الثورة يجب ان تستمر رغم انقلاب بعض الثوار الى طغاة

حجم الخط
0

كنت قد قرأتها للمــــــرة الاولى منذ سنوات، ومع تطــــور الأحداث على الساحة الداخلية المصرية وغـــــيرها من دول الربيــــع العربي، وجدت انها فرصة جيدة لإعادة قراءة الرواية مــــرة أخرى، لكن هذه المرة- ومع تقليب صفحاتها- كنت أشــــعر كأن مؤلفهـــا ‘جورج أورويل’ قد كتبها لتنطبق على حال بعض ثورات الربيع العربي أكثر من هدفها الأصلي، وهي الثورة الشيوعية في الاتحاد السوفييتي وما تلاها من أحداث.
أكثرما لفت نظري هذه المرة هي الوصايا السبعة للثورة، والتي تجسد مبادئ الحيوانية المتفق عليها بين حيوانات المزرعة بعد قيام ثورتهم وطردهم للجنس البشري منها، وكتبوها على أحد حوائط المزرعة، وكانت كالتالي :كل من يمشي على قدمين فهو عدو، كل من يمشي على أربع أقدام أو له أجنحة هو صديق، يحظر على الحيوان ارتداء الملابس، يحظر على الحيوان النوم على سرير، يحظر على الحيوان تعاطي الخمر، لا يجوز لحيوان قتل حيوان آخر والوصية الاخيرة كانت ان كل الحيوانات متساوية .
لكن مع الوقت تسلطت الخنازير، وأعطت لنفسها المكانة الأعلى والأفضل في المزرعة بين حيواناتها، وباتت تأخذ النصيب الأكبر من المحصول، مستفيدة من الحماية التي توفرها لها الكلاب الشرسة، والأداة الاعلامية اللبقة التي تولاها خنزيرين ‘مينيموس’ و ‘سكويلر’. عموما حتى لا نخوض في تفاصيل اكثر للرواية ونبتعد عن الوصايا التي تم تحريفها لاحقا، فمثلا تم تغييب الوصية الاولى والثانية والثالثة بعدما تعلمت الخنازير (في نهاية الرواية) المشي على قدمين كالانسان، بل وأعادت العلاقات مع الجنس البشري، وإرتدوا الملابس التي كان يقتنيها مستر جونز صاحب المزرعة القديم. تحولت الوصية الرابعة الى حذر نوم الحيوان على سرير بملاءات، و تم إضافة كلمتي ‘بدون سبب’ في نهاية الوصية السادسة، وإضافة عبارة ‘لكن بعض الحيوانات متساوية أكثر’ الى الوصية السابعة.
هذا التحول في مبادئ الثورة كان نتيجة لحالة من التدليس والخداع الذي إتبعته طبقة الخنازير في الرواية، أو ستالين ورجاله في الاسقاط الواقعي للرواية في الاتحاد السوفييتي، أو سارقي الثورات في دول الربيع العربي، لكن حتى إن تغيرت المبادئ بفعل فاعل وتم تسفيهها كما يحدث في بعض وسائل الاعلام العربية الان، فإن هذا لا يمكن أن ينفي فعل الثورة وتأثيراتها الايجابية في إزالة طغيان بعض القادة العرب، خاصة ان الثورات قد كسرت القيود وقتلت الخوف القابع في نفوس الشعوب العربية، وبات من الممكن- بل من المشروع- ان يثور الشعب ليسقط الطاغية وتتم محاكمته، لــكــن تبقى الثورة الغير مكتملة والغير محققة لكامل أهدافها والمحافظة على كامل مبادئها ..هي المشكلة الكبرى أمام الشعوب.
أحمد مصطفى الغر

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية