الثورة المصرية لم تستطع أن تقيم نظاما ديمقراطيا يحقق اهدافها وشعاراتها

حجم الخط
1

القاهرة ـ ‘القدس العربي’ في صحف أمس الأربعاء 2 إبريل/نيسان الكثير من الأخبار والموضوعات الساخنة، منها على سبيل المثال طلب رئيس وزراء بريطانيا ديفيد كاميرون إجراء دراسة حول علاقة جماعة الإخوان المسلمين بمنظمات إرهابية وتأثير زيادة وجودها وأنشطتها في لندن.
كما توجه السيسي إلى أحد المستشفيات الحكومية لتوقيع الكشف الطبي عليه وفقا لشروط التقدم للترشح. وخصصت الصحف مساحات كبيرة للتحقيقات والأخبار والصور عن قيام المواطنين بعمل توكيلات للسيسي ولحمدين في مكاتب الشهر العقاري، واشتكت حملة زميلنا وصديقنا حمدين صباحي من تعرض عدد من أعضائها، أمام محكمة مصر الجديدة، للاعتداء من بعض أعضاء حملة السيسي.
واهتمت الصحف باستمرار ظاهرة انقطاع التيار الكهربائي، ومظاهرات طلاب وطالبات الإخوان في الجامعات، ونشرت الصحف نبأ مقتل ثلاثة إرهابيين في سيناء والقبض على ثمانية والتوصل إلى خليتين إرهابيتين في الإسكندرية، كانتا تعدان لعمليات تفجير، والكشف عن خلية أخرى في قنا.
واستمرار التحقيقات في مقتل الزميلة الصحافية ميادة أشرف وماري جورج يوم الجمعة الماضي أثناء مظاهرة الإخوان في عزبة النخل بشرق القاهرة. واستمرار محكمة جنايات القاهرة سماع مرافعات الدفاع في محاكمة الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك ووزير داخليته اللواء حبيب العادلي وستة من مساعديه وابني مبارك علاء وجمال في قضية قتل المتظاهرين.
وقرار محكمة الجنايات استمرار حبس أحمد دومة ومئتين وثمانية وستين في قضايا أحداث مجلس الوزراء ومبنى مجلس الشعب والمجمع العلمي. وصدور قرار جمهوري بمصادرة التوك والدراجات النارية التي لا تراخيص لها وإعطاء مهلة شهر لإخراجها. كما اشارت الصحف الى حضور الفريق أول صبحي صدقي وزير الدفاع والقائد العام للجيش حفل تخريج دفعة جديدة من ضباط الاحتياط.
والى بعض مما عندنا…

لا يقول بفصل الدين عن السياسة
إلا من ضل في فهم الدين ذاته

ونبدأ بالإسلاميين ومعاركهم وقيام الدكتور الشيخ السيد محمد السيد عبد النبي الأمين العام المساعد للثقافة الإسلامية بمجمع البحوث الإسلامية بكتابة مقال في مجلة ‘الأزهر’ التي يصدرها أول كل شهر عربي مجمع البحوث الإسلامية ويرأس تحريرها صديقنا الكاتب والمفكر الإسلامي الكبير الدكتور محمد عمارة، والمقال في عدد جمادي الآخرة إبريل وكان يرد علي مقالين متتاليين في ‘الأهرام’ لزميلنا وصديقنا الشاعر الكبير أحمد عبد المعطي، هاجم فيه موقف الأزهر من عرض فيلم نوح وغيره من القضايا فقال: ‘من يقرأ تاريخ الأزهر بحيدة ونزاهة يعلم يقينا أن الأزهر كان ولم يزل وسوف يظل بإذن الله يدعو إلى الله على بصيرة، ويقف إلى جانب الضعفاء والمظلومين، بغض النظر عن الدين أو العرق أو اللون ولا يحيد عن منهج الوسطية الذي تبناه وسار عليه شيوخه وعلماؤه على مدى التاريخ. أما عن ضلالة فصل الدين عن السياسة فإن الأخطر منها الضلال في فهم الدين، لأنه لا يقول بفصل الدين عن السياسة إلا من ضل في فهم الدين ذاته. وقد تبنى الكاتب فكرة فصل الدين عن السياسة متأثرا بما حدث في أوروبا من استنادهم إلى مقولة ‘أعط ما لقيصر لقيصر وما لله لله’، وهي مقولة لا تتناسب مع الإسلام، لأنه دين شامل لكل مناحي الحياة، وهو دين يضع قيصر نفسه على قدم المساواة مع أفراد رعيته أمام الله عزوجل فلا تفاضل في الإسلام بين الناس إلا بالتقوى.
ومن يتدبر سيرة النبي (صلى الله عليه وسلم) يتبين له أن الإسلام دين شامل لا يعرف ولا يعترف بفكرة فصل الدين عن السياسة، فالنبي عليه الصلاة والسلام حين هاجر إلى المدينة المنورة تولى بنفسه رئاسة الدولة الإسلامية فجمع بين كونه النبي الموصول بالسماء عن طريق الوحي، وكونه الزعيم الذي يؤسس الدولة ويقودها، فقد آخى بين المهاجرين والأنصار وعقد عهدا للمسالمة والدفاع المشترك بين سكان المدينة مع اختلافهم في الدين وأرسل الرسائل إلى الملوك والرؤساء ولم تكن دولة المدينة دولة دينية بالمعنى المعروف في الغرب وإنما دولة المواطنة الكاملة.
ومن يتدبر نصوص القرآن وأحاديث الرسول عليه الصلاة والسلام يتبين له ان الإسلام ينظم العلاقات بين البشر جميعا، على مستوى الأفراد والأسر والشعوب والدول، وأنه ينظم العلاقات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية أفضل تنظيم، وانه لا مبرر في ظل الإسلام لأن يدعو احد إلى فصل الدين عن السياسة، كما يدعو الكاتب وغيره ممن تأثروا بالغرب وغفلوا عن الفوارق بين الإسلام وغيره من الأديان، بل أنهم غفلوا عن مثل هذا الحديث النبوي المشهور الذي يردده العلماء والعوام من قوله صلى الله عليه وسلم ‘الدين المعاملة’، وهل يشك عاقل في أن المعاملة تشمل كل مناحي الحياة؟’.

السخرية من المتدينين
تحت دعاوى الحرب على الإرهاب

أيضا زميلنا مجاهد خلف رئيس تحرير جريدة ‘عقيدتي’ الدينية التي تصدر كل ثلاثاء عن مؤسسة دار التحرير التي تصدر ‘الجمهورية’ و’المساء’ تصدى للدفاع عن الأزهر ضد ما اعتبره هجوما عليه من العلمانيين فقال:
‘هل يعقل أن تتبنى جماعات تصف نفسها بالمثقفين، حملات الهجوم على الأزهر باسم حرية الفكر والإبداع، وتقوم بحملات تحريضية للخروج على الأزهر ورفض فتاواه.. سواء في القديم والحديث وأقرؤوا إن شئتم ما نشرته صحيفة ‘الأهرام’ مؤخرا على لسان أحد كتابها، أحمد عبد المعطي حجازي، يهاجم ويتهم الأزهر بالتخلف والرجعية.. وليست ‘الأهرام’ وحدها، بالأمس سارت ‘روز اليوسف’ على نفس النهج وكتب محررها الفني طارق الشناوي وطالب الفرق الفنية الغنائية والتراثية بعدم الاستجابة لما قرره الأزهر في بعض الأعمال الفنية.. وذلك في مقال له بعنوان ‘لست وحدك حبيبها’، وهي قصيدة الشاعر الكبير كامل الشناوي التي غناها عبد الحليم حافظ، وقد تم تغيير كلمة ‘قدر أحمق الخطا’ إلى قدر أحكم الخطا.. بناء على توصية أو تقرير الداعية الكبير الشيخ محمد الغزالي رحمه الله.. وأغنية ‘على حسب وداد’، خاصة مقطع ‘ راح أسلم بالمكتوب’.. ويتهكم الكاتب على موقف الأزهر قائلا: حيث اعتبروها أغنيات تتحدى المشيئة الإلهية، هكذا قرأوها’. وأشار أيضا إلى قصيدة إيليا أبو ماضي التي غناها موسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب ‘لست أدري’، نقطة أخرى لابد من الالتفات إليها على هذا الصعيد وهي الاستغراق في السخرية والاستهزاء بالمتدينين تحت دعاوى الحرب على التطرف والإرهاب’.
اييه.. اييه.. وهكذا ذكرني مجاهد بالذي كان يا مكان في سالف العصر والأوان عن الأغاني والفوازير وأذكر الضجة التي قامت عندما غنى موسيقار الأجيال المطرب والفنان محمد عبد الوهاب أغنية جايين الدنيا ما نعرف ليه، فانقلبت الدنيا رأسا على عقب لأنه تشكيك في المشيئة الإلهية من خلق الإنسان، كما انقلبت الدنيا مرة أخرى عقبا على رأس هذه المرة عندما قام مرشد الإخوان الثالث المرحوم عمر التلمساني برفع دعوى قضائية لوقف برنامج فوازير رمضان الذي كانت تقدمه الفنانة الجميلة نيللي لأنه يصرف الناس عن التعبد في الشهر الكريم.. وهو ما ضايق الغالبية الساحقة منه ولسان حالها قال له وأنت مالك.

المتزلفون والمتنطعون عالة على المجتمع

ومن معارك الإسلاميين إلى المعارك والردود المتنوعة التي يضرب أصحابها في كل اتجاه لا يلوون على شيء وبدأها يوم الأحد زميلنا في ‘الوفد’ علام عربي في عموده اليومي (رؤى) محذرا والعياذ بالله الأنطاع قائلا عنهم وعن مخازيهم: كتبت أكثر من مرة عن أنطاع الأنظمة الحاكمة الذين يقفون ويتطلعون الى أبواب الحكام ويحتلون المشهد الإعلامي والسياسي ويقتنصون جزءا من التورتة، وحذرت في هذه المقالات من إفساح المجال لهؤلاء وقلت ان البلاد يجب أن تتطهر منهم وأن تغلق الأبواب في وجه المتنطعين القدامى أو المتنطعين الجدد لكن للأسف جميع الشواهد تؤكد أن الثورتين لم تنجحا حتى هذه اللحظة في التخلص من الأنطاع، وأن الأحداث للأسف أتاحت الفرصة لظهور أنطاع جدد، وسبحان الله هؤلاء الأنطاع يحملون ملامح الفترة وثقافتها وأدواتها وآلية تفكيرها.
وقد أثبتت الأيام أن من يسعون الى الحكم لا يقدرون تحمل المسؤولية بعيدا عن مجموعة لا بأس بها من الأنطاع. وفي القواميس النطع هو المتشدق في الكلام، الذي لا يمتلك ما يعينه على العمل، أو الإضافة أو تقديم أي فائدة للآخرين ويعيش عالة على المجتمع وعلى زملائه. وخطورة هؤلاء أنهم ينجحون في الحصول على ما لا يستطيعون الوصول إليه بقدراتهم العقلية والوظيفية. والذي يلتفت يمينا ويسارا في أي مؤسسة أو مصلحة أو هيئة سوف يرى حوله بعض الأنطاع يقفون على الأبواب ويفوزون بما كان لغيرهم، حتى في المهن التي تحتاج إلى مواهب وقدرات خاصة، مثل الفن والسياسة والإعلام والصحافة’.

غدا تعود ضحكة وطيبة قلب المصريين

ومن الأنطاع وكثرتهم إلى ميل المصريين المتزايد للعنف وتخليهم عن طباعهم السمحة، وهو ما لاحظه في اليوم نفسه زميلنا في ‘الأخبار’ إمام الساخرين وقال فيه في بروازه اليومي المتألق (نص كلمة): ‘هل تغيرت طباعنا؟ هل خشنت سلوكياتنا ؟ هل قبحت ألفاظنا؟ لا أعتقد ان المصريين الذين عاشوا آلاف السنين بالضحكة وطيبة القلب يتغيرون بين يوم وليلة إلى التوتر وضيق الصدر، بل أعتقد أن الثورة كشفت لهم المستور فشاهدوا حكامهم المحترمين لصوصا في طره فضاع الاحترام للكبار وزال حاجز الخوف مع الثورة، وطالت التهمة عندهم الشريف وغير الشريف، وكان رد الفعل عند الناس صادما لما اكتشفوا حجم الغش الذي عاشوه زمنا طال وغدا تعود ضحكة وطيبة قلب المصريين .

سرقة باسم يوسف الأدبية
لا يصححها الاعتذار بل الاعتزال

ونظل في يوم الأحد لنقرأ الهجوم العلني الذي شنه زميلنا وصديقنا عضو مجلس الشعب الأسبق وأستاذ العلوم السياسية بجامعة قناة السويس الدكتور جمال زهران ضد باسم يوسف وجريدة ‘الشروق’ بقوله: ‘فوجئت به يأخذ الموضوع ببساطة ويكتب مقالا آخر في ‘الشروق’ المعروف ولاؤها للإخوان، يعتذر فيه عن مقال الأزمة واصفا ان ما حدث هو خطأ مهني، وانه قرر الامتناع عن الكتابة لبعض الوقت، وأنه فخور بأن يعيش في فترة فيها الرقابة الشعبية خط دفاع أول ضد أخطاء الإعلاميين! ما هذا الاستخفاف يا سيد باسم؟ وما هذا الفجور في تناول مثل هذا الموضوع بهذه الخفة والاستهتار؟ فالموضوع أكبر من ذلك الجريدة التي تستضيف باسم للكتابة بعد فضيحة السرقة والسطو والانحراف العلمي والخيانة العلمية هي جريدة متواطئة، والقناة التي تستضيفه بعد هذه الفضيحة خائنة للمبادئ فمن يثق في باسم وما يقدمه بعد ثبوت واقعة الخيانة العلمية صوتا وصورة؟ وهو الأمر الذي لا يصححه الاعتذار بل الاعتزال أو فرض ذلك عليه’ .

مبارك المجنى عليه والضحايا هم المجرمون

وذاهبون إلى ‘أهرام’ الاثنين أيضا لنكون مع زميلنا وصديقنا الدكتور وحيد عبد المجيد وإعجابه بممثل النيابة في مرافعته ضد الرئيس الأسبق ووزير الداخلية وستة من مساعديه بأن قال: ‘جاءت مرافعة النيابة العامة بشأن اتهام الرئيس الأسبق حسني مبارك ووزير داخليته حبيب العادلي ومساعديه في قضية قتل المتظاهرين خلال ثورة 25 يناير في وقتها، فقد أعادت اتهامهم بالاتفاق والمشاركة في قتل المتظاهرين، وأكدت وجود أدلة كافية على تسليح الضباط والأفراد بالخرطوش وطلقات الرسم والذخائر، وفقا لما هو ثابت في دفاتر الأحوال والسلاح في مديريات الأمن وأقسام الشرطة. والمقصود بالطبع الدفاتر التي نجت من عملية محو آثار الجريمة الكبرى التي ارتكبها الرئيس الأسبق ورجاله، كما أكدت أن مبارك أصر على مواجهه المظاهرات وأعطى أوامره للعادلي للإسراع بهذه المواجهة، رغم أن تقارير الجهات السيادية تضمنت ما يفيد بأنها تظاهرات سلمية وبالتالي لا تحتاج إلى مواجهة أمنية.. لقد سمعنا في الشهور الأخيرة العجب العجاب إلى حد أن مبارك الذي أدانه القضاء بالاتفاق على قتل بعض أبناء الشعب، قبل أن تقرر محكمة النقض إعادة محاكمته، صار هو المجني عليه وبات الضحايا هم المجرمين’.

الذاكرة الوطنية لن تنسى خيانة البعض

ويبدو والله أعلم أن كلام وحيد كان دافعا لأن يشن زميلنا أحمد صفي الدين في ‘التحرير’ في اليوم التالي الثلاثاء هجوما ضد نوعيات معينة ذكّره وحيد بهم فقال عنهم: ‘من ينظر في زخم المعلنين عن حملات المشير يجدهم، إما رجالا تناوبوا الأكل على كل الموائد السياسية، وإما عجائز الفرح ممن لا يقدمون سوى صور مشبوهة مثلهم، وإما ممن يبحثون عن سفينة نوح التي يمكن ان يمارسوا آلاعيبهم وأضاليلهم حتى يعتلوها متوهمين أن الذاكرة الوطنية وعظماء الأمة تتناسى ما قاموا به من أفعال أقل ما توصف أنها أقذع أنواع السفالة والانحطاط .
يا سادة هذا العصر فلتسقط كل الأقنعة ولترفعوا أيادي الحواة عن المشير واتركوه لأبناء الوطن البسطاء ليحكموا ضمائرهم في ما استقر عليه الوجدان الشعبي، فهذا الشعب صاحب حضارة عبر التاريخ يعلم تماما، من دون دعاية أو بروباغندا وحملات من هو الذي لبوا نداءه في 30 يونيو وكذا 3 يوليو، والعديد من الاستجابات السريعة من أبناء هذا الوطن’.

الثورة وسيلة وليست هدفاً

وينقلنا الكاتب عمرو الشوبكي في جريدة ‘المصري اليوم’ الى مشهدين في الوضع السياسي المصري اليوم لم يتجاوزهما الناس يصورهما لنا على الشكل التالي: ‘الثورة المصرية حملت مشهدين لم يتجاوزهما معظم الناس، الأول هو صورة هذا الشباب الواعي المخلص السلمي الذي خرج في 25 يناير/كانون الثاني يتظاهر في ميادين مصر المختلفة طلباً للحرية، ويحمي بعضهم بعضا، ويرفع مطالب الديمقراطية والعدالة الاجتماعية، هذا الشباب الذي رآه العالم كله ينظف ‘ميدان التحرير’ عقب سقوط نظام مبارك في مشهد غير معتاد بعد الثورات، كما بهرته صورة أخرى لشباب سكندري تتشابك سواعده لحماية مكتبة الإسكندرية. ولم تغب صفوف المصريين الحاشدة، والممتدة أمام لجان الاقتراع في كل استحقاق انتخابي سواء كان استفتاء أو انتخابات برلمانية أو رئاسية.
أما المشهد الثاني فهو الانفلات الأمني، تدهور مستوى الانضباط والنظام في الشارع، ظهور ما يُطلق عليه ‘الطرف الثالث’، انتهاكات أمنية وحقوقية، عنف وإرهاب أعمى يستهدف رجال الشرطة والجيش ويفسد على المصريين طريقهم في بناء الديمقراطية ودولة القانون، وعرفت مصر ظاهرة ‘الحرق’، التي تقبلتها كل الأطراف بدءاً من حرق مبنى الحزب الوطني وأقسام الشرطة في 28 يناير2011، الذي ابتهج له كثيرون، ثم امتد لحرق مقار أحزاب المعارضة مثل ‘الحرية والعدالة’، والاعتداء على بعض القنوات التلفزيونية، وبلغ ذروته في الاعتداء على أقسام الشرطة، ومباني المحاكم والكنائس في أعقاب عزل الرئيس السابق محمد مرسي. ارتبط ذلك بتفشى موجة جديدة من التكفير السياسي والديني، والتخوين والتشكيك، والاستقطاب الحاد، وتدني لغة الحوار، والمواجهات العنيفة، وإراقة الدماء. لم تحقق الثورة المصرية أهدافها في ‘العيش، والحرية، والعدالة الاجتماعية’، صحيح أنها استطاعت أن تسقط نظامي مبارك ومرسي، لكنها لم تستطع أن تقيم نظاما ديمقراطيا يحقق أهداف وشعارات الثورة…. المؤكد أن مشكلة مصر لم تكن في الثورة إنما أساسا في طريقة إدارة المسار السياسي الذي أعقبها، فحتى من يؤمنون بالإصلاح وليس الثورة فإنهم يعتبرون الثورة فعلاً اضطرارياً يحدث نتيجة عدم قيام النظام بأي إصلاحات، وبالتالى فإن من يدينون الثورة المصرية عليهم أولا أن يعرفوا الأسباب الكامنة في نظام مبارك التي أدت إلى تفجرها. ولأن الثورة وسيلة وليست هدفاً فإن النظم الديمقراطية تتطور من خلال عملية سياسية قادرة على دمج معظم التيارات السياسية والحزبية، وفي حال الفشل السياسي والاقتصادي والرغبة في توريث السلطة فإن الثورة التي لا يتمناها الكثيرون تصبح رد فعل على هذا الفشل.علينا أن نستعيد روح المشهد الأول، روح البناء وصناعة التقدم لهذا البلد’.

سيناريوهان للإصلاح الشامل في مصر

اما زميلته نادين عبد الله فتكتب لنا في العدد نفسه من ‘المصري اليوم’ رؤيتها لسيناريوهات الاصلاح في ظل النظام الجديد تقول:’نعتقد أن الفترة الأخيرة كشفت لنا وجود سيناريوهين فقط للإصلاح، فدعونا نفكر معاً ونناقش فرص نجاح وفشل كل منهما:
السيناريو الأول، هو سيناريو ‘الإصلاح من أعلى’، بما يعنى أن يقوم النظام الجديد المتوقع تكوينه، بعد الانتخابات الرئاسية بقيادة المشير السيسي باتخاذ قرارات عاجلة بإجراء إصلاحات اقتصادية ومؤسسية جذرية. والحقيقة هي أنه من غير المتوقع أن يتم اتخاذ مثل هذه القرارات المفصلية في اتجاه التغيير، إلا لو احتوى التحالف الحاكم، بجوار شبكات المصالح القديمة، على وجوه وكيانات سياسية إصلاحية على غرار المصري الديمقراطي وغيره. بالطبع، نتيجة مثل هذا التحالف المتناقض غير مضمونة إلا أن قدرة الجناح الإصلاحي بداخلها على دفع رمانة الميزان المتمثلة في المشير السيسي على القيام بهذه الإصلاحات هي مربط الفرس. هناك فرصة للنجاح لأن النظام القادم لا يتمنى أن يفشل مثل سابقه، فهو مدرك أنه بحاجة ماسة إلى الكفاءات والعقول التي يندر وجودها في شبكات المصالح القديمة. لكن من ناحية أخرى، هناك تحديان رئيسيان لفاعلية هذه الصيغة وبالتالي نجاحها: أولاً- هشاشة التنظيمات أو الكيانات المؤيدة للجناح الإصلاحي على الأرض، مما يضعف من قدرته على فرض نفسه داخل هذا التحالف. ثانياً- عدم خروج أغلب هذه الوجوه المؤيدة للتغيير من رحم الدولة، مما يسهل عملية تقويض أجهزتها لمحاولاتهم الإصلاحية.
أما السيناريو الثاني، الذي لا يتناقض بالضرورة مع الأول فيتمثل في ‘البناء من أسفل’، بما يعني أن تسحب الكيانات والوجوه الإصلاحية نفسها من التحالفات الحاكمة وتتفرغ لبناء نفسها تنظيمياً عبر المشاركة في الفعاليات الانتخابية المختلفة ابتداءً من المحليات، مروراً بالنقابات، وانتهاءً بالبرلمان. ومن المفترض أن يكون هدفها هو بناء شبكات مجتمعية واسعة قادرة على أن تكون، فى غضون 10 سنوات، بديلاً سياسياً قادراً على حكم البلاد. تكمن قوة هذا السيناريو في وجود قاعدة اجتماعية شبابية راغبة في المشاركة السياسية والتغيير الجذري، ومن الممكن لها أيضاً أن تستفيد من الأزمات التي ستواجه النظام القادم. أما التحدي الحقيقي الذي يواجه هذا السيناريو فيتمثل في مدى واقعيته: حتى الآن لا توجد نواة واحدة لكيان سياسي أو قاعدة اجتماعية محددة يمكن التعويل عليها واعتبارها بذرة لتنظيم بديل، وهو الأمر الذي يجعل هذه الفكرة برمتها مجرد حلم جميل بمشروع مستقبلي ربما ينجح أو يفشل.
وأخيراً نخشى أن يدفع فشل السيناريو الأول (المحتمل) إلى تدمير إمكانية نجاح السيناريو الثاني من الأصل لأن فشل النظام القادم لن يعني سقوطه فحسب بل أيضاً تفكك الدولة واندلاع حرب أهلية لاتزال حتى الآن كامنة مجتمعياً.

هل السيسي قلق من مغامرة حمدين؟

اما جمال سلطان فيتساءل في ‘المصريون’ هل ان السيسي قلق من مغامرة حمدين فعلا: ‘هناك توتر غير مفهوم في حملة السيسي الانتخابية التي بدأت منذ أمس عمليا، وأتت وقائع الاعتداء العنيف على أعضاء حملة حمدين صباحي لتؤكد هذا التوتر، وعمليات التحرش بناشطي حمدين في مكاتب الشهر العقاري، أيضا حملة السباب والعنف عبر بعض المواقع والصحف المحسوبة على أجهزة حساسة، أو التي تدعي ذلك، وهي ظواهر مبكرة تشي بأن هناك ما يقلق المشير السيسي وأعضاء حملته، أو بمعنى أصح الدولة ومؤسساتها الخشنة. والحقيقة أن عملية إخراج ترشح السيسي للرئاسة، بعد طول انتظار أتت مخيبة للآمال، كما أن ردود الأفعال الشعبية والسياسية عقب إعلانه ربما أثارت الإحباط في صفوف الجهات الداعمة والدافعة للسيسي نحو منصب الرئاسة، وعندما أعلن مقربون منه تنظيم مليونية في ميدان التحرير احتفالا بإعلانه الترشح لم يذهب سوى بضع عشرات اضطرت الشرطة لإخراجهم من الميدان إلى ساحة عبد المنعم رياض القريبة، ربما رفعا للحرج إذا ما قامت وسائل إعلام ‘مغرضة’ بتصوير المشهد الذي يعطي رسالة لا يحبها السيسي وأنصاره .
لو قدر لأحد أن يرسم مؤشرا بيانيا لحضور شخصية السيسي وجاذبيتها وانتشارها شعبيا ، منذ 3 يوليو/تموز 2013 وحتى الآن، فالمؤكد ـ وبشكل قاطع ـ أن المؤشر سيعطي نتائج سلبية تمثل انهيارا أو تراجعا لهذه الشعبية والانتشار، وسيكشف عن أن هناك تآكلا في حضور السيسي والآمال الشعبية المعلقة عليه، وهو ما يعني في المحصلة الانتخابية، غياب حصة تصويتية مهمة في أي انتخابات نفترض أنها تكون شفافة ونزيهة، ولا تتدخل فيها أجهزة الدولة ومؤسساتها الرسمية بالتلاعب والهندسة، ولو افترضنا أن إعلان السيسي ترشحه للرئاسة حدث في الأسابيع الأولى من إطاحته لمرسي، لوجدنا ملايين في الميادين والشوارع تحتفل، لكننا اليوم لا نرى أحدا، سوى شريحة محدودة من المنتفعين يتبادلون الاتهامات بشراء التوكيلات ‘المجانية’ لترشيح السيسي، وقد تحولت إلى تجارة الآن، لأن كل ‘شيخ طريقة’ مرتزق أو رجل أعمال يريد أن يظهر للسيسي أنه الأكثر دعما له وإخلاصا والدليل عدد التوكيلات التي حصلها له، وبخلاف ذلك لا يمكنك أن تشعر بهذا الحضور إلا في شاشات التلفزيون وصفحات الصحف التي تعمل وفق التكليف وحسب التمويل .
هل يقلق السيسي من إمكانية أن يحقق حمدين صباحي مفاجأة، المسألة لا تتعلق بالفوز في تقديري، وإنما قد تتعلق بدلالة النتائج، ربما السيسي أو بعض من يرتبون له أوضاعه لا يريدون أن يقعوا في الدائرة التي وضعوا فيها الرئيس السابق محمد مرسي، وهي أنه رئيس نصف الشعب، بالأرقام، باعتبار أنه فاز بفارق أكثر قليلا من واحد في المئة أمام منافسه أحمد شفيق، في الوقت الذي يسوق فيه السيسي وداعموه أنه يمثل الشعبية الكاسحة وإجماعا شعبيا بلا منافس ولا منازع…
معركة حمدين صباحي، رغم احترامي لوجهة نظر المتشككين فيها أو المتشككين في إمكانية أن يكمل حمدين مشوارها، لا تخلو من فائدة، ربما الجو السياسي الموبوء والمشحون بدخان المؤامرات والخداع والتمويه، جعل كثيرين ينظرون إلى مغامرة حمدين بوصفها لعبة أو ربما خدمة يقدمها للسيسي، لكي يبدو أن هناك معركة انتخابية، لكني أتصور أن ‘اللعبة’ ربما تكبر، وأن أطرافا من داخل جسم الدولة ومن خارجه قد تدخل على مدارات هذه اللعبة، وربما تحمل نتائج الانتخابات مفاجأة، ولا ننسى أن الوقت لم يعد في صالح السيسي قطعا، لأن الانهيارات المتتالية في مختلف الأصعدة السياسية والأمنية والاقتصادية والاجتماعية يزيد من ضعفه التدريجي، بقدر ما يقوي شوكة حمدين الذي تعاني حملته حتى الآن من غياب الجسارة على بناء تحالفات حقيقية وجادة ومقنعة مع بقية القوى الوطنية والثورية ذات الثقل أو الحضور، ويشغل نفسه بأحزاب مبارك الكرتونية التي حاولت ركوب الثورة ففشلت’ .

تفاقم أزمة الكهرباء في الصيف

وعن ازمة الكهرباء والتقديرات المتشائمة عنها يكتب لنا عماد حسين رئيس تحرير ‘الشروق’ مقاله الذي عنونه بـ’المساواة في النقد عدل’ يقول:’هناك تقديرات غير رسمية تقول إن أزمة انقطاع التيار الكهربائي سوف تتفاقم في الصيف المقبل بصورة لم تشهدها البلاد منذ زمن طويل، وسمعنا كلاما مفرطا في الواقعية من الوزير محمد شاكر بهذا الصدد في الأيام الأخيرة. هذه التقديرات المتشائمة تقول إن الانقطاع في بعض القرى بالمحافظات قد يستمر يوما أو أكثر إذا ظلت أزمة نقص الوقود مستمرة.
وهناك تفكير في تدشين حملات إعلامية وعلاقات عامة تكون مهمتها إقناع المواطنين ودفعهم إلى ترشيد الاستهلاك حتى لا تصل الأزمة إلى درجة لا يتخيلها أحد. في العام الذي حكم فيه محمد مرسي وجماعة الإخوان انتقدهم الجميع، ومنهم كاتب هذه السطور، على فشلهم الذريع في حل المشكلات الاقتصادية والخدمية ومنها انقطاع الكهرباء.. الآن عادت الكهرباء لتنقطع بنفس الوتيرة وربما أكثر والمأساة أننا لا نزال في نهايات فصل الشتاء، والمفترض أن تكون الأحمال أخف. بنفس المنطق علينا أن نوجه النقد للحكومة الحالية ولحكومة الدكتور الببلاوي على تفاقم أزمة انقطاع التيار الكهربائي…
هذه المشكلة يتحملها في الأساس نظام حسني مبارك الذي أغرق البلاد في معظم مشكلاتها ‘المتلتلة’. في الثمانينيات عشت أياما في قريتي بمحافظة أسيوط أيام وزير الكهرباء الأسبق ماهر أباظة، وقتها كانت الكهرباء تنقطع يوما وتعمل يوما، ووقتها كان بعض المسؤولين يرون ذلك أمرا عاديا باعتبار أن الصعيد لن يفرق معه كثيرا وجود كهرباء من عدمه!.
إذن لدينا مشكلة طاقة كبيرة ولدينا مشكلة أننا لا نملك مالا كافيا لكي نستورد، والأهم لدينا مشكلة اسمها دعم الطاقة، وشرائح استهلاك مشوهة، وقلة أو غياب معلومات كافية عن حقيقة من يحتاج إلى الدعم!
تخيلوا أن يحدث استقرار أمني وسياسي قريب ويفكر أحد المستثمرين الأجانب الكبار، أو حتى المحليين في إقامة مشروع إنتاجي كبير، ثم يكتشف أنه لا يوجد غاز أو مازوت أو أي نوع من الوقود لكي يشغل به مصنعه؟ حل المشكلة لن يكون بترحيلها إلى الصعيد والريف وجعل الفقراء يدفعون الثمن، وحلها ليس فقط في توزيع الانقطاع بالتساوي بين كل مناطق الجمهورية، وليس أيضا إطلاق التصريحات الوردية أو المــخدرة، بل بالبحث في جذور الأزمة وأولها أن يعاد النظر في شرائح الاستـــهلاك ليدفع القادر أكثر، ومن دون ذلك فإن ترك الغلابة في الظلام سيدفعهم إلى التحرك العشوائي ضد الجميع.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول foufou lakhdar:

    الانقلابيون مجرمون دمويون متعطشون للسلطة انتجهم نظام متعفن

إشترك في قائمتنا البريدية