضت تركيا منذ 2017 المواطنة من خلال برامج الاستثمارات، حيث سمحت لأي شخص يستثمر 400.000 جنيه استرليني على الأقل الحصول على الجواز التركي مع عائلاتهم المباشرة. ولم تتوقف عمليات شراء العقارات في يالوفا حتى في ذروة الخلاف التركي- السعودي.

 إلا أن البرنامج أثار شكاوى من الأتراك الذين يكافحون لشراء البيوت التي زادت أسعارها في السنوات الماضية. وتعارض المعارضة العلمانية الخطة وتتهم أردوغان بمحاولة تغيير الطابع السكاني للبلد. وفي اسطنبول زاد عدد المقيمين الأجانب من 400.000 في عام 2014 إلى 1.5 مليون اليوم. وحتى عام 2022 كان أكبر المستثمرين هم من الإيرانيين وبعدهم العرب مع أن الروس تفوقوا عليهم اليوم. وكانت تركيا واحدة من الدول القليلة التي لم تفرض عقوبات أو قيودا على رجال الأعمال الروس والمواطنين العاديين. ووضعت المطاعم والفنادق في يالوفا علامات بالروسية إلى جانب العربية والتركية.

وتعيش تركيا عاما سياحيا جيدا، حيث يتوقع أن يزيد عدد السياح إلى 50 مليونا والسبب هو الليرة. لكن التجارة في يالوفا ليست نشطة كثيرا، وتواجه المنطقة منافسة من منطقة البحر الأسود الشهيرة بجبالها وجوها المعتدل والمفضلة لدى السياح والمشترين من الخليج.

وقال أوز إن الطبقة المتوسطة من الخليج تأتي إلى يالوفا أما الأغنياء فيذهبون إلى البحر الأسود. و”قبل سنوات تعودنا على السوريين واللبنانيين الذين كانوا يأتون بحافلات سياحية، لكن لم يعد هذا قائما، والدولة تملك الينابيع الساخنة هنا ولكنها ليست بحالة جيدة ويجب تحديثها وخصخصتها”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية