التغيير الرئاسي السوري: إعادة هيكلة الارتجال السياسي
غسان المفلحالتغيير الرئاسي السوري: إعادة هيكلة الارتجال السياسي إن المتتبع للتغيير الذي أجراه السيد الرئيس بشار الأسد بتعيينه السيد فاروق الشرع نائبا للرئيس ومسؤولا عن الملف الخارجي والإعلامي وألحقه بمستشار أمني من العيار الثقيل وهو السيد اللواء المتقاعد محمد ناصيف والذي بقي علي مدار ثلاثة عقود تقريبا يتسلم فرع دمشق لأمن الدولة أو ما يعرف في سورية بالفرع الداخلي. والعيار الثقيل تأتي من وزن السيد اللواء التاريخي داخل القرار الأمني وحتي السياسي في سورية وفي لبنان أيضا. أهي عودة للحرس القديم! أم هي تأكيد علي الطبيعة الجوانية للنظام السوري؟ وهي طبيعة لم ولن تتغير علي ما يبدو وكل الرهانات تذهب أدراج الرياح الرهان علي أي تغيير ذي ملمح حقيقي، كما يؤكد أن هذه المجموعة لا تقبل أبدا أن يصبحوا مواطنين سوريين إلا إذا بقوا في السلطة وماتوا فيها ومن يعرف السيد محمد ناصيف يعرف انه ممن تزوجوا سلطة الرئيس الراحل حافظ الأسد. حتي أنه لم يكن يملك بيتا خاصا به وينطبق عليه القول انه (أفني حياته في هذه السلطة) ولا أعرف حتي إن كان قد تزوج. وكان ينام ويستقبل ضيوفه وزواره العامين والخاصين في نفس مبني الفرع الداخلي. وهو قليل الظهور إعلاميا كما أنه قليل ما ظهر اسمه في أي ملفات فساد. حيث الفساد مشرع أمامه من كل الجهات في دمشق باعتباره الشخصية الأقوي علي مدار العقود الثلاثة التي بقي فيها في موقعه داخل ما يعرف بإدارة المخابرات العامة (أمن الدولة) وكان مقربا جدا من الرئيس الراحل. وساهم فرعه مساهمة قوية في تصفية تنظيم الأخوان المسلمين في دمشق أيام الصراع الدامي 1980 في سورية بين الأخوان والسلطة السورية. ببساطة هو شخص في السلطة منذ شبابه ولا زال رغم أنه تجاوز الخامسة والستين من العمر علي ما أظن. كما يعرف عنه أنه يعرف كل شاردة وواردة في تطور الحياة الداخلية للسلطة السورية منذ بداية السبعينيات. وكان كفؤا في إدارة فرعه ومهامه. ويختلف عن الكثيرين من رموز المخابرات السورية السابقين بأنه لم يكن متشددا تجاه اليسار السوري عموما ولم يكن يعتبره خطرا علي السلطة كما كانت الحال مع نظيره السيد اللواء علي دوبا كرئيس لشعبة المخابرات العسكرية في سورية. وتسلمه لمنصب جديد ولا نعرف درجة الصلاحيات في ظل وجود آصف شوكت وعلي مملوك وغيرهم من الرموز التي تمسك بزمام القرار الأمني في سورية. لكن نستطيع القول ان تعيينه من جديد في الشؤون الأمنية ربما ترضية أو استفادة من خبرته بعدما وصلت السياسة السورية إلي طريق مسدود يهدد كل النظام وبرمته.كما أن تعيينه في طاقم نائب الرئيس والذي أعتقد وهذا ما يعرفه المواطنون السوريون أن السيد الشرع كان بحاجة إلي موعد سابق لمقابلة السيد ناصيف! ربما يوافق أو لا يوافق. وكأننا أمام علاقة عائلية بين مسؤولي السلطة السورية وتبادل للمواقع! كما أن تعيين السيد العميد بسام عبد المجيد وزيرا للداخلية وأظن أن هنالك الكثير من ضباط الشرطة أقدم منه رتبة وأعلي في الرتبة والقدم تؤكد أن السلطة السورية لا زالت في حالة ارتجال سياسي تغيب عنه المؤسساتية فما علاقة ضابط أمضي كل حياته العسكرية في شعبة المخابرات العسكرية والشرطة العسكرية بوزارة الداخلية وشؤونها؟!! ومجرد غياب المؤسساتية لن تحضر سوي علاقات ولاء لرأس السلطة فقط دون الأخذ بعين الاعتبار حتي أبسط القواعد كما تم سابقا تعيين ضابط متوسط اسمه محمد غباش وزيرا للداخلية وكانت غالبية ضباط وزارة الداخلية أعلي منه رتبة!! ولكن للحق القول ان هذه الأسماء الجديدة أسماء غاب حضورها عن لوحة الفساد في تاريخية السلطة السورية.والكل في سورية يعرف أن غالبية الوزراء الحاليين لم يكونوا في يوم من الأيام خارج السلطة أو هوامشها المقربة لضباط الأمن التاريخيين في هذه السلطة ومنهم السيد محمد ناصيف نفسه لم يحضر تلوينا جديدا في التغيير الأخير للوزارة، ربما التلوين الوحيد هو عودة السيد ناصيف إلي الشق الأمني.كما أن إشراف السيد فاروق الشرع علي السياسة الاعلامية يجعلنا نعد للعشرة قبل أن نقول ان السياسية الإعلامية السورية ستتغير نحو الأفضل، وهو الذي لم يكن يقيم وزنا للإعلام كله حتي.. ومراجعة لتصريحاته في الكثير من المناسبات تؤكد ذلك.ولدي المرء الكثير من الأسماء الذي يمكن استعراضها في هذا التغيير الأخير ولكنها كلها تؤكد علي أن الارتجال السياسي وبعيدا عن أي شكل مؤسسي هو سيد الموقف والتغييرات السلطوية في سورية ليس إلا…ہ كاتب من سورية8