لبنان: اتخذ الجيش اللبناني تدابير وإجراءات أمنية عند مداخل وفي محيط مخيم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين قرب مدينة صيدا اللبنانية، بعد اشتداد وتيرة الاشتباكات في محاور جديدة بمنطقة الطيري والرأس الأحمر والصفصاف والبركسات على طول الشارع الفوقاني داخل المخيم.
وأدت الجولة الأخيرة من الاشتباكات المستمرة منذ أربع ساعات تقريبا في عين الحلوة، إلى سقوط ثلاثة قتلى وإلى موجة جديدة من النزوح، حيث لجأت مئات العائلات إلى قاعة مسجد الموصللي ومبنى بلدية صيدا.
من جهتها، أعلنت قيادة الجيش اللبناني أنه”على أثر تجدد وتصاعد الاشتباكات المسلحة داخل مخيم عين الحلوة، تشير قيادة الجيش إلى أنها تعمل على اتخاذ التدابير المناسبة والقيام بالاتصالات اللازمة لوقف هذه الاشتباكات التي تُعرّض حياة المواطنين الأبرياء للخطر،
وتدعو جميع الأطراف المعنيين في المخيم إلى وقف إطلاق النار حفاظًا على مصلحة أبنائهم وقضيتهم، وصونًا لأرواح السكان في المناطق المجاورة”
كما دعت قيادة الجيش، جميع المواطنين إلى توخي الحيطة والحذر في المناطق المحيطة بالمخيم وعدم الاقتراب من أماكن الاشتباكات، والتقيّد بالإجراءات التي تتخذها الوحدات العسكرية المنتشرة في المنطقة حفاظًا على سلامتهم.
وأعلن المكتب الإعلامي في القصر الحكومي اللبناني، أن رئيس الحكومة نجيب ميقاتي أجرى اتصالاً بالرئيس الفلسطيني محمود عباس وتشاور معه في التطورات الحاصلة في مخيم عين الحلوة.
وشدّد رئيس الحكومة في خلال الاتصال على “أولوية وقف الأعمال العسكرية والتعاون مع الأجهزة الأمنية اللبنانية لمعالجة التوترات القائمة”.
وقال رئيس الحكومة إن “ما يحصل لا يخدم على الإطلاق القضية الفلسطينية ويشكل إساءة بالغة إلى الدولة اللبنانية بشكل عام، وخاصة إلى مدينة صيدا التي تحتضن الأخوة الفلسطينيين، وأضاف: “المطلوب في المقابل أن يتعاطوا مع الدولة اللبنانية وفق قوانينها وأنظمتها والحفاظ على سلامة مواطنيها”.
وفي السياق، عُقد اجتماع ضمّ إلى جانب قيادة “فتح” وفصائل منظمة التحرير الفلسطينية، رئيس لجنة الحوار اللّبناني الفلسطيني باسل الحسن، وممثّل حركة “حماس” في لبنان أحمد عبد الهادي.
وجرى البحث، بحسب بيان صادر عن الاجتماع، في “متابعة آليّات تسليم المطلوبين عبر الصّيغة الّتي أُقرّت في هيئة العمل الفلسطيني المشترك، وآليّات تمكين القوّة المشتركة من القيام بالمهام المطلوبة منها لجلب المطلوبين، بصيغة تضمن عدم استمرار الإضرار بأمن وأمان مخيم عين الحلوة والجوار”.
وتمّ الاتفاق على ضرورة متابعة الإشراف على تشكيل القوّة المشتركة، وإخلاء المدارس وعودة التّلاميذ الفلسطينيّين في المخيم إلى مدارسهم، باعتبارهم الهدف الأسمى في تأمين حقّهم في التّعليم والحياة، مع التّقدير عاليًا للجهود الّتي تبذلها الجهات كافّة لتثبيت وقف إطلاق النّار، وبخاصة سفارة دولة فلسطين”، كما تمّ التّشديد على عمق التّفاهم القائم بين الفصائل الفلسطينية كافّة والدولة اللبنانية، في تحمّل المسؤوليّة الوطنيّة، وتأكيد حقّ الشعب الفلسطيني في الحياة الكريمة، وحقّه في العدالة والمساواة ورفع الظّلم.
بدوره، أكد رئيس بعثة “أطباء بلا حدود في لبنان” جوليان رايكمان في بيان، أنه”في أعقاب تجدد الاشتباكات في مخيم عين الحلوة، نزح مئات اللاجئين الفلسطينيين من سكان المخيم إلى أماكن آمنة، فيما لا يزال الكثير منهم موجودين في مواقع غير آمنة بالقرب من الاشتباكات. في وقت تقوم بعض من المنظمات المحلية غير الحكومية بمساعدتهم، تبرعت أطباء بلا حدود بمجموعات من المواد غير الغذائية ومياه الشرب وبدأت فرقنا في توفير الرعاية الطبية من خلال العيادات المتنقلة.
ودعا رايكمان بشكل عاجل جميع الوكالات والمنظمات الإنسانية في لبنان إلى تكثيف جهودها لتوفير ملاجئ آمنة للذين هم بحاجة إليها وزيادة حجم الاستجابة للاحتياجات الإنسانية والطبية المتزايدة.
وفي إطار تصاعد حدة الاشتباكات خلال الساعات الماضية، والاعتداءات التي تعرضت لها الأطقم الطبية العاملة داخل المخيم لإسعاف المصابين والجرحى، أدانت جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني في لبنان الاعتداء الذي تعرضت له عناصر الأطقم الطبية وأفواج الإطفاء الفلسطينية، حيث أصيب عناصر من أفواج الإطفاء يوم أمس وهم يقومون بواجبهم الإنساني تجاه الأهالي في مخيم عين الحلوة إثر الاشتباكات الحاصلة في المخيم .
وأكدت الجمعية على الالتزام بمبادئ الحركة الدولية للصليب الأحمر، وحثت الجميع الالتزام بمواثيق الحماية للمؤسسات الصحية والإنسانية وعدم التعرض لطواقمها ومركباتها.
كما دعت الجماعة الإسلامية في لبنان، إلى الوقف الفوري لإطلاق النار في عين الحلوة، وقالت الجماعة في بيان لها: “من جديد ورغم إجماع القوى الفلسطينية وكل المساعي اللبنانية، تعود الأيادي الآثمة لتفجير الاشتباكات العبثية داخل مخيم عين الحلوة، غير عابئة بمصير مئات العائلات التي باتت بلا مأوى تهيم على وجوهها في الطرقات وعلى أبواب المساجد بعدما تخلت الأونروا عن القيام بواجباتها في إيواء النازحين من هول الاشتباكات”.
وتابع: “في الوقت الذي بذلنا فيه إلى جانب كل المرجعيات السياسية الصيداوية كل المساعي والسبل من أجل تثبيت وقف إطلاق النار والالتزام بالإجماع الفلسطيني الذي عبرت عنه قرارات هيئة العمل الفلسطيني المشترك، نجد من يمعن في غيّه ولا يعطي لكل القرارات أي اعتبار ضارباً عرض الحائط بكل ما تم التوافق عليه”.
وأكدت الجماعة الإسلامية في بيانها إلى وقف فوري لإطلاق النار، والالتزام بكل مندرجات الاتفاق والإجماع في سفارة فلسطين، والعمل على تنفيذ باقي البنود التي صدرت عن اجتماع هيئة العمل الفلسطيني المشترك.
وشددت على ضرورة الإعلان الواضح والصريح عن الجهة التي تخرق وقف إطلاق النار وفضحها أمام الرأي العام الفلسطيني واللبناني، والإعلان الواضح والصريح عن الجهات التي تعرقل تنفيذ مقررات الإجماع الفلسطيني.
وحذرت الجماعة الإسلامية في بيانها، من تداعيات هذا الاستهتار بأمن واستقرار مدينة صيدا ومخيماتها، كما دعت الجماهير الفلسطينية وأهالي مخيم عين الحلوة للاستعداد لأخذ المبادرة وفرض ما عجزت عنه القوى الفلسطينية مجتمعة، لأن استمرار هذا التفلت للسلاح وهذه المعارك العبثية سترتد سلباً على قدسية القضية الفلسطينية التي تشكل صيدا حاضنة لها.
تجدر الإشارة إلى أن الوضع في عين الحلوة كان قد انفجر مساء أول أمس، بعدما فشلت القوة الفلسطينية المشتركة بتنفيذ انتشار لها في جميع أنحاء المخيم ورفض الجهات المعنية تسليم المتورطين في اغتيال العميد أبو أشرف العرموشي ورفاقه، كما ورفض إخلاء المدارس داخل المخيم ولا سيما مدرسة صفد.