لندن – “القدس العربي”:
نشرت وكالة “اسوشيتتد برس” تقريرا بعنوان “الجزائر توسع نطاق تعلم اللغة الإنكليزية مع انحسار نفوذ فرنسا”، قالت فيه إنه بعد مرور أكثر من عام على إطلاق الجزائر برنامجا تجريبيا لتدريس اللغة الإنكليزية في المدارس الابتدائية، تشيد البلاد بالبرنامج باعتباره ناجحا وتوسعه في خطوة تعكس التحول اللغوي المتزايد الجاري في المستعمرات الفرنسية السابقة في جميع أنحاء أفريقيا.
وبحسب التقرير سيشارك الطلاب العائدون إلى الفصول الدراسية للصفين الثالث والرابع هذا الخريف في فصلين للغة الإنكليزية مدة كل منهما 45 دقيقة كل أسبوع حيث تنشئ البلاد برامج جديدة لتدريب المعلمين في الجامعات وتتطلع إلى المزيد من التغييرات التحويلية في السنوات المقبلة. بالإضافة إلى ذلك، تعمل البلاد على تعزيز إنفاذ القانون الموجود مسبقًا ضد المدارس الخاصة التي تعمل باللغة الفرنسية بشكل أساسي.
وقال وزير التربية والتعليم عبد الكريم بلعابد الأسبوع الماضي، إن “تعليم اللغة الإنكليزية هو خيار استراتيجي في سياسة التعليم الجديدة للبلاد”، مشيداً بهذه الخطوة باعتبارها نجاحاً هائلاً.
عدد الناطقين بالفرنسية في الجزائر يفوق عدد المتحدثين بها في جميع الدول باستثناء فرنسا نفسها وجمهورية الكونغو الديمقراطية. ويتحدث بها ما يقرب من 15 مليونًا من أصل 44 مليون نسمة في البلاد
ومثلما يلفت التقرير فاللغة الإنكليزية هي اللغة الأكثر انتشارًا في العالم، وتمثل غالبية المحتوى على الإنترنت وتظل لغة مشتركة في الأعمال والعلوم. ومع تراجع النفوذ الاقتصادي والسياسي لفرنسا في جميع أنحاء أفريقيا، أصبحت الجزائر من بين قائمة أطول من البلدان التي تتحول تدريجياً نحو اللغة الإنكليزية كلغة أجنبية رئيسية.
وينوه التقرير إلى أن عدد الناطقين بالفرنسية في الجزائر يفوق عدد المتحدثين بها في جميع الدول باستثناء فرنسا نفسها وجمهورية الكونغو الديمقراطية. ويتحدث بها ما يقرب من 15 مليونًا من أصل 44 مليون نسمة في البلاد، وفقًا للمنظمة الدولية للغة الفرنسية. ويعتبر مسؤولوها دروس اللغة الإنكليزية بمثابة تحول عملي وليس سياسيا، مشيرين إلى أهمية اللغة في المجالات العلمية والتقنية.
لكن، كما يشير التقرير، فإن الأسئلة حول وضع اللغة الفرنسية في المجتمع الجزائري كانت مستقطبة منذ فترة طويلة، كما يعترف المعلمون ومسؤولو سياسة التعليم السابقون. وينقل عن مدير المدرسة الثانوية المتقاعد محمد أرزقي فردي قوله إنه كان على الجزائر أن تبدأ التحول إلى اللغة الإنكليزية منذ عقود.
ويشير التقرير إلى أن المبادرة الحالية أطلقها الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، الذي تولى السلطة في عام 2019. وحاول الزعماء السابقون أيضًا توسيع نطاق اللغة الإنكليزية لكنهم فشلوا في التغلب على النخب المتعلمة بالفرنسية والتي طالما سيطرت على السلطة في البلاد.
وقال فردي: “لقد فقدنا الكثير من الوقت”. “كان ينبغي علينا إدخال اللغة الإنكليزية في المدارس الابتدائية عندما طرح الرئيس (عبد العزيز) بوتفليقة إصلاحاته بعد وصوله إلى السلطة في عام 1999. لكن في ذلك الوقت، كانت اللوبيات الناطقة بالفرنسية في الجزائر تتمتع بسلطة كبيرة في اتخاذ القرار في المؤسسات”.
ويلفت التقرير إلى أن التوسع في تعلم اللغة الإنكليزية يأتي مع تصاعد التوترات بين فرنسا والجزائر، وأن البلدين يشتركان في المصالح الأمنية بشأن الاضطرابات السياسية التي تشكل غرب أفريقيا المعاصرة. ومع ذلك، ففي السنوات الأخيرة، اختلف البلدان مرارًا وتكرارًا حول الهجرة وتسليم المجرمين وكيفية إحياء كل دولة لذكرى الاستعمار والحرب الوحشية التي أدت إلى استقلال الجزائر في عام 1962.
وبحسب التقرير تخطط الجزائر لتوسيع برنامجها الحالي إلى الصف الخامس السنة المقبلة. وستواصل تعليم الطلاب باللغة الفرنسية لمدة ثلاث ساعات كل أسبوع في المدارس الابتدائية.
وعندما بدأ تعلم اللغة الإنكليزية العام الماضي، أكد المسؤولون الجزائريون التزامهم باللغة الفرنسية وقالوا إنهم سيستمرون في تدريسها على نطاق واسع. لكن في تصريحاته هذا الأسبوع في بداية العام الدراسي، قال كمال بداري، وزير التعليم العالي الجزائري، إن توسيع البرنامج يهدف إلى تمكين طلاب المدارس الابتدائية من تلقي دورات تقنية في وقت لاحق باللغة الإنكليزية – وليس الفرنسية.
التوسع في تعلم اللغة الإنكليزية يأتي مع تصاعد التوترات بين فرنسا والجزائر.. ويشعر البعض بالقلق بشأن كيفية تنفيذ الجزائر لمثل هذا التحول وإعلان النصر مبكراً
وفي المقابل يؤكد التقرير أنه على الرغم من أن قليلين يشككون في أهمية اللغة الإنكليزية، إلا أن البعض يشعر بالقلق بشأن كيفية تنفيذ الجزائر لمثل هذا التحول والحذر من إعلان النصر في وقت مبكر جدًا. ويعتقد أحمد تيسا، المستشار السابق لوزارة التعليم الجزائرية، أن جعل الطلاب يتقنون اللغة الإنكليزية لا يمكن أن يحدث إلا بشكل تدريجي ومن المرجح أن يتطلب أكثر من مجرد إضافة فصول دراسية.
وأضاف: “نحن بحاجة إلى العودة إلى الأساسيات”. “هذه ليست مهمة صغيرة.”
ويخلص التقرير إلى أنه بغض النظر عن مدى سرعة تحول المدارس إلى اللغة الإنكليزية، فإن علامات التراجع ضد اللغة الفرنسية واضحة في أماكن أخرى.
ويذكر أن السلطات الجزائرية قامت ببطء باستبدال اللغة الفرنسية باللغة الإنكليزية في التسميات الرسمية لمختلف الوزارات الحكومية. وفي رحلته العام الماضي إلى الجزائر العاصمة، طلب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون من البلاد تقديم ملاحظات من على المنبر تشير إلى عنوانه والتاريخ باللغتين الإنكليزية والعربية، إحدى اللغتين الرسميتين في الجزائر إلى جانب الأمازيغية الأصلية.