التميمي الرضيع الذي “تأكد موته” يعري الإعلام الإسرائيلي: لم أطلق النار على رأسي

حجم الخط
0

الإثنين الماضي، توفي متأثراً بجروحه الرضيع محمد التميمي بعد أن أطلق عليه جندي من الجيش الإسرائيلي رصاصة تفجرت في رأسه أمام ناظري والده. بعد ذلك، أطلق رصاصة أخرى على صدر الأب. محمد ابن السنتين ونصف توفي في مستشفى “تل هشومير” بعد أربعة أيام.

جندي إسرائيلي قتل رضيعاً عمره سنتان ونصف، وقررت وسائل الإعلام في إسرائيل، تقريباً بالإجماع، بأنه حدث غير مهم ولا يثير الاهتمام، أو كلاهما. باختصار، ليست قصة. القناة 12 وصحيفة “إسرائيل اليوم” وصحيفة “معاريف” أخفت النبأ عن مستهلكي الأخبار فيها تماماً. ببساطة، كأن شيئاً لم يحدث. وسائل الإعلام الأخرى المعروفة، باستثناء هذه الصحيفة، قللت من إبراز النبأ. هي أيضاً خففته لينزلق في حلق جمهور المستهلكين الحساس. مع ذلك، من غير اللطيف أن يقوم جندي إسرائيلي بقتل طفل.

موقع “كان 11” نشر: “لقد تقرر موت الطفل الفلسطيني ابن ثلاث سنوات الذي أصيب بنار قوة للجيش الإسرائيلي أطلقت النار نحو مخربين”. لقد تقرر موته، موت الفلسطيني ابن ثلاث سنوات، والأساس هو أن القوة أطلقت النار على مخربين، وليس على الطفل ووالده. كل شيء تم التحقيق فيه وأصبح معروفاً. الحقيقة كما تريدونها. موقع “واللاه” كان أكثر حذراً ووطنية: “لقد تقرر موت الطفل، الذي كما يبدو أصيب بنار الجيش الإسرائيلي”. كما يبدو. غير مؤكد. ربما يكون الموقع محقاً!، ربما أطلق الطفل النار على نفسه أو ربما والده هو من أطلق النار عليه، أو ربما المخربون المتوحشون في قرية النبي صالح هم الذين أطلقوا النار – يجب أن تذهبوا وتعرفوا، يا قراء “واللاه”. الأساس أن تناموا ليلكم بهدوء وتعودوا إلينا.

أيضاً “واي نت” سارت على البيض، ونشرت: “لقد تأكد موت الطفل ابن الثالثة، الذي أطلقت عليه قوة تابعة للجيش الإسرائيلي النار بالخطأ، رداً على نار المخربين”. المتحدث بلسان الجيش الإسرائيلي أصبح لا لزوم له. وبات من الممكن حل هذه الوحدة الضخمة؛ فهناك من يصوغ بصورة دعاية أفضل: “نار بالخطأ”، “نار المخربين”. لا أحد أتى على ذكر اسم الطفل. فلسطيني بدون اسم. الجميع اكتفوا بالصيغة الباردة “تأكد موته”، وكأنه أمر بيروقراطي. جلس الموظفون وقرروا حالة الوفاة. لا صلة لجنود الجيش بالأمر.

“أخبار 12” جديرة بتطرق خاص: هنا الأساس. هناك عرفوا أن الطفل قد مات، ومع ذلك قرروا أن هذا غير مهم وغير مثير. ما الذي خطر ببال آفي ويوسي وطاقم المحررين؟ ما الذي مر في ذهن يونيت ليفي، مقدمة النشرة صاحبة الرأي والمعتدلة، عندما قرروا إخفاء موت الطفل عن الجمهور، الذي أطلق جندي إسرائيلي النار على رأسه؟ في نهاية المطاف لديهم أولاد. فهل شاهدوا صورة محمد وهو ينزف من الثقب الذي انفتح في جمجمته؟ هل تخيلوا أي طفلاً إسرائيلياً في نفس الوضع؟ ما هي الضجة الدولية التي كانوا سيحدثونها لو عرضوا ذلك في النشرة؟

ربما اعتبارات محلية؟ في ذاك المساء، افتتحت النشرة بمتهم بالاغتصاب تمت تبرئته. وبعد ذلك محادثة مع والدي الجندية التي قتلت في العملية على الحدود مع مصر. ومن هناك إلى تحقيق عن “الإرهاب الهادئ”. الآن سيأتي، هكذا اعتقدت، إرهاب وهادئ أيضاً، إذا كان هذا هو الإرهاب الذي قتل فيه جنود الجيش الإسرائيلي 24 طفلاً منذ بداية السنة، حسب معطيات “بتسيلم”. هل خصصوا مكاناً للطفل الـ24 محمد التميمي؟ لقد أضحكتم فايس وليفي ومحرري النشرة. “الإرهاب الهادئ” هو بالطبع الإرهاب ضد المستوطنين: رشق الحجارة، الزجاجات الحارقة، لا يتم السماع عن ذلك بما فيه الكفاية. ولكننا سمعنا الكثير عن الجنود الذين يقتلون الأطفال.

القناة 12 هي قناة الوسط في إسرائيل. في القناة 14 يعرفون ما يحصلون عليه. القناة 12 هي صوت الحقيقة والفهم والمهنية والنزاهة. هذا الصوت يقول لنا في كل مساء بأن حياة كل رضيع فلسطيني لا تساوي أي شيء، وهي غير مثيرة وغير مهمة. يمكن الاستمرار في الاحتجاج، يمكن مواصلة التلهي بمكبرات الصوت لروتمان وسفينة فاتوري، يمكن مواصلة النضال من أجل الديمقراطية بواسطة القناة 12. التاريخ وحده سيحكم على أضراره، وعلى الإخفاء المنهجي للاحتلال وجرائمه، وعلى تبييضه وشرعنته بكل ثمن. القناة 12 هي قناة الدعاية الحقيقية لإسرائيل.

جدعون ليفي

هآرتس 8/6/2023

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية