الخرطوم ـ «القدس العربي»: عاد الهدوء المشوب بالتوتر إلى الحدود السودانية – الإثيوبية، بعد إطلاق سراح سبعة جنود سودانيين، سبق أن أسرهم الجيش الإثيوبي، فيما دعا مجلس الأمن والدفاع السوداني، أديس ابابا بسحب قواتها من ثلاثة مواقع «ما زالت تحتلها».
وعقد مساء الأحد، اجتماع لمجلس الأمن والدفاع، رئيس مجلس السيادة، عبد الفتاح البرهان، بحضور رئيس الحكومة، عبد الله حمدوك، مع لفيف من الوزراء وأفاد وزير الدفاع الفريق الركن، يس إبراهيم، عقب الاجتماع أن المجلس احيط علما بالتطورات على الحدود الشرقية، وقال: «رغم التعبئة والحشد العسكري الذي تقوم به إثيوبيا في المناطق المواجهة لقواتنا في الفشقة، نؤكد أن قواتنا ستظل باقية في أراضيها حفاظا على السيادة التي نصت عليها المواثيق والاتفاقيات التي تؤكد أحقية السودان لأراضي الفشقة».
وناشد إثيوبيا، «سحب قواتها من ما تبقى من مواقع لازالت تحتلها في كل من مرغد وخور حمر وقطرآند بأسرع ما يمكن، التزاما بالمعاهدات الدولية واستدامة لعلاقات حسن الجوار».
وأضاف أن «المجلس إذ يتخذ تلك الإجراءات يؤكد حرصه واهتمامه بقضايا الأمن وسلامة المواطن وإنفاذ العدالة وإحقاق السيادة».
وفي الاثناء، اكتملت على الحدود السودانية – الإثيوبية، عملية تسليم أسرى من الجيش السوداني اقتادتهم قوات إثيوبية خلال معارك دارت في حدود البلدين الشهر الماضي. ونقل موقع «سودان تربيون» الأحد عن مصادرها قولها : «استخبارات المنطقة العسكرية الشرقية نجحت في الوصول إلى تفاهمات مع الإثيوبيين قضت بالإفراج عن سبعة من جنود الجيش، وضابط برتبة رفيعة».
وأشارت إلى أن «عملية التسليم تمت في منطقة القلابات الحدودية بعد مفاوضات شاقة، دون أن تشرح تفاصيل الصفقة التي تمت بموجبها الإجراءات».
وجرى اقتياد الجنود خلال المعارك العسكرية الأولى التي دارت بين الطرفين في منطقة جبل أبو طيور، منتصف ديسمبر/ كانون الأول، الماضي عقب تقدم الجيش السوداني نحو المنطقة، وسيطرته على الجبل الذي كان تحت نفوذ قوات وميليشيا إثيوبية.
الموقع نفسه أكد أن حشودا عسكرية إريترية جديدة، بدأت في الانتشار منذ مساء السبت على الحدود الإثيوبية قبالة الفشقة الصغرى السودانية.
وبين أن القوات الإريترية التي شاركت الجيش الإثيوبي في حربه ضد جبهة تحرير التغراي، تقدمت صوب وادي الغراب، تجاه منطقة بركة نورين، في محلية القريشة الواقعة في الفشقة الصغرى.
ألفا مقاتل
وتقدر هذه القوات، بنحو ألفي مقاتل مزودين بأسلحة ثقيلة ولا يستبعد دخولها عبر منطقتي الحمرة وعبد الرافع لإسناد معارك ترتبها قومية الأمهرا، وفق الموقع الذي أشار إلى أن هذه القوات هي الدفعة الثانية، حيث سبق من قبل تواجد قوات إرتيرية في منطقة عبد الرافع قادمة من منطقة حلاقيم.
ورجح أن تعمل هذه القوات على إسناد عمليات عسكرية إثيوبية جديدة في ظل زراعة الاإيوبيين أكثر من 300 ألف فدان بعمق 22 كلم داخل الحدود السودانية من اتجاه بركة نورين.
هدوء حذر على الحدود بين البلدين… وإبراهيم: قواتنا ستظل باقية في أراضيها
لكن مصدرا عسكريا سودانيا، استعبد أن تورط إريتريا قواتها في الهجوم على السودان، وقال لـ»لقدس العربي»: «مفهوم أن تدخل إريتريا إلى جانب إثيوبيا في حربها ضد قومية التيغراي نسبة للمرارات والحساسية التاريخية بين اسمرا والعاصمة ميكلي، وهو ما حدث بالفعل، لكن من الصعب جدا استيعاب فكرة أن تدخل إريتريا بجيشها إلى جانب إثيوبيا أو الأمهرا، و بالأحرى في حرب مع السودان».
سياسياً، كشف مصدر مطلع لـ»القدس العربي» عن وجود تحركات عربية عديدة للتقريب بين الخرطوم وأديس أبابا. وقال «هناك تحركات مختلفة في هذا الخصوص، وعلمنا أن المملكة العربية السعودية تنوي التوسط، ونحن نرحب بكل هذه الجهود في إطار البدء في ترسيم الحدود على الأرض ووضع العلامات، ومن بعد ذلك يمكن النظر في أي حلول أخرى».
وتابع» بمعنى أننا نثبت حقنا في الأرض، ومن بعد ذلك نحن منفتحون على التفضل من الآخرين بأي إطار للتعاون والتنسيق. ليست لدينا مشكلة مع الشعب الإثيوبي، وفي خضم كل هذه التوترات، هناك عمالة إثيوبية عديدة تدخل الآن للمشاريع من أجل حصاد الذرة، ونطالب قومية الأمهرا بالتخلي عن أفكارها التوسعية وترجيح مصلحة الشعبين على المصالح القومية الضيقة».
وكان حمدوك، قد رحب يوم الجمعة الفائت، بمبادرة رئيس جنوب السودان، سلفاكير ميارديت، بالتوسط بين الخرطوم وأديس أبابا، في إطار «حلول أفريقية لمشاكل أفريقية» حسب بيان صادر عن مكتبه بعد استقباله
دينق ألور، مبعوث رئيس جمهورية جنوب السودان، سلفاكير ميارديت،
حيث «أتى حاملا رسالة شفاهية من الأخير، للتوسط في الأحداث الحدودية بين السودان وإثيوبيا».
الحرب ليست خياراً
وعبر حمدوك «عن شكره وتقديره لدولة جنوب السودان بقيادة سلفاكير ميارديت، لجهوده ومساعيه الحميدة لضمان الاستقرار في المنطقة، كما رحب بالمبادرة، وأنها بمثابة تأكيد لمبدأ الحلول الأفريقية للتحديات الأفريقية».
وسبق لتوت قلواك، المستشار الأمني لرئيس جنوب السودان أن أوضح أن
«المبادرة لحل قضية الحدود بين السودان وإثيوبيا تأتي باعتبار أن الدولتين جارتين لدولة جنوب السودان» مشيراً إلى أن «دولة جنوب السودان ستلعب دورا مهما جداً باعتبار أن الحرب ليست خيارا والحوار هو الطريق الأمثل لكل الشعوب».
وحسب قوله المبادرة «تهدف إلى إتاحة الفرصة للحوار والحل الدبلوماسي بين السودان وإثيوبيا، لأن الحدود بين البلدين قديمة».