التقارب بين جوبا والخرطوم ينتظر ‘مصير’ استفتاء ‘أبيي’ الأحادي
8 - نوفمبر - 2013
حجم الخط
0
أبيي ”الأناضول’:’ بينما كانت حكومتا’الخرطوم وجوبا بصدد اتخاذ خطوات لتعزيز التعاون الاقتصادي بينهما، برزت قضية الاستفتاء الشعبي الذي أجري من جانب واحد في منطقة أبيي الغنية بالنفط، والمتنازع عليها، والذي تقول الحكومتان إنهما ترفضانه. ويرى مراقبون أن طريقة تعامل حكومتا الخرطوم وجوبا’مع نتائج هذا الاستفتاء الآحادي، الذي أجرته قبيلة ‘دينكا نقوك’ (ذات الأصول الأفريقية والموالية لدولة جنوب السودان)’سيحسم مستقبل التقارب بين البلدين. ففي الثاني والعشرين من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، اتفق الرئيسان عمر البشير،’رئيس السودان، وسلفاكير ميارديت،’رئيس جنوب السودان، في قمة مشتركة عقدت بجوبا على إنشاء إدارة مشتركة لمنطقة أبيي، وتعزيز وجود الأجهزة الشرطية المشتركة بين البلدين، كواحدة من الحلول الممكنة لمعضلة المنطقة الحدودية التي ترى كل دولة أنها الأحق بها. وأعلنت حينها قبيلة ‘دينكا نقوك”رفضها لذلك، مؤكدة تمسكها بالموعد الذي حدده الاتحاد الأفريقي لإجراء الاستفتاء على تقرير مصير المنطقة، حول ما إن كان سكانها يقبلون انضمامها للسودان أم لجنوب السودان)’في أكتوبر/تشرين الأول 2013، في ظل رفض من حكومة السودان لهذا المقترح الذي أعطى حق التصويت فقط’لقبيلة دينكا نقوك، دون مشاركة قبيلة المسيرية (ذات الأصول العربية الموالية للسودان). وصوّت الناخبون من المنتمين لقبائل دينكا بالموافقة على ضم أبيي إلى جنوب السودان، بنسبة 99.9% من الأصوات، في الاستفتاء غير الرسمي الذي ظهرت نتيجته في 31 أكتوبر/تشرين، وسط مقاطعة من حكومتي الخرطوم وجوبا، وقبيلة المسيرية المشاركة مع قبيلة ‘دينكا نقوك’ في نفس المنطقة. وبمجرد الإعلان عن نتائج الاستفتاء، سارع مسئولون من حزب ‘المؤتمر الوطني الحاكم’ في السودان إلى التهديد بإجراء استفتاء آخر، برغم تأكيد حكومة جنوب السودان علي أنها لا تدعم إجراء استفتاء أحادي الجانب لتحديد الوضع النهائي لمنطقة أبيي المتنازع حولها. وقال ‘مايكل مكوي’، الناطق الرسمي باسم حكومة جنوب السودان في تصريحات صحفية بجوبا، إن حكومته لا علاقة لها بما يجري في منطقة أبيي، معتبرا ذلك ‘عملا خاصا بجماعات ضغط سياسي تابعة لتنظيمات المجتمع المدني في أبيي’، مضيفا ‘مواطنو أبيي هم من قاموا بإجراء الاستفتاء وليست حكومة جنوب السودان’. في المقابل، هدد ‘نافع علي نافع’، نائب ‘رئيس المؤتمر الوطني’ الحاكم في الخرطوم بإجراء استفتاء مواز للاستفتاء الذي أجرته دينكا نقوك في المنطقة، متوقعا في تصريحات صحفية الاثنين الماضي أن تثبت نتيجة ذلك الاستفتاء أن ‘دينكا نقوك أقلية مقارنة بسكان المنطقة من الشماليين وليس المسيرية فحسب’. ويبدو أن نفي حكومة جنوب السودان دعم الاستفتاء الشعبي الذي تم في أبيي لم يشفع لها أمام حكومة الخرطوم، التي تشكك في موقف حكومة جنوب السودان من مخرجات الاستفتاء ونتائجه المستقبلية، حيث يرى محللون أن جنوب السودان أرادت من تبرؤها من دعم الاستفتاء الحفاظ على هدوء الخرطوم وقبائل المسيرية، لضمان إجراء الاستفتاء في مناخ سلمي. ومن الممكن أن تلقي تداعيات الاستفتاء بظلالها على مستقبل العلاقة وتعزيز التعاون الاقتصادي’بين البلدين؛ فقد التقت قيادات من قبيلة ‘دينكا نقوك’ برئيس جنوب السودان، سيلفا كير، مساء الأربعاء الماضي، وقامت بتسليمه نتائج الاستفتاء، حيث وعد بإرسال مبعوث خاص بتلك النتائج إلى الرئيس السوداني، عمر البشير، لاستطلاع موقف الخرطوم. وقال ‘دينق مدينق’، نائب رئيس اللجنة الإشرافية لمنطقة أبيي من جانب جنوب السودان، للأناضول، إن وفدا من اللجنة العليا للاستفتاء ومجتمع أبيي قاموا بتسليم سلفا كير’نتيجة الاستفتاء، مبينا أن كير أوضح أن الاعتراف بالنتيجة يكون عبر اتفاق مع نظيره السوداني. وأضاف ‘مدينق’ أن الرئيس سيلفا كير ‘وعدنا’بإرسال مبعوثه الخاص إلى البشير للاتفاق حول نتيجة الاستفتاء’، مشيرا إلى أن الرئيسين كانا قد اتفقا على عدم عودة الحرب بين المسيرية والدينكا نقوك حتى لا تحدث مواجهات بين البلدين. وتابع: ‘طالما أن الاستفتاء كان سلميا، فإن سلفا كير’سيرسل مبعوثه الشخصي إلى الخرطوم في وقت قريب، وإذا رفض البشير سيقوم بإرسال رسالة إلى الاتحاد الأفريقي يوضح ما جرى في أبيي’. في السياق ذاته، يري ‘كنيدي نيمايا’ الصحفي بصحيفة المصير التي تصدر بجوبا أن ‘حكومة جنوب السودان تقف بشكل غير معلن مع استفتاء دينكا نقوك’. وتابع في تصريح لوكالة الأناضول: ‘الخرطوم مدركة تماما وقوف جوبا وراء استفتاء دينكا نقوك’المقام من جانب واحد، إلا أن عدم إعلان حكومة الجنوب لهذا الدعم لم يمكنها من إحراج حكومة جنوب السودان أمام المجتمع الدولي والاتحاد الأفريقي’. ويرى ‘نيمايا’ أن ذلك اضطرها إلى ‘الصمت وترقب خطوات جوبا حيال الأمر، لا سيما وأن كليهما’ينظر لعلاقته بالآخر من الزاوية الاقتصادية (تدفق النفط)، وفتح المعابر الحدودية لإنعاش التجارة الحدودية’. وكان من المفترض أن يجرى استفتاء أبيي بالتزامن مع استفتاء انفصال الجنوب عن الشمال في يناير/ كانون الثاني 2011، إلا أن الاختلاف حول أهلية الناخبين، عطل الخطوة.