الجزائر- “القدس العربي”: التمست النيابة الجزائرية، تسليط عقوبات سجن ثقيلة، على اثنين من رموز فترة الرئيس الراحل عبد العزيز بوتفليقة، مدير شركة سوناطراك السابق عبد المؤمن ولد قدور، والأمين العام للمركزية النقابية عبد المجيد سيدي السعيد، في انتظار صدور الأحكام.
وفي المحاكمة الأولى، قدمت نيابة القطب الجزائي بمحكمة سيدي امحمد في العاصمة، التماسا بتسليط عقوبة 18 سنة سجنا على عبد المؤمن ولد قدور، مدير شركة سوناطراك السابق، في وقائع تتعلق بتضخيم قيمة مصفاة أوغيستا الإيطالية لتكرير النفط التي اقتنتها الشركة في عهده.
ودافع ولد قدور عن نفسه في المحاكمة، بالتأكيد على أن صفقة شراء أوغيستا تمت بعلم السلطات العليا في البلاد، وأنها جاءت في إطار استراتيجية الحد من واردات الوقود الذي كانت الجزائر تشتريه من الدول الأوروبية، على الرغم من أنها دولة بترولية، بسبب عدم قدرة مصانعها في ذلك الوقت على تكرير الكميات اللازمة لتلبية الاحتياج الوطني من الوقود.
وأبرز ولد قدور أن مصفاة أوغيستا كانت صفقة مربحة للجزائر، بدليل أنها حققت عائدات بـ400 مليون دولار خلال السنة الماضية، وفق قوله. وأكد أن ما عثر عليه من أموال وحلي هو من ثمار عمله، ولم يكن أبدا بسبب تورطه في الفساد.
وفي نفس القضية، تم التماس 10 سنوات سجنا ضد مستشار المدير السابق لسوناطراك أحمد هاشمي مازيغي، و5 سنوات حبسا نافذا ضد زوجة عبد المؤمن ولد قدور، و10 سنوات ضد ابنه نسيم مع أوامر بالقبض الدولي عليه.
وظل ولد قدور منذ مغادرته المنصب، فارا في الخارج، إلى أن تمت الإطاحة به في أغسطس/ آب 2021 من قبل السلطات الإماراتية وهو في طريقه إلى سلطنة عمان بناء على مذكرة توقيف دولية. وبثّ التلفزيون الرسمي لقطات لوصوله إلى الجزائر واستلامه من طرف السلطات الأمنية، خاصة أن هذه القضية تولى الوزير الأوّل السابق، عبد العزيز جراد، بنفسه الإعلان عنها ووصفها بقضية الفساد الكبرى.
وبلغت القيمة الأولية لشراء المصفاة 700 مليون دولار أمريكي، لكنها ارتفعت إلى 2 مليار دولار، وهي زيادة برّرها ولد قدور بمصاريف الاستغلال وقطع الغيار وشهادات المطابقة مع البيئة والضمان الجمركي. لكن ممثل النيابة اعترض على ذلك، واعتبر أن هذه الزيادة غير مبررة، وأكد أن مدير سوناطراك تصرف من تلقاء نفسه دون الأخذ بعين الاعتبار الاعتراضات على هذه الصفقة، بالنظر لقدم عتاد المصفاة التي يفوق عمرها نصف قرن.
وفي قضية منفصلة عالجتها نفس المحكمة، التمس ممثل النيابة عقوبة 15 سنة حبسا نافذا لعبد المجيد سيدي السعيد، الأمين العام لاتحاد العمال الجزائريين سابقا، مع غرامة مالية بقيمة 8 مليون دينار (حوالي 57 ألف دولار)، كما تم التماس عقوبة 12 سنة حبسا لابنه جميل سيدي السعيد، و8 ملايين دينار غرامة مالية، إضافة إلى التماس عقوبة 10 سنوات حبسا نافذا في حق ابنه الآخر حنفي، مع 8 ملايين غرامة مالية.
ويواجه سيدي السعيد وقائع فساد ثقيلة بناء على قانون مكافحة الفساد والوقاية الصادر سنة 2006، حيث يتهم باستغلال النفوذ والحصول على صفقات لشركات نجليه في مجال الاتصالات وقطاع المحروقات مع شركات عمومية كبرى، دون التقيد بقانون الصفقات.
ويعد سيدي السعيد من أكبر المعمرين على رأس “الاتحاد العام للعمال الجزائريين” الذي قاده لمدة تربو عن 23 سنة. ويمثل الاتحاد أكبر نقابة عمالية في البلاد، ويضم نحو 2.3 مليون عامل من قطاعات مختلفة، وبقي لسنوات طويلة رافدا سياسيا مهما لنظام الحكم خاصة في المواعيد الانتخابية الكبرى.
واشتهر سيدي السعيد بكونه أحد عرّابي العهدات الرئاسية للرئيس الراحل عبد العزيز بوتفليقة منذ وصوله للحكم سنة 1999، كما برز بكونه من أول الداعين للعهدة الخامسة التي ترشح لها بوتفليقة وهو يعاني عجزا كليا عن الحركة والكلام، قبل أن يطيح به الحراك الشعبي الذي انطلق في شباط/ فبراير 2019.
وتمثل هذه القضايا آخر سلاسل ملفات الفساد التي اشتغل عليها القضاء الجزائري حول الفترة السابقة، والتي مكّنت من محاكمة عشرات الوزراء وكبار المسؤولين، بينهم رئيسا الوزراء عبد المالك سلال وأحمد أويحيى.