بعد 23 يوم قتال في غزة أمكن أن نسمع أمس في اسرائيل اصواتا واضحة تحدثت عن حسم. ولا أعني أن تُهزم حماس بالمعنى الشعبي البسيط، أي بالسيطرة على الارض واسقاط حكمها بل أعني حسم المعركة الحالية.
يجب أن نحذر فورا من أن التقديرات هي أمر شديد التملص. وقد اخطأت اسرائيل أكثر من مرة في الاسابيع الثلاثة الاخيرة في تقديرها وفهمها لعقلية حماس وقد تخطيء مرة اخرى. وقد تغير حادثة واحدة غير عادية أو خطأ كبير أو عملية اختطاف لا سمح الله الصورة والتوازن بين الطرفين ولا سيما ذاك الذي يُصور نحو الخارج، وقد تغير ايضا صورة المعركة – بتقويتها أو بانهائها بسبب خطأ مأساوي.
ما زالوا في الجيش الاسرائيلي و»الشباك» يتحدثون عن إتمام قريب للمهمة – احباط الانفاق – بكلفة باهظة في الحقيقة بلغت 56 جنديا قتيلا الى يوم أمس لكن مع ضرب شديد لكل اجهزة حماس.
إن الاضرار العسكري بالمنظمة معروف لكن الضغط الرئيس يأتي في الاساس من قبل المواطنين؛ ففي القطاع 200 ألف لاجيء، وهناك سكان من بيت حانون يطرقون أبواب بيوت أعيان غزة في حي الرمال الفخم طالبين الطعام والملجأ، وهناك أنباء تفيد عن سرقة سندات الطعام التي توزعها وكالة الغوث من اجل رجال حماس، وغضب يزداد بسبب الدمار الذي خلفه قتال اسرائيل دون أن يثمر نتائج الى الآن – ويبدو أن كل ذلك يتغلغل ايضا ليصل الى الملاجيء الاسمنتية تحت الارض حيث تختبيء قيادة المنظمة.
أمكن أن نجد دليلا على ذلك أول أمس في خطبة محمد الضيف. فبعد اسبوع من عرض خالد مشعل في قطر قائمة مطالب فيها عشر مواد، قلصها ضيف الى اثنتين وهما وقف العدوان (أي وقف اطلاق النار) ووقف الحصار (فتح المعابر). وكل ما عدا ذلك ويشمل الافراج عن سجناء صفقة شليط قد أُزيل من القائمة.
مع فرض أن قيادة حماس تنسق بينها خطبها، يمكن أن نرى ذلك اشارة منها الى البحث عن مخرج براغماتي من المعركة.
والحديث كما قلنا عن وجهة نظر القدس. وليس من الضرورة أن تكون حماس متفقة معها وقد تعمل بخلاف منطقها. ونشك في أن تخرج من القتال دون شيء ملموس في يدها باعتبارها دخلت القتال بسبب ازمة.
يحاول المصريون الآن بدعم من اسرائيل ودعم امريكي تهيئة «هذا الشيء». لكنه يصعب عليهم الى الآن أن يتخلصوا من العقدة التي كانت تصاحب الاتصالات منذ اسبوع: فقد علقت مصر المحادثات بشرط وقف اطلاق النار أولا، وطلبت اسرائيل البقاء في الميدان لعلاج الانفاق، وبينت حماس أن وقف اطلاق النار لن يشمل العمل على القوات التي تعالج الانفاق.
سيحاول الوفد الفلسطيني الموحد الذي سيزور القاهرة (وفيه ممثلون عن أبو مازن وحماس والجهاد الاسلامي) أن يصوغ مخرجا من الورطة بمحادثات فيه ومع المصريين.
وفي هذا الوقت سيحاول الجيش الاسرائيلي أن يُتم سريعا علاج الانفاق، فاذا لم يحرز اتفاق فسيخرج من الميدان من طرف واحد لا خشية التورط العسكري فقط بل بسبب دبلوماسي في الاساس بسبب الازمة الانسانية التي أخذت تقوى في غزة.
اسرائيل اليوم 31/7/2014
يوآف ليمور