ما يحصل في الأيام الأخيرة حول المفاوضات لتحرير المخطوفين والمخطوفات، تجاوز منذ زمن بعيد حدود المنطق السليم. تقارير مشكوك في مصداقيتها عن رد حماس على المخطط للاتفاق تجر ساعات فوق ساعات من المداولات في الاستوديوهات وتتسبب للدولة بانتظار موقف حماس: تارة تكون هذه 24 ساعة، وتارة أخرى 48 ساعة. تارة في السابعة مساء، وعندها بعد ربع ساعة مجهولة. وكل هذا دون وضوح ما إذا كانت القيادة الإسرائيلية قادرة على تمرير اتفاق، لأن الكثيرين في الحكومة ينفرون منه.
النتيجة أن يحيى السنوار من مكان اختبائه في أحد الأنفاق، أخذ الصدارة مرة أخرى، ويواصل تمزيق أعصاب المجتمع الإسرائيلي، رغم أن وضعه أصعب بكثير مما يبث إلى الخارج: في خانيونس؛ أي من معقل حماس حتى وقت أخير مضى، يوشك على أن يفقد لواءه المركزي في غضون أسبوع في أقصى الأحوال.
يقول جهاز الأمن إنه لا سبب يدعونا للتحرك من هناك أو حتى جلب رأس زعيم حماس في القطاع. كلما تقدم الجيش الإسرائيلي تحسنت الصورة الاستخبارية، بفضل التحقيق مع الأسرى والقتال في الأنفاق. هذا لا يعني أننا سنصل إلى السنوار صباح غد؛ فهو ذكي بما يكفي ليتحرك مع مخطوفين حوله، لكن بخلاف التفاؤل وحتى الاعتداد الذي يبثه إلى الخارج، فقد كانت له حتى الآن أيام أجمل.
يطلب الجيش و “الشاباك” من الجمهور، كما اعتدنا في الأشهر الأربعة الأخيرة، الصبر و”التفكير بتعابير السور الواقي”، بمعنى الفهم بأن مرحلة تعميق الإنجاز، حتى الانكسار، إنما تأتي بعد الضغط الأولي. ولكن لم في “السور الواقي” مئات المخطوفين وآلاف النازحين من بيوتهم، ولا أزمة داخلية خطيرة، ولا حكومة تضم أعضاء متطرفين يحرصون على إضاعة كل ما تبقى من ائتمان دولي. وعليه، فإذا ما واجهنا وضعية في مجال مختلف تماماً فثمة حاجة لضربة تسمح لإسرائيل بأن تفاجئ. مثلاً: تقليص المساعدات الإنسانية لحشر القطاع، ثم حمل الأسرة الدولية على الدفع باتجاه الصفقة.
وهناك عمل فعلي يكمن في مشكلة رفح، حيث نشأت إمبراطورية تهريب حماس التي تسيطر على المنطقة بواسطة أربع كتائب. يمكن للجيش الإسرائيلي أن يهزمها: وإن كان التحدي مركباً بسبب حشر السكان هناك، البالغ عددهم حتى الآن 1.4 مليون شخص، لكن عملية تحريك مرتبة ربما تخلق ظروفاً لمناورة في المنطقة. ستكون هذه بحكم الأمر الواقع هزيمة الذراع العسكرية لحماس حتى بدون تصفية القيادة. وقال مسؤولون كبار في الجهاز إنهم متفائلون أكثر للنتيجة النهائية المرغوب فيها – تقويض ذراع حماس العسكرية. هؤلاء المسؤولون لا يفكرون بتعابير تصفية آخر وسيلة إطلاق، بل في كل ما يتعلق بالبنى التحتية الهامة تحت الأرض وكذا المستوى القيادي بالتأكيد. في خانيونس، مثلاً، بدأ الفريق القتالي في المظليين في الأيام الأخيرة يعمق عمله في حي العمل غربي المدينة، معقل إرهاب.
اجتاح المقاتلون خزانات ومكاتب صرافي المنظمة، وعثروا على أكثر من ثلاثة ملايين شواكل كانت تمول الإرهاب. كما عثر على وثائق استخبارية، ووسائل قتالية كثيرة، وفوهات تحت أرضية، ومواقع رصد ومصانع لإنتاج الوسائل القتالية. المخربون الذين أوشكوا على إطلاق النار عليهم وزرع العبوات، صفتهم نار القناصة بمساعدة قذائف الهاون ومسيرات سلاح الجو. بالتوازي، دمر مقاتلو “جفعاتي” قاعدة “القادسية” حيث عثر على مكتب يستخدمه شقيق السنوار، وكان مركزاً في الإعداد لـ 7 أكتوبر. كانت في المكان مكاتب أخرى لمسؤولين كبار، لكن أكثر ما أثار الاهتمام هي ماكينات إنتاج ألمانية حديثة لإنتاج السلاح أدخلت من سيناء بعد تفكيكها وإعادة تركيبها.
يوسي يهوشع
يديعوت أحرونوت 5/2/2024