إستوقفتني بعض التعليقات التي نشرت على تقرير لي في القدس العربي حول إعتداءات إسرائيل على القدس والتي جاء في بعضها التشكيك بأن الجيش الأردني لم يقاتل دفاعا عن المسجد الأقصى والقدس وهي {فرية} تاريخية والحق يقال لابد من مناقشتها .
لم أعاصر تلك المرحلة ولا استلطف إطلاقا أي محاولة للتشكيك بالمؤسسة العسكرية ليس فقط لانها المؤسسة الوحيدة التي لا زالت بعيدة تماما عن قطار الترهل وقلة الإنتاجية ومغامرات اللصوص والفاسدين.
ولكن أيضا لانها المؤسسة الوحيدة في بلادي اليوم التي تعتبر الضامن الأساسي للإستقرار الأهلي وبقاء الدولة.
لم أعايش بحكم السن تلك المرحلة لكن والدي وهو عسكري أردني خدم في الجيش العربي لأكثر من 35 عاما عاش تماما وبالتفاصيل معركة القدس تحديدا وشارك وجرح فيها وحمل ودفن بيديه العشرات من رفاق السلاح الأردنيين الشرفاء وأبناء العشائر الأفذاذ الذين سقطوا في تلك المعركة وغيرها.
والدي قال لي الكثير ومات وهو يروي التفاصيل التي وثقتها بطريقتي ولم يكن للإنصاف الشاهد الوحيد الذي لا يعرف كذب الإعلام وتضليل السياسيين فبعض أصدقاء الوالد رحمه ورحمهم الله- كانوا يتسامرون معه في إستذكار الحكايات البسيطة التي تصلح لروايات التاريخ.
تلك الحكايات رويت أمامي ببساطة وأنا طفل وبلا ماكياج وبدون مكساج وقبل ولادة مواقع النميمة الإلكترونية وفيما كان عشرات السياسيين الدجالين أطفالا يلهون بالشارع أو يلاحقون الصبايا على أسوار المدارس .
وعايش قدامى العسكر هذه الحكايات قبل ولادة الكثير من المتشدقين من جنرالات المايكروفون الذين أنتجوا بإسم العسكر أطنانا من الجدل الفارغ والمسيء للوحدة الوطنية فيما كان الأوائل ووالدي ورفاقه يخوضون معركة الكرامة ليس تثبيتا للدولة الأردنية أو دفاعا عن القدس فقط ولكن تكريسا لدروس يتجاهلها قومي بخبث لمعاني الفداء والشجاعة والرجولة والوحدة الوطنية حول ضفتي نهر الأردن.
للأسف هذه الحكايات وتحديدا تلك التي حصلت على أسوار القدس تمثل صفحات ناصعة يرى أصحاب القرار أنها غير جديرة بالتدوين في الكتب أو التوثيق في مناهج التربية والتعليم التي تعج بالموضوعات البائسة السقيمة التي لا معنى لها فيما تغيب قصدا وعن سابق إصرار وترصد- حكايات البطولة التي عمدت العلاقة بين الأردنيين والفلسطينيين بالدم سواء في معركة الكرامة او معركة القدس.
أزعم شخصيا بأن هذا التغييب لملحمة الشجاعة التي قاتل فيها الجيش العربي قبل خذلانه سياسيا مقصود وله أهداف خبيثة لان صفحات هذه الملحمة كفيلة بأن يعرف كل أردني ومن شتى الأصول والمنابت بأنهم ليسوا خصما لبعضهم وبأن عدوهم الواحد الوحيد هو إسرائيل حصريا ووكلاؤها من دعاة الفتنة والإنقسام الجهويين والطائفيين.
هذه القصص كفيلة لو وثقت ونشرت برأيي المتواضع بالرد على كل المتشدقين من دعاة فرقة الناس وتصنيفهم وتقسيمهم تحت عنوان الوطن البديل ..لذلك يتم إخفاؤها ولا تأخذ حقها في المتابعة والتحليل والنشر والترويج لانها لو حصل ذلك ستعيد إنتاج المشهد الوطني وسيفخر بها أطفالنا في المخيمات والبوادي.
لا أعرف شخصيا كيف يمكن للمرء أن يكون في وطن بديل وهو في وطنه الأصيل؟.
لست مؤرخا عسكريا ولا أفهم بالمعارك لكني إستمعت للصديق الباحث والمحلل المقيم في واشنطن علي يونس وهي يروي الصعوبات التي واجهها وهو يسعى لتأريخ وتأمل ما حصل عام 1967 وتحديدا على جبهة الضفة الغربية والقدس لان الرجل يريد أن يعرف كيف حصلت الهزيمة ولماذا؟.
مفاجآت مهمة سيرويها يونس في كتاب متخصص ومنصف باللغة الإنكليزية يعمل عليه منذ ثلاثة أعوام.
وما سمعته من تحقيقات حتى الأن لهذا الزميل يتفق بالمكان والإسم والتوصيف مع الكثير من الحكايات البسيطة التي سمعتها عن والدي ورفاقه من المقاتلين الذين رحل معظمهم عن الدنيا الفانية.
وللعلم خدمت شخصيا في الجيش العربي وتشرفت بهذه الخدمة وعاينت بعيني الناقدة عن قرب رغم قيودي الأمنية كيف ينام ويسهر ويحرس العسكر الأردنيون وما هي عقيدتهم القتالية وكيف يحلم بسطاؤهم وقادتهم على الأغلب بيوم تجديد المواجهة مع جيش إسرائيل الذي لا يقهر ..هذه حقيقة عقيدية بعيدا عن أي مزاودات.
قد لا يعجب كلامي كثيرين ومن كل الأصناف وتحديدا في السلطة وفي بعض الصف الفلسطيني وفي التيار الشوفيني المريض الذي يحاول خطف المايكروفون بإسم المتقاعدين العسكريين وهم منه براء.
لكني واثق من أن ستة الاف عسكري أردني شهيد قاتلوا ببسالة لا مثيل لها والمئات من شهداء الجيش العربي سقطوا تحديدا على أسوار القدس وعلى أولادنا أو احفادنا بعد التحرير بإذن الله زرع شجرة بإسم كل شهيد من أبناء شرق الأردن الشرفاء الذين لم يقبلوا يوما الظلم أو الحيف أو العار فالحرب متواصلة ولا تقتصر على معركة واحدة والأيام دول والقدس للجميع.
الكتاب الذي ألمحت إليه حصل على شهادات نادرة من مراجع إسرائيلية عدوة بعضها لا زال على قيد الحياة تتحدث عن الصمود الأسطوري لبعض الوحدات العسكرية الأردنية في بعض قرى فلسطين وحول القدس حيث ربط أحد الجنرالات الأردنيين إثر رفضه الإستسلام نفسه بالشجرة وتمسك بسلاحه مع مساعده بعدما بقي على قيد الحياة إثر إستشهاد جميع جنوده فسقط الرجل شهيدا خالدا مع معاونه وإلتقط له الجنرال الإسرائيلي الغريم صورة وأدى له التحية.
البنادق قياسا ببنادق العدو كانت أقرب للخردة والذخيرة لم تكن ذات صلة بمخزن العدو ولا يوجد سلاح طيران فقط دروع قديمة من مخلفات الحرب العالمية الثانية وبعض المدرعات والقليل من الرصاص والذخائر ولوجستيات كلاسيكية إضافة لرجال حملوا أرواحهم ودافعوا عن القدس بالدم والفداء والإيمان.
الدليل العملي على قتال أردني شرس وصل لحدود غير طبيعية في معدلات الصمود هو ندرة وجود أسرى لدى العدو مما يدلل على أن نشامى الجيش العربي قاتلوا فعلا حتى النهاية وحتى آخر قطرة دم.
وأقولها بوضوح ردا على بعض التعليقات الساذجة: هذا هو الأردن الحقيقي وكل قطرة دم زكية لأردني سقطت في فلسطين دين في أعناق الشعب الفلسطيني والأمتين وتبعدنا اميالا عن سيناريوهات الوطن البديل فلا يجوز لأي فلسطين وفي أي زمان او مكان أن يقبل بأي بديل عن فلسطين تكريما لقطرات دماء الشهداء ولا زالت البوصلة التي لا تتجه للقدس {خائنة} كما يقول الصديق ممدوح العبادي.
..نعم وللتاريخ والإنصاف قاتل الجيش العربي الأردني ببسالة ورجولة على أسوار القدس وفقد الاف الشهداء ومن هزم هناك الأمة العربية وهيئة القيادة المشتركة وليس الجيش الأردني الذي تعرض للخذلان وحارب بإمكانات فنية ومالية لا يمكن تخيل بساطتها مقابل عدو مجرم وقف خلفه ودعمه ما يسمى اليوم بدول العالم الحديث.
الجيش العربي الأردني المغوار خذلته القيادة السياسية وخذلته العنتريات القومية وخاض معركة لم يكن مستعدا لها وعلى نحو مفاجئ ودافع بشرف وشجاعة وحتى النهاية بدليل عدد الضحايا الكبير والملك الراحل حسين بن طلال قال علنا بأنه أجبر على خوض المعركة قبل أي إعداد جيد لمعركة هزم فيها بالواقع السياسيون وإنتصر فيها العسكري العربي الشريف سواء على الجبهة المصرية أو السورية أو الأردنية.
على هذا الأساس لا مبرر للمزاودات التي لا معنى لها والتي لا تخدم احدا لان التشكيك بأداء القوات المسلحة الأردنية في معركة القدس خلافا لانه مريض وغير حقيقي لا يحرر شبرا من فلسطين ولا يرد بأي حجة مقنعة على دعاة الفتنة ولا يعيد رقما وطنيا مسحوبا.
‘ مدير مكتب ‘القدس العربي’ في الاردن
بارك الله فيك وفي قلمك النبيل يا أخ بسام والشكر أيضاً للأخ من الشمال التحدث وفصل في الذكريات والوقائع . بطولات جيشنا العربي في فلسطين لا ينكرها إلا مشبوه أو متحامل وشهداء الجيش العربي الأردني في فلسطين شموس تضيء طريق التحرير. رحم الله الشهداء وبارك في أنجالهم الذين سيعودون ليحرروا فلسطين الحبيبة حين يدعو النفير. وتحية للاوفياء
من يقراء المقال وكثير من التعليقات يظن أننا انتصرنا وان اليهود انهزموا
سبحان الله ، بغض النظر عن الأحلام والبطولات الفردية ، النظام في الأردن كان جزء اساسي من المؤامرة على تسلم فلسطين لليهود بالقول والفعل والشواهد على ذلك كثيره. لا تنسوا أن الأردن حكم الضفة الغربية والقدس من ٤٨ حتى يوم التسليم لليهود في ٦٧ بالأحكام العرفيه وبعد التسليم طالبونا أن نقاتل اليهود باظافرنا واسناننا ونسوا أنهم قد اقتلعوها من قبل.
وإذا كان هناك ٦٠٠٠ جندي اردني قتل في ٦٧ فنرجوا أن ينشروا أسمائهم ويدلونا على قبورهم. ما نعرفه أن الأردن أكمل الانسحاب من الضفة والقدس ونقل جميع أجهزته وجنوده إلى الضفة الشرقية في شهر ٥ / ٦٧
لم يبقى إلا عدد بسيط لذر الرماد في العيون.
يكفينا بطولات فارغه.
وهذه رواية أبي ، وقد كان هناك كذالك.
اذا كنت سمعتها من والدك بعد وقت بسبب عمرك وقتها فانا سمعتها من والدي(الذي كان في الجيش العربي وفي الضفة الغربية وقتها) بعد ايام قليلة فقط و كنت في التاسعة عشرة من عمري وقتها اذ نشبت الحرب وتحن نقدم امتحانات الثانوية العامة, الذين قاتلوا على اسوار القدس واستشهدوا لاخر رجل لا يتعدون سرية واحدة اي حوالي 150 فردا وقاتل غيرهم في اماكن اخرى في الضفة وهؤلاء جميعا يجب تخليدهم لانهم يمثلون شعب الاردن العربي الاصيل .لكن امر الاتسحاب وعدم الجهوزية دفع معظم افراد الجيش العربي الى الهرب الى الضفة الشرقية وكثير منهم بملابسه الداخلية …..للاسف. ارجو ان تعود الى الارشيف والتحقق من الارقام فليس العبرة بالعدد.
هؤلاء اسماء 458 شهيد بدون احصاء الجرحى وهم اكثر من ثلاثة الاف جريح للاطلاع على الاسماء والمنطقة والرقم العسكري
http://www.bani-hasan.com/vb/showthread.php?t=10991
المهم حتى الان لم يجب احد على السؤال هل كانت هناك اوامر بالانسحاب ام لا فكلنا يعرف الان ان معركة الكرامة التي انتصر بها الجيش العربي – والمقاومة الفلسطينية – كانت لانه تم عصيان الاوامر . المهم الان هل الجيش العربي-الجيوش العربية قادرة على ارجاع القدس .واسمحولي اقول هيييييييييييييييييييييي.
كل التحية والفخار لمن دافع عن القدس من الجيش العربي ولكن هذا تاريخ بحاجة لبحث فهذه الفترة ونحن لم نعاصرها سمعنا ممن عاشها ان الجيش قد امر بالانسحاب ولم يقاتل وتارة نسمع كلام الاخ بسام الذي رفع معنويتنا وألهب بنا روح النخوة التي تربينا عليها ببسالة الجنود في القدس وستماتتهم في القتل تلك أمة قد مضت لها ماكسبت ملكم ما كسبتم