إسطنبول – “القدس العربي”-إحسان الفقيه:
تتحدث الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا عن نية “الرد بشدة” على استخدام قوات النظام الأسلحة الكيميائية.
وتراقب الولايات المتحدة استعدادات قوات النظام لاستئناف عملياته العسكرية الهجومية على محافظة إدلب، وتتعهد بالرد “بأقوى طريقة ممكنة إذا استخدم النظام السوري الأسلحة الكيميائية“.
وقبل محادثاته في جنيف، الخميس 23 أغسطس/آب، مع سكرتير مجلس الأمن القومي الروسي نيكولاي باتروشيف بيوم واحد؛ هدد مستشار الأمن القومي الأمريكي جون بولتون، الأربعاء، بتوجيه “ضربات جديدة ماحقة ضد الجيش السوري إذا ما استخدمت دمشق أسلحة كيميائية“.
وأعاد جون بولتون تكرار تهديداته “برد قوي من الولايات المتحدة يتعدى الضربات الجوية” خلال اللقاء الذي جمعه وسكرتير مجلس الأمن القومي الروسي نيكولاي باتروشيف في جنيف في 23 أغسطس/آب.
أما “باتروشيف”، فيرى أن التهديدات الغربية “تمثل دليلا غير مباشر على تحضير الولايات المتحدة وحلفائها لعدوان جديد ضد سوريا“.
وحذر سيرغي ريابكوف، نائب وزير الخارجية الروسي “الأمريكيين وحلفاءهم من اتخاذ خطوات طائشة مجددا في سوريا”، مع عزم كامل على “مواصلة السياسيات الروسية الرامية للقضاء الكامل على مراكز الإرهاب في سوريا، وعودتها إلى الحياة الطبيعية“.
وزارة الدفاع الروسية اتهمت في 25 أغسطس/آب مشاركة شركة “أوليف” بتدريب من وصفتهم بـ “الإرهابيين” على ارتداء زي عناصر الدفاع المدني في المناطق المحررة (الخوذات البيضاء) للقيام “باستفزاز كيميائي مفتعل جديد في سوريا” لاستخدامه كحجة لاتهام قوات النظام باستخدام الأسلحة الكيميائية المحرمة دوليا.
وتنفي شركة “أوليف” البريطانية (شركة حماية أمنية) الاتهامات الروسية بالتعاون مع هيئة تحرير الشام لتنفيذ هجمات بالأسلحة الكيميائية واتهام قوات النظام لدفع كل من الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا لشن هجمات على قوات النظام والقوات الحليفة.
وكشف المتحدث باسم وزارة الدفاع الروسية إيغور كوناشنكوف عن أن “إرهابيين من هيئة تحرير الشام نقلوا 8 حاويات مليئة بغاز الكلور إلى قرية تبعد بضعة كيلومترات عن جسر الشغور بعد أن سلمت إلى الجماعة الإرهابية “حزب التركستان الإسلامي” من أجل تمثيل “الهجوم الكيماوي” في مدينة جسر الشغور في محافظة إدلب، لتنظيم مسرحية الهجوم الكيميائي المزعوم” الذي “سيصبح حجة جديدة للولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا لتنفيذ ضربة جوية وصاروخية ضد دوائر الدولة والمنشآت الاقتصادية السورية“.
لكنّ المرصد السوري لحقوق الإنسان، ومقره لندن، نفى “الاتهامات” الروسية لفصائل المعارضة وبيّن أن حاويات مادة الكلور “يتم إرسالها بشكل دوري لتعقيم المياه في بلدات إدلب“.
ويعتقد المسؤولون الروس أن الولايات المتحدة تقوم بالتحضير لضربات جوية وصاروخية ضد مواقع تابعة لقوات النظام، تقول روسيا أنها ستكون ردا على هجمات بالأسلحة الكيميائية في محافظة إدلب تنفذها المعارضة المسلحة لاتهام النظام وإعطاء مبررات توجيه الضربة الغربية.
ونقلت وسائل إعلام روسية رسمية، 27 أغسطس/آب، عن مسؤولين عسكريين روس أن الولايات المتحدة تواصل تعزيز قواتها في عموم منطقة الشرق الأوسط تمهيدا لضربات جوية “متوقعة” ضد مواقع سورية.
ووفقا للمتحدث باسم وزارة الدفاع الروسية إيغور كوناشنكوف، فإن المدمرة الأمريكية “يو إس إس سوليفان” وصلت إلى مياه الخليج العربي محملة بـ 56 صاروخاً مجنحاً من طراز كروز، لمهمات تتعلق بالهجوم المتوقع على قوات النظام السوري؛
كما وصلت للغرض نفسه إلى قاعدة العديد الجوية في قطر المقاتلة الاستراتيجية الأمريكية “В-1В” وعلى متنها 24 صاروخا مجنحا أرض ـــــــ جو.
المتحدث باسم وزارة الدفاع الأمريكية إيرك باهون وصف التقارير الروسية بأنها “غير صحيحة”، وهي “ليست أكثر من دعاية” لكن هذا لا يعني أن الولايات المتحدة “غير مستعدة للرد إذا قام الرئيس الأمريكي بالتوجيه لاتخاذ مثل هذا الإجراء“.
ورصدت جهات معنية بحركة السفن حوالي 13 سفينة حربية روسية اتجهت إلى ميناء طرطوس والمياه الإقليمية السورية شرق البحر الأبيض المتوسط مرورا بمضيقي البسفور والدردنيل في البحر الأسود خلال هذا الأسبوع ليصل عددها إلى 16 قطعة بحرية، مسلحة بصواريخ متعددة الأنواع والمهام.
ويعد الحشد البحري الروسي في شرق البحر الأبيض المتوسط، هو الأكبر منذ بدء التدخل الروسي العسكري في الحرب السورية؛ ويشمل ما لا يقل عن عشر سفن حربية وسفن دعم وطرادات، وغواصتين، مع حركة مستمرة لسفن أخرى تتجه إلى المنطقة لمواجهة التهديدات الغربية وتعزيز قدرات الإسناد لقوات النظام في هجومها المرتقب على محافظة إدلب.
وعلى ما يبدو، فإن النظام السوري تتعاطى مع التهديدات الغربية بشكل جدي.
منذ مساء 25 أغسطس/آب، وضعت قوات النظام دفاعاتها الجوية في أعلى حالات الاستعداد لصد هجوم جوي محتمل من المتوقع، وفقا لوسائل إعلام، أن تستهدف مواقع أمنية وعسكرية في العاصمة السورية، وفي محيطها.
وفي مقابلة أجرتها معه قناة “عن تي في” الروسية الحكومية، تحدث رئيس النظام السوري بشار الأسد في يونيو/حزيران 2018، عن تخلص حكومته “من جميع أسلحتها الكيميائية في عام 2013″، لكن منظمة حظر الأسلحة الكيميائية لا تزال تعتقد بأن الحكومة السورية “فشلت” في تقديم إجابات مقنعة على الأسئلة التي تقدمت بها إليها للتأكد من خلو ترسانة قوات النظام من الأسلحة الكيميائية.
وتعرضت مدينة دوما في ريف دمشق مساء 7 أبريل/نيسان 2018 إلى هجوم بالأسلحة الكيميائية في سياق هجوم واسع لقوات النظام بدعم جوي روسي لاستعادة السيطرة على المدينة؛ أودى الهجوم، وفق مصادر الدفاع المدني التابع للمعارضة المسلحة، بحياة أكثر من 42 من السكان المحليين وإصابة أكثر من 500 آخرين.
وفي 14 أبريل/نيسان 2018 نفذت الولايات المتحدة وفرنسا ضربات جوية واسعة على أهداف سورية بعد “اتهامات” باستخدام قوات النظام الأسلحة الكيميائية في منطقة دوما بريف دمشق الشرقي بشكل متكرر.
وسبق أن نفذت الولايات المتحدة ودول شريكة هجوما صاروخيا على مواقع وقواعد تابعة لقوات النظام في أبريل/نيسان 2017، وبالأخص على قاعدة الشعيرات الجوية، بعد اتهامات باستخدام قوات النظام الأسلحة الكيميائية في بلدة خان شيخون في محافظة إدلب.
وفي بيان مشترك، 23 أغسطس/آب، بمناسبة مرور خمس سنوات على استخدام قوات النظام الأسلحة الكيميائية لأول مرة (غاز السارين) ضد المعارضة المسلحة في الغوطة الشرقية للعاصمة أسفر عن مقتل أكثر من 300 شخص، هددت كل من الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا، بالرد على قوات النظام إذا استخدم أسلحة كيميائية في إدلب.
وبحسب البيان الثلاثي المشترك فإن الدول الثلاث، الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا، تؤكد على “قلقها من احتمال استخدام آخر وغير قانوني للأسلحة الكيميائية” في سياق هجوم عسكري “قد” تشنه قوات النظام على محافظة إدلب تجعلها، أي الدول الثلاث، “مصممة على التحرك“.
ركز البيان الثلاثي فقط على القلق من تفاقم حدة الأزمة الإنسانية في حال شنت قوات النظام هجوما واسعا على محافظة إدلب مع التأكيد على الرد في حال استخدمت قوات النظام الأسلحة الكيميائية؛ لكن البيان بدا أشبه ما يكون بإعطاء الضوء الأخضر لقوات النظام باستخدام أي أنواع من الأسلحة التقليدية دون أي عقاب رادع ما لم يستخدم الأسلحة الكيميائية حصرا.
وتسببت الأسلحة الكيميائية التي استخدمتها قوات النظام بأقل من 1 بالمائة من مجموع ضحايا الحرب الأهلية السورية من المدنيين الذين قتلت قوات النظام بنسبة 99 بالمائة منهم عن طريق الغارات الجوية بالأسلحة التقليدية والبراميل المتفجرة والصواريخ والمدفعية بمختلف أنواعها وبالأسلحة الخفيفة أيضا.