إذ تطرح مختلف دول العالم وتكتلاته، تصوراتها وآمالها بشأن مستقبل ما بعد وباء فيروس كورونا الكوكبي، فإنها تطرحها في شكل مكونات فكرية وعقائدية وتغييرات في واقعها هي، بالدرجة الأولى، فالولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا والصين وبقية دول الشرق الأقصى وروسيا، وغيرها يطرح المسؤولون فيها تصورات مختلفة، بل أحياناً متناقضة، ستخدم مصالحهم ومكاناتهم العالمية الذاتية في المقام الأول، حتى لو ذكروا بين الحين والآخر اهتمامهم بالمصالح الإنسانية المشتركة. فهم حتماً معنيون قبل أي شيء آخر بمجتمعاتهم وأوطانهم وشعوبهم.
من هنا الأهمية الكبرى لطرح السؤال التالي: وماذا عنا نحن العرب؟ هل ستكون لنا رؤية مستقبلية قومية عربية مشتركة؟ أم ستكون لنا رؤى تعددية متباعدة، وبالتالي بصوت ضعيف، وبوزن لا يعيره العالم أي اهتمام أو مبالاة؟
في الخمسينيات من القرن الماضي، عندما وضعت الدول المنتصرة في الحرب العالمية الثانية تصوراتها حول ما يجب أن يكون عليه العالم، وتقاسمت النفوذ الأممي في ما بينها، كان رد الوطن العربي كله ردا واحد في مكوناته الفكرية والاستراتيجية النضالية وتعاضده. كان رد الدول العربية الرازحة تحت الاستعمار إشعال حروب التحرير من أجل الاستقلال. وكان كل شعب عربي يجد نفسه غير قادر للقيام بعملية التحرير بإمكاناته الذاتية، يجد عند كل الشعوب العربية الأخرى دعماً معنوياً ومادياً، وأحياناً مشاركة في النضال المسلح. وكان هدف الاستقلال الأساسي عند الجميع، هو استعادة كرامة وحرية الإنسان العربي، وإخراج المجتمعات العربية من تخلفها التاريخي. وكان لا بد من طرح فكر ووسيلة نضال للمحافظة على الاستقلال الوطني، وذلك كتمهيد للاستقلال القومي الشامل، لكل الوطن العربي، فطرح البعض الطليعي الفكر القومي العروبي المنادي في السياسة بوحدة الأمة العربية وحريتها، وفي الاقتصاد بإعطاء أهمية كبرى للعدالة الاجتماعية وتوزيع الثروة.
وقد تمخض عن ذلك المد العربي تغير جذري في عمل وكفاءة الجامعة العربية، لتصبح مؤسسة عربية، يحسب لقراراتها في الخمسينيات والستينيات ألف حساب. كما تمخض عن انخراط الجزء الطليعي من الأمة العربية، في حركة عدم الإنحياز، وفي قيادة العالم الثالث ككتلة مستقلة عن المعسكرين المتصارعين: المعسكر الغربي الرأسمالي والمعسكر الاشتراكي. هكذا كان رد الأمة العربية على التغيرات العالمية الكبرى التي أعقبت الحرب العالمية الثانية. الآن، والعالم مقبل على تغيرات كبرى، والسير في مسارات جديدة، نحتاج أن نطرح السؤال الآتي: بأي ثوابت ووسائل تنظيمية عربية مشتركة وممثلة للأمة العربية سيساهم العرب في التغيرات العالمية من جهة، وفي التغيرات التي سيرضاها العرب لمجتمعاتهم؟ الجواب على ذلك السؤال سيكون له تأثير بالغ على مدى دخول العرب ونوعه في العالم الجديد الذي سيخلق، عالم ما بعد وباء فيروس الكورونا.
لا بد من مواجهة التغيرات العالمية الجديدة ككتلة عربية متعافية وإلا فسنواجه الطوفان، وقد يغرق بعضنا
ومن المؤكد أن ذلك الجواب سيكون ضعيفاً وبائساً، إذا لم يواجه العرب مجتمعين الجحيم الذي تعيشه الأمة العربية حالياً: جحيم الدمار الهائل في العديد من الأقطار العربية، جحيم الانقسامات والصراعات الطائفيه والعرقية والقبلية، جحيم الجنون الجهادي التكفيري العابث بمكانة وقيم الإسلام، جحيم الجهالات المشبوهة عبر طول وعرض شبكات التواصل الاجتماعي العربية، جحيم التخلي عن الإخوة العرب الفلسطينيين في كفاحهم ضد الاستعمار الصهيوني وعنصريته، وأخيراً جحيم الاعتقاد بوجود خلاص فردي لكل قطر عربي، مستقل عن أمته وقادر على الإبحار في العواصف الاقتصادية والأمنية والسياسية المقبلة. مواجهة التغيرات العالمية الجديدة ككتلة عربية واحدة متعافية هو الجواب، وإلا فسنواجه الطوفان، وقد يغرق بعضنا.
كاتب بحريني
استاذنا الكبير
هذه الأنظمة هي التي ستغرقنا جميعا. ومعها لن يتتحقق أي حلم بالخلاص, فكيف واليوم يقتلون الشعوب، ويخونون الأوطان، ويتحالفون مع الغريب المستعمر ضد إخوانهم. كيف يمكن مع هؤلاء الذين باعوا الاوطان ونهبوا ثرواتها وحولوها ارصدة في الخارج. اليوم تعلن اكثر من دولة افلاسها سورية والعراق والسعودية والامارات والجزائر ومصر والسودان.. ولكن يصمتون صمت القبور
شكرا للاستاذ على المقال الذى يدعو الى ضم الصفوف والتكتل ابناء الامة العربية في صف واحد والوقوف كرجل واحد ضد ما سيقع بعد هذا الوباء . الامة العربية يااستاذ تكالبت عليها الامم وزرعت في كل دولة فيروسها وطورته من اجل خدمة مصالحها لااذكر دولة دون اخرى . الامة العربية لاينقصها شئ مطلقا سوى انها مريضة بفيروس العمالة وفيروس الدسيسة وفيروس زرع الفتنة والاحقاد بين ابنائها ليسهل على الغرب ابتلاعها لقمة صائغة.