الرباط ـ ‘القدس العربي’: ارتفعت حدة التوتر في العلاقات الجزائرية المغربية اثر حكم مخفف ضد مغربي انزل العلم الجزائري عن القنصلية الجزائرية بالدار البيضاء الذي وصفه مسؤولون جزائريون بالفضيحة.
وقال عمار بلاني الناطق الرسمي باسم الخارجية الجزائري أن بلاده قررت تجميد علاقاتها السياسية مع المغرب بعد ‘الاستفزازات المتكررة من طرف الرباط، وكان آخرها الحكم الصادر في حق مدنّس العلم الجزائري بقنصلية الدار البيضاء’.
وقضت محكمة مغربية بالدار البيضاء بالحكم على حميد النعناع الناشط بحركة الشباب الملكي بالسجن شهرين موقوفة التنفيذ وغرامة مالية 250 درهما (30 دولارا) لاقتحامه مقر القنصلية الجزائرية بالدار البيضاء وانزل العلم الجزائري ورميه لشبان كانوا يتظاهرون يوم الفاتح من تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي امام المقر احتجاجا على ما ورد حول نزاع الصحراء الغربية في خطاب للرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة في ندوة نظمت في العاصمة النيجيرية ابوجا في تشرين الاول/ اكتوبر الماضي.
ووصف بلاني، في تصريحات اعادت نشرها وسائط اعلامية مغربية، الحكم بـ ‘الفضيحة’، مؤكدا أن المغرب تعامل مع القضية وكأنّ ‘المتهم قام باقتحام كوخ مهجور، أو احدى الملكيات الخاصة، متناسيا بذلك التزاماته الدولية وكذا مسؤوليتها الكاملة على الاعتداء السافر الذي استهدف قنصلية الجزائر بالدار البيضاء المغربية’. وذكر الناطق باسم الخارجية الجزائرية أنه ‘نتيجة للاستخفاف المغربي، والتواطؤ المفضوح’، فإنّ ‘الجزائر قررت تجميد كافة تعاملاتها السياسية مع الرباط، حيث سيتم منع المسؤولين الجزائريين من المشاركة في أي حدث أو نشاط سياسي يعقد على الأراضي المغربية، مهما كانت أهميته وقيمته’.
كما أكّد بلاني بأنّ حادث القنصلية الذي تصفه الرباط بأنّه حادث ‘معزول’، ليس كذلك، مشيرا إلى أن بلاده تمتلك أدلة دامغة وأشرطة فيديو تثبت بأنّ الفعل ‘مفتعل’.
من جهة اخرى قالت صحيفة ‘النهار’ الجزائرية إن وزارة الطاقة والمناجم الجزائرية ‘شرعت فعلا في استخراج بعض الوثائق المنسية والتي تعود لعهد الرئيس الراحل هواري بومدين، والمتعلقة أساسا بديون الرباط للجزائر، وذلك بناء على أوامر وجهها ‘رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة عن طريق الوزير الأول عبد المالك سلال، إلى وزير الطاقة والمناجم من أجل إحياء القضية من جديد، بعدما قارب عمرها الخمسين عاما’.
واعتبرت الصحيفة أنّ قضية إنزال العلم الجزائري من أعلى مقر القنصلية الجزائرية بالمغرب، فجّر هذه القضية من جديد وهي القضية التي تعود وقائعها إلى سنوات السبعينات وبإمكانها أن ‘تجر المخزن إلى المحاكم الدولية من أجل دفع الديون المترتبة عليه’، وهي الديون التي كان ‘مسكوتا عنها رغم تعاقب ستة رؤساء على سدة الحكم بالجمهورية الجزائرية’.
وأضافت الصحيفة بأنّ ‘قضية إنزال العلم الجزائري من أعلى مقر دبلوماسي لدى الدولة المجاورة لم تمر بردا وسلاما من طرف الحكومة الجزائرية’، التي راحت ‘تبحث في أرشيفها وتفجر فضيحة شدتها تعادل شدة بركان تعود وقائعها إلى عهدة الرئيس الراحل هواري بومدين’، لما كان في سدة الحكم، حين صدَّرت الجزائر ‘كميات معتبرة من المواد النفطية أغلبها بترول دون أن تحصل على مستحقاتها إلى حد الساعة ودون الحصول أيضا على أدنى تبرير من المخزن يؤكد من خلاله الأسباب التي كانت وراء رفضه تسديد ديونه المقدرة بملايين الدولارات’.
وحسب المعلومات الجزائرية ‘الرسمية’، فإن الملك الحسن الثاني الذي حكم المغرب لمدة 38، سنة امتدت من عام 1961 وإلى غاية 1999 وهي الفترة التي استوردت فيها المغرب مواد نفطية رفض تسديد الديون المترتبة عليه، وحتى نجله محمد السادس الذي استخلفه على عرش المملكة منذ1999.
وقالت الصحيفة ان الجزائر ستصدر خلال أيام الفواتير التي سيتم توجيهها مباشرة للملك محمد السادس، حيث أنّها لن تتوانى في التوجه نحو المحاكم الدولية في حال رفض المغرب مرة أخرى تسديد الديون المترتبة عليه.
ها قد وجدت الجزائر لنفسها ذريعة جديدة لاستعداء الجيران وإطالة إغلاق الحدود وتجميد مشروع الاتحاد المغاربي الذي تصبو له الشعوب. لو اجتهد حكام هذا البلد أكثر لعثروا في أرشيفهم على قرار طرد 45 ألأف عائلة مغربية أي 350 ألأف مواطن اتهموا فجأة ب “‘العمالة للمخزن “. يتذكر الأشقاء الجزائريون أن مسؤوليهم طردوا ذات يوم من عام 1975، آلاف المغاربة على خلفية نزاع الصحراء. كان ذلك يوم عيد مقدس لدى المسلمين، عيد الأضحى المبارك. كانت مسيرة سوداء نحو الحدود المغربية ردا على مسيرة المغاربة نحو الصحراء. ها هم اليوم يدلون بفواتير يعود تاريخها لعقود من الزمن، بعد هذه السلوكات الصبيانية، نقول أن الغرب يضحك علينا وإسرائيل تحتقرنا . نعيب على زماننا والعيب فينا وليس لزماننا عيب سوانا. قل بيننا وبينكم التاريخ.
‘الجزائر قررت تجميد كافة تعاملاتها السياسية مع الرباط، حيث سيتم منع المسؤولين الجزائريين من المشاركة في أي حدث أو نشاط سياسي يعقد على الأراضي المغربية، مهما كانت أهميته وقيمته’: لا يتناسب مع الظرف الحالي حيث تواجه الأمة الإسلامية بما فيها الجزائر تحديات تسارع الأحداث حول الدول العربية وحاجة بلدان الربيع العربي إلى التركيز نحو الداخل وضبابية المواقف الأممية من قضايا الشرق الأوسط وبضع من أوجه الإختلاف في الخليج: لا داعي لتضخيم خطئ شاب قاصر متحمس لا دراية له بالأعراف الدولية إلى مستوى عداء بين دولتين(هذه سابقة عفوية على أرض المغرب لن تكون لها تبعات مستقبلية فلقد تعلم الشباب حرمة المناطق الدبلوماسية): ليترك كلا البلدين منفذاً سياسياً دبلوماسياً للآخر: ضروري جداً أن يتم تنسيق ما بين البلدين في القضايا العربية والإسلامية والإقليمية والثقافية والحدودية: هناك أصهار بين الشعبين وأسر مشتركة وطلبة متبادلين ولربما سياحة مشتركة وتونس سوف تحتاج سنداً مغاربياً: حتى أمنيا نفضل أن تحس الجزائر بأمن حدودها الغربية مع المغرب لتتفرغ لتوطيد أمنها القومي وترتيب إنتخاباتها السياسية والله أعلم