التصدي لمرض الإيدز يتقدّم لكن بوتيرة بطيئة

حجم الخط
0

باريس:  يشهد التصدّي لفيروس نقص المناعة البشرية تقدّما ملحوظا، إذ انخفض المعدّل العالمي للإصابات والوفيات المرتبطة به وعُزّزت الوقاية منه وعلاجاته، مع العلم أنّ نهايته لا تزال بعيدة، تزامنا مع اقتراب اليوم العالمي للإيدز الذي يصادف الأحد.

 تراجع المرض

في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، انخفض عدد الإصابات الجديدة بفيروس نقص المناعة البشرية (اتش اي في HIV) بمقدار الخُمس في مختلف أنحاء العالم، بحسب تقرير واسع نُشر الثلاثاء في مجلة “ذي لانسيت اتش آي في”.

وانخفضت نسبة الوفيات الناجمة عموما عن الإصابات بفيروس نقص المناعة البشرية عندما يكون الإيدز في المرحلة الأخيرة من العدوى، بنحو 40% ليصبح دون عتبة المليون إصابة سنويا.

وهذا الاتجاه يغذيه بشكل رئيسي التحسن الواضح الذي تشهده إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، وهي المنطقة التي تشهد أكبر تفشّ لوباء الإيدز في العالم.

لكنّ الوضع لا يزال متباينا، إذ ان الإصابات تعاود الارتفاع في دول أخرى في أوروبا الشرقية والشرق الأوسط مثلا. ولا يزال الوضع بعيدا عن أهداف الأمم المتحدة الرامية إلى القضاء على الوباء بشكل شبه نهائي بحلول عام 2030.

أدوات فعّالة 

يُجمِع المتخصصون في فيروس نقص المناعة البشرية على نقطة واحدة، هي أن العلاجات الوقائية أصبحت رئيسية في مكافحة الإيدز.

وهذه العلاجات التي يتناولها أشخاص غير مصابين لكنّهم معرّضون للفيروس بسبب سلوكياتهم، تعمل بشكل جيد جدا لتفادي الإصابة بالفيروس.

ويسعى المتخصصون إلى توسيع نطاق استخدام هذه العلاجات. ففي فرنسا، أصدرت السلطات الصحية أخيرا توصيات جديدة تشير إلى أنّ العلاجات الوقائية المتعلقة بالإيدز ينبغي ألا تكون مقتصرة على الرجال المنخرطين بعلاقات جنسية مثلية.

وأكد المتخصص بالأمراض المعدية بيار ديلوبيل، خلال مؤتمر صحافي نظمه معهد “أ ان ار اس” ANRS الذي شارك في التوقيع على التوصيات الجديدة، أنّ “العلاجات الوقائية يمكن أن يستخدمها أي شخص في مرحلة ما من حياته الجنسية”.

وتتوفر للأشخاص المصابين علاجات تصبح فعّالة وعملية بشكل متزايد، خصوصا وأنّ وتيرة تناولها تتقلص.

 عقبات 

لا يزال توسيع نطاق أخذ العلاجات، سواء كانت وقائية أم لا، يواجه عقبات كثيرة، كما هو الحال في البلدان الفقيرة خصوصا، كدول إفريقيا التي تمثل تكلفة الأدوية مشكلة فيها.

وأثارت إحدى القضايا جدلا في الأشهر الأخيرة. فمختبرات “غيليد” تصنّع دواء هو ليناكابافير الذي يعد بفعالية غير مسبوقة سواء في الوقاية أو العلاج.

ويقول الخبراء إن هذا العقار يمكنه أن يُحدث تغييرا كبيرا، لكنّ تكلفته كبيرة جدا إذ تبلغ 40 ألف دولار للشخص الواحد سنويا.

وبعد ضغط مارسته الجهات الفاعلة في مكافحة الإيدز، أعلنت مختبرات “غيليد” في مطلع تشرين الأول/أكتوبر أنها ستسمح لعدد كبير من المختبرات المحلية التي توفر أدويتها إلى الدول الأكثر فقرا، بإنتاج علاجها بتكلفة مخفضة.

إلا أنّ العقبات لا تقتصر فقط على الجانب المالي، خصوصا في ما يتعلق بالعلاجات الوقائية. فينبغي حض الأشخاص على تقبّل فكرة تناول هذه الأدوية من دون الخوف من الوصمة المرتبطة بها، بالإضافة إلى أنّ سلوكيات مثل المثلية الجنسية لا تزال غير مقبولة في بلدان كثيرة.

وتوسيع نطاق استخدام العلاجات الوقائية المرتبطة بفيروس نقص المناعة البشرية يواجه تحديا كبيرا في إفريقيا. وتشير مقالة نُشرت عام 2021 في مجلة “لانسيت غلوبال هيلث” إلى أنّ “الأشخاص المعرضين لمخاطر عالية عليهم أن يدركوا ويعترفوا بذلك”.

والمشكلة نفسها بالنسبة إلى الفحص الكاشف عن الفيروس، والذي يحمل أهمية كبيرة لأنّ اكتشاف الإصابة في مرحلة متقدمة، يجعل علاجها معقدا.

ماذا عن اللقاحات؟ 

ثمة جوانب تحظى باهتمام إعلامي لكن غير متكافئ. ولم تسفر الأبحاث المتعلقة باللقاحات عن أي نتائج مقنعة حتى اليوم.

خلال مؤتمر صحافي في منتصف تشرين الأول/أكتوبر، تساءل المتخصص في الأمراض المعدية ورئيس معهد “أ ان ار اس” الفرنسي الرائد في مكافحة الإيدز يزدان يزدانباناه، “أليس لدينا أخيرا أي لقاح تقريبا” في ظل فعالية العلاجات الوقائية؟ مؤكدا أنّ “الأبحاث المتعلقة باللقاحات لا ينبغي أن تتوقف”.

وثمة تطور آخر في موضوع الإيدز يتمثل في حالات شفاء محدودة رُصدت خلال السنوات الأخيرة، هي أقل من عشر حالات في المجموع. وهذه النتائج المذهلة نجمت عن عمليات زرع خلايا جذعية، وهو تدخّل طبي محفوف بالمخاطر لا يمكن إجراؤه إلا في حالات محددة جدا.

(أ ف ب)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية