الخرطوم ـ «القدس العربي»: اتهمت الحكومة السودانية قوات «الدعم السريع» بتنفيذ عدوان عسكري للانقلاب على السلطة القائمة في البلاد وهدم الدولة.
وقال وزير الخارجية المكلف السفير علي الصادق، خلال مخاطبته الاجتماع الوزاري لمكتب التنسيق لحركة عدم الانحياز، في العاصمة الأذربيجانية باكو، أمس الأربعاء، إن «السودان يشهد تداعيات محاولة انقلابية فاشلة قامت بها قوات الدعم السريع بعد تمردها على السلطة القائمة في البلاد في 15 أبريل/ نيسان الماضي».
وزاد : «تلك المحاولة سرعان ما تحولت إلى عدوان عسكري شامل يستهدف هدم الدولة ويستهدف الاقتصاد والبنية التحتية والأصول وتدمير المرافق الاستراتيجية واحتلال بيوت المواطنين».
وأكد أن الدعم السريع الذي وصفه بـ«القوة المتمردة» «ظل يظهر قبل تمرده، عدم انصياع واضح لتوجيهات قيادة القوات المسلحة، ويقاوم أي محاولة لدمجه في الجيش السوداني بسبب رغبة قيادته في أن تظل جيشاً موازياً في البلاد».
حرب شاملة
وندد بـ«الانتهاكات الممنهجة للميليشيا المتمردة» مؤكدا أنها «تنفذ حرباً شاملة على عاصمة البلاد وحواضر الولايات والطرق القومية والمطارات والمنشآت الاستراتيجية لإشاعة حالة الفوضى، فضلا عن إرهاب المواطنين بارتكاب عمليات السرقة والنهب والسطو المسلح والاغتصاب وإشاعة الذعر وشتى الممارسات الإرهابية والانتهاكات الجسيمة في أوساط المدنيين، واتخاذهم دروعاً بشرية».
وأشار إلى أن تلك «الاعتداءات» شملت كذلك «اقتحام المستشفيات والمقار الصحية واتخاذها مقرات عسكرية وإجبار الكوادر الصحية على علاج جرحى الدعم السريع بالقوة، الأمر الذي أدى لخروج 57 مستشفى عن الخدمة الى جانب سرقة مخازن ومستودعات الأدوية».
وبين أن قوات «الدعم السريع استهدفت العديد من البعثات الدبلوماسية المعتمدة لدى البلاد ونهبت مقتنياتها، مما شكل انتهاكاً صارخاً للاتفاقيات الدولية ذات الصلة بحرمة المقار الدبلوماسية».
وذكر بأن «الحكومة السودانية وقعت على عدد من اتفاقيات وقف إطلاق النار والترتيبات الإنسانية عبر منبر جدة برعاية الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة العربية السعودية» متهما الدعم السريع بـ«عدم الالتزام بتلك الاتفاقات واستغلالها لشن المزيد من الاعتداءات الممنهجة».
ودعا حركة عدم الانحياز لدعم السودان خلال هذه الفترة الصعبة التي يمر بها عبر إدانة انتهاكات الدعم بوصفها «جرائم ضد الدولة وانتهاكات صريحة للقانون الدولي والإنساني» على حد قوله.
إلى ذلك، وعلى خلفية تحركات القوى السياسية، أعلن حزب التجمع الاتحادي عن بدء رئيس مكتبه التنفيذي، بابكر فيصل البلاد، جولة إقليمية، بعد انقضاء أكثر من شهرين على اشتعال فتيل الحرب في 15 أبريل/ نيسان الماضي.
وقال الحزب إن فيصل «سيبدأ جولة إقليمية تأتي في إطار الجهود السياسية والدبلوماسية التي يقوم بها التجمع مع حلفائه من القوى السياسية والمدنية في سبيل مناهضة الحرب والعمل على إنهائها بعملية سياسية مفضية إلى الوصول الى جيش مهني قومي واحد ينأى عن العمل السياسي واستعادة السلام والاستقرار للبلاد بما يضمن إكمال الاستحقاق المدني الديمقراطي ويحقق مطالب الثورة السودانية».
تنديد بالاعتقالات
واتهم الحزب الاستخبارات العسكرية في الولاية الشمالية باعتقال عضو المكتب التنفيذي الشريف حسين الحمادابي فجر أمس الأربعاء، من منزله في منطقة الحماداب الجديدة.
وندد بالاعتقالات السياسية، وحمل الاستخبارات العسكرية في الولاية المسؤولية الكاملة عن سلامته حتى عودته إلى أهله سالماً هو وكل من اعتقلتهم الاستخبارات العسكرية في الولاية من أعضاء لجان المقاومة والفاعلين السياسيين في المنطقة، بينهم عضوا لجان مقاومة منطقة مروي مزمل محمد عثمان وسليمان أحمد خالد وأعضاء لجان مقاومة منطقة كريمة زكريا بابكر وأبو القاسم طواش وإبراهيم محمد ابراهيم (حزيمة) الذين اعتقلوا خلال فترات مختلفة منذ اندلاع معارك 15 أبريل/ نيسان الماضي.
رئيس حزب التجمع الاتحادي سيبدأ جولة إقليمية
ومنذ اندلاع المعارك في 15 أبريل/ نيسان الماضي، تراجع الحراك السياسي في البلاد مقابل تصاعد الصراع العسكري.
والإثنين الماضي، بدأ عدد من القادة السياسيين جولة خارجية، بدأت بدولة أوغندا الفاعلة في المحيط الأفريقي.
وفي السياق، نفى المكتب القيادي للحزب الاتحادي – يشهد بوادر خلافات داخلية – علاقته بزيارة وفد القادة السياسيين لدولة أوغندا، بينهم القيادي في الحزب وعضو المجلس السيادي السابق محمد الفكي، لافتا إلى عدم التزامه بما يترتب عليها من تبعات.
وقال إن الحزب يُجري نقاشات داخلية موسعة لطرح مشروع سياسي متكامل يعزز من دور القوى السياسية والمدنية في إيقاف هذه الحرب المدمرة وما صاحبها من انتهاكات ترقى لمستوى جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية متهما الدعم السريع بالقيام بها، فضلا عن عمليات السطو المسلح واحتلال منازل المدنيين واغتصاب وقتل للابرياء والتنكيل بهم. وندد كذلك بما سماها «انتهاكات تنظيم الإخوان المسلمين» داخل الجيش من قصف مستمر لمنازل المواطنين العزل.
وأشار كذلك إلى اتصالات قام بها قادة التجمع الاتحادي مع بعض القوى السياسية لبدء حوار موسع يشترك فيه جميع السودانيين بشكل شامل وشفاف، لا يكرر أخطاء الماضي وفرض الوصاية والحلول الفوقية على الشعب السوداني، مشيرا إلى أنه المنهج الذي أفضى لما تشهده البلاد في الوقت الراهن.
وذكر أن تلك التحركات تأتي لايقاف الحرب أولاً ومن ثم الوصول لمشروع وطني يؤسس لدولة مدنية ديمقراطية عادلة تمثل كل المواطنين يعمها السلام وتغادر محطة الحروب للأبد.
وأضاف: في خضم كل هذه المساعي تفاجأنا عبر وسائط الإعلام بزيارة لبعض رموز القوى السياسية إلى أوغندا ومقابلة الرئيس الأوغندي يوري موسيفيني دون معرفة تفاصيل الزيارة والترتيبات التي انطوت عليها.
وشدد المكتب القيادي على عدم وجود علاقة له بهذه الزيارة وأنه لم يُستشر فيها وغير ملزم بما تترتب عليها من تبعات.
كما أدان دعوات تجييش المواطنين والقبائل، محذرا من أنها تهدف لتغيير مسار الحرب العبثية من صراع حول السلطة إلى حرب أهلية عبر منسوبي النظام السابق واستخدام دعاية الحرب العنصرية والتي ستنتج على الأرجح عنصرية مضادة، لسكب مزيد من الزيت على نار الحرب وإهدار المزيد من الدماء.
وشدد على ان الحرب الأهلية تعني الدمار الشامل وتحويل كل بقعة من أرض السودان لساحات مجازر مثل التي حدثت خلال حرب دارفور الحبيبة، داعيا إلى عدم الاستجابة لدعاوى تحويل الصراع على السلطة إلى حرب أهلية تقضي على ما تبقى من الوطن.
إلى ذلك، نددت نقابة الصحافيين السودانيين بإصابة المصور في تلفزيون السودان علي شطة برصاصة فى فخذه الأيسر مساء الإثنين بواسطة جنود يتبعون قوات الدعم السريع.
كما تعرض عضو نقابة الصحافيين السودانيين عمر كمال لتهديد بالتصفية الجسدية له ولأسرته عبر رسالة على تطبيق «فيسبوك» وتم ذكر أفراد أسرته بالاسم والعمر ومكان الإقامة وأسماء مدارسهم. وحذرت النقابة من أن تهديد الصحافيين ومحاولة تكميم أفواههم ومنعهم من التعبير عن الآراء إزاء الاقتتال الدائر في البلاد «أمر بالغ الخطورة». وانتقدت الاستثمار في الحرب عبر التخويف والتخوين وتكميم الأفواه.
ولفتت إلى إن حالة اللادولة تشجع أطرافا وجهات عدة وحتى أفرادا على التطرف وتهديد حياة الآخرين، مشيرة إلى توثيقها انتهاكات عديدة طالت عضويتها وازدادت بصورة ملحوظة منذ اندلاع الحرب بين الجيش وقوات الدعم السريع في 15 أبريل/ نيسان الماضي.
وأشارت إلى إن الحرب الدائرة في السودان الآن تجعل حياة الصحافيين السودانيين على المحك.