الجبهة السورية والتوقع الاسرائيلي

حجم الخط
0

النقاش في مسألة أي نظام في سورية هو الافضل بالنسبة لاسرائيل ليس في مكانه لسببين. الاول، ليس من شأن اسرائيل أن تقوم بدور متوج الملوك في دمشق، وليس لها القدرة على أن تحسم اي بديل افضل لها: استمرار حكم الاسد ام استبداله بآخر، فضلا عن ذلك، فان احداث السنتين الاخيرتين اثبتت ان قدرة اسرائيل على تقدير احتمالات بقاء الاسد محدودة، وحتى غير قائمة.
كل النبوءات عن نهايته القريبة ـ’في غضون أسابيع أو بضعة اشهر’ تبددت. خير نفعل اذا ما بقينا في الظل في كل ما يتعلق بالتنبؤ بمستقبل دمشق. وبدلا من ذلك، نحسن صنعا اذا ما أعدنا النظر في مصالحنا الحقيقية وفكرنا في سياستنا اليومية في ضوئها.
لاسرائيل مصلحة مركزية في تحقيق سلام مع جارها الشمالي.
منذ انشغل بذلك اسحق رابين حاول أربعة من خلفائه ـ رؤساء الوزراء شمعون بيرس، بنيامين نتنياهو (في ولايتيه)، ايهود باراك وايهود اولمرت ـ الوصول الى هذا الهدف من دون نجاح. وعلى مدى كل هذه الفترة الطويلة حكم في دمشق حافظ الاسد وابنه بشار.
في ظل عدم وجود سلام كانت لاسرائيل مصلحة مركزية في أن تضمن الا تبدأ سورية في معركة ضدها، وان تحافظ على اتفاق الفصل الذي تحقق بوساطة وزير الخارجية هنري كيسنجر في العام 1974. لقد حافظ الاسد الاب والاسد الابن على ذلك بعناية، حتى في الوقت الذي قاتل فيه الجيش الاسرائيلي والجيش السوري الواحد ضد الاخر على محور بيروت ـ دمشق في حرب لبنان الاولى، في 1982، وكذا في أثناء حرب لبنان الثانية، في 2006 عندما ضرب الجيش الاسرائيلي حزب الله، حليف سورية. في هذا السياق، من المهم أن يكون لاسرائيل شريك مستقبلي في المفاوضات على التسوية الدائمة بين الدولتين.
المصلحة الثانية لاسرائيل هي منع ايران من أن يكون لها معقل دائم في سورية. هزيمة ايرانية ستؤثر جدا على مكانتها وتبث شعاعها على تطلعاتها تجاه اسرائيل في ساحات اخرى. في هذا السياق لاسرائيل مصلحة مركزية اخرى: منع السلاح كاسر التعادل عن حزب الله، الذراع الطويلة لايران حيال اسرائيل. اسرائيل تكافح، وعن حق من ناحيتها، في سبيل الحفاظ على قدرتها على احباط هذه النية بكل الوسائل التي تحت تصرفها.
اسرائيل مطالبة بالعمل في اطار مجال من عدم اليقين للحفاظ على مصالحها الحقيقية. وللعبة القوى العظمى الولايات المتحدة وروسيا تأثير كبير على ما يكنه المستقبل. فالولايات المتحدة ترغب في رحيل بشار الاسد، ولكنها تقيد نفسها بالوسائل التي تستعد لتكريسها لهذا الهدف؛ أما روسيا فملتزمة بالحفاظ على هذا النظام، ولكنها تلمح بانها غير متمسكة بهذه الشخصية أو تلك في العصبة العلوية. وهكذا تختلف روسيا عن ايران، الملتزمة شخصيا ببشار الاسد.
مثلما كرس رئيس الوزراء نتنياهو في لقائه مع بوتين، وقتا وجهدا ليعرض معنى التهديد في توريد سلاح مضاد للطائرات كاسر للتعادل الى سورية، وعبرها الى حزب الله، ينبغي الامل في أن يكون كلف نفسه عناء الايضاح لمضيفه باقي مصالح اسرائيل ومجالات المناورة في جوانب اخرى من الواقع السوري. بذات القدر ينبغي الامل في ألا يكون الرئيس بوتين اكتفى بتحذير اسرائيل بعدم تعريض الاستقرار في المنطقة للخطر، بل ايضا بسط امام ضيفة مجالات مناورته، بقدر ما تتعلق باحتياجات اسرائيل.
لاسرائيل، للولايات المتحدة ولروسيا مصلحة في الوصول الى اتفاق سلام بين اسرائيل ودمشق، منع السباق الايراني نحو سلاح نووي ومنع الاخلال المتطرف بميزان القوى في الشرق الاوسط، مما سيجرف واشنطن وموسكو نحو مواجهة مسلحة في المنطقة.

يديعوت 20/5/2013

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية