الخبير العسكري اللبناني ناجي ملاعب: التوغل البريّ لم ينجح حتى الآن لكن إسرائيل ستدخل الجنوب ولو بفاتورة مرتفعة

حاورته: رلى موفّق
حجم الخط
0

يرى الخبير العسكري اللبناني المحلِّل في الأمن الاستراتيجي العميد المتقاعد ناجي ملاعب أن إيران أعادت إحياء دور حزب الله بعد تلقيه ضربة مؤلمة من إسرائيل، وسيبقى يقاتل ما دامت لم تصل طهران إلى مبتغاها من وراء إنشائها للمحور. واعتبر أن التوغل البري لم ينجح حتى الآن، فبعد أسبوعين على بدئه، ما زالت صواريخ حزب الله مُفعّلة والقتال البري على أشده، وهناك صعوبة أمام تقدّم الجيش الإسرائيلي. لكنه يعتقد أن الخطة الإسرائيلية للدخول البري موافق عليها أمريكياً، وأن إسرائيل ستدخل مهما كانت الفاتورة مرتفعة، وستعمل على إعادة تنفيذ الـ1701 بمبادئ وقواعد اشتباك جديدة وبمهام جديدة لليونيفيل بعد أن تضع قدمها على الأرض.
ويلفت إلى الأنباء الواردة عن إخلاء القوات الروسية لأعلى مرتفع يُستعمل للمراقبة في القنيطرة السورية، وإلى معلومات بأن إسرائيل أزالت منذ 3 أشهر الألغام لناحية الجولان السوري، ما يؤشر إلى إمكان أن يكون أحد سيناريوهات الدخول إلى لبنان هو الالتفاف من الجولان باتجاه البقاع الغربي، فيما السيناريو الآخر المحتمل هو أن يكون الالتفاف من الساحل خصوصاً أن لدى إسرائيل سفينتَي إنزال بإمكانها استخدامهما.
ويسأل العميد ملاعب: لماذا يحق لإيران إجراء إعادة تقييم لموقفها بخصوص الرد الإيراني ولا يحق للحكومة اللبنانية إعادة تقييم الموقف والقول لحزب الله أنه بدل خسارة الجنوب من الأفضل الالتزام بالقرار 1701 والانسحاب من المنطقة إلى شمال الليطاني؟ ويضيف: كنا ننتظر من حزب الله بعد الضربات المؤلمة التي تلقاها أن يُسلِّم أموره إلى الدولة اللبنانية. وهنا نص الحوار:
○ ما تقييمك لسير العمليات العسكرية منذ أن أعلنت إسرائيل عن بدء هجومها البري الذي تصفه بـ«المحدود»؟
• وصف «محدود» استعملته إسرائيل عند بداية عملياتها في قطاع غزة، يومها قالت إن عمليتها محدودة، لكنها وصلت إلى محور فيلادلفيا وما زالت موجودة فيه، رغم مناشدة الأطراف التي تدخلت لوقف العملية عند حدود رفح بعدما دفعت السكان إلى جنوب غزة في رفح تحديداً، لكنها لم تستجب واقتحمت رفح ووصلت إلى المعبر. لذلك فإنها عندما تقول إنها عملية محدودة إنما تسعى فقط لعدم استدراج انتقادات الدول التي تقول إنها تقف ضد العدوان الإسرائيلي. إذاً هي ليست عملية محدودة.
أما بالنسبة إلى سير المعارك على الجبهة اللبنانية، فبعض الخبراء يقولون إن العملية هي «استطلاع بالنار» لكن الاستطلاع بالنار هو غير ما يجري حالياً. الاستطلاع بالنار هو عندما يكون هناك تمركز دفاعي في مكان ما، أو حتى هجومي، ترسل القوى المتمركزة مخفر أمامي متقدّم مكوّن من عناصر قليلة للمراقبة والإفادة عن تحركات الجهة المقابلة، وعندما ترى حركة لا تستطيع وصفها، إذا كان الوقت ليلاً أو نتيجة ظروف قاسية، يمكن لها أن تطلق رصاصة أو رصاصتين لتستدرج رد الطرف المقابل فتقدِّر بموجبه القوة الموجودة في الجهة المقابلة. أما ما يجري اليوم فهو عبارة عن توغل وليس استطلاعاً نارياً. قوات النخبة الإسرائيلية تحاول الدخول عبر أربعة ممرات في أماكن متعددة، بهدف تمشيط الأرض وإزالة كل الألغام من أمام القوة النارية التي تمتلكها إسرائيل (الدبابات والعربات المصفحة)، وما رأيناه حتى الآن، وبعد أيام عديدة من القتال، هو أن هذا التوغل من عدة أماكن لم ينجح حتى الآن، لأن المقاومة نصبت كمائن وزرعت ألغاماً في وقت سابق، ونتيجة لاستبسال عناصر المقاومة في القتال وجهاً لوجه. وهناك أيضاً ميّزة مهمة جداً، وهي أن التفوّق الجويّ الإسرائيلي لا يمكن استخدامه خلال القتال المباشر وبالتالي يُعزل دور الطيران، لذلك الكلمة للميدان وللقتال المباشر، وهنا أصحاب الأرض يستطيعون الدفاع عن أرضهم بشكل أفضل من القوات الغازية.
إذن هي عملية توغل وليست استطلاعاً بالنار. هي المرحلة الأولى من التوغل، أي استخدام قوات النخبة لتمشيط الأرض أمام القوة النارية. وتستدعي التوغل إلى مسافة 500 أو 1000 متر وصولاً إلى 2000 متر حتى يؤمنوا تموضع الدبابات في أماكن معينة، والسيطرة على المرتفعات التي تتحكم بالمنطقة، فمارون الرأس مثلاً تقع في أعلى قمة في المنطقة على ارتفاع 900 متر عن سطح البحر، ومَن يسيطر عليها يستطيع التحكم ليس فقط بالجبهة وإنما يصل تحكمه إلى بنت جبيل ومدن الجنوب الرئيسية.
○ كخبير عسكري، ألا يعني مشهد الجرافات الإسرائيلية وهي تجرف «حديقة إيران» وتهدم تمثال قاسم سليماني في مارون الرأس، أنهم فعلاً دخلوا إلى تلك النقطة الاستراتيجية التي من خلالها يسيطرون من خلالها بالنار على مناطق شاسعة من الجنوب؟
• صحيح أنهم وصلوا إلى هذه الحديقة وقاموا بجرفها ورفعوا العلم الإسرائيلي عليها، ولكنها كانت عملية «كرّ وفرّ»، أي تقوم بالعملية ومن ثمَّ تنسحب، لذا لا يمكننا اعتبارها عملية سيطرة على مارون الرأس، وإنما هي سيطرة على هضبة مقابلة للمناطق المحتلة لا تقع في الجهة المقابلة لبنت جبيل حتى يتحكموا بالمنطقة، كما أنها ليست في أعلى قمة في المنطقة.
○ ألا تُحسب خطوة متقدمة للجيش الإسرائيلي؟
• كانت ستُحسب لهم لو استقروا فيها وأبقوا العلم مرفوعاً، ولكنها خطوة معنوية كونهم دمروا تمثالاً يعني الكثير لرجال المقاومة (تمثال قاسم سليماني). هم رفعوا العلم الإسرائيلي والتقطوا الصور، لكن يبدو أنهم اضطروا إلى الانسحاب بعد الضربات التي تلقوها.
أريد أن أُوضح أمراً مهماً، وهو أن قوى المقاومة تعتقد أن الجغرافيا ليست مهمة بقدر استنزاف قدرات العدو. أي أنه يمكن تجاوز عمليات الكرّ والفرّ والتدمير الممنهج والأرض المحروقة والاعتماد على الثبات والقتال التراجعي أمام العدو بعد استنزافه. من الممكن أن يصل العدو إلى مارون الرأس أو اللبونة (مرتفع آخر إلى جهة رأس الناقورة يعلو عن سطح البحر 400 متر) ومنه يستطيع التحكم بالمنطقة، لكن كما قلت، الجغرافيا لا تعني المقاومة بقدر ما يعنيها استنزاف العدو وصولاً إلى شل قدراته تباعاً أثناء التقدّم.
○ بين حزب الله وإسرائيل، لمن ستكون الغلبة في الهجوم البري على المديين المتوسط والطويل… هناك رأي يقول إن إسرائيل مستعدة لدفع فاتورة كبيرة بغية السيطرة على المواقع الاستراتيجية؟
• المقاومة وحركات التحرر والميليشيات يكون انتشارها أفقياً وليس عمودياً كالجيوش النظامية، أي ليس لديها تسلسل قيادي (قائد لواء، وقائد كتيبة، وقادة سرايا وفصائل). هي مكونة من مجموعات تضم 4 أو 5 أشخاص وليس أكثر، أحدهم فقط يعرف بقية المجموعة الثانية، وهم مجهزون للقتال وليسوا بحاجة لأوامر جديدة، ويتواجدون في الميدان، لذلك فإنه رغم كل ما قامت به إسرائيل من قتل قادة لحزب الله، ما زال التواجد الميداني على الأرض كبيراً، وعندما نشر حزب الله الفيديو الرابع الذي يقول «جبالنا خزائننا» أثبت أن لديه أنفاقاً ووسائل للصمود، وهذا ثبت بعد أن تغنّى وزير الدفاع الإسرائيلي بأنه قضى بـ1400 غارة على 20 عاماً من تحضيرات حزب الله، لكن بعد أسبوعين على بدء الهجوم البري وحتى اليوم ما زالت الصواريخ مُفعّلة والقتال البري على أشده، وهناك صعوبة أمام تقدّم الجيش الإسرائيلي.
فإذا أخذنا هذا الأمر بعين الاعتبار، لا نستطيع تحديد موازين القوى بشكل دقيق لعدة أسباب، أولها أن إسرائيل أصبحت مثل أوكرانيا، إذا لم يصلها الدعم العسكري في وقته المحدد فلا تستطيع الدفاع عن نفسها، لأنها أفرغت الكثير من مستودعاتها، وسمعنا صرخة رئيس وزراء إسرائيل منذ نحو 3 أشهر عندما تأخرت المساعدات العسكرية الأمريكية عن موعدها. ثانياً، هناك حكومة يمينية في إسرائيل استطاعت شحذ همّة شعبها وإعلامه بأن هذا الوضع يمثل خطراً وجودياً على إسرائيل إذا لم تشن هذه الحرب، لذلك نجد أن 90% من الإسرائيليين يقفون معها وبالتالي أصبح لديها مبرر لهذا القتال. ثالثاً، هناك أخطاء لدى الحكومة اللبنانية، التي لا أدري كم نستطيع محاسبتها، وهي مستقيلة أو في وضع تصريف أعمال، إنما تبقى هي مَن يُمثّل الشعب اللبناني، ولكن عندما يطرح أقطاب سياسيون (رئيس الحكومة نجيب ميقاتي ورئيس المجلس النيابي نبيه بري والزعيم الدرزي وليد جنبلاط) وقفاً لإطلاق النار، فعلى أي أساس قاموا بهذا الطرح؟ هل هم مفوضون من «حزب الله»؟ هذا الكلام كان يمكن استدراكه قبل إطلاق هذه المبادرة والسير بها، بأن يكون هناك تعهد من قبل حزب الله بالخروج من منطقة تواجد قوات الطوارئ الدولية وطلب وقف لإطلاق النار بعدها.
لماذا يحق لإيران إجراء إعادة تقييم لموقفها (قبل استشهاد السيد حسن نصر الله كان هناك تقييم لموقفها، هل نرد على إسرائيل أم لا؟) ولا يحق للحكومة اللبنانية إعادة تقييم الموقف والقول لحزب الله إنه بدل خسارة الجنوب وهذا التدمير، فالأفضل الالتزام بالقرار 1701 والذي يقتضي الخروج من المنطقة؟ لو مهدت فعلاً لهذا الموضوع لكنّا لا نبحث اليوم أيهما سينجح، لأن الدعم الأمريكي ليس عسكرياً فقط، فدايفيد هيل (السفير الأسبق في لبنان) أدلى بتصريح الأسبوع الماضي يقول فيه إن الـ1701 أصبح وراءنا. إذا سفير أمريكي أسبق في لبنان يقول هذا الكلام، فهذا معناه أن الخطة الإسرائيلية موافق عليها أمريكياً، ومهما كلّف الأمر فإن إسرائيل ستدخل وستعمل على إعادة تنفيذ الـ1701 بمبادئ وقواعد اشتباك جديدة وبمهام جديدة لليونيفيل بعد أن تضع قدمها على الأرض، لذلك أعتقد أنها ستكون مُكلفة للفريقين، ولكن إسرائيل ستتابع للوصول إلى هدفها مهما كانت الفاتورة مرتفعة.
○ إذا دخلت إسرائيل إلى الجنوب، هل ستقف عند حدود نهر الليطاني؟
• علينا العودة إلى الاستراتيجية التي وضعها رئيس الأركان الإسرائيلي والتي أسماها «العمليات التصاعدية» طالما أن الهدف هو العودة الآمنة للمستوطنين، وهذا يقتضي العمل بشكل تصاعدي. ستكون هناك مراحل ثانية وثالثة ورابعة، إذا لم يمتثل حزب الله للمرحلة الأولى. لكن لا أعرف أين ستقف هذه المراحل؟ وإذا عدنا إلى عام 1982 عندما قرروا اجتثاث منظمة التحرير، لأسباب واهية، وصلوا إلى بيروت واحتلوا أول عاصمة عربية. هذا الوضع خطير جداً، فإذا كان هدف إسرائيل اجتثاث حزب الله، فمن الممكن أن تتابع تصاعدياً وسوف لن تكون هناك حدود لتقدمها، أي ليس في منطقة الليطاني فحسب، وإنما أنذرت أيضاً مناطق خارجها، وربما لغاية نهر الأولي، وقد لا تكتفي بحدود نهر الأولي أو بـ7 كلم.
○ بعض الخبراء يتوقعون أن تقوم تل أبيب بتغيير تكتيكها هذه المرة، أي تقوم بإنزالات على سلسلة الجبال الشرقية للبنان أو قطع الحدود بين لبنان وسوريا بشكل فعليّ، بل إن هناك كلاماً عن خطة التفافية ستتم ترجمتها بالدخول إلى منطقة حاصبيا، ما هي السيناريوهات المتوقعة؟
• الإنذار الاسرائيلي الذي وُجّه إلى مرتادي الساحل اللبناني من الناقورة إلى نهر الأولي يهدف إلى أمرين، الأول هو تشتيت قدرات حزب الله بحيث عليه أن يتمركز على هذه التخوم خوفاً من أي إنزال إسرائيلي، ومن الممكن أن يكون الهدف هو الالتفاف، علماً أن إسرائيل اشترت في العام الماضي من الولايات المتحدة سفينتَي إنزال، وصلت الأولى في أيلول الماضي، أما الثانية فشطتت على سواحل المغرب وقامت مظاهرات ضدها بعد حرب غزة، أي أن لديها سفينتَي إنزال بإمكانها استخدامهما.
ثانياً: إسرائيل تعتبر الجولان خاصرة رخوة، وإذا عدنا إلى الطلب الإسرائيلي سابقاً بأن لا تكون هناك قوى لفيلق القدس ومحور المقاومة قريبة من حدودها وإبعادها لمسافة 40 كلم، نجد أن هذا الطلب نُفِّذ بإعادة تمركز قوات «الأندوف» (قوات الطوارئ الدولية في الجولان) عام 2018 بتوافق أمريكي روسي على حدود القنيطرة وبضمانة روسية، على أن تتمركز قوات روسية في المواقع التي تُخلى من قبل المقاومة. قبل أيام، صدر تقرير من المرصد السوري لحقوق الإنسان يُفيد بأن الروس أخلوا أعلى مرتفع في القنيطرة يستعمل للمراقبة، وعندي معلومات أن إسرائيل أزالت منذ 3 أشهر الألغام لناحية الجولان السوري، فإذا كان الروسي فعلاً قد خرج من الميدان تفادياً للاشتباك مع الإسرائيليين أثناء دخولهم، فمن الممكن أن يكون هناك التفاف من الجولان باتجاه البقاع الغربي، واحتمال آخر أن يكون الالتفاف من الساحل. هذه سيناريوهات منتظرة.
○ حزب الله والميليشيات الإيرانية موجودون في جنوب سوريا رغم أن الاتفاق الروسي – الأمريكي كان يقضي بخروجهم، وهم يعملون خلف خطوط القوات الدولية (الأندوف)؟
• صحيح، قوات الأندوف التي غادرت المنطقة نتيجة القتال خلال الحرب في جنوب سوريا، عادت بتوافق أمريكي – روسي، على أن يكون الروسي هو الضمانة وحتى لا يتم التعدي على قوات الأندوف. المقاومة موجودة هناك ولكن ليس بالحجم الذي يسمح به الجيش السوري عملياً، لأن سوريا حاولت النأي بنفسها عما يجري حالياً وجيشها مُنهك، لدرجة أن الرئيس السوري أعلن أنه سيُنشئ «الجيش الاحترافي» أي جيش محترف وليس قتالياً، هذا الكلام خطير وهو أعلنه منذ سنة.
○ حبذا لو توضح نقطة «الجيش الاحترافي»؟
• منذ نحو سنة قالت الحكومة السورية إنها ستكتفي بـ«الجيش الاحترافي»، أي بجيش لا يضم مجندين، يشبه الجيش اللبناني الذي لا يضم مجندين أيضاً. أي قوى برية وبحرية تتناسب مع ما تبقى من أراض خاضعة للحكومة السورية. هذا دليل على أن الجيش السوري لن يدخل أي معركة في المستقبل إلا للدفاع عن الأرض، ولكن بقدرات معينة، أي أنه لن يستطيع الحشد كما كان يفعل في الماضي.
○ أي سيتم إلغاء الخدمة العسكرية الإلزامية؟
• نعم، لكن الحكومة السورية لم تطبِّق هذا القرار بعد، وفي حالة تطبيقه فإن أعداداً كبيرة من السوريين سوف تغادر لبنان. وكل مَن يكتب في موضوع معالجة الوجود السوري في لبنان وينادي بخروج السوريين من دون الإشارة إلى هذه النقطة يكون كمن لا يضع يده على الجرح. فالسوري الذي يدخل إلى لبنان إما هو مطلوب للخدمة العسكرية أو أن لديه أولاداً مطلوبين لها. المشكلة في سوريا هي أن الخدمة الإلزامية فيها تمتد لـ3 سنوات، وقابلة للتمديد لـ3 سنوات أخرى، ولا يحق لك المطالبة بابنك المجنّد قبل مرور 8 سنوات. هذا الأمر يدفعهم للبقاء في لبنان، وكثير من السوريين الذين أعرفهم يقولون لي إنهم على استعداد لأداء الخدمة الإلزامية لمدة سنة أو سنتين إذا تسنى لهم بعدها العودة إلى حياتهم المدنية، لكن أن يخدم في الجيش من دون معرفة مدة الخدمة فلن يعود إلى سوريا. ولمعالجة موضوع عودة اللاجئين السوريين يقتضي الأمر التشاور مع الحكومة السورية حول هذا الأمر. ويُقال إنه في نهاية السنة سيتم منح إعفاءات كثيرة للمطلوبين إلى الخدمة العسكرية. وبمجرد الإعلان عنها سيعود الكثير من السوريين إلى بلادهم.
○ إسرائيل تقول إنها دمرت زهاء 50 في المئة من قوة حزب الله الصاروخية ومخازن أسلحته، برأيك هل يمكن الركون لهكذا إحصاءات، إذا قارناها مع ما تعرَّض له الحزب من غارات؟
• بعض الفيديوهات التي نُشرت، تُظهر لنا أن تل أبيب مُتعجّلة في إبراز نجاحاتها أمام شعبها، كما بدا لنا عندما رُفع العلم الإسرائيلي في مارون الرأس. كل ما أدركه الإسرائيلي حتى اليوم كان في سهل دورس عندما شاهدنا تطاير شظايا الصواريخ وسقوطها على منازل المواطنين، ومرة أخرى شاهدنا على تخوم قرية في الجنوب ما يشبه القنابل المتفجرة، ولم نشاهد أكثر من ذلك. فلو فعلاً هو استطاع أن يقضي على هذه النسبة عليه أن يُرينا شظايا الصواريخ التي تتطاير. لبنان لا يشبه غزة، فغزة أرضها رملية. والحزب لديه أنفاق في الجبال مع مقومات الصمود داخلها. من الممكن أن يكون قد قضى على بعضها لكن لم نرَ أنه قضى على 50% كما يدّعي.
غالانت قال إن إسرائيل قضت على ما بناه حزب الله في 20 عاماً، لكن الصواريخ ما زالت تتساقط عليها رغم أن قواته شنت 1400 غارة ولم تترك فوهة مربض صاروخي إلا وقصفتها. حتى إن هاليفي (رئيس الأركان الإسرائيلي) قال إن قدرات الحزب ما زالت قوية، وأن الاستراتيجية التي رسمها وأعلنها عند زيارة رئيس الأركان الأمريكي لإسرائيل تقوم على تجفيف منابع حزب الله في العمق، وهذا ما رأيناه في مصياف وحمص وحماه. لا شك في أن لدى إسرائيل بنك معلومات مهم جداً.
○ من الواضح أن هناك محاولة جدية لضرب خطوط الإمداد كافة؟
• طبعاً، لأنه عندما يضرب طريق المصنع ويسمح فقط بمرور المشاة، ويُدمر جسراً يربط بين القصير والهرمل، وكذلك يقطع طريق حمص – البقاع، هذا يُظهر أنه يحاول قطع الأوصال، وأيضاً توجيهه إنذاراً للطائرات الإيرانية والعراقية بعدم الهبوط في مطار بيروت يُظهر أن لديه خطة حصار، وتجاوب الجيش اللبناني مع وزير الأشغال والحكومة أن يفتش كل طائرة شحن تصل إلى المطار إثبات على أننا ننفذ ما تريد تل أبيب.
○ لكن الهدف من التفتيش حماية مطار بيروت من الاستهداف؟
• أنا لا أقول إن هذا الأمر خاطئ، إنما نحن نطلب من الجيش أن يكون تدخله أقوى، فلو كانت لدينا حكومة فعلية وإرادة سياسية لكانت أعلنت حالة طوارئ وكلّفت الجيش بإدارة الأمور، وليس فقط القيام بإيواء النازحين. الأمر المستغرب أنه في ظل عدوان على لبنان لا يصدر بيان عن الجيش يوضح ما يحدث! الجيش اللبناني هو الذي يجب أن يقول ماذا يحدث وكيف تسير الأمور (مقاطعة)
○ برأيك، لماذا يحدث هذا الأمر؟
• نتيجة التناقضات السياسية الكارثية الموجودة في البلد. الفئات الأخرى غير حزب الله كل منها ينتمي إلى جهة معينة، وكل منها يتلقى التعليمات من الجهة التي يتبع لها. كان على الحكومة أن تطلب أو تنذر حزب الله بأن فقدان الأرض مقابل أن لا ينسحب من هذه المنطقة ويحافظ على قدراته وعلى المواطنين أمر غير مسموح.
○ هذه الحكومة معروفة بأنها حكومة حزب الله، هل برأيك هي قادرة على القيام بهذا الأمر؟
• النظام اللبناني تمثيلي… أليس كذلك؟ هذا معناه أن النائب في البرلمان هو مَن يمثلني، والشعب يقول عبر حملات إعلانية لا نعرف مَن يمولها، بأن لبنان ضد الحرب. وهو مَن انتخب نوابه، إذاً عليه يسألهم ويقول لهم: «اذهبوا إلى المجلس النيابي لانتخاب رئيس للجمهورية وللتعبير عن شعورنا تحت قبة البرلمان. عليكم المرابطة في البرلمان والقول إننا نحن النواب نمثل الأمة» ومَن لا يذهب إلى المجلس سينفضح أمره. لا أن يتحولوا إلى «روبوتات».
○ بعد النكسات التي تعرَّض لها حزب الله، من «البيجرز» إلى «الووكي توكي» إلى اغتيال قياداته وعلى رأسهم أمينه العام حسن نصر الله، نراه يحاول القول خلال اليومين الماضيين إنه أعاد بناء هيكليته العسكرية، برأيك هل يمكن أن يتم هذا الأمر بهذه السرعة؟
• علينا أن نعرف أن حزب الله لا يمتلك قراره. إيران كانت صادقة مع هذا المحور وأعطته كل ما تملك من تقنيات، فقد تبيَّن من وقائع الميدان أن لدى الحزب تقنيات مهمة جداً سواء على صعيد الصواريخ أو المسيرات التي لا يكتشفها حتى الرادار الإسرائيلي، وأنا أعددت دراسة حول هذا الموضوع، واستطاع القيام بعمليات مركبة، أي أنه يوجِّه إلى القبة الحديدية صواريخ زهيدة الثمن، ومن ثمَّ تصل صواريخه الفعلية إلى الهدف الذي يريده. ورغم السيطرة الجوية الإسرائيلية إلا أنه يستطيع الوصول إلى بعض الأهداف التي يريدها. كنا ننتظر بعد هذه الضربة التي حلّت بحزب الله المتمثلة باغتيال قياداته المهمة وصولاً إلى اغتيال أمينه العام أن يُسلِّم أموره إلى الدولة اللبنانية، أنا لا أقول أن يستسلم، بل أن يُسلّم أموره للدولة ما دام تطبيق الـ1701 يعني خروجه من هذه المنطقة، لكن المرشد الأعلى وفي خطبته يوم الجمعة الماضي والتي ألقاها بالعربية أعلن أنهم جاهزون وأن المقاومة اللبنانية وحماس ستنتصران. هذا الكلام تبعته زيارة وزير خارجية إيران ليعلمنا دروساً في المقاومة! وقال في دمشق بأن المقاومة ستنتصر ونحن داعمون لها، وأعاد إحياء دور حزب الله لأن إيران لم تصل إلى مبتغاها من وراء هذا المحور، فإذا وصلت إليه يصبح من الممكن أن نراها تتخلى عنه بشكل نهائي، لذلك نحن أمام وضع جديد، استنزاف وتدمير قدرات المقاومة وحصار من الخارج ولكن سيبقى حزب الله يقاتل.
○ إلى متى؟
• إلى أن يحين صدور القرار الإيراني.
○ وهل الإيرانيون هم من يُدير المعركة من خلال خبرائهم وقادتهم ويعملون على إعادة تنظيم صفوف الحزب؟
• طبعاً، هناك مستشارون على قدر عال في دمشق، فما المانع أن يتواجدوا في لبنان. هم موجودون هنا وفي العراق أيضاً.
○ كنت تقول إنه كان على الحكومة إعلان حالة الطوارئ وتسليم دفّة الأمور إلى الجيش، لكن هذا لم يحدث ما خلق تخوفاً عند البعض من أن يُحدث النزوح فوضى داخلية، فهل الخشية حقيقية من هكذا أمر؟
• حاول البعض استغلال هذا الوضع عبر وضع أكشاك بين النازحين في عين المريسة، وهذا الأمر عشناه في الماضي، قوى الأمن أصدرت بياناً بأنها أعادت الأمور الى طبيعتها، ولكن إلى أي مدى سيكون بمقدورها حل الإشكالات إذا تكررت في أماكن متعددة؟ اليوم تدخّل الجيش مطلوب ليس فقط لحماية النازحين، بل من الممكن أن تحاول قوى ما افتعال مشكلة قد تبدأ بخطوة بسيطة. يجب أن تكون هناك قوة تقود الأمن والسلام كما يجب. أريد الانطلاق من البيان الذي أصدره الجيش، الوحدة الوطنية والسلام الأهلي كيف سنحافظ عليهما، هل ونحن جالسون في المكاتب؟ هذا الأمر يتطلب قراراً من الحكومة.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية