بيروت- “القدس العربي”:
فرض الحدث الأمني عند كوع بلدة الكحالة المسيحية، والاشتباك الذي حصل غداة انقلاب شاحنة لحزب الله محملة بالأسلحة والذخائر، نفسه لليوم الثاني على التوالي، بعدما كاد يتسبّب بفتنة كبيرة في البلد عكستها مواقع التواصل الاجتماعي التي شهدت احتقانا سياسيا وطائفيا بين جمهور حزب الله وخصومه.
وقد استعاد بعض المعلقين إزاء هذا الحدث الذي أسفر عن سقوط قتيلين أحدهما من أبناء الكحالة والآخر من حزب الله، ذكريات من أيام الحرب الأهلية، حيث كان كوع الكحالة شاهداً على حوادث تفاقمت وأدّت إلى نشوب الحرب. ودان هؤلاء تنقّل حزب الله بشاحنات أسلحة وذخائر وسط البلدات الآمنة على مرأى من الدولة المتفرّجة والمكتوفة اليدين، بحسب قولهم، وسألوا ماذا لو انفجرت الشاحنة عند هذا الكوع وما ستكون النتيجة؟
في المقابل، استنكر فريق الممانعة الحملة التحريضية ضد المقاومة وسلاحها، واتهم من سمّاهم “مجموعات مليشياوية باستغلال الوضع والتصعيد” علماً أن القتيل فادي بجاني هو من أنصار التيار الوطني الحر، وتعمل ابنته في قناة OTV التابعة للتيار، والتي امتنعت عن البث المباشر لما جرى في الكحالة خلافاً لما أقدمت عليه قنوات MTV والجديد وLBCI والحدث.
وبعدما نجح الجيش اللبناني في ساعات الليل بتفريغ حمولة الشاحنة ونقلها من المكان بعد مواجهات مع أهالي الكحالة الذين رفضوا مغادرة الشاحنة، فُتحت الطريق أمام السيارات وبدأت النيابة العامة العسكرية التحقيقات بعد تأخير لساعات، وتولت جمع كاميرات المراقبة في المنطقة لتحديد الجهة التي بدأت بإطلاق النار. وعاين الطبيب الشرعي الجثتين اللتين سقطتا، وتبين أن الضحية فادي بجاني قُتل بأكثر من رصاصة.
وبحسب رواية الأهالي، فإن بجاني الذي يقع منزله في المكان، تقدَّم مع مجموعة منهم لإنقاذ سائق الشاحنة لحظة انقلابها، لكن طلبت منهم العناصر الحزبية المرافقة للشاحنة الابتعاد ما أثار الريبة لديهم مما تحمله الشاحنة، فحصل تلاسن وشجار ثم إطلاق نار لإبعاد الأهالي.
من جهتها، أصدرت قيادة الجيش- مديرية التوجيه بياناً جاء فيه أنه “لدى انقلاب شاحنة تحمل ذخائر على طريق عام الكحالة، حصل إشكال بين مرافقي الشاحنة والأهالي ما أدى إلى سقوط قتيلين. وقد حضرت قوة من الجيش إلى المكان وعملت على تطويق الإشكال، وتم نقل حمولة الشاحنة إلى أحد المراكز العسكرية، وبوشر التحقيق بإشراف القضاء المختص”.
وأضافت “بتاريخ 10 / 8 /2023 عند الساعة الرابعة فجرا، قامت القوة برفع الشاحنة وفتح الطريق بالاتجاهين، فيما يواصل الجيش متابعة الوضع واتخاذ التدابير الأمنية المناسبة”.
بتاريخ ١٠ / ٨ /٢٠٢٣ عند الساعة الرابعة فجرًا، قامت القوة برفع الشاحنة وفتح الطريق بالاتجاهين، فيما يواصل الجيش متابعة الوضع واتخاذ التدابير الأمنية المناسبة. ٢/٢#الجيش_اللبناني #LebaneseArmyhttps://t.co/qis3uCW2kI
— الجيش اللبناني (@LebarmyOfficial) August 10, 2023
ومواكبة للحادث، عقدت الجبهة السيادية اجتماعاً استثنائياً في مقر حزب الوطني في السوديكو وأصدرت بيانا تلاه النائب أشرف ريفي، دان “آلة القتل المتنقلة التي أنهكت الدولة وجعلتها عديمة الوجود ولا توفّر منطقة إلا وتجعلها مفقودة القرار” بحسب وصغه. ورأى “أن حكوماتنا دمى بيد حزب الله بكل أسف والحل هو عند الشعب اللبناني، والسلاح ليس سلاح مقاومة فهو يرتدّ على صدورنا ويقتلنا كل يوم وسنناضل لسحب كل سلاح غير شرعي من أيدي أصحابه”.
وانتقد النائب الكتائبي نديم الجميّل بيان الجيش اللبناني، وكتب على منصة “إكس”: “بيان الجيش اللبناني غير مقبول، وأقل ما يقال عنه غنه يستخف ويسخّف ما حصل في الكحالة. فالبيان تناسى سهوة أو عمداً تسمية الجهة التي كانت تنقل الذخائر، ووجهتها. والأهم، لم يوضح الجيش ما إذا أصبحت الحمولة في أحد المراكز العسكرية التابعة له، أم قام بتسليمها لأحد المراكز العسكرية التابعة للميليشيا”. وأضاف: “على الجيش اللبناني تحمل مسؤولياته كاملةً أو التخلي عنها… لبنان ليس جاهزاً ليتحمل مرة جديدة ثمن تخاذل الجيش”.
بيان الجيش اللبناني غير مقبول واقل ما يقال عنه انه يستخف ويسخّف ما حصل في الكحالة.
فالبيان تناسى سهوة او عمداً تسمية الجهة التي كانت تنقل الذخائر، ووجهتها.
والاهم، لم يوضح الجيش عما اذا اصبحت الحمولة في احد المراكز العسكرية التابعة له ام قام بتسليمها لاحد المراكز العسكرية… https://t.co/8Ncm1oLUEe— Nadim Gemayel (@nadimgemayel) August 10, 2023
وكتب عضو تكتل “الجمهورية القوية” النائب جهاد بقرادوني: “فائض القوة مستمر، واليوم وصل إلى الكحالة”، سائلاً: “ماذا تفعل شاحنة الأسلحة على الكوع؟ ولماذا هناك عناصر مسلحة من حزب الله؟ لماذا يصر حزب الله على وضع بصمته على هكذا أحداث؟ ما يعنينا أن نقول: آن الأوان لوضع حد لهذا الفائض، ونسأل حليفه: هل يقبل ما حصل في الكحالة؟”.
بدوره، كتب رئيس “المجلس الوطني لرفع الاحتلال الإيراني عن لبنان” فارس سعيد على حسابه: “أسقطت الكحالة أمس المعركة السياسية والإعلامية التي قادها لبنان الرسمي استباقاً لجلسة مجلس الأمن في 31 آب/ أغسطس للتجديد لليونيفيل، إذ فضحت “حادثة الكوع” عدم تقيّد لبنان بالقرار 1701 الذي ينصّ على ضبط الحدود ومنع إيصال الأسلحة إلى لبنان من سوريا”. وأضاف: “الكحالة “حسّاسة” كما كل لبنان منذ انفجار المرفأ وتصفية جو بجاني من أمام منزله… إلقاء اللوم على أهلها ظلم”، مطالباً الحكومة “بتحمّل مسؤولياتها الوطنية وفتح تحقيق فوري لتفسير التراخي في عدم تنفيذ الدستور وقرارات الشرعية الدولية”.
وكان المكتب الإعلامي لرئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، أفاد أنه “تابع مع قائد الجيش ملابسات الحادث الذي حصل في منطقة الكحالة وطلب الإسراع في التحقيقات الجارية لكشف الملابسات الكاملة لما حصل بالتوازي مع اتخاذ الإجراءات الميدانية المطلوبة لضبط الوضع”، داعياً الجميع “إلى التحلي بالحكمة والهدوء وعدم الانجرار وراء الانفعالات وانتظار نتيجة التحقيقات الجارية”.