من أجمل ما في أمريكا: حضور الشعر في حفل التنصيب، فقد أنشدت الشاعرة السمراء الجميلة أماندا جورمان (23 سنة)، قصيدتها «التل الذي نتسلقه» (إشارة إلى الكابيتول)، في حفل تنصيب جو بايدن، وكان ذلك باقتراح من زوجته. وهذا تقليد سنه الديمقراطيون منذ تنصيب كينيدي. ومن الشعراء الذين أنشدوا قصائدهم في احتفالات التنصيب سابقا: روبرت فروست واليزابيث ألكسندر وريشار بلانكو.
إذ يهل ذلك اليوم، نسأل أين لنا أن نجد الضوء في هذه العتمة التي لا نهاية لها؟
نحن الذين خسرنا أنفسنا. بحر لابد من أن نتخبط فيه.
لقد طعنا الوحش في الأحشاء.
تعلمنا أن السكينة لا تعني السلام، وأن ما هو «عادل» ضوابطَ ومبادئ، ليس عدلا دائما. ومع ذلك فإن الفجر لنا، قبل أن نتبينه.
وبطريقة أو بأخرى، نحن نصنعه.
ولقد نجونا بطريقة أو بأخرى، ورأينا أمة ليست مهيضة الجناح،
ولكنها ببساطة لم تكمل بناءها بعد.
نحن ورثاء بلد وعصر حيث فتاة سوداء نحيفة؛ ربتها عانس،
تستطيع أن تحلم بأن تكون رئيسة،
وأن تجد نفسها تنشد في حفل تنصيب الرئيس، في خضم الخطب والأغاني،
(قصيدة) واحدة «أبدا لم تكن أكثر تفاؤلا».
نعم، نحن أبعد من أن نكون متأدبين، أبعد من أن نكون كاملين؛
لكن هذا لا ينفي أن نبذل الجهد كله، من أجل بناء وحدة تامة.
أن نبذل الجهد كله من أجل أن نصوغ وحدتنا، ويكون لنا هدف.
أن نبني بلدا يتعهد الثقافات كلها، والألوان كلها،
والطبائع كلها، وأوضاع الإنسان كلها.
وهكذا نحن نطمح بأبصارنا لا إلى ما يفصل بيننا،
وإنما إلى ما ينهض أمامنا.
نحن نردم الهوة، لأننا ندرك أنه علينا، من أجل أن تكون الأفضلية لمستقبلنا؛
أن نطرح اختلافاتنا جانبا.
نحن نرفع أيدينا، من أجل أن نمد أيدينا بعضنا إلى بعض.
أبدا لن نسعى إلى إيذاء أحد، وإنما إلى تآلف الجميع.
لندع العالم، ولنقل، في الأقل، إنه لحق: فقد كبرنا، حتى ونحن نبكي
حتى ونحن نتألم، فإن الأمل يعمر قلوبنا
حتى عندما ينال منا التعب، فنحن نحاول.
لنبقَ متحدين دائما، منتصرين
لا لأننا لن نهزم؛ وإنما لأننا لن نبذر الشقاق أبدا.
يقول لنا الكتاب المقدس: «بَلْ يَجْلِسُونَ كُل وَاحِدٍ تَحْتَ كَرْمَتِهِ وَتَحْتَ تِينَتِهِ، وَلَا يَكُونُ مَنْ يُرْعِبُ، لِأَن فَمَ رَب ٱلْجُنُودِ تَكَلمَ»
إذا أردنا أن نكون أهلا لعصرنا، فإن النصر ليس في حد السيف، وإنما في كل الجسور التي مددناها.
ذاك هو وعْد الفرجة فرجةِ الغابة، والتل الذي نتسلقه، إذا نحن تجاسرنا؛ ليس إلا.
ذلك أن تكون أمريكيا هو أكثر من مجرد عزة نتوارثها.
إنه الماضي الذي نلجه، الذي نسأل كيف نرأب صدعه.
لقد شهدنا قوة غاشمة كان يمكن أن تحطم أمتنا، بدل أن تحميها.
يمكن أن تدمر بلدنا، إذا كان هذا يعني إرجاء الديمقراطية.
هذا الصنيع كاد الحظ يحالفه.
لكن إذا أمكن إرجاء الديمقراطية، فإنها لن تهزم قطعيا.
هذه هي الحقيقة، هذا هو الاعتقاد الذي نثق فيه، ذلك أنه فيما نطمح بأبصارنا إلى المستقبل،
فإن التاريخ يرمقنا.
هو ذا زمن الخلاص، وقد كنا نتوجس منه وهو في بدايته.
لم نشعر بأننا كنا متأهبين، لمثل هذا الوقت المرعب،
ولكن في رحمه، استشعرنا قوة أن نكتب فصلا جديدا، وأن نهب أنفسنا الأمل والمرح.
هكذا إذن، إذ نتساءل مرة: «كيف لنا أن نقهر الكارثة عند الاقتضاء؟» نجزم الآن «أنى للكارثة أن تغلبنا؟»
أبدا لن نعود إلى ما كان، بل نذهب إلى ما سيكون: بلدٌ ممزق، لكنه كامل؛ خيرٌ، لكنه جريء، قوي حر.
أبدا لن نعود القهقرى، أو يعوقنا التهديد؛ لأننا ندرك أن تراخينا وقصورنا، هما ما يرثه الآتون بعدنا. إن أخطاءنا ستحملهم ثقيلا.
إنما ثمة شيء مؤكد: سيكون الحب، إذا نحن زاوجنا بين الرحمة والقوة، بين القوة والحق؛ إرثَنا و (حسن) تبدلنا، رسْمَ ولادة أطفالنا.
إذن لنترك لهم بلدا أفضل من الذي هو لنا.
في كل نفثة من صدري القلق المهموم،
سنرفع هذا العالم الجريح، إلى عالم خارق،
سنرفع تلال الغرب الذهبية.
لنصعدن من الشمال الشرقي الذي كسحته الريح، حيث قام أسلافنا بثورتهم الأولى.
سنخرج من المدن المسيجة ببحيرات ولايات الغرب الأوسط.
لنصعدن من الجنوب المشمس.
لنُعيدن البناء، لَنتصالح، ونسترد ما ضاع.
في كل ناحية معروفة من نواحي أمتنا، في كل زاوية مخبأة تُسمى بلدنا، سينبعث شعبنا المتنوع الجميل، تعِبًا جميلا.
إذ يهل ذلك اليوم، نخرج من العتمة، متوهجين، بلا خوف.
هو ذا الفجر يضيء، فيما نحن نحرره.
فثمة دائما ضوء، إذا كان لنا ما يكفي من الشجاعة، لرؤيته.
إذا كان لنا من الشجاعة ما يكفي، لنكونَه.
شاعر وناقد تونسي
كلاه في غاية الروعة.
لو تحقق…لكان العالم أجمل وأرحم.
هذا شعر من امريكية الى الامريكيين!
حبدا لو تجيبها شابة عراقية شاعرةً ايضا و في سنها على ما فعلته امريكا ببلاد الرافدين
حبذا بقافية!!
كلام في غاية الروعة.
لو تحقق… لكان العالم أجمل وأرحم.
بهرتني هذه الشاعرة الشابة الجميلة بروعتها
لا أدري كيف عزب عن بال كاتب المقال الأديب المعروف منصف الوهايبي في مقاله هذا، عدم إدراج اسمِ أولِ امرأةٍ تُلقي قصيدةً في حفلِ تنصيبٍ رئاسيٍّ، وتعدُّ الثانية في هذا التّقليد الذي بدأه قبلها الشاعر روبيرت فروست أثناء تنصيب الرّئيس جون كندي في العشرين من يناير عام ١٩٦١، وأقصد بها الشاعرةَ الرّاحلةَ (مايا أنجيلو) التي ألقت قصيدةً بعنوان:
على نبض الصباح
On the Pulse of Morning
وكان ذلك أثناء تنصيب الرئيس الأمريكي (بيل كلينتون) في العشرين من يناير عام ١٩٩٣.
ذياب بن صخر العامري
WhatsApp+31629122222
شكرًا أستاذ على الترجمة الممتازة في جملتها و عملك على إيصال معاني هذه القصيدة الرفيعة الى القراء العرب ليستفيد كل العالم من تجارب و أبيات الشابة و الشاعرة الامريكية اما ندا . أودّ ان ألفت انتباهكم الى هفوة في ترجمة عبارة معينة و هي “single mother” حيث وقع ترجمتها الى “عانس.” الترجمة الصحيحة يجب ان تكون “ام عزباء.” احتراما لوالدة الشاعرة و مجهوداتها في إهداء العالم ابنة و شاعرة مثل اما ندا ارجو منكم تصليح هذه الغلطة في الترجمة في أسرع وقت. شكرًا و دمتم بخير. سلوى بن زهرة
نعم أستاذة سلوى بن زهرة أشاطرك الرأي تماما: ام عزباء.
شكرًا، استاذ!
ارجوكم من الجريدة اعلان تصحيح ذلك و ايضا تغيير “و ان…” الى ” فقط لتجد نفسها تنشد…” معنى الشاعرة المقصود يختلف كثيرا عن الترجمة في ذلك السطر و السياق.