التايمز: تغير الخطاب الشعبي والدبلوماسي الأمريكي من القضية الفلسطينية لا يعني نهاية دعم إسرائيل

إبراهيم درويش
حجم الخط
0

لندن ـ “القدس العربي”:

حظي موقف حركة “حياة السود مهمة” من القضية الفلسطينية وتضامن ناشطيها مع محاولات المستوطنين طرد عائلات فلسطينية بالشيخ جراح، في القدس الشرقية باهتمام في الصحافة الأمريكية والبريطانية. وأشار ألستر دوبر مراسل صحيفة “التايمز” في واشنطن إلى تزايد التعاطف مع الفلسطينيين في الخطاب الدبلوماسي والشعبي، مضيفا أن هذا لا يعني تخلي السياسة الأمريكية عن دعم إسرائيل.

وقال إنه من بين الأعلام الفلسطينية واللافتات المكتوبة باليد الكثيرة التي ظهرت أثناء تظاهرة مناهضة لإسرائيل في نيويورك كانت هناك واحدة مكتوب عليها: “لا نستطيع التنفس منذ عام 1948” حيث جمع الشعار بين رمز “حياة السود مهمة” الذي يستحضر صراخ جورج فلويد، الذي قتل العام الماضي على يد الشرطة في مينيابوليس والنكبة الفلسطينية عام 1948 وهو عام إنشاء إسرائيل.

وأشار الصحافي إلى أن الحركة أعلنت على تويتر قبل أسبوعين أن “حياة السود مهمة تقف متضامنة مع الفلسطينيين”. وجاء هذا في وقت كانت فيه الطائرات الإسرائيلية تقصف غزة ويطلق مسلحو حماس صواريخهم على إسرائيل.  وجاء فيه أيضا: “نحن حركة ملتزمة بإنهاء الاستعمار الاستيطاني بجميع أشكاله وسنواصل الدفاع عن التحرر الفلسطيني (لقد فعلنا ذلك دائما، وسنبقى كذلك دائما)”.

وقال إن تبني “حركة السود مهمة” للقضية الفلسطينية (وهي قضية هامشية وغير شعبية إلى حد كبير في بلد شديد التأييد لإسرائيل) إلى مظاهرات حاشدة ضد إسرائيل ولم تشهدها أمريكا من وقت طويل.

 وظهر دعم واضح للقضية الفلسطينية في الكونغرس، حيث باتت فيه مجموعة من الأعضاء الديمقراطيين التقدميين، بعضهم قضى فترة مهمة من حياته في حركة حياة السود مهمة.

وأشار الكاتب إلى كوري بوش، 44 عاما، وهي عضو في مجلس النواب عن ولاية ميسوري وانتخبت لأول مرة في تشرين الثاني/ نوفمبر. وتكونت هويتها السياسية في التظاهرات التي أعقبت إطلاق النار القاتل على الشاب الأسود مايكل براون، 18 عاما على يد ضابط شرطة أبيض في فيرغسون، وهي بلدة في ولايتها.

وفي الوقت الذي استمرت فيه الغارات الجوية الإسرائيلية على غزة ورشقات حماس الصاروخية على إسرائيل، حاولت بوش وزملاؤها حرف الخطاب السياسي الأمريكي بعيدا عن إسرائيل ولصالح الفلسطينيين.

وقالت في تغريدة في 18 أيار/ مايو: “في غضون ساعات، قتل الجيش الإسرائيلي أربعة أجيال من عائلة فلسطينية واحدة في غزة – أكبرهم كان 90 عاما، وأصغرهم ستة أشهر.. إن المذبحة الجارية في فلسطين هي نكبة حقوق إنسان، نكبة يجب علينا التوقف حالا عن تمويلها. إن العالم يراقب، أيها الرئيس بايدن”.

وعندما انتهت الأعمال العدائية بعد 11 يوما من إراقة الدماء على الجانبين، كتبت: “وقف إطلاق النار ينهي القصف – وليس العنف. الاحتلال العسكري الإسرائيلي مستمر. الحصار مستمر. التطهير العرقي مستمر. يجب أن تتوقف حكومتنا عن تمويل وضع الفصل العنصري الراهن “.

 وأشار الكاتب إلى ما يبدو أنه ترابط بين كفاح السود الأمريكيين والفلسطينيين حيث يصف بعض ناشطي حركة حياة السود مهمة على مستوى القاعدة كفاحهم من أجل الحقوق المدنية في أمريكا بأنه “انتفاضة أمريكية”. وقبل أسبوعين، نظم الطلاب الذين يدعمون حركة حياة السود مهمة في جامعة كورنيل، إيثاكا، نيويورك وهي واحدة من أعرق الجامعات الأمريكية، مظاهرة مؤيدة للفلسطينيين.

وكتب أحد المتظاهرين راسل ريكفورد على موقع “فوكس” الإلكتروني: “لا شك في أن حركة حياة السود مهمة، التي أطلق عليها البعض اسم ‘الانتفاضة الأمريكية’، قد أثارت أسئلة في داخل الوعي السياسي الأسود حول حقوق الإنسان وعنف الدولة – ومبادئ الثورة الشعبية – وثيقة الصلة بالنضال الفلسطيني”.  وأضاف أن “وجود كتلة مهمة من الشباب على استعداد لدعم الحرية للفلسطينيين علانية – وهي قضية كان ينظر إليها العديد من الناشطين التقدميين على أنها مثيرة للجدل – يعكس مدى تحول الخطاب العام حول هذه القضية. حتى في أمريكا، قلعة الدعم للقوة الإسرائيلية، فإن بعض وسائل الإعلام الرئيسية الآن ترفق التأكيدات التقليدية لـ ‘حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها’ بموضوعات صريحة عن التحرر الفلسطيني “.

ولكن الكاتب يحيل القارئ أن موقف الرئيس بايدن، الذي لم يكن حليفا سياسيا لرئيس الوزراء الإسرائيلي المتشدد بنيامين نتنياهو لم يتغير. فقد كرر دعمه الطويل الأمد لإسرائيل في مؤتمر صحفي بعد الاتفاق على وقف إطلاق النار. وقال “ما لم تعلن المنطقة بشكل لا لبس فيه أنها تعترف بحق إسرائيل في الوجود كدولة يهودية مستقلة، فلن يكون هناك سلام”.

وقبل أيام تعرض بايدن لموقف محرج في مطار ديترويت من قبل عضو الكونغرس عن ميشيغان رشيدة طليب، 44 عاما، التي فعلت الكثير للترويج لحركة حياة السود مهمة، وأول امرأة من أصل فلسطيني تدخل مجلس النواب، حيث تجادلت مع الرئيس لعدة دقائق، وأكدت على أهمية القضية الفلسطينية. وأشاد بايدن بها خلال خطاب ألقاه في مصنع فورد للسيارات في وقت لاحق من ذلك اليوم: “أريد أن أقول لك إنني معجب بذكائك، وأنا معجب بشغفك، وأنا معجب باهتمامك بالعديد من الأشخاص الآخرين. وأقول هذا من قلبي “. وقبل أقل من 24 ساعة، غردت طليب قائلة: “رئيس الفصل العنصري نتنياهو لن يستمع إلى أي شخص يسأل بلطف. إنه يرتكب جرائم حرب وينتهك صراحة القانون الدولي “.

ويناقش من يمثلون ويدافعون عن المصالح الإسرائيلية في أمريكا أنه من الخطأ الربط بين مطالب حركة حياة السود مهمة ومطالب الفلسطينيين لأن الأولى تتعلق بالعرق والأخرى تتعلق بالأراضي.

وقال مارك ميلمان، رئيس الأغلبية الديمقراطية لإسرائيل، لـ”واشنطن بوست”: “يدرك معظم الناس أن هناك ديناميكية مختلفة تماما تعمل بين منظمة إرهابية تطلق 3500 صاروخ على بلدك من ناحية، والديناميكيات العرقية التي تحدث في المدن الأمريكية.. إن الفشل في إدراك هذا الاختلاف يصبح أمرا مضللا بشكل أساسي”.

ويضيف الكاتب أن من الخطأ الاعتقاد بأن أمريكا تبنت القضية الفلسطينية لأن الدفاع عن إسرائيل وأمنها يظل محوريا للسياسة الأمريكية في الشرق الأوسط. وأظهر استطلاع أجرته مؤسسة غالوب قبل فترة قصيرة أن ثلاثة أرباع الأمريكيين ينظرون إلى إسرائيل بشكل إيجابي، بالإضافة إلى 30% فقط للسلطة الفلسطينية. وعندما زار أنتوني بلينكين، وزير الخارجية، المنطقة التي لا تزال مشتعلة في الأسبوع الماضي، أعاد تأكيد دعم واشنطن للإسرائيليين ووعد بإعادة تزويد نظام القبة الحديدية للدفاع الصاروخي. لكن كان هناك أيضا تبرعات للفلسطينيين ومساعدات لإعادة بناء غزة وسيعاد فتح القنصلية الأمريكية في القدس الشرقية التي أغلقتها إدارة ترامب.

ويختم الكاتب بالقول إن السياسة الأمريكية تجاه الشرق الأوسط لا تزال كما هي: دعم إسرائيل لا جدال فيه. ومع ذلك، فقد تغيرت النغمة، دبلوماسيا وفي الشوارع.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية