التعايش مع السكين

حجم الخط
0

‘ ‘لا أقترح على أحد تجريبنا’. هذا التهديد المعروف صدر هذا الاسبوع على لسان رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ردا على التسخين المفاجيء في علاقات الشعبين، بالذات فيما تجري مفاوضات على تسوية سلمية. انتفاضة؟ ليس مؤكدا. حين ولدت الانتفاضة الاولى، لم يكن لها اسم. كانت هذه موجة منفلتة العقال من اعمال الاخلال بالنظام، بدأ هذا برشق الحجارة، حين كان سلاحنا المضاد، نحن أصحاب الرقم القياسي في قدرة اختراع العبقرية اليهودية، هو ‘قاذفة الحصى’. وبالذات بعد توقيع الاتفاق مع عرفات بدأت موجة العمليات الفتاكة. الطعن، اطلاق النار والتفجيرات في الباصات وفي المطاعم سفكت دماء المواطنين الاسرائيليين في المدن الكبرى.
في البداية لم يولي جهاز الامن اهتماما بالانتفاضة الاولى. رئيس الاركان دان شومرون قال في حينه إن ‘الاضطرابات’ غير جدية، ‘سنقضي عليها بسهولة’. أما اسحق رابين فوضع لنفسه هدفا اخراج غزة من تل ابيب، ودفع على ذلك بحياته. ومن جاء لزيارة العزاء في بيت رابين في رمات أفيف، إن لم يكن عرفات. جاء بلا كوفية، كي لا يمس بمشاعر العائلة. ومن رأينا في مرحلة لاحقة، إن لم يكن رئيس الوزراء اهود باراك يتسلى بالدفعات المتبادلة الهزلية مع الرئيس في مسألة من يدخل أولا الى مكتب الرئيس كلينتون في كامب ديفيد. والنتيجة: في مرحلة لاحقة استضاف الرئيس على الغداء في بيته، فيما كان في يد الاخير هدية قرط ثمين لزوجة رئيس الوزراء. وبعد يومين اندلعت الانتفاضة الثانية والأكثر وحشية بينهما.
الآن، مع تدخل الرئيس الامريكي وتوجيهاته لتسيير تسوية سلمية في منطقتنا، مترافقا وعقوبات آخذة في الاشتداد ضد اسرائيل، واضح أن الليبرمانيين والمتزمتين على أنواعهم سيقررون النبرة. فدخول جون كيري الى الصورة بقوة وبحماسة لم يشهد لهما مثيل منذ كسينجر، نحو دزينة زيارات حتى الآن، يدل على أننا قريبون من تسوية سلمية. ولكن كلما اقتربت النبضة الثالثة من تحرير السجناء، تعاظمت العمليات وأحداث الارهاب.
جندي قُتل بنار فلسطيني عمل معه؛ جندي قُتل باصابة رصاصة قناص قرب الخليل؛ إبنة تسعة أصيبت بجوار بيتها في بسغوت بنار مخرب؛ عقيد احتياط يُقتل على يد فلسطيني خارج بيته في الغور؛ جندي يُصاب بعبوة زُرعت في نفق على الحدود مع قطاع غزة؛ جندي يُطعن حتى الموت على يد فلسطيني في باص في العفولة؛ عملية باص في بات يام مُنعت بفضل يقظة المسافرين، وبعد بضع ساعات من ذلك نار قناص قتلت عامل مقاول لوزارة الدفاع على حدود غزة، ومُنع في القدس دهس لشرطي. ستة اسرائيليين قُتلوا منذ استئناف المفاوضات مع الفلسطينيين في تموز، ووقعت 600 حالة عنف صعبة اخرى على خلفية وطنية.
لقد تعهد بيبي بالحفاظ على الهدوء بيد قوية وبذراع ممدودة. والخوف هو أن ينشأ واقع من العمليات المصادفة في المناطق في النهار ونشاطات للجيش الاسرائيلي في الليل. تطلق النار هنا وتطلق النار هناك، ونحن نرد أو لا نرد. وفي هذه الاثناء رددنا. هذه المرة قُتلت طفلة ابنة ثلاثة في غزة. قيادة حماس لا تريد التورط كي لا تتهمها السلطة بتفجير التسوية السلمية التي كد كيري عليها. وفي هذه الاثناء يدور الحديث عن ارهاب أفراد يريدون تسخين الساحة. استخباراتنا هي ايضا لا تعرف بالضبط ماذا يحصل ومن المذنب، ولكن وضع الفلسطينيين يتحسن، رغم شريحة المليونيريين في رام الله والمحيط الذين يسكنون في الفيلات ويطيرون في الصفوف الاولى أو في الطائرات الخاصة. ليس واضحا من يكره معظم الفلسطينيين أكثر الاحتلال الاسرائيلي أم الفلسطينيين الذين يثرون من الوضع.
حتى لو وقع الطرفان على تسوية سلمية، لن يكون حب كبير بين متزمتينا ومتزمتيهم. ودوما سيوجد فلسطينيون يطعنون يهودا. ‘إذبح اليهود’ كان شعارهم منذ عدنا الى هذه البلاد. لا العناد ولا السكاكين ستخيفنا.

هآرتس 27/12/2013

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية