بغداد ـ «القدس العربي»: كشف نائب عن محافظة نينوى عن علمٍ مسبق لرئيس البرلمان، محمد الحلبوسي، بأسماء الشخصيات «الأربعة» التي أدرجتها وزارة الخزانة الأمريكية أول أمس على لائحة الإرهاب، وفيما اعتبرت حركة «بابليون» المسيحية القائمة بأنها تمثل «طعنة» للمسيحيين، رأى رئيس كتلة المحور الوطني البرلمانية، أحمد الجبوري، أن القرار الأمريكي استهدف شخصيات قاتلت «الإرهاب» في العراق.
وشملت العقوبات الأمريكية الأمين العام لكتائب «بابليون» المسيحية، المنضوية في «الحشد الشعبي»، ريان الكلداني، وآمر اللواء 30 في الحشد للشبكيين في سهل نينوى، وعد القدو، وأيضاً محافظ نينوى السابق، نوفل العاكوب، ومحافظ صلاح الدين السابق، ورئيس تحالف «المحور الوطني» «السنّي» أحمد الجبوري، المعروف بـ«أبو مازن».
وذكر موقع وزارة الخزانة الأمريكية على الإنترنت أن الولايات المتحدة فرضت عقوبات على أربعة عراقيين تتهمهم بانتهاك حقوق الإنسان وممارسات تنطوي على فساد.
وأعلن نائب الرئيس الأمريكي، مايك بنس، فرض عقوبات على اثنين من قادة الحشد، ومحافظي نينوى وصلاح الدين السابقين.
وأضاف أن «واشنطن لن تقف مكتوفة اليدين، بينما تنشر الميليشيات المدعومة من إيران الإرهاب».
في الأثناء، أكد النائب عن نينوى، أحمد الجبوري، أن العقوبات الأمريكية الأخيرة التي طالت محافظين وقادة في الحشد نعلم بها قبل ثلاثة أشهر، مستغرباً عدم الكشف عنهم ولا عن الواجهات الاقتصادية المعروفة.
وكتب في «تغريدة» على «تويتر»: «لم نتفاجأ بلائحة العقوبات الأمريكية التي أعلنتها وزارة الخزانة، لأننا أخبرنا الحلبوسي بها بعد عودته من واشنطن قبل ثلاثة أشهر (أواخر آذار/ مارس الماضي)».
وأضاف: «الغريب أن أسماء العراقيين التي أعلنت عنهم وزارة العدل الأمريكية المتهمين بالفساد، لم يتم الكشف عنهم ولا عن الواجهات الاقتصادية المعروفة». من دون الإفصاح عنها.
كذلك، رد أحمد عبد الله الجبوري، رئيس كتلة المحور النيابية، على القرار الأمريكي بشموله بعقوبات مع قياديين في «الحشد» والمحافظ السابق لنينوى نوفل سلطان.
وقال الجبوري في بيان: «إذ نحن نتفهم معطيات القرار الأمريكي ودور خبراء التضليل في إنضاجه، فإننا نلتزم بسيادة القرار العراقي بوصفه الفيصل بين الحقيقة ونقيضها، مستمدين العزم من دستورية التفسيرات الوطنية وثقة القاعدة الشعبية التي نفتخر بها، بعد أن اجتهدنا في الوقت الصحيح واتخذنا الموقف الشجاع بمواجهة الإرهاب بكل عناوينه وأهدافه للحفاظ على سيادة العراق وأخوة شعبه».
وأضاف أن ذلك «هو ما أزعج الأصوات المدافعة عن الفتنة وشحن النفوس للبقاء في دائرة الضوء على بقايا جثث الأبرياء المؤمنين بالعراق».
أما حركة «بابليون»، فعبّرت عن استغرابها من إدراج أمينها العام ريان الكلداني على لائحة الإرهاب الأمريكية، واصفة ذلك بأنه «طعنة».
استغراب
وقالت في بيان: «لم نستغرب قيام الولايات المتحدة الأمريكية بإدراج الأمين العام لحركة بابليون، التي تمثل الأقليات والتي عانت من بطش داعش في قائمة العقوبات الأمريكية الجائرة»، مبينة أن «هذا القرار من المؤكد أنه جاء بعد مقدمات عدائية وحملات قادتها وسائل إعلام مدعومة من قبل واشنطن ضد المسيحيين الذين حاربوا داعش». وأضافت أن «المسيحيين اليوم يدافعون بكل قوة عن مناطقهم ضمن القوات المسلحة العراقية، جنب أخوانهم في الوطن، وبعد أن استباح الإرهاب نساءهم وأموالهم وقتل رجالهم، فإذا بهم يتلقون طعنة من بلد يدعي أنه يراعي حقوق الإنسان ويحارب الإرهاب ويحمي الأقليات».
وتابعت: «إننا في الوقت الذي نعرب فيه عن إدانتنا لهذا القرار نقول إن المكون المسيحي وباقي المكونات العراقية بجميع ألوانها، وفي كافة مناطق بلاد الرافدين، يقفون جنباً إلى جنب مع قائدهم الذي حارب الاٍرهاب وساهم مع باقي المكونات العراقية في تحقيق النصر وتحرير المناطق ريان الكلداني، ولن تثنيهم أبداً مثل هكذا قرارات مستفزة».
«بابليون»: طعنة من دولة تدعي حماية الأقليات… «أبو مازن»: مواجهتنا للإرهاب أزعجت الأصوات المدافعة عن الفتنة
وأكدت الحركة: «من الغرابة أن يدرج من حارب الإرهاب ضمن قوائم الإرهاب، ويترك الإرهابيون طلقاء ويتم استضافتهم في واشنطن نفسها».
وتعليقاً على قائمة العقوبات الأمريكية الأخيرة ضد الشخصيات العراقية الأربعة، أكد السياسي العراقي النائب السابق، عزّت الشابندر، أنها «منتقاة بعناية وسياسة». وأضاف في «تغريدة» عبر حسابه في «تويتر»، إن «عقوبات الخزانة الأمريكية المتتالية على شخصيات عراقية سياسية ومالية أو حشدية، منتقاة بعناية مكشوفة. هي عقوبات سياسية بامتياز».
وأضاف أنها «امتداد لتهديدات برت ماكورك (مبعوث التحالف الدولي) وأعوانه من المراهقين الخونة والفاسدين قبيل وبعد الانتخابات العراقية الأخيرة».
عقوبات معنوية
لكن الكاتب والخبير في شؤون الجماعات المسلحة، هشام الهاشمي، أشار إلى أن العقوبات الأمريكية التي طالت ريان الكلداني ونوفل العاكوب وأحمد عبد الله الجبوري ووعد قدو، لن تخيف تلك الشخصيات، معتبراً أنها غير ملزمة للقضاء العراقي.
وعدّ في منشور له على «فيسبوك»، العقوبات الأمريكية المفروضة على الشخصيات الأربعة، «معنوية ولا غير».
وأضاف: «سمعة 4 من الساسة العراقيين تحت وطأة عقوبات الخزانة الأمريكية بين مفعول به أو مجرور. أقول لكل من يطرح أن العقوبات الحالية والمقبلة على الشخصيات العراقية هدفها السيطرة على سلوك الحكومة في بغداد، أن غالب الساسة في الحكومة وبرلمان العراق مع محور إيران من زمان، ولا يخافون من هذه السمعة ولا يخافون العقوبات غير الملزمة للقضاء العراقيّ».
ومضى إلى القول: «غالب الساسة لا يثقون بالمصارف وليس لهم شأن بنظام السويفت المالي. وعليه، لن تضرهم العقوبات».
كذلك، أكد القيادي في تحالف «القرار العراقي»، أثيل النجيفي، أن غياب العقلانية في معالجات ما بعد تنظيم «الدولة الإسلامية» تعيد نينوى إلى دائرة الاهتمام الدولي مرة أخرى.
وقال النجيفي، وهو محافظ نينوى الأسبق، في «تغريدة» على حسابه بـ«تويتر»، إن «الموازين المختلة في نينوى لا تنتج حالة استقرار، وهي لا تستقيم بترجيح جهة خارجية لفئة ضد أخرى وإنما بتوازن القوى الداخلية للسكان».
وأضاف: «بعد الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان والمكونات وظهور داعش وإبادة الإيزيدية وترحيل المسيحيين وغياب العقلانية في معالجات ما بعد داعش تعود نينوى إلى دائرة الاهتمام الدولي مرة أخرى».
وكتب معلقاً على فرض الإدارة الأمريكية عقوبات على شخصيات عراقية قائلاً: «العقوبات الأمريكية على أبو مازن ـ العاكوب ـ القدو ـ الكلداني إشارة إلى أهالي المناطق التي ضربها الإرهاب بأن المجتمع الدولي حريص على المشاركة في مرحلة تغيير قادمة».
ومن بين الأسماء المشمولة بالقرار الأمريكي الأخير، (وعد محمود أحمد القدو) الملقب بـ«أبو جعفر الشبكي»، من مواليد مدينة الموصل، هاجر إلى ألمانيا ولديه الجنسية الألمانية، وأتى إلى العراق بعد سيطرة تنظيم «الدولة الإسلامية» على مدينة الموصل في حزيران/ يوليو 2014 وانضم إلى الحشد الشعبي ليصبح آمر اللواء 30، «قوة الشبك»، التي تسيطر على شرق الموصل وشمالها، وهو أخ النائب عن المكون الشبكي، عن تحالف الفتح، حنين القدو.
أما ريان الكلداني، فشكّل في 2014، كتائب تابعة «للحشد» اسمها «بابليون»، وهي قوات مسيحية كلدانية يقودها بنفسه بمنصب أمينها العام. وشاركت في المعارك في عدة محافظات منها الموصل وصلاح الدين لتستقر في مناطق سهل نينوى في تلكيف والحمدانية وغيرها. وترشح لمجلس النواب العراقي ضمن قائمة «بابليون» وفاز بمقعد واحد. كما ينضوي في تحالف «الفتح».
وكان الرئيس الأمريكي دونالد ترمب وقع في 24 يونيو / حزيران الماضي، أمراً تنفيذياً بفرض عقوبات مشددة جديدة على إيران، وأكد أن العقوبات تستهدف المرشد الأعلى للثورة الإيرانية، آية الله خامنئي.
وتأتي العقوبات في وقت تشهد المنطقة توتراً متصاعداً بين الولايات المتحدة ودول خليجية من جهة، وإيران من جهة أخرى، إثر تخفيض طهران بعض التزاماتها بموجب الاتفاق النووي متعدد الأطراف، المبرم في 2015.
كما طالب ترامب إيران بوقف رعايتها للإرهاب، موضحاً أن العقوبات تأتي رداً على إسقاط طهران للطائرة الأمريكية المسيرة مؤخراً.