التساؤل الذي طرحه دومنيك دوفلبان رئيس الوزراء الفرنسي السابق على وسائل الاعلام الفرنسية بان الغرب وتصرفاته هي التي عززت الإرهاب وكان هذا اللقاء قد حدث في احرج فترة مرت بها فرنسا عشية ازمة مقتل أصحاب الرسوم الكاريكاتورية المشوهة والكاذبة ضد رسول الله. هذا ما يوضح بما لا يقبل الشك بان أصحاب الضمائر الحية لا يزال لديهم هامش من المناورة لايقاف المنزلق التي تريد بعض الدول الاستعمارية كامريكا وفرنسا والدول التابعة كالعراق جر العالم اليه. ان إبقاء الفوضى الخلاقة وتصعيد الازمات والحروب الى منتهاها ومضاعفة الصراعات المسلحة في مناطقنا العربية والإسلامية قد يكون في نظر الغرب ضمان لاستمرارية مصالحهم الحاضرة والمستقبلية. اما بالنسبة الى العراق فانه يعتقد بان الحرب على الإرهاب يخدم مصالحه الفئوية والطائفته وينصرها على اعدائها ولو بمساعدة ومساندة ما كان يسمى في يوم من الأيام بالشيطان الاكبر.
لنبدأ من فرنسا التي حدثت فيها قبل أيام عملية إرهابية وقع ضحيتها رسامو الكاريكاتير المسيئ لرسول الله وبعض رجال الامن ومدنيين وحدثت بباريس أيضا مظاهرة كبرى ضمت زعماء أوروبيين وعربا ومسلمين جنبا الى جنب نتنياهو رئيس الوزراء الإسرائيلي. هذه المظاهرة التي لاتزال تداعياتها تثير المزيد من القلق لدى الجاليات الإسلامية خصوصا في فرنسا خوفا من ردود فعل المتطرفين الفرنسيين. لعل من ضمن اكبر الخطايا التي وقعت بها فرنسا الشعار اللاأخلاقي الذي رفعه معظم المتظاهرين وبمقدمتهم الزعماء العرب والمسلمون الذين يسيرون وراءه وهو انا شارلي إضافة الى رفع صور لجرائد عالمية نشرت الصور المسيئة للرسول الاكرم في نفس ذلك اليوم.
انه من المؤكد بان المسلمين ضد الإرهاب والقتل ولا يحق لهم غير الدفاع عن انفسهم بما يتناسب مع الاعتداء الموجه اليهم. فالعين بالعين والسن بالسن والكلمة بالكلمة والسيف بالسيف كما قال تعالى وان عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به ولان صبرتم لهو خير للصابرين. لكن المشكلة الكبرى لتلك الصحف المسيئة للاسلام ورسوله انها لا تسمح بحرية الرد المتواصل وبنفس حجم الإساءة ولا ترعوي عن حقدها وتكيل بمكيالين احدهما لا يلتزم باي معيار اخلاقي ومليئ بالكذب والتدليس على الإسلام ورسوله ومكيال ثاني من الوزن الثقيل لا يسمح على الاطلاق بالمساس باعداد ضحايا المحرقة اليهودية على سبيل المثال. مما يجعل الكثير من المنصفين يتساءلون عن مدى مصداقية الجريدة المذكورة والتزامها بالمهنية الصحافية فأما ان تكون حرة في التعبير لجميع الاتجاهات والعقائد والأديان او تلتزم بالنأي عن مهاجمة العقائد الدينية وشخوصها.
أما الإدارة الأمريكية فيعلم القاصي والداني بأنها مصنعة الإرهاب العالمي من خلال اغتيالاتها الكثير من الزعماء المناوئين لسياستها في أمريكا اللاتينية وافريقيا وتنظيمها الانقلابات المضادة للديمقراطية كما هو الحال في تشيلي ونيكاراغوا وغيرها وقتل الأبرياء بطائرات بدون طيار في باكستان وأفغانستان واليمن وتصنيعها للقاعدة ضد احتلال الاتحاد السوفياتي السابق لأفغانستان وداعش واخواتها ليست ببعيدة عن اذهاننا. فقد سهلت لها احتلال مناطق شاسعة في كل من سوريا والعراق. حتى باتت هذه الإدارة تقلد الأساليب الإسرائيلية في الاغتيالات وتهديم البيوت وتهجير وقتل أهالي المدن المنكوبة بالحروب.
ولا يخفى على احد بأن أساليب الحكومة العراقية الطائفية منذ الاحتلال الأمريكي عام 2003 حتى هذه اللحظة دفعت الكثير من أبناء المكون السني الى التطرف ومساندة داعش. لأن الدولة تسيطر عليها المليشيات الطائفية المتعصبة التي تتهم المكون الآخر مرة بالتكفيري وأخرى بالارهابي وثالثة بالداعشي وتتعامل مع مناطقهم بنزعة الثأر والانتقام وقطع خدمات الماء والكهرباء والغاز عن مدنهم إضافة الى سرقة الأموال والاختطاف والتعذيب والقتل فاصبح الكثير من سكان مدن وقرى محافظات ديالى وصلاح الدين والانبار والموصل وكركوك وبغداد مهجرين من بيوتهم ويبحثون عن مأوى آخر في الوطن الواحد. لقد اضطر الكثير من الناس ان يتحولوا للكفاح المسلح سواء مع المقاومة العراقية والعشائر او مع تنظيم الدولة الإسلامية نتيجة ظلم وإرهاب وفساد وافساد المليشيات منذ سنيين طويلة.
تناسي منابع الإرهاب في باريس وواشنطن وبغداد أدى وسيؤدي حتما الى انتشاره أكثر من أي وقت مضى لأن الإرهاب لا يولد الا إرهابا معاكسا وستكون كلمة العقلاء والفضلاء من الناس في ظل هذه الأجواء غير ذات اثر ولا يسمعها احد ومنبوذة من كلا الطرفين أساتذة ومصنعي الإرهاب والإرهابيين انفسهم. ان الغريب في الامر ان مظاهرة باريس لم تبحث عن سبب ذلك العمل الإرهابي وتتغافل عن مشاعر ملياري مسلم بحجة حرية التعبير. وان الإدارة الامريكية لا تريد ان تراجع اساليبها في تغذية منابع الارهاب العالمي منذ عشرات السنين لتبرير مصالحها السياسية والاقتصادية والدينية.
وبغداد هي الأخرى لم تحاسب حتى الان المليشيات التي تعيث في ارض العراق فسادا. اليوم حكومة بغداد ومعها العالم اجمع تصيح ليل نهار وتحرض العالم ضد داعش وارهابها وتتغاضى وتتناسى إرهاب مليشياتها. لكن الاغرب من ذلك ان جميع دول العالم بما فيها الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي وجامعة الدول العربية والدول الإسلامية والعربية نسوا او تناسوا بان من اتى بداعش وأنعشها هي المليشيات الطائفية وتغاضي المجتمع الدولي لاكثر من عشر سنوات عن إرهاب الدولة ومليشياتها في تعاملها مع الشعب العراقي بطريقة اسوأ بكثير من داعش نفسها.
٭ كاتب من العراق
د. نصيف الجبوري
كلامك كله حق يا دكتور نصيف
ولكن هل من منصت لهذا الكلام
انها الحرب الكونية من صهاينة وصفوية وشرق وغرب على السنة
ومع الأسف أن بعض السنة مشاركين بهذه الحرب
فمتى نفيق يا أمة الاسلام
ولا حول ولا قوة الا بالله
لكن التغاضي عن النبع الذي ينهل منه الفكر الإرهابي أخطر بكثير . أتصور العالم العربي وعربي والإسلامي لو يتخلص من معظم الدعاة الذين يحضون على الكراهية للغير والمختلف ، ويروجون لدخول الجنة ووجود الجور العين لدفع الشباب المكبوت جنسيا لقتل نفسه مع قتل غيره ، وتعليم الصغار أن الدين الإسلامي هو الحق وأصحاب الديانات الأخرى كافرون يحل قتلهم لأنهم ليسوا مسلمين ، أما ما ذكره الكاتب فهي أسباب أخرى ، ولكن المشكلة بالإسلاميين والتصحر العقلي .
نعم اتفق مع السيدة عائدة بان لدى بعض الدعاة الاسلاميين المحدودي الافق ثقافة الكراهية والتعصب والفوقية لكن من الانصاف ان لا نجعل المسلمين في سلة واحدة من جهة ونفرق من الاسلام والمسلمين. فالقران الكريم يقول لا اكراه في الدين…البقرة وكذلك يأمر الله رسوله ان يعين المشرك بالله للوصول الى مبتغاه (وان احد من المشركين استجارك فاجره حتى يسمع كلام الله ثم ابلغه مامنه….. التوبة) ويثني على اهل الكتاب (وان من اهل الكتاب لمن يومن بالله وما انزل اليكم وما انزل اليهم خاشعين لله لا يشترون بايات الله ثمنا قليلا اولئل لهم اجرهم عند ربهم ان الله سريع الحساب ….ال عمران ). من المؤكد بان هناك ايات للقتال والتصدي للمشركين لكنها يجب ان تفهم من ضمن السياق التاريخي الزماني والمكاني فالاسلام كان مهددا بالاستثصال من قبل المشركين ولا بد من الدفاع عن المبدا والعقيدة التي امنت بها طائفة من الناس بالاقتناع وليس بالاكراه ضمن مفهوم الدفاع عن حرية الراي للمسلم وغيره. هذا ما عرفناه من الاسلام الذي يعطي مساجة واسعة للعدل حتى ان هناك قول اسلامي مشهور يقول تدوم الدولة الكافرة اذا كانت عادلة وتزول الدولة المسلمة اذا كانت ظالمة