الجزائر: مشروع قانون الانتخابات يثير الجدل بين الأحزاب

رضا شنوف
حجم الخط
0

الجزائر-“القدس العربي”: تباينت ردود الفعل الحزبية في الجزائر حيال مشروع قانون الانتخابات الذي وزعته رئاسة الجمهورية، الذي جاء بعدة تغييرات أهمها التصويت على القائمة المفتوحة وهو ما استحسنته أحزاب كبرى على غرار حركة مجتمع السلم، ووجدت أحزاب أخرى صغيرة بأنه مجحف في بعض مواده لأنه يخدم بالأساس الأحزاب التي تتمتع بقاعدة شعبية واسعة.

يحتوي مشروع قانون الانتخابات على 310 مادة من بينها 100 مادة جديدة أو محينة، ومن بين أهم التعديلات التي أتى لها مشروع القانون الجديد المطروح للنقاش على مستوى الأحزاب السياسية بغرض إثرائه قبل المصادقة عليه على مستوى غرفتي البرلمان، المجلس الشعبي الوطني ومجلس الأمة، توجد المادة 167 الجديدة الخاصة بنظام الانتخاب الذي انتقل من القائمة المغلقة إلى المفتوحة، حيث تنص على أن يختار الناخب قائمة واحدة، ويصوّت لصالح مترشح أو أكثر من القائمة نفسها في حدود المقاعد المخصصة للدائرة الانتخابية. وتوزع المقاعد المطلوب شغلها بين القوائم بالتناسب حسب عدد الأصوات التي تحصلت عليها كل قائمة مع تطبيق قاعدة الباقي الأقوى.

وعكس ما كان عليه القانون في السابق، كان التصويت على القائمة المغلقة ويفوز غالبا من يكون في المراتب الأولى.
وخلق هذا النمط في التصويت ظهور المال الفاسد، حيث كان يدفع مترشحون أموالا مقابل وضعهم على رأس القوائم الانتخابية، وتعد قضية النائب السابق في البرلمان بهاء الدين طليبة مع نجلي الأمين العام السابق لجبهة التحرير الوطني جمال ولد عباس، صورة من صور استعمال المال الفاسد في الانتخابات.

كما يقترح مشروع القانون الجديد مناصفة القوائم الانتخابية بين النساء والرجال، وينص في المادة 174، أن “يكون لثلث 3/1 مترشحي القائمة على الأقل مستوى تعليمي جامعي”.
واعتبرت حركة مجتمع السلم أن “القانون يتضمن تعديلات جديدة وهامة، لاسيما ما تعلق بتغيير نمط الاقتراع بما قد يساعد على مشاركة أوسع للناخبين، ويوفر فرصا تنافسية للمترشحين ومختلف مناطق الدوائر الانتخابية في التمثيل والنتائج”، غير أنه أكد أن “القانون يتطلب مزيدا من الإثراء والمناقشة والتوافق لسد مزيد من الثغرات ولتحسين مستوى المنافسة ونزاهة الانتخابات”.

وشدد بيان على ضرورة ضمان “حياد الإدارة وأداء السلطة الوطنية دورها كاملا بفاعلية وإنصاف في مختلف مستويات العملية الانتخابية قبليا وأثناء وبعديا”.

من جانبه رأى خرشي النوي رئيس حركة المجتمع الديمقراطي المؤسس حديثا أن مشروع القانون الجديد يخدم الأحزاب الكبرى” وذلك عبر المواد من 169 إلى 171 منه ، كيف؟” ويشرح وجهة نظره في ست نقاط التالية: “1- الساحة السياسية خالية من أحزاب جديدة. 2- سَمح القانون بالقوائم الحرة ، وبدون شروط هامة. 3- يُؤدي ذلك الى كثْرة القوائم الحرة. 4 – تؤدِّي كثرة القوائم إلى تبعْثر أصوات للناخبين. 5- يُؤدِّي تبعْثر أصوات الناخبين إلى كثرة القوائم التي لا تحصل على النصاب 5 بالمائة. 6- تُؤدِّي كثرة القوائم التي لا تحصل على النصاب إلى تضخُّم الباقي الأقوى. 7- يكون الباقي الأقوى من نصيب الأحزاب وفق ما نص عليه القانون . 8- يُؤدي ذلك إلى تواصُل سيطرة الاحزاب الموجودة على المجالس “.

ويطرح النائب البرلماني عن الجالية الجزائرية في الخارج بلمداح نورالدين، إشكالية محدودية المقاعد المخصصة للجالية والمحددة بـ مقاعد فقط، وقال في تصريح لـ”القدس العربي” بأنهم كانوا ينتظرون” إعادة تقسيم المناطق وإضافة مقاعد جديدة للجالية وهو ما تنتظره بشغف، حتى يسهل على النواب القيام بدورهم على أكمل وجه، لكن للأسف لم نلمس أي مؤشر من طرف الحكومة في هذا الاتجاه”. أما بخصوص التعديلات التي جاء بها مشروع القانون الجديد فقال المتحدث بأن ما “جاء من مواد خاصة المتعلقة بالقائمة المفتوحة ايجابية جدا، والتي نظريا ستساهم في محاربة المال الفاسد، لكن هل يمكن أن يجسد ذلك على أرض الواقع ومنع هذا المال الفاسد من الوصول إلى المجالس المنتخبة، الوقت وحده من سيجيب”.
ويرى أستاذ العلوم السياسية بجامعة تلمسان الدكتور سمير عياد أن مشروع القانون “حاول أن يمنح جميع المواطنين المؤهّلين فرصاً متكافئة للمشاركة كناخبين في اختيار ممثّليهم، أو كمرشّحين للفوز بمناصب”، غير أنه سجل في تصريحه لـ”القدس العربي” بخصوص ما ورد “في المادة 174 يعتبر خروجا عن مبدأ تكافؤ الفرص والمساواة في الحقوق، لذلك فمن مصلحة المترشحين المتنافسين خاصّة، وعموم الشعب بصفة عامة أن يحرصوا على التطبيق الفعلي لهذا النظام الانتخابي (بعد المناقشة والمصادقة) لضمان قواعد منافسة تؤدي إلى قيام انتخابات ديمقراطية حقيقية”.

ونصت المادة 174، في الفقرة الثانية، على أنه يتعين على كل قائمة أن تراعي مبدأ المناصفة بين الرجال والنساء وأن تخصص على الأقل ثلث الترشيحات للذين تقل أعمارهم عن 35 سنة تحت طائلة عدم قبول القائمة، بالنسبة لانتخاب أعضاء المجلس الشعبي الوطني مع إمكانية تمويل حملاتهم الانتخابية. ويستثنى من مبدأ المناصفة البلديات التي يساوي عدد سكانها أو يزيد عن 20 ألف نسمة.

أما بخصوص نظام القائمة المفتوحة فيرى الدكتور سمير عياد أن “ما يعاب عليها أنها تخلق تنافس بين مرشحي الحزب الواردين في نفس القائمة مما قد يؤدي إلى صراعات وانشقاقات، بالإضافة إلى صعوبة تطبيقها من الناحية المادية لأنها تتطلب حساب عدد الأصوات المحصل عليها لكل متنافس في القائمة، وهذه العملية تتطلب إمكانيات مادية ووقت”.
ونوه الدكتور سمير عياد بأن من بين “نقاط قوة المشروع أنه جاء ليكرس مبدأ الشفافية وهو أن يخضع كل إجراء من إجراءات العملية الانتخابية للتدقيق، وبأن يتحقّق أصحاب الشأن بكل استقلالية مما إذا كانت العملية الانتخابية قد جرت بنزاهة ودقّة”. إلا أنه أكد أن تعيين جميع أفراد السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات وطنيا ومحليا وهو ما نصت عليه المادتين 20 و33، تعتبر حيادا -نوعا ما- عن مبدأ الاستقلالية، فلو حبذا لو يكون نصف أعضائها منتخبين (حسب شروط معينة) تكريسا لمبدأ استقلاليتها عن السلطة التنفيذية”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية