التغير المناخي يضرب تركيا بالسيول والانهيارات وشبهات “إرهاب” حول حرائق ضخمة كارثية

حجم الخط
0

أنقرة- “القدس العربي”: بينما كانت مناطق مختلفة في شمالي تركيا ما زالت تحاول لملمة آثار السيول الصعبة التي ضربتها قبل أيام وخلفت قتلى وجرحى ودمار واسع، اشتعلت حرائق واسعة كارثية في محافظات مختلفة جنوبي البلاد خلفت أيضاً قتلى وجرحى ودماراً كبيراً وسط خشية من آثار كارثية أكبر على البيئة والسكان وشبهات حول وجود طرف مدبر للحرائق واتهامات لتنظيم “بي كا كا” بالتورط فيها.

والأسبوع الماضي، شهدت مناطق مختلفة من شمالي تركيا هطول أمطار صيفية غزيرة خلفت سيولاً كبيرة أغرقت العديد من المناطق وتسببت في انزلاقات أرضية وانهيار للكثير من المنازل وتخريب لمساحات شاسعة من الأراضي الزراعية وجرفت سيارات وممتلكات مختلفة للمواطنين الذي اضطروا لإخلاء العديد من المناطق بصعوبة وبمساعدة من فرق الإنقاذ وقوات الشرطة والجيش التي اضطرت للنزول والمساهمة في عمليات الإنقاذ.

وبحسب إحصائية رسمية، خلفت السيول الأخيرة 6 قتلى والعديد من المصابين، واضطر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الذي زار المنطقة المنكوبة إلى إعلان مناطق مختلفة في ثلاث ولايات شمالي البلاد “منطقة كوارث” لتتولي إدارة الكوارث والطوارئ التركية “أفاد” عمليات حصر الأضرار ومساعدة المواطنين المنكوبين الذين طالتهم السيول في ولايات ريزة وارتفين ودوزجة.

كما وعد الرئيس التركي بأن حكومته سوف تبني 550 مسكنا للمتضررين من السيول وتقديم مساعدات مختلفة للمتضررين من الكارثة، بما فيها مساعدات النقل والإيجار والاحتياجات العاجلة، وسط استمرار التحذيرات من وقوع سيول كبيرة جديدة بسبب الأمطار الصيفية الذي يقول خبراء إنها زادت بسبب التغير الكبير الذي يشهده المناخ حول العالم وظهر ذلك جلياً في الأيام الأخيرة على شكل سيول كارثة تسببت بمقتل وإصابة الآلاف في العديد من الدول حول العالم أبرزها ألمانيا وبلجيكا والصين والهند وأفغانستان، إلى جانب ما شهدته تركيا.

بالتوازي مع ذلك، كانت حرائق الغابات تشتد تدريجياً في ولايات مختلفة جنوب تركيا حيث كافحت طوال الأيام الماضية فرق الإطفاء من أجل السيطرة على العديد من الحرائق التي أتت على مئات آلاف الهكتارات من الغابات والمناطق الزراعية وامتدت لتطال قرى وأحياء سكنية وتسببت في أضرار مادية فادحة، وأشارت تقديرات التلفزيون الرسمي إلى أن اليومين الأخيرين شهدا تسجيل أكثر من 41 حريقاً في المناطق الساحلية المجاورة لبعضها البعض وهي موغلا وأنطاليا ومرسين وأضنة، إلى جانب ولاية قيصري.

لكن الأربعاء شهد توسعاً كبيراً في الحرائق التي اشتعلت في العديد من المناطق في آن واحد وتسببت في حالة إرباك غير مسبوقة ما استدعي تدخل كافة أركان الدولة من فرق الإطفاء والانقاذ والوزارات المختلفة إلى جانب الجيش والدرك والهيئات الإغاثية، وواجهت فرق الإطفاء صعوبة كبيرة في تركيز جهودها لكثرة الحرائق وامتدادها على مساحات واسعة، حيث شاركت عشرات طائرات الإطفاء ومئات السيارات وآلاف عناصر الإطفاء المدربين في جهود مكافحة الحرائق، حيث جرى السيطرة على العديد من الحرائق، بينما لا تزال تشتعل بقوة في العديد من المناطق.

قتلى وعشرات الجرحى والدولة تسخر كافة أذرعها لإخماد الحرائق

أكبر هذه الحرائق كان في مدينة أنطاليا الساحلية جنوبي تركيا حيث اشتعلت النيران في غابات ضخمة داخل حدود المدينة والتهمت النيرات آلاف الهكتارات ووصلت إلى العديد من القرى والأحياء السكنية واضطرت الجهات المختصة إلى إجلاء عشرات آلاف السكان من أكثر من 18 حي في المحافظة، فيما شاركت طائرتي إطفاء حرائق وقرابة 20 مروحية وعشرات عربات الإطفاء في محاولات إخماد الحريق الأكبر الذي تشهده المحافظة منذ سنوات طويلة.

من جهتها، أكدت وزارة الصحة التركية أن الحريق في ولاية أنطاليا خلف حتى الآن 3 قتلى وقرابة 122 جرحاً منهم 58 جرى نقلهم للمستشفيات، فيما تمكنت طواقم الإنقاذ وقوات الجيش التي شاركت في عمليات الإنقاذ من انتشال الكثير من المحاصرين، وسجل احتراق عشرات المنازل وانتشرت مشاهد وصفت بـ”الصعبة والمؤلمة” لتفحم الغابات ومقتل الحيوانات احتراقاً.

وإلى جانب أنطاليا، اندلعت حرائق كبيرة في ولايات أضنة ومرسين وقيصري وأتت على آلاف الهكتارات وهددت الكثير منها المناطق السكنية، والخميس اشد أحد الحرائق في منطقة مرمريس التابعة لولاية موغلا السياحية الساحلية وشوهدت النيران تلتهم مساحات غابية كبيرة قرب منتجعات سياحية ساحلية وسط تحذيرات من وصول النيران إلى مناطق سكنية مكتظة يجري إخلائها احترازياً، كما سجلت الخميس حرائق جديدة في قضائي بودروم وديدام بولاية موغلا.

وعلى الرغم من أن هذه الحرائق تأتي مع ارتفاع درجات الحرارة لمستويات عالية إلا أن شبهات كبيرة تدور حول إمكانية أن تكون هذه الحرائق أو جزء منها مدبر وبفعل فاعل، لاسيما مع المؤشرات الأولية على اشتعالها في أكثر من نقطة في آن واحد وعودة الحديث عن تكتيكات تنظيم “بي كا كا” الذي تبنى سابقاً عمليات حرق للغابات في إطار حربه مع الدولة التركية.

وفتحت النيابة العامة التركية تحقيقات في العديد من الحرائق بمحافظات مختلفة، كما جرى توقيف العديد من الأشخاص في إطار التحقيقات المتواصلة وذلك بالتزامن مع انتشار مقطع فيديو لاعتقال شخص قالت وسائل إعلامية تركية إنه ينتمي لتنظيم “بي كا كا” وضبط أثناء محاولته إشعال النار في قاعدة عسكرية بالعاصمة أنقرة، وهو ما عزز الاعتقاد بأن الحرائق المتصاعدة أو جزء منها هي ناجمة عما اصطلح عليه “إرهاب إحراق الغابات”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية