لندن- “القدس العربي”:
حذرت صحيفة “التايمز” البريطانية في افتتاحيتها من تحول ولي العهد السعودي محمد بن سلمان إلى مركز في دراما تهدد بالانتشار والتحول إلى أزمة جيوسياسية. وتحت عنوان “الأمير المزعج” قالت الصحيفة إن الرئيس التركي رجب طيب اردوغان لم يذكر بن سلمان بالاسم في خطابه الذي حدد فيه معالم قتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي. ولم يقدم أدلة تربط محمد بن سلمان أو “م ب س” كما يطلق عليه في الغرب بالجريمة. إلا أن خطابه لنواب كتلته البرلمانية كان في جزء منه محاولة لمواصلة الضغط على ولي العهد.
فقد رفض أردوغان زعم الحكومة السعودية أن الصحافي الذي كان يعيش في المنفى قتل خطأ في مشاجرة حدثت أثناء محاولة فاشلة لاختطافه قامت بها عناصر مارقة من الأمن السعودي. وزعم اردوغان أن لدى الاستخبارات التركية أدلة تظهر أن القتل كان مخططا له وأن تحميل المسؤولية لمجموعة من عناصر الاستخبارات “لن يقنعنا أو المجتمع الدولي”.
ومن أجل التأكيد على نقطته هذه طالب الرياض بالكشف عن المسؤولين عن الموضوع هذا ومحاكمتهم.
وتعلق الصحيفة أن بن سلمان أصبح مركز قضية تهدد باندلاع أزمة جيوسياسية. فالتسريبات التي مارستها السلطات “نقطة نقطة” للإعلام لا تترك مجالا للشك أنه حتى لو لم يكن لولي العهد السعودي ضلع في مقتل خاشقجي فقد علم بالجريمة بعد ذلك بفترة قصيرة. ففرقة الموت المكونة من 15 شخصا فيها أفراد من حرسه الخاص وقيل إنهم قاموا بالاتصال بالرياض مباشرة بعد قتل الصحافي في القنصلية السعودية في اسطنبول.
وتعلق الصحيفة أن فكرة تورط محمد بن سلمان بالمؤامرة أو التستر عليها يشكل مأزقا للحكومات الغربية فقد استثمرت في العلاقة مع “م ب س” وإن لم تكن بنفس الدرجة التي استثمر فيها الرئيس دونالد ترامب الذي اعتبره حليفا في الوضع الأمني الإقليمي المعقد. ورحبت الحكومات الغربية بخططه لتحديث الاقتصاد السعودي وتخفيف القيود الاجتماعية المحافظة وفي الوقت نفسه غضت الطرف عن حملات القمع المحلية ضد معارضيه. وتعامت عن سياسته الخارجية المتهورة بما فيها الحرب في اليمن وحصار قطر. ويخشى البعض أن النهج اللين معه ربما جرأه وخلق الظروف لقتل خاشقجي. وتعتقد الصحيفة أن الأزمة تهدد بزعزعة العلاقة بين السعودية والغرب، وهي علاقة متعددة الوجوه ولا تقتصر على صفقات السلاح وتقوم على تعاون مؤسساتي وأمن مشترك ومصالح تجارية واقتصادية. وحتى لو غض ترامب عن إمكانية تورط “م ب س” في القتل فلن يسمح له الكونغرس بعمل هذا. ويبدو أن السناتورات ونواب الكونغرس مصممين على معرفة الحقيقة وهددوا بفرض العقوبات على المتورطين. وتعلق الصحيفة أن بريطانيا تواجه وضعا صعبا خاصة وأنها طالبت بالدعم الدولي بعد محاولة اغتيال العميل الروسي سيرغي سكريبال. كما أن فشل الغرب في الرد على قتل صحافي خارج القانون سيرسل رسالة للأنظمة الديكتاتورية في كل مكان أنه ليس مستعدا لفرض المعايير الدولية.
وحتى هذا الوقت عول الغرب على إمكانية حل الأزمة بطريقة دبلوماسية. وكان الهدف هو إقناع الرياض لإظهار الندم والدفع باتجاه إصلاحات واسعة بما فيها التزام بإطلاق سراح كل المعتقلين السياسيين وضمانات لحماية القانون وحرية التعبير مما سيرسل رسالة أن جريمة كهذه لن تحدث أبدا. وتختم بالقول إن الرياض وإن اعترفت بالجريمة إلا أن رد فعلها كان في مجمله يتصف بالتحدي.
وتعلق أن أي خطوة من الغرب باتجاه فرض عقوبات مثل تخفيض مستوى التمثيل الدبلوماسي وفرض عقوبات على أفراد تحمل مخاطر خاصة إن قررت الرياض الرد بالمثل. وتقول إن المخرج الوحيد من هذه الأزمة هو أن ينتحى “م ب س” من ولاية العرش، وكان من الأفضل لو أ هذا.
اللقاب ولي العهد السعودي محمد بن سلمان. الأمير المتهور، الأمير المتعجرف، الأمير المزعج. الأمير القاتل