بكين – أ ف ب: أظهرت إحصائية اقتصادية أمس الثلاثاء مخاوف الشركات الأمريكية في الصين من عام قاتم، إذ يخشى الكثير منها تدهور العلاقات التجارية الثنائية، إذا ما فشلت الماحثات بين بكين وواشنطن، بينما يؤجّل نحو ربعها القيام باستثمارات جديدة.
واستعرضت الإحصائية التي أجرتها «غرفة التجارة الأمريكية» في الصين وشملت 314 شركة أمريكية كافة التحديات التي تواجه الأعمال التجارية الأمريكية بعدما فرضت بكين وواشنطن رسوما جمركية على الواردات المتبادلة تبلغ قيمتها أكثر من 300 مليار دولار.
ونُشر التقرير بعد يومين من إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أنه سيؤخر زيادة في الرسوم الجمركية على البضائع الصينية كانت مرتقبة هذا الأسبوع بعدما أشاد هو والجانب الصيني على حد سواء بـ»التقدم الملموس» في المفاوضات التجارية.
وقال تيم ستراتفورد، رئيس «غرفة التجارة الأمريكية» في الصين «يأمل أعضاؤنا بالتأكيد بأن يجدوا أن الضبابية وخسارة الأعمال التجارية وتأخرها الناجم عن المفاوضات التجارية والتوترات كانت تستحق العناء». وأضاف «في حال كان الوضع غير ذلك، فسيكون الأمر مضيعة كبيرة» للوقت. وتوصلت الإحصائية إلى أن 89 في المئة من الشركات التجارية أعربت عن رؤية متشائمة حيال أهم علاقة تجارية ثنائية في العالم.
وأظهرت أن الرسوم أثّرت مباشرة على الأعمال التجارية الأمريكية، إذ زادت التكاليف، وخفضت الطلب من جانب المستهلكين الصينيين، إلى درجة أجبرت بعض الشركات على تسريح موظفين.
واعتبر الخلاف التجاري الصيني-الأمريكي بين أبرز بواعث القلق بالنسبة للأعمال التجارية في مختلف القطاعات.
وتوقعت ثلاثة أرباع الشركات أن تشهد العلاقة مزيدا من التدهور هذا العام أو أن تبقى على حالها في أحسن الأحوال.
وحسب الإحصائية، أشارت نحو ثلثي الشركات إلى أن التوترات انعكست على خططتها في السوق دفعت نحو ربعها إلى تأخير أي خطط للاستثمار بشكل إضافي في الصين.
وأظهرت أن نحو خُمس الشركات نقلت أو تفكر في نقل خطوط إنتاجها إلى خارج الصين مدفوعة بمسألة الرسوم وارتفاع التكاليف.
وقال ستراتفورد ان الشركات الأمريكية تعتبر مع ذلك أن الرسوم دفعت الحكومتين إلى الجلوس معا على طاولة المفاوضات لحل المسائل العالقة بينهما بشكل جدي.
وأضاف أن إحصائية تجارية منفصلة أجريت الأسبوع الماضي توصلت إلى أن معظم الشركات تؤمن بضرورة إبقاء الرسوم الجمركية مفروضة «بطريقة ما» خلال المفاوضات.
وازدادت المخاوف في أوساط أبرز النواب الأمريكيين من احتمال قبول الرئيس دونالد ترامب باتفاق يزيد عمليات الشراء الصينية للسلع الأمريكية، دون حل المسائل الشائكة أكثر، على غرار الدعم الحكومي الصيني للشركات، والمنافسة غير المنصفة بحق الشركات الأجنبية.
وقال ستراتفورد ان شراء مزيد من المنتجات الأمريكية «لا يحل المشاكل التنظيمية الكامنة، وهو أمر أعتقد أنه لن يسمح لنا بإقامة علاقة تجارية على قاعدة مستدامة ما لم يحصل».
ولا يزال الوصول إلى السوق – وهو مصدر قلق منذ مدة طويلة بالنسبة للولايات المتحدة وأوروبا وشركات أجنبية أخرى – يمثّل مشكلة لأكثر من نصف الشركات.
ونقلت غرفة التجارة عن مدير تنفيذي لم تكشف هويته قوله ان «الصين جعلت من نوعية الأعمال التجارية التي نقوم بها والتي تشمل جزئيا استيراد المنتجات الزراعية إلى الصين أكثر صعوبة كل عام منذ قدومي».
ومن المسائل الأخرى التي تتم مناقشتها بين أكبر قوتين اقتصاديتين في العالم حماية الملكية الفكرية الأمريكية، مع اتهام واشنطن لبكين بالتشجيع على سرقة الإبداعات الأمريكية.
وذكر ثُلث الشركات أن ذلك دفعها إلى الحد من استثماراتها في الصين، بينما قامت بذلك نحو نصف الشركات العاملة في قطاعات التكنولوجيا والموارد والصناعة.
ومع ذلك، أشارت 59 في المئة من الشركات إلى تحسن حماية الملكية الفكرية خلال السنوات الخمس الماضية.
وقال ستراتفورد في التقرير «نعم، كانت هناك تحديات – كثير منها منذ مدة طويلة – بينما هناك العديد من الالتزامات السابقة التي لم يتم الإيفاء بها». وأضاف أن «الصين لا تزال تعد سوقا مهما للغاية بالنسبة لكثير من الشركات الأمريكية والعلاقة الاقتصادية الثنائية مهمة، إلى درجة تجعل من غير الممكن أن تفشل».
ويعد تباطؤ النمو كذلك مصدر قلق آخر، بعدما سجل الاقتصاد الصيني أبطأ نمو منذ نحو ثلاثة عقود في 2018.
وتوقع أكثر من نصف الأعمال التجارية نموا في السوق هذا العام بنسبة خمسة في المئة أو أقل، وهو دون هدف النمو بنسبة ستة في المئة الذي يتوقع أن تعلن بكين عنه الشهر المقبل.