الترشيد الأمريكي لتداعيات الانتخابات العراقية

حجم الخط
0

الترشيد الأمريكي لتداعيات الانتخابات العراقية

كاظم محمدالترشيد الأمريكي لتداعيات الانتخابات العراقية كان لأهتمام الادارة الامريكية البالغ بالانتخابات العراقية الاخيرة، مبرراته الموضوعية والذاتية والمرتبطة بمجمل المشروع الامريكي ومستقبله في العراق والمنطقة، وتعاظمت هذه الاهمية بعد تركيز الاحتلال عليها كونها مخرج طبيعي ومبرر لاستمرار التواجد العسكري الاجنبي في العراق، ومن ناحية اخري تم ربط نجاحها بخطة بوش للنصر في العراق والتي حدد عناصرها، بعد ان اقر واعترف باخطاء كبيرة، واعلن تحمله لمسؤولية تلك الاخطاء.جاءت هذه الانتخابات (كأستحقاق قانوني) حسب ما شرعه المحتل واعوانه، كي تكون هي المحطة الاخيرة والتتويجية لمسيرة عمليتهم السياسية المعدة سلفا لانتاج برلمان دائم وحكومة دائمة تمتلك كامل الصلاحيات الدستورية وتتعكز علي شرعية وسيادة مقننتين ومعلبتين تعليبا امريكيا كاملا كما اريد لها منذ البدء.لكن ما ميز هذه المحطة السياسية، هي المشاركة لبعض الاطراف المغيبة ( السنية)، لتتكحل عيون ادارة الاحتلال، بانها حققت مساهمة كل مكونات الشعب العراقي في العملية السياسية، وبذلك تسجل لنفسها انتصارا في محاولة لتخفيف احتقانها الداخلي، ومتأملةً بدفع عجلة مشروعها خطوةً الي امام.كان واضحا ومنذ بداية الغزو الامريكي للعراق، ما هو المطلوب لعراق ما بعد الاحتلال، لقد صرح غارنر اول حاكم مدني عينته الادارة الامريكية (بضرورة بناء المجتمعات المدنية الذاتية)، وهو اول اعلان سياسي لادارة الاحتلال بالبدء بعملية تفكيك العراق وتفصيصه، ولاجل الوصول الي هذه الغاية بدأت دوائر الاحتلال واجهزتها بالضرب علي الوتر الطائفي والعرقي، حيث عبرت عنه سياسيا بقرار بريمر بتشكيل مجلس الحكم علي اساس المحاصصة الطائفية والعرقية، وبتعميق هذا التوجه في جميع مفاصل الحياة السياسية والاجتماعية، وبالتناغم مع المصالح الفئوية والحزبية والعنصرية لقيادات وجماعات واحزاب وعناصر سوقية مغمورة، خدمت المحتل وتعاونت معه لتحقيق اهدافه السياسية، ولتبني لنفسها اماراتها ودويلاتها الخاصة، ولتبدأ برسم الحدود الطائفية والعرقية ولتعمق الشرخ الاجتماعي وتضرب روح الانتماء الوطني، ولتكرس التخندق العرقي والمناطقي والمذهبي، عبر خطاب سياسي مهدت له دوائر الاحتلال السياسية والعسكرية والسرية من عصابات الجريمة السياسية ومافيات القتل المأجورة.ومما ساعد بالنجاح الجزئي لهذا الخطاب السياسي الطائفي والعنصري هو انزلاق بعض الجهات الوطنية الي الاعتمار بالعباءة الطائفية، وانجر خطابها الديني والسياسي واستدرج الي مفردات طائفية تماهي الخطاب السائد، أضافة الي ضعف ضبط ايقاع النشاط الاعلامي والعسكري لبعض المنظمات المسلحة والذي صب في صالح تعميق التمترس والخندقة الطائفية والمناطقية، ومع تشويش وتضليل اعلامي مكثف، تعمد خلط الحابل بالنابل، وفقدان ابسط متطلبات الحياة الاساسية للمواطن العراقي، جرت عملية تهيئة عقل المواطن البسيط لما هو مطلوب، عبر القبول بأي حل قادم.ومن هنا ارادوا لعمليتهم السياسية ان تستمد قوتها الدافعة، لتكرس وتطبع من خلالها كل ما هو مطلوب امريكيا، وليقنون من خلالها ويدستر التفكيك والتفصيص والتقسيم لاحقا ولو تحت اسم العراق، ولذلك فقد عملت الادارة الامريكية وكرست من جهدها الكثير لجذب بعض التجمعات من المغيبين للاشتراك في العملية السياسية، ادراكا منها بأن مساهمتهم ستعمق الاستقطابات الطائفية المطلوبة، وستضفي لتأكيد الحدود المرسومة، عبر التفاف المناطق حول قوائمها، وهي بذلك قد حققت ما بغت باضفاء شرعية مزعومة علي عمليتها السياسية بمساهمة الجميع فيها، وكذلك فهي قد بيضت بعض الوجوه الكالحة في زحمة هذا العرس. كان للأصطفافات السياسية لما بعد الاحتلال والغربلة التي تلته، اهمية كبيرة في دفع الطموح لابراز المشروع الوطني العراقي، وبدايات تجسيده بخطاب سياسي لهيئاتٍ واحزاب وتجمعات رافضة للأحتلال وافرازاته، وعلي اساس ادراكها الوطني، لعملية المحتل السياسية واضفاء المشروعية عليها وعلي نتائجها الكارثية، وهذا مما ساهم في تعميق مأزق المحتل السياسي، ومأزق القوي الطائفية والعنصرية المتعاونة معه.واعطي المؤشرات واشار الي الامكانيات الواسعة لتجمع هذه القوي وطرح برنامجها الوطني الديمقراطي، سلاحها السياسي وسلاح الفئات الشعبية الواسعة في مواجهة مشروع المحتل ومريديه، واعتماده كأداة كفاحية، سياسية تكتيكية واستراتيجية منسجمة مع اهداف المقاومة المسلحة بأجبار المحتل علي الرحيل.ان انزلاق بعض الجهات المغيبة لدعوات المشاركة في كتابة الدستور، وتلمسها كيف ان احزاب الاحتلال اختلفت علي تقاسم الغنيمة، ثم اتفقت بعد ان تم ترشيد حصصها امريكيا والاستبعاد الضمني (للجنة الحوار الوطني) من ملامسة العقد الاساسية في دستورهم، عقد التفكيك والتفصيص والغاء الهوية، وكيف تم مرير هذا الدستور، لهو تجربة كان ينبغي عدم المخاطرة في تكرارها بنفس الاداة وتحت نفس المظلة الطائفية، انما كان ينبغي الارتكاز علي جبهة سياسية وطنية واسعة متسلحة ببرنامج معلن لاغبار عليه غايته الاساسية عرقلة مشروع الاحتلال وتأكيد عدم شرعيته، انها جبهة سياسية للمقاومة لا غبار علي ولوجها.ان الفزع السياسي الذي دفع البعض باطلاق دعوات المشاركة في العملية السياسية والاستمرار فيها، استخدم نفس لغة اعوان الاحتلال، في توفير القناعات للمشاركة بالأنتخابات وبذلك عزز من الاستقطابات الطائفية المطلوبة وفسح المجال واسعا لهامش اللعب والمناورة الامريكية. لذلك فان حذر الحس الوطني يجب ان يبقي متيقضا ازاء لمسات الترشيد الامريكي لتداعيات هذه المحطة السياسية، بعد ان تكشف الزيف والتزوير، خاصة الانهماك بحسن نية او سوءها في معمعة المساومات التفصيلية حول عدد المقاعد او الوزارات، وحول هذا وذاك من الاسماء.لقد دخلت ادارة الاحتلال بشخص زلماي خليل زادة الي الحلبة بعد ان وفرت كل ما استلزم، لتقوم بالتحكيم والترشيد المطلوب لتداعيات انتخاباتها وتفصيلاتها، فقد اجل اعلان النتائج النهائية الي بداية السنة القادمة 2006 وبدأت بالونات الاختبار بمقترح الطالباني بتنازل الائتلاف عن عشرة مقاعد لصالح التوافق، وها هي لاءات الحكيم الثلاثة تسبق اجتماعه مع مسعود في اربيل، والطالباني يعبر عن حرصه مع زادة بوجوبية استرضاء السنة العرب، انها تفصيلات الاغراق وافتعال الازمات ثم حلها علي ذات الاسس المطلوبة، ليتواصل الدوران في فلكها عبر القفز والتخلي عن المطالب المشروعة والمعلنة والتي تتحدد في الغاء نتائج الانتخابات وتجميد عمل مفوضية بريمر وتشكيل حكومة انقاذ وباشراف دولي.من هنا فان اعطاء هذه المطالب بعدها الوطني يكسبها تعاطفا شعبيا واسعا، ويخرج المطالبين بها من مظلة الطائفية المقيتة، في الوقت الذي ينبغي فيه رفض جميع محاولات الترشيد الامريكية والتي تستهدف بنهاية المطاف تشكيل برلماني وحكومي تحاصصي يكفل عدم قدرة اي طرفٍ فيه تمرير مشروع قرار يمس الاحتلال ومصالحه واهدافه، وهذا ما سينعكس لاحقا علي استحالة تعديل (دستورهم الميمون)، دستور التفكيك والتقسيم.ان تعزيز دور المقـــــاومة المسلحة وغير المسلحة للمحتل يستدعي اشهار مشروع وطني ديمقراطي للمجابهة السياسية وبمرونة تكتيكية نابهة لاسقاط عملية عرقنة مشروع الاحتلال ومحطاته القادمة التي ستكون اشد وطئة خاصة بعد تكبيل قوي كانت تعتبر ثقلا لا يستهان به في مقاومة المشروع الامريكي في العراق.ہ كاتب من العراق8

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية