التيار الإسلامي الأردني يجيد «التهديف» ويفكك «الصمت الانتخابي» في خيمة «الشهيد الجازي»

 بسام البدارين
حجم الخط
0

عمان- «القدس العربي»: وحدهم قادة الحركة الإسلامية الأردنية وحزب جبهة العمل الإسلامي اتخذوا، بجرأة، الخطوة الضرورية سياسياً ووطنياً وحتى انتخابياً عندما استقبلوا صبيحة يوم الاقتراع، الثلاثاء، بزيارة مسائية مهمة لمضارب قبيلة الحويطات، الاثنين، لتقديم الواجب فيما يخص الشهيد ماهر الجازي، سائق الشاحنة الذي نفذ عملية الكرامة وأودت بحياة 3 جنود من الجيش الإسرائيلي.
مجدداً، التيار الإسلامي وحده في هذا المشهد دون بقية الأحزاب السياسية التي يبدو أن حساباتها الانتخابية منعتها حتى من إصدار بيان يبارك فيه عملية الجازي أو يوجه اللوم للحكومة الإسرائيلية.
زيارة الإسلاميين لمقر العزاء الذي أقامه أبناء قبيلة حويطات في البادية الجنوبية، خطوة فككت ستار يوم الصمت الانتخابي لجميع المرشحين ودون أدنى مخالفة للقانون.
لاحظ الجميع كيف كان قادة الحركة الإسلامية الذين يشاركون بكثافة في دعم الانتخابات هم السباقون للتوجه إلى مدينة معان ومشاركة أهاليها وزعامات ومشايخ مناطق بدو الجنوب، بعرس الشهيد الذي أعلنت عنه قيادات الجماعة، ما يوحي سياسياً على الأقل بتبديد مقتضيات يوم الصمت الانتخابي، لكن بطريقة ذكية.
وتوجه وفد عريض ومهم من الشخصيات الوطنية في المعادلة الاجتماعية والسياسية والانتخابية إلى بيت عرس الشهيد في معان جنوبي البلاد، وقبل ساعات فقط من بدء وتدشين معركة الانتخابات التي يرتفع فيها مستوى التنافس إلى مستويات غير مسبوقة جراء ميل تلقائي حصل بعد عملية الكرامة لـ “تسييس الأصوات”.
الواقع أن الأحزاب اليسارية والقومية ومعها الوسطية، لم تتجرأ على ما فعله حزب جبهة العمل الإسلامي من مشاركة أبناء الحويطات بمناسبة استشهاد ولدهم الذي وصف بالبطولة في وجدانيات الأردنيين.
عملية الكرامة خطفت الأضواء قليلاً من المسألة الانتخابية، لكن الحاضنة الاجتماعية للعملية ولرمزها الشهيد، دخلت في قاموس إسناد المكونات الاجتماعية للمقاومة وخطها، كما لاحظ السياسي مروان الفاعوري وهو يلفت نظر “القدس العربي” إلى أن الشعب الأردني بعد استعادة مشهد “الكرامة” قال كلمته بوضوح، والغافل فقط من ينكر أو يستنكر ذلك.
تقدم وفد الشخصيات الذي ضم بالمناسبة شخصيات اجتماعية لا علاقة لها بالحركة الإسلامية، وضم المراقب العام لجماعة الإخوان المسلمين الشيخ مراد العضايلة والقيادي البارز والمؤسس في جماعة الإخوان الشيخ همام سعيد، إضافة إلى الأمين العام لحزب جبهة العمل الإسلامي المهندس وائل السقا، وعدة شخصيات إسلامية ووطنية.
الفكرة في حد ذاتها انتخابية، ولا أحد يستطيع القول إن زيارة أقطاب الحركة الإسلامية لمدينة معان، مساء الإثنين، مخالفة للمقتضيات ومتطلبات الصمت الانتخابي؛ لأن الحديث لم يكن عن الانتخابات؛ فقد خطب الشيخ العضايلة بأهل وذوي الشهيد ماهر الجازي، قائلاً إن ابن الأردن البار رفع رؤوس الأمتين العربية والإسلامية.
وفي الوقت ذاته، أقامت قبيلة الحويطات وعشيرة الجازي بيت عزاء ضخماً بدأت تزوره الوفود وأصبح مزاراً للمكونات الاجتماعية في توقيت يفترض أن ينشغل فيه الجميع بالانتخابات.
لكن الإسلاميين “لعبوها” أكثر من غيرهم بمهارة، وأظهروا قدرة على الفصل ما بين انشغالهم في معركة الانتخابات، والقدرة على القيام بالواجب الذي يصنفونه وطنياً بالامتياز، تحت عناوين دعم البنية العشائرية والاجتماعية الأردنية والقبلية أيضاً لخيارات المقاومة الفلسطينية.
الخطاب الذي ألقاه العضايلة ورفاقه في سرادق الشهيد في مدينة معان جنوبي الأردن له دلالاته السياسية، وأغلب التقدير أن التيار الإسلامي سيعزف على وتر وحدة الدم والمصير بين الشعبين طوال الأسابيع والأشهر المقبلة التي تعقب حتى الانتخابات. واختلطت برسم وتوقيع الإسلاميين أيضاً دون وقبل غيرهم، معايير العملية الانتخابية بالدلالات العميقة لعملية الكرامة في إطار رسالة موحدة قد تعني الكثير لاحقاً عند قراءة نتائج الانتخابات.
وهذا يعني أو قد يعني لاحقاً ومستقبلاً، توفر أرضية مناسبة لإعادة الاعتبار لحاضنة المقاومة الفلسطينية القوية في وسط المجتمع الأردني، وهي وظيفة سياسية الطابع يجيدها الإسلاميون أكثر من غيرهم، ما يعني سلسلة من المعادلات في عمق المجتمع الأردني أسست لها أحداث 7 أكتوبر وما بعدها، فيما أسست عملية إطلاق النار من قبل سائق الشاحنة الأردني ماهر الجازي لحالة تحضن المقاومة وتقرر بأنها تمثل وجدان الشعب الأردني.
وهو مضمون البيان الذي أصدرته زعامات قبيلة الحويطات التي قالت إنها تحتسب الشهيد ماهر بين يدي الله، وتعتبر الشهادة من أجل القضية الفلسطينية ديدن الشعب الأردني الحاضن بطبيعته للمقاومة.
والأهم أن بيان قبيلة الحويطات الذي صدر عن رموزها ومشايخها، أرسل رسالة علنية لكل الجهات، فكرتها تأييد ودعم وإسناد المقاومة الفلسطينية، لا بل توفير الحواضن لها مهما تطلبت الأمور لاحقاً، خصوصاً أن بياناً آخر صدر باسم عائلة الشهيد ماهر الجازي أشار بشكل واضح إلى أن الشهيد احتقن وغضب بسبب المجازر الإسرائيلية ضد الشعب الفلسطيني وبسبب التهديدات التي يتعرض لها الأردن من فرط حماسة واندفاع حكومة اليمين الإسرائيلي.
زيارة معان ومضارب قبيلة الحويطات من جهة قيادات التيار الإسلامي شكلت هدفاً في المرمى السياسي في يوم الصمت الانتخابي، لكنه هدف في أهم موقع وبؤر الانتخابات أيضاً. وإذا ما استرسلت الجهة التي تدير العملية الانتخابية بالتركيز على الشفافية والنزاهة وعدم التدخل، فالتوقعات تشير إلى أن التيار الداعم للمقاومة وعلى رأسه جبهة العمل الإسلامي، قد يكون في طريقه لتحقيق مفاجآت في العملية الانتخابية.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية