الأمم المتحدة- “القدس العربي”: بدأت الجمعية العامة للأمم المتحدة جلسة أطلق عليها “غير رسمية” بدعوة من رئيس الجمعية العامة، فيليمون يانغ، لمناقشة قرار الكنيست الإسرائيلي يوم 28 تشرين الأول/ أكتوبر بوقف التعامل مع الأونروا حظر أنشطتها في الضفة الغربية والقدس وقطاع غزة، وقرار الحكومة الإسرائيلية بحظر أنشطة الوكالة كليا في إسرائيل والأرض الفلسطينية.
وقال يانغ إن وقف أنشطة الأونروا في الأرض الفلسطينية المحتلة سيحرم ملايين اللاجئين الفلسطينيين من الخدمات الصحية والتعليمية، معتبرا أنه “أمر غير مقبول”.
وأضاف: “خلال العام الماضي في غزة، قُتل أكثر من 43 ألف شخص، أغلبهم من النساء والأطفال. كما جرح أو شُوه أكثر من مئة ألف شخص وتشرد نحو 1.9 مليون شخص، أي ما يعادل تقريباً إجمالي سكان غزة ودمرت البنية الأساسية المدنية. وفي ظل هذه الخلفية المروعة، تقدم الوكالة الدعم العاجل المنقذ للحياة. ومن العدل أن نقول إنها العمود الفقري للعمليات الإنسانية للأمم المتحدة في غزة، حيث توفر الحماية والمأوى والغذاء والمياه والرعاية الطبية لملايين الفلسطينيين”.
وقال رئيس الجمعية العامة إن القرار الإسرائيلي يحمل مضمونا سياسيا حيث سيدمر الجهود التي تعمل على إيجاد حل سياسي للنزاع على أساس حل الدولتين اللتين تعيشان جنبا إلى جنب بسلام. وإن حظر أنشطة الأونروا يشكل انتهاكا لميثاق الأمم المتحدة والقرارات الدولية فأي هجوم على الوكالة إنما يشكل هجوما على المجموعة الدولية التي اعتمدت قرار 302 عام 1949 بغالبية كبيرة دون أي اعتراض. وقال إن النزاع في الشرق الأوسط لن يحل بالعنف أوة بالمزيد من الاحتلال وعلى المجتمع أن يعمل على تنفيذ حل الدولتين، “إن من واجبي كرئيس للجمعية العامة أن أؤكد على أن ميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي والقرارات الدولية يجب أن تحترم من قبل كافة الدول الأعضاء، ولذلك أدعو حكومة إسرائيل بالالتزام بهذا الواجب الدولي الملزم والسماح للأونروا أنت تعمل في قطاع غزة والضفة الغربية كما أقرت ذلك الجمعية العامة”.
لازاريني يطالب بعدم التعاون مع قرار إسرائيل
بدوره، طالب المفوض العام للأونروا فيليب لازاريني بالدفاع عن الوكالة التي تمثل توافقا دوليا وعملا جماعيا للتعامل مع قضية اللاجئين الفلسطينيين. وقال: “هذه الساعة الأكثر ظلمة في تاريخ الأونروا حيث استهدفت إسرائيل الأونروا منذ بداية حربها في غزة. وقرار الكنيست يخدم هذا الهدف. وهذا القرار يتعدى كونه يهاجم وكالة إنسانية بل يمنع الشعب الفلسطيني من تحقيق حقه في تقرير المصير عبر حل سياسي للمعاناة. فهو يغير معالم الحل المعروفة والمتفق عليها للصراع الفلسطيني الإسرائيلي”.
وقال لازاريني إن هذا القرار جاء في أعقاب مصادقة البرلمان الإسرائيلي (الكنيست) مؤخرا على قانونين يحظران عمل وكالة الأونروا في إسرائيل (وبالتالي في الأرض الفلسطينية المحتلة) ويمنعان المسؤولين الإسرائيليين من أي اتصال بالوكالة. وقد أبلغت إسرائيل رسميا الأمم المتحدة اليوم بانسحابها من اتفاق عام 1967 الذي ينظم علاقاتها مع الأونروا.
وقال المفوض العام إن الأونروا هي الوكالة الأممية الوحيدة التي تقدم التعليم مباشرة في مدارس الأمم المتحدة، مشيرا إلى أن “مدارسنا هي نظام التعليم الوحيد في المنطقة الذي يتضمن برنامجا لحقوق الإنسان ويتبع معايير الأمم المتحدة وقيمها. فحتى تشرين الأول/ أكتوبر من العام الماضي، وفرت الأونروا التعليم لأكثر من 300 ألف صبي وفتاة في غزة – أي ما يعادل نصف مجموع أطفال المدارس، الذين يخسرون الآن عامهم الدراسي الثاني. وفي الضفة الغربية، يذهب ما يقرب من 50 ألف طفل إلى مدارسنا”.
وحذر لازاريني من أن الأطفال بدون التعليم سينزلقون إلى براثن اليأس والفقر والتطرف وبدون تعليم، سيقع الأطفال فريسة للاستغلال، بما في ذلك الانضمام إلى الجماعات المسلحة. بدون تعلم، ستبقى هذه المنطقة غير مستقرة ومتقلبة. بدون الأونروا، سيبقى مصير ملايين الأشخاص على المحك.
وقال المفوض العام إن الأطفال وتعليمهم لا يتم تضمينهما في أي نقاشات عندما يتحدث “الخبراء” أو السياسيون عن استبدال الأونروا. “لماذا؟ لأنه في غياب دولة فاعلة، لا يوجد بديل”.
وشدد مفوض الأونروا أنه بدلا من التركيز على حظر الأونروا أو إيجاد بدائل، يجب أن يكون التركيز على التوصل إلى اتفاق لإنهاء هذا الصراع، مشيرا إلى أن ذلك هو السبيل الوحيد لإعطاء الأولوية للعودة إلى المدرسة لمئات الآلاف من الأطفال الذين يعيشون حاليا بين الأنقاض، “لقد حان الوقت لإعطاء الأولوية للأطفال ومستقبلهم”.
محاولة تصفية القضية الفلسطينية
السفير الفلسطيني لدى الأمم المتحدة رياض منصور قال إن الشعب الفلسطيني يواجه حرب إبادة عبر الهجمات الإسرائيلية القاتلة والتجويع والحصار والإخلاء والترهيب. وحرب الإبادة هذه تشمل الحرب على الأونروا التي تعمل مع الشعب الفلسطيني الذي أخرج من دياره. وأثنى منصور على المفوض العام لازاريني ودوره في حماية الأونروا وتنفيذ ولايتها في ظل ظروف صعبة غير مسبوقة.
وقال “نحن نشهد الآن حربا غير مسبوقة ضد الأمم المتحدة، من دولة عضو في الأمم المتحدة تنتهك كافة الالتزامات التي تأتي مع الاعتراف بالدول كأعضاء في المنظمة الدولية. إن هذه الدولة قد استهدفت موظفي الأمم المتحدة وقتلت منهم أكثر من أي منظمة دولية في تاريخ الأمم المتحدة. هذا الهجوم على وكالة تابعة للأمم المتحدة تمثل العمود الفقري للأعمال الإنسانية المقدمة للشعب الفلسطيني تمثل حقيقة محاولة لتصفية القضية الفلسطينية. إنه دليل آخر على حرب الإبادة على الشعب الفلسطيني وعلى كل ما يشد من أزرهم ويقدم المساعدات لهم. إنه هجوم على اللاجئين الفلسطينيين ومحاولة لتجريدهم من صفة اللجوء. والوكالة التي تحمل هذه المسؤولية منذ 75 سنة لا بديل لها. وموظفوها يخاطرون بحياتهم لتنفيذ ما أوكل إليهم من مهمات كلفوا بها من هذه الجمعية العامة إلى أن تحل القضية. وقال إن كل التهديدات لتدمير الوكالة لم تفلح. لكن حرب الإبادة لن تتوقف من تلقاء نفسها. إنها مسؤولية كل الدول الأعضاء في الأمم المتحدة. هناك مئات الألوف من الفلسطينيين يواجهون الموت إذا لم تتوقف حرب الإبادة “فهل سيسمح المجتمع الدولي لهذه الفظائع أن تستمر؟”، سأل منصور. وطالب منصور جميع الدول الأعضاء الوقوف موحدين في الدفاع عن أونروا وحمايتها وتمكينها من القيام بمهماتها حسب التفويض.
هاجم السفير الإسرائيلي، داني دانون، الوكالة واتهمها بتعليم الإرهاب والكراهية وأنها منظمة تصرف المليارات دون أي إنجازات ملموسة. وزعم أن نحو 100 موظف من الأونروا يعملون مع الحركات الفلسطينية المسلحة. وقال “بدون الأونروا أطفال غزة يتعلمون السلام وليس الكراهية”، “وكما أن حماس ستخرج من غزة كذلك سيتم إخراج الأونروا وبعد ذلك يكون هناك وضع ييسر السلام”.
وألقى سفير لبنان كلمة باسم المجموعة العربية وسفير بلجيكا باسم مجموعة الدول الداعمة للأونروا من بينها الجزائر وقطر والأردن وإسبانيا وعشرات الدول الأخرى.