الجيش الاسرائيلي قادر على منع نشوء انتفاضة فلسطينية ثالثة

حجم الخط
0

سافرت قبل اسبوع الى جبل الزيتون على مبعدة بضعة أمتار تحت الجامعة العبرية داخل اسرائيل في العاصمة. وكان يجلس الى جانبي وزير الدفاع السابق موشيه آرنس. وفي رحلة الذهاب رمى شاب فلسطيني خرج من المدرسة في الطور السيارة بحجر. وفي رحلة الاياب رُميت الواجهة الزجاجية بحجر آخر. ولم يحدث شيء سوى خدش لنافذة السيارة. لا يتذكر أحد في اسرائيل الخدوش، فأكثر الأحداث تمر عندنا من تحت الرادار، والمصابون مجهولون.
نُشرت في الشبكات الاجتماعية قبل الانتخابات بشهر أفلام قصيرة لجنود في كفار كدوم وفي الحي في الخليل، وهم يهربون من هجوم شباب فلسطينيين عليهم بالحجارة. ومست تلك الصور أعصابا مكشوفة. لأنه حينما يهرب الجنود من حجارة تكون الرسالة مشكلة. وحينما تهرب مصلحة الفلسطينيين والاسرائيليين المشتركة من الحجارة تصبح المشكلة أشد. وخفت النقاش الذي ثار على أثر الأفلام القصيرة. بعد سنين من الوعود الباطلة بالسلام لم يعد جزء كبير من الاسرائيليين يهتمون بما يجري في يهودا والسامرة، مهما تكن حاله من الخير أو الشر. وقد انتهت الانتخابات وأُنشئت حكومة، لكن الحجارة والأفلام القصيرة ما زالت معنا.
تدل الأرقام عند جهاز الامن على أنه لا توجد هنا انتفاضة ثالثة. وليس لها الى الآن اسم وعنوان واهتمام جماهيري، لكن أصبح لها حجم نشاط. فقد أصبحت الحجارة تطير في كل اتجاه في الاشهر الاخيرة. ويصاب مواطنون اسرائيليون ويواجه جنود مظاهرات عنيفة. وبخلاف النقاش الفلسفي الذي يتم في أجزاء ما من اليسار المتطرف، ليست الحجارة فقط رمز هبة شعبية، بل الحجارة فيها احتمال حريق اقليمي. والحظ هو الفرق بين حجر يقتل وحجر يضايق الاحصاء فقط.
يوجد صدق كبير في زعم المستوطنين أنه لا يمكن تجاهل التصعيد في يهودا والسامرة. ولا يجب عليك ان تكون من مؤيدي مشروع الاستيطان كي تفهم القدرة الكامنة للضرر. ونقول بالمناسبة إن الهدوء هو كنز في الأساس لمن يبحث عن حلول سياسية. وحينما يقاتلون يصبح التمييز بين الباحثين عن السلام والباحثين عن الحرب أصعب.
أضرت الانتفاضتان السابقتان بالطرفين، فالدم يؤثر تأثيرا مباشرا في مستوى العيش في رام الله والقدس. وسيبقى الاقتصاد الاسرائيلي رغم العجز المالي حتى لو قوي العنف ايضا، أما الاقتصاد الفلسطيني في المقابل فسيدفع ثمنا لا يستطيع الثبات له.
يُحتاج من اجل وقف جولة العنف الى نشاط عسكري حازم. ويعلمنا التاريخ غير البعيد ان الفلسطينيين يعرفون كيف يبدأون انتفاضات ولا يعرفون كيف ينهونها. ومن جهة ثانية تواجه دولة اسرائيل معضلة الحجر الاستراتيجي. ترى القيادة الفلسطينية ان الحجارة هي استمرار للصراع على الرواية وعلى الرأي العام الدولي. وهذا عنف يُصور تصويرا جيدا، فالفلسطينيون يبحثون عن الصورة الصحيحة، عن حجر يرمي به ولد فلسطيني جنديا يرد بعنف. لا يُحتاج في رام الله الى نتائج التحقيق الاسرائيلي المتعلق بمحمد الدرة لادراك ان صورا ما أشد إضرارا من قرارات معادية لاسرائيل في الامم المتحدة.
لا يمكن إنهاء جولة عنف كهذه باصبع خفيفة على الزناد، في مواجهة فتيان يرشقون بالحجارة، بل يُحتاج الى إصبع حكيمة لا سباب اخلاقية فقط، بل لاسباب نفعية ايضا. وبخلاف الكلام السخيف الذي صدر عن رئيس مجلس السامرة غرشون مسيكا، لا يوجد جيش وقادة عسكريون يعتقدون انه يمكن احتواء ارهاب، وكلما ازداد ايقاع الأحداث سرعة قوي الضغط العسكري ولا توجد صيغة اخرى. إن عند الجيش الاسرائيلي الكثير جدا مما يفعله كي يضر بالبنية التحتية لمنظمي المظاهرات، بغير نصائح من ناس المجلس الاقليمي المتعلقة بأوامر اطلاق النار. ‘دعوا الجيش الاسرائيلي ينتصر’، ولا تُبلبلوا ذهنه.

يديعوت 21/5/2013

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية