الجزائريون أمام معضلة شرب الماء أو امتلاك الغاز..العبودية المقنّعة في دول المغرب العربي

يعود جدل الغاز الصخري في الجزائر بين إمكانية الاستغلال والمضي قدما نحو طاقات بديلة، والتخلي عن المشروع وإن كان استراتيجيا ويحل من أزمة نفاد الطاقات التقليدية.
وإذا كانت آراء السياسيين تقول بضرورة تفعيل المشروع، والذي كانت قد بدأت التجارب عليه عام 2015 وتجمدت بعد احتجاجات سكان الجنوب، لا سيما سكان منطقة «ان صالح» بعد صدور قرار حكومة أويحيى البدء في استغلال الغاز الصخري. تم تجميد القرار وعم الهدوء.
ها هي الاحتجاجات تعود إلى الواجهة عبر مختلف منصات التواصل الاجتماعي والمواقع الالكترونية وانتشار مقاطع الفيديو، التي تطرقت لمخاطر هذا الاستغلال وعبر شعارات الحراك في جمعته التاسعة والأربعين.
والسبب جاء بعد تصريحات رئيس الجمهورية بشأن السؤال الذي طرح عليه في لقائه مع الأسرة الإعلامية، حيث أكد تبون على أن الموضوع لا يشكل أي خطورة على البيئة وعلى الإنسان، وذلك قبل إشراك أهل الدراية كما قال، مستشهدا بالتجربة الأمريكية، التي نجحت. واستبعد المخاوف باعتبار أن الأمريكان أكثر حرصا على صحتهم. هكذا يعود الجدل ويعود الخبراء لشرح ميزات الاستغلال ومساوئه.
ينقل لنا موقع «الجزائر ايكو» وغيره، توضيحات البروفيسور مبتول حول استغلال الغاز الصخري، والذي رأى أن هذا الملف استراتيجي وعليه اشراك الأمن القومي. ويجب أن يسود الحوار المثمر بعيدا عن الأيديولوجيات.
بالنسبة للبروفيسور عبد الرحمن مبتول، المشكل الاستراتيجي بالنسبة للجزائر تجنب النقاشات العقيمة كونها تستنزف الاحتياطات والطاقة، وهي في قلب الأمن الوطني، لكن كذلك يجب تقييم المخاطر تلك التي تتعرض لها المياه الجوفية نتيجة التكسير والتلوث الخ.
تجدر الإشارة إلى أن الخبير الاقتصادي عبد الرحمن مبتول هو ممن قدموا مشروعا مطولا ومفصلا حول مشروع استخراج الغاز الصخري، مبينا الوسائل المستعملة التي تكون أقل ضررا على البيئة.
كذلك جاء موقف الباحثة العلمية أسماء مشاكرة في جريدة «الوطن» (13 ديسمبر/كانون الأول 2018) (المقال الذي تم نشره في صحف ومواقع عدة) أنه وبصرف النظر على فوائده الاقتصادية غير المؤكدة، فإن التكسير الهيدروليكي له مخاطر لا تعد ولا تحصى: فهي تقنية شرهة للماء، ضارة بالبيئة والحياة، ولها نتائج سلبية على صحة الإنسان، تعطل النظم الايكولوجية، وتسبب الزلازل وتلوث المياه الجوفية».
وتضيف في سياق النموذج الأمريكي الذي يظهر كحالة يقتدى بها: «يتخفى أصحاب القرار وراء التجربة الأمريكية ويعتبرونها معيارا ذهبيا في هذا المجال، لكن المعطيات توحي بالعكس عن فشلها. التكنولوجيا الحالية باهظة الثمن، وهي مربحة فقط إذا كانت أسعار النفط العالمية مرتفعة، بما أن الأسعار منخفضة فمنذ عام 2015 في تكساس وحدها أفلست 71 شركة للتنقيب والإنتاج».
وكان قبلها قد بين البروفيسور شمس الدين شيتور في محاضرة له على اليوتيوب (2015) أنه غير سعيد بما قيل إن الجزائر تمتلك ما قيمته عشرون ألف مليار متر مكعب من الغاز الصخري، فهذا ليس خبرا سارا.
وأضاف «علينا أن نختار بين شرب الماء أو امتلاك الغاز، بين الماء وبين الدولارات في البنوك فمليار متر مكعب من الغاز يستوجب مليون متر مكعب من المياه وهذا هائل، وهذا سيكون على حساب المياه الجوفية التي يمكن أن تتلوث بالمواد الكيميائية. علينا توخي الحذر، يضيف المحاضر. الغاز الصخري ليس للوقت الحالي، بل سيكون للأجيال المقبلة. إنه لكم (يخاطب الطلبة) لـ 2030.
وتحدث بإسهاب عن البدائل الطاقوية وضرورة الانتقال من الطاقات الأحفورية إلى الطاقات البديلة والنفايات مشروع مدر للأموال وكل الأشياء قابلة للتدوير. كذلك يجب إعداد المواطن البيئي الذي يستهلك قليلا ويعيش أفضل وذلك بالعودة لعادات الأجداد الاستهلاكية. البروفيسور شيتور، الذي يشغل حاليا منصب وزير التعليم العالي والبحث العلمي في الحكومة الجديدة يطالبه الكثيرون من ناشطي مواقع التواصل الاجتماعي بالكلام والحسم في هذه المعضلة.

إلغاء العبودية والرق:تونس تواجه المسكوت عنه

أحيت تونس الثلاثاء الماضي اليوم الوطني لإلغاء العبودية والرق، في ذكرى قرار أحمد باي الأول، الذي أصدر منذ 174 عاما، في الثالث والعشرين من يناير/كانون الثاني عام 1841 في وثيقة رسمية.
وكان قد سبق أمر إلغاء العبودية هذا والرق أمرا آخر في السادس من سبتمبر/ أيلول عام 1841 القاضي بمنع الإتجار في الرقيق وبيعهم في أسواق البلاد، كما أمر بهدم الدكاكين، التي كانت تتم فيها عملية الإتجار بالعبيد في سوق البركة (سوق الصاغة حاليا).
ثم أصدر أمرا في ديسمبر/كانون الأول 1842 يعتبر من يولد على التراب التونسي حرا. هكذا تكون تونس قد سبقت أمريكا، التي كانت تشهد نزاعات أهلية بين الشمال والجنوب. حيث كان الرئيس إبراهام لينكولن (شمالا) يدعو لتحرير العبيد، وسط معارضة شديدة من طرف الولايات الجنوبية الخمس. (موقع نسمة تي في) كذلك تعتبر تونس في هذا الاحتفال المخلد لقرارات أحمد باي الأول، أول البلدان العربية، التي تحتفل بإعادة كرامة البشر وتجريم الإتجار بهم، بعد السنيغال افريقيا (بدأ الاحتفال بها في 2010) وقد تم الإعلان عن هذا اليوم والاحتفال به في العام الماضي من طرف الرئيس الراحل الباجي قائد السبسي، بناء على طلب تقدمت به الهيئة الوطنية لمكافحة الإتجار بالأشخاص ممثلة برئيستها السيدة روضة العبيدي.(من موقع باب نت).
هكذا يختار التونسيون المواجهة مع الذاكرة والتاريخ والمجتمع والسياسة، للاحتفال بذكرى تؤلم الإنسانية في أعماقها الواعية واللا واعية. و حتى يتم تجاوز آلام وآثام الانسان. بينما ما زالت الكثير من المجتمعات المغاربية والعربية غارقة في أوحال التصورات التي تنقص من قيمة البشر، بسبب اللون والمهنة والمكانة، والتي ما زالت تسير دواليب السياسة، هذه الأخيرة التي لا تريد قض مضجع القبيلة وحراسها ومحظوراتها، بل تخرجها في كل مرة كبعبع يعيق تنمية قدرات البشر والمؤسسات الحديثة.

الرحالة سارة حابة:مغامرة تحبس الأنفاس

تناقلت مواقع كثيرة، مثل «تونيزيا بريس» و»تونسي بليد» و«الشروق أونلاين» خبر الرحالة سارة. بعد موجة الأخبار العنيفة، التي رسمت الكآبة في تونس حول الاعتداءات المتكررة في المترو وصالونات الحلاقة وحوادث قتل مأساوية.
«سارة حابة» تصنع أخبارا من طبيعة أخرى، المغامرة والصلابة واكتشاف الخير في بلداننا المجاورة. اعتادت الترحال عبر القارات الخمس، وتحت أهداف متعددة، تطوعية وتعليمية. كان هدفها هذه المرة الوصول إلى مكة لأداء مناسك العمرة، لكن بالسير على دراجة هوائية متتبعة آثار جدها الذي زار البقاع المقدسة في العام 1962.
ونظرا لظروف ليبيا قررت سارة أن تكون مصر محطة انطلاقها. رحلة عمرة، لكن ليست بالشكل المعتاد، امرأة ذات 32 ربيعا تقطع مسافة 3300 كم على دراجة هوائية، وحيدة بدون محرم لتصل للسعودية من باب غير الأبواب المعتادة لاستقبال زوار المملكة، حيث دخلت التراب السعودي عبر ميناء جدة وبنظام التأشيرات السياحية.
جاءت مغامرتها في زمن التغيير في السعودية. فبعد مغامرة الـ 44 يوما بين مصر والسودان حققت الحلم وقامت بأداء العمرة برفقة أخيها، الذي قدم من فرنسا.
الرحالة سارة خبيرة مختصة في طريقة التعليم بمنهجية «مونتيسوري» أصيلة مدينة المحرس ومقيمة في فرنسا.
واصلت رحلتها عبر الباخرة من مدينة بورتسودان الواقعة شمال شرق السودان على الساحل الغربي للبحر الأحمر نحو مدينة جدة. وقالت على الرغم من بعض المخاطر والمنغصات إلا أنها تلقت معاملة طيبة وتشجيعا في كل بلد ومنطقة كانت تصل إليها، سواء في مصر أو السودان أو السعودية.
هكذا تكون المغامرة أو لا تكون. هل عيش المرأة في الخارج يفتح لها مثل هذه الآفاق للقيام بهذه الرحلة الطويلة الشاقة المحفوفة بالمخاطر؟ أم أن هدف الرحلة يستحق كل هذا العناء؟
جميل أن تنتهي الرحلة بسلام وتحقق راحة النفس وسمو الروح معا.

كاتبة من الجزائر

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول دينا:

    دائما متألقة بمقالاتك

إشترك في قائمتنا البريدية