يصح لنا تسمية الحوادث المرورية بـ»إرهاب الطرقات»…بسبب الحصيلة التي بلغت في يوم واحد فقط، الذي «كان داميا بكل المقاييس» (حسب صفحة حوادث المرور في ولاية بالمسيلة)، عشرات القتلى والجرحى: « بالمسيلة حادث مرور خلف9 قتلى وأكثر من 30جريحاً…المسيلة (ايضا) قطار يدهس 3 أشخاص توفوا في عين المكان…تبسة، حادث مرور أليم خلّف 3قتلى وعدداً من الجرحى…النعامة، حادث مرور أليم خلف قتيلاً وعدداً من الجرحى»… وصدمة ولاية المسيلة، وبوسعادة تحديداً، كانت كبيرة، لثقل حصيلة الحادث المروري الأليم الذي أودى بحياة ستة طلاب جامعيين، كانوا على متن حافلة نقل مسافرين…وبعض الصفحات( صفحة تشييع الجنائز في ولاية الاغواط وضواحيها…وصفحة «أمي جنتي»…) التي نقرأ في تدويناتها بأن» عدد المتوفين في حادثة المسيلة المرورية بلغ 14 شخصاً من بينهم 6 طلاب…الحادث وقع على مستوى الطريق الوطني رقم 45 بإقليم بلدية الشلال، بالإضافة إلى 41 جريحاً»…الخط سير المركبة الرابط بين مسيلة وبوسعادة …حيث يتحدر الضحايا من هذه المنطقة الأخيرة، أي بوسعادة…وبما أن حادث وفاة الطلبة كان متزامنا مع وفاة مديرة المدرسة العليا للأساتذة بالقبة في العاصمة…فهناك من نعت ذلك اليوم بالأسود على قطاع التعليم العالي…ونقلت جريدة «الخبر» تفاصيل عن وفاة مديرة المدرسة العليا السيدة «مهداوي رزيقة» وتعرضت لمسارها الأكاديمي والمهني وبأنها « كانت أستاذة في جامعة سعد دحلب البليدة 1…وتقلدت مناصب منها رئيسة قسم التكنولوجيا والعلوم ليتم استدعاؤها لمنصب إدارة المدرسة العليا للأساتذة»…وفي يوم الأجل المحتوم « وقّعت المديرة بيانا طمأنت فيه الطلبة المحتجين والمتخوفين من عدم توافر مناصب عمل بعد تخرجهم، بأن أحقيتهم في منصب شغل بعد نهاية التكوين مكفول لهم قانونا»…وعلى صفحة «المدرسة العليا للأساتذة نقرأ بأن المرحومة « في صباح (ذلك اليوم) قامت بإمضاء البيان الموجه إلى الطلبة وفي المساء توفيت إثر سكتة قلبية»…وعلى صفحة «أخبار مديرية التربية لولاية الجلفة» على فايسبوك نقرأ التدوينة التالية « …في صباح اليوم قامت بإمضاء بيان لطمأنة طلبة المدارس العليا للأساتذة بعد قرار رئيس الجمهورية القاضي بترسيم ما يقارب 60 ألف متعاقد وبعد موجة الاحتجاجات التي شهدتها 11 مدرسة عليا للأساتذة…وفي المساء توفيت إثر سكتة قلبية…رحمها الله وأسكنها فسيح جنانه»…وكتب السيد «عمار عاشور» على صفحته الرسمية على فايسبوك « آخر صورة للدكتورة « رزيقة مهداوي» مديرة المدرسة العليا للأساتذة بالقبة قبيل أن يوافيها الأجل بلحظات قليلة…اللهم اغفر لها وارحمها…وأردف قائلا « وهذا ما قاله الوزير «كمال بداري» عن وفاتها لـ«محمد يعقوبي» في مكالمة مع السيد وزير التعليم العالي لـ«كمال بداري» بدا لي في قمة التأثر بوفاة السيدة مهداوي رزيقة…ذلك لأن قدر الله أراد أن تفارق السيدة الحياة بينما السيد الوزير في مكتبها ينهي زيارة عمل للمدرسة…وكم هو صعب أن تشهد وتعاين وفاة زميل لك وهو يزاول عمله في مكتبه» …ويضيف محمد يعقوبي على لسان وزير التعليم العالي « بعد نهاية الاجتماع …كنت أهم بمغادرة المدرسة بسبب التزامات أخرى، إلا أن المديرة أصرت عليه أن يرافقها إلى مكتبها لتسلمه بعض الوثائق المتعلقة بالعمل وكان لها ذلك…وخلال اللقاء القصير في مكتبها يقول الوزير أنه شكر المديرة على طريقة إدارة النقاش مع الطلبة رغم التعب الذي كان يظهر عليها…وما هي إلا دقائق حتى بدأت المديرة تشعر بدوار ثم دخلت في حالة إغماء الامر الذي جعل الوزير يستعجل الاسعافات…لكن الأجل كان قد سبق وفارقت المديرة الحياة بطريقة صدمت الجميع…قدر الله أن تفارق الحياة في مكتبها وفي حضور الوزير وعمال المدرسة…وان ترحل بعد أن أصدرت بيانا يتضمن تسوية مشاكل الطلبة والتكفل بمطالبهم…وهي نهاية تركت أثراً بالغاً في نفوس كل الذين يعرفون جدية وإخلاص هذه المديرة في عملها…رحم الله المديرة وعظّمَ الله أجر عائلتها وزملائها وطلبتها»…بالفعل يموت بالسكتة القلبية من يقوم بإيجاد حلول للمشكلات العويصة وفق القوانين…يموت بالكمد و»القنطة» كما يقال من له قلب يخفق لم تمته العلاقات والوساطات ومن لايقول أنا و» بعدي والطوفان» …
مشروب أميلا…مخدر للتلاميذ
لا يمكن التخمين من أين يأتي الخطر…وهل بإمكان تلاميذ صغار أن يتفننوا في الذكاء والاكتشاف ( الخطير والمميت) عن مصادر النشوة؟ وآخر هذه التقليعات « مسحوق العصير أميلا» الذي كان يستهلك منذ سنوات طويلة جداً ولم ينتبه أحد لاستعماله المخدر…لكن ما تناقلته بعض التعليمات من طرف المؤسسات التربوية ووسائل الاعلام ومنصات التواصل الاجتماعي بشأن «اميلا» يقتضي توخي الحذر والمراقبة المستمرة بالمدارس وبين الأسر والمحيط…ومما جاء بتعليمة مديرية التربية لولاية تبسة والموجهة إلى السيدات والسادة مديري المؤسسات التعليمية للأطوار الثلاث (للتنفيذ) وإلى مفتشي التعليم الابتدائي (للمتابعة) وحول موضوع «تفشي ظاهرة استهلاك التلاميذ لمسحوق «أميلا» نظرا لتفشي ظاهرة استهلاك مسحوق أميلا…في أواسط التلاميذ المتمدرسين في المؤسسات التعليمية للأطوار الثلاث، بشكل مبالغ فيه …هذه المادة الموجهة خصيصا للتحضير الفوري للمشروبات ذات النكهات المختلفة…حيث تسوق على شكل مسحوق سكري ذو تركيبة مركزة وتحتوي على مادة تدعى «بيرازول» (pyrazoles) المصنفة صيدلانيا من بين الكحوليات الذي يستخدم كمؤثر عقلي…وخوفا من تفاقم هذه الظاهرة واتخاذها منحى لا تحمد عقباه قد يمس بأمن وسلامة التلاميذ…أطلب منكم السهر الشخصي على احتواء الوضع ومعالجة هذه الظاهرة من خلال اتخاذ الاجراءات اللازمة بتكثيف المراقبة على سلوكيات التلاميذ من قبل مشرفي التربية والأساتذة بالإضافة إلى اشراك مستشاري التوجيه والارشاد في عملية التوعية بخطورة أبعاد هذه الظاهرة وسط الأولياء والتلاميذ على حد سواء، وموافاتي بتقرير حول هذه الوضعية»…والموضوع تطرقت إليه بعض القنوات بدءاً من قناة البلاد…إلى قناة النهار ثم قناة الشروق…وباستجواب التلاميذ تبيّن بأن الاستعمال الجديد لهذا المسحوق…هو استنشاقه بواسطة وضعه في اقلام الكتابة عن طريق الانف…ونقرأ عن الموضوع على صفحة « جمعية أولياء التلاميذ لابتدائية الشيخ سعيد كربوش غرداية» « ظاهرة جديدة تتمثل في استهلاك مسحوق «اميلا» وغيره من المساحيق المشابهة التي أصبح يستهلكها تلاميذ الابتدائي والمتوسط… سواء أكلها كمسحوق مباشرة أو عملية استنشاقها من خلال وضعها في اقلام الكتابة الخاصة بالسبورة ويتم استنشاقها عن طريق الانف»… ومما ينتج عن هذا الاستهلاك تضيف نفس الصفحة « ناهيك عن المشاكل التنفسية التي تنتج عن عدم قدرة الرئتين عن تحمل الرائحة القوية الناتجة عن الأحماض المتواجدة في المسحوق وقدرة هذه المواد على البقاء في الجيوب الأنفية والمسالك التنفسية وبالتالي خطر الالتهابات التنفسية…لذلك وجب على الأولياء مراقبة ابنائهم وتحذيرهم لتفادي انتشار هذه الظاهرة وسط أبنائنا…كما ننوّه على أصحاب المحلات عدم بيع هذه المادة للقصر»…
انتشرت التعليمات التحذيرية الصادرة عن مديريات التربية بالعديد من الولايات، كولاية «بسكرة» وولاية «البيض» وغيرها…وهذا ما يدل على استفحال الظاهرة بين التلاميذ… وكان الموضوع قد طرح عام 2018 أيضا بشأن هذا المنتوج…..لكن ومن باب حق الرد من المنتج لمشروب «اميلا» وعلى صفحة «اخبار غرداية» على فايسبوك نقرأ: « مشروب أميلا الفوري مطابق للقوانين ولا يشكل أي خطر صحي…في عام 2018 أطلقت شركة «بروماسيدور» وتحت اشراف وزارة التجارة تحاليل مخبرية والتي أثبتت مطابقة منتجات أميلا مع القوانين…الموضوع يتعلق مرة أخرى باستخدام مسحوق عصير أميلا…وسيتم إطلاق حملة توعية بهذا الصدد…يريد مجمع «بروماسيدور» الجزائر التذكير اليوم أن علامته التجارية «أميلا» تتوافق والمعايير الصحية الجزائرية الدولية»…ويضيف منشور الشركة المنتجة « حاولت بعض المنشورات الاخيرة والتي تم تداولها عبر شبكات التواصل الاجتماعي أو المقالات التشكيك حول مكونات عصير «اميلا» مما دفع بمجمع «بروماسيدور» الجزائر إلى توضيح المطابقة الكاملة لمنتج «أميلا» بشفافية تامة…كما تأسف «المجمع …مرة أخرى في ما يخص سوء استخدام المنتج…عصير «أميلا» ذو جودة يتم استهلاكه مخففا في 1.5 لتر من الماء، وطريقة الاستخدام يتم وصفها بوضوح على الكيس»…وحول المشكل الذي تعرض له المنتج عام 2018 والذي فجرته أيضا مديريات التربية وقتها …يضيف منشور المجمع «بروماسيدور» « للتذكير قررت شركة «بروماسيدور» في نهاية 2018 مع السلطات الجزائرية المختصة توقيف نشاط «أميلا» مؤقتا، حتى تمت إزالة كل الشكوك في ما يتعلق بوجود مادة «بيرازول» وقد استؤنف التسويق بعد بضعة أسابيع إثر التحاليل التي اضطلعت بها المختبرات المختصة…تحت اشراف السلطات…وأكدت نتائج هذه التحاليل امتثال المنتج لأشد المعايير الجزائرية والدولية صرامة، وعدم وجود مادة «بيرازول» لذلك لا يشكل مسحوق عصير «أميلا» خطراً على الصحة»…الموضوع أخذ ابعاداً كبيرة، هذه المرة…وماذا سيكون مصير المنتج…وقبل مصير المنتج…ما هو مصير التلاميذ الذين استخدموا «أميلا» كمخدر؟ يحتاج الرأي العام إلى توضيحات وتفاصيل أكثر عن الموضوع…وهل هي مجرد منافسة بين منتجين للعصائر بالجزائر، كما ذكر بعض رواد الفايسبوك…أم هناك احصائيات ومعاينات تبين تدهور صحة التلاميذ ودخولهم عالم الادمان بواسطة «غبرة» «اميلا»؟
كاتبة من الجزائر